اللحظات المبدعة
ولنعد الآن الى العملية المبدعة نفسها . لقد لاحظنا ان التخيل في أحد معانيه ( الملكة الاختراعية أو الإبداعية ) مرادف للعملية الإبداعية . ففي قلب الإبداع توجد اللحظة المبدعة والإلحاح الإبداعي ، وهما الخبرتان الشخصيتان الأكثر عمقاً اللتان يستشعر هما الفرد. وهنا تختير الأنا أعمق اختباراتها وذلك على اعتبار ان الإبداع يعني الإدراك والعمل . كما ان الأنا تعمل متبعة طرائقها الأكثر خصوصية . وهي بالتعريف تقوم بإنتاج مزيج جديد من غير الممكن التنبؤ عنه من القوانين العامة . ومن أجل هذا فإنه لم يمكن حتى الآن وضع نظرية علمية تصف هذه الظاهرة ، ولذلك فإن خير طريقة ميسورة لفهمها الطريقة الوصفية الأدبية .
ولقد مضى ما يزيد على خمس وأربعين سنة منذ أن قدم ( غراهام والاس Wallas . ١٩٢٦ ) وصفه للتحليل المبدع ، ومع ذلك فإن هذا الوصف ما زال مقبولاً عند الكثيرين من علماء النفس والفنانين . وينصب اهتمام ( والاس ) الأول على الأفكار الجديدة وذلك في الحقلين العلمي والرياضي ، ولكن هذا لا يمنع ان أقواله تنسحب على الحقول الأخرى . هو يقترح - كما هو معلوم - ان العملية يمكن أن تقسم الى مراحل أربع :
١ _ التهيؤ : وهي المرحلة التي تبحث خلالها المشكلة جوانبها. يضاف الى ذلك ان التهيؤ يشمل العمليات التربوية العقلية بكاملها بما في ذلك التدرب على العمليات التجريبية والمنطقية بالإضافة الى الاطلاع على الخلفية اللازمة للمشكلة وما فيها من حقائق و معارف .
٢ _ التفريخ : وهو المرحلة التي لا يكون الانسان خلالها منشغلاً بالمشكلة بصورة شعورية ، انه الفترة التي تكون الفكرة في أثنائها آخذة بالتخمر في ذات نفس الفرد .
٣ _ الإلهام : ولا تقتصر هذه المرحلة على بزوغ التبصر ولمعة الالهام ولكنها تشمل كذلك الحوادث النفسية التي تسبق ظهور التبصر أو تصاحبه .
٤ _ التحقيق : وهو المرحلة التي يتم في أثنائها التحقق من صحة الفكرة التي تعطى صيغة دقيقة ومضبوطة في النهاية .
ويمكن نقد هذا التقسيم مثلاً على أساس من القول بأنه بالرغم من عدم الشك بأن العمليات الأربع موجودة في إعطاء النتاج النهائي فإن التفريخ والإلهام ، وربما الى حد ما التهيؤ ، هي المراحل التي تلقي الضوء على العملية الإبداعية نفسها . وبكلمة أخرى نستطيع القول بأن المراحل المختلفة تختلف من حيث الأهمية. وثمة نقد أهم قال به ( فيناك Vinacke عام ١٩٥٢ ) الذي استنتج من تقارير الكثيرين من الكتاب والعلماء المبدعين ه من الضروري النظر الى التفكير المبدع بوصفه فاعليات ديناميكية متفاعلة أكثر منه مراحل متميزة » . ولا شك في ان هذا النقد يمكن تطبيقه على الكثير من الفاعليات النفسية ان لم يكن عليها كلها - التي تكون دوماً متداخلة متفاعلة موحدة ولا يكون تقسيمها الى مراحل أو ما أشبه إلا نوعاً من التحليل المصطنع الذي يقصد منه سهولة الدرس ويؤكد الكثيرون من العلماء ان بداية الإبداع تنصف بنوع من التهيج الباطني الموزع والشعور بوجود مشكلة وهذا الشعور قد يسبق التهيؤ وجمع المعلومات .
أما الحاجة الى فترة ( تفريخ ) حيث تهبط الأفكار الى ما تحت الشعور أو اللاشعور وحيث يتم العمل الدائب في ترتيبها والربط بينها وإيضاحها - نقول ، ان الحاجة الى مثل هذه الفترة أمر يعترف به الجميع . ولكن هذا لا يمنع شاعراً مثل ( وليام بليك Blake ) من نكران وجود هذه المرحلة عنده وادعائه ان بعضاً من شعره كان يرد عليه دون أي تفكير سابق حتى لكأنه يملى عليه املاء ولكن (برتراند رسل B. Russell) أشار الى جهوده غير المثمرة التي كان يبذلها في دفع إبداعه الى الظهور بقوة الارادة . ولاحظ انه كان من الأسهل عليه أن ينتظر نتائج النضج أما ( بوانكاريه Poincare عام ۱۹۱۳ ) فإنه كتب يقول : ه مما يذهل في البداية هو هذا الظهور المفاجىء للإلهام بعد عمل لاشعوري اللاشعوري طويل سابق » .
بيد انه من الواجب عدم الظن بأن الانسان يجب أن يكون غير شاعر إطلاقاً وبالمعنى الحرفي للكلمة بالعمل الذي يجري في داخله . إن الشعور وثمة مراحل وسيطة بين الشعور المركز الدقيق واللاشعور . ونحن نسمي هذه المراحل بالمراحل تحت الشعورية أو قبل الشعورية والحالة النفسية التي يعتقد الكثيرون أنها الأنسب للعمل المبدع هي حلم اليقظة . وفي رأي ( فرويد ) ، ولا سيما في كتاباته الأولى ، ان العمل الإبداعي ، ويماثله في ذلك أحلام اليقظة واللعب ، تنشأ جميعها عن الرغبات التي بمخالفتها لزواجر المجتمع ، كبتت .. ولذلك فهي تحاول التحقق عن طريق الخيال . ولذلك فإن الانتاج المبدع هو شكل من أشكال الإرضاء البديلة وامتداد للعب الطفل وأحلام اليقظة عند الانسان الراشد ويرى فرويد ان مثل هذا الأمر يحدث عند الفنان . ويقول فرويد : . مع و اننا نعلم تماماً ان العديد من الكتابات التخيلية بعيدة جداً عن حلم اليقظة البسيط الساذج ، ومع ذلك فإني لا أستطيع إلا أن أقول انه حتى الابتعاد العظيم عن حلم اليقظة يمكن أن يربط به من خلال سلسلة غير منقطعة من حالات النقل. ( فروید ۱۹۰۸ )
ومعظم الكتاب الآخرين الذين كتبوا عن سيكولوجية الإبداع ، بما في ذلك الكتاب التحليليون ذلك ، يتخذون موقفاً أكثر إيجابية بالنسبة لقيمة تراخي الضبط الشعوري .
ولكن كيف يتم اختيار تلك الصور أو الأفكار التي ستكون ذات أهمية في صياغة نظرية جديدة أو تجربة جديدة أو عمل فني جديد من بين العناصر المتعددة لحلم اليقظة نصف الشعوري أو من الأفكار اللاشعورية ؟ أو قل إذا شئت كيف يترجم حلم اليقظة الى عمل مبدع ؟ يقول ( بوانكاريه )الذي كان رياضياً مرموقاً ( الإبداع في الرياضيات ) ينحصر بالضبط في عدم القيام بتركيبات غير مفيدة والاكتفاء بالتركيبات المفيدة التي تكون في المعتاد أقلية صغيرة . الاختراع تمييز وانتقاء ثم يتابع فيقول انه في هذا الاختيار تلعب الحساسية الجمالية دوراً حاسماً يقول : : ان الحادثات اللاشعورية المحظوظة ، تلك التي تكون مرشحة لأن تصبح شعورية ، هي تلك التي تؤثر بصورة مباشرة أو غير مباشرة وعميقة في حساسيتنا الانفعالية . ( بوانكاریه ۱۹۱۳ ) . ومع ذلك فإن المعرفة المفصلة بالحقل اللازم أمر لا غنى عنه إطلاقاً، وقد قال ( باستور Pasteur ) ( الحظ محالف النفس المتهيئة ) .
ولعله أن من المناسب نشير هنا الى إحدى النظريات المتناسقة عن طبيعة الإبداع وهي النظرية التي قال بها ( كوستلر Koestler ) والتي شرحها في كتابه ( عمل الإبداع The Act of Creation ) عام ١٩٦٤ ويضع ( كوستلر ) الذي يدين بالكثير من آرائه للتحليل النفسي ، الإبداع في سياق عمليات الحياة بعامة ، تلك العمليات التي تتبع بعض القواعد المحددة التي تمنح العضوية اتساقاً وثباتاً ومرونة .
ان واحدة من عمليات الحياة المتكررة هي عملية إعادة التوليد Regeneration حيث تتبع العضويات الدنيا من مثل الديدان المسطحة Flat Worm نفس الخطوات التي اتبعت في نموها والتي تستطيع أن تخلق نفسها مجدداً من قطع مفيدة. ومثل هذا الأمر موجود الى حد ما في خلق إجراء من الجسد في الحيوانات الأعلى . ويرى ( كوستلر ) ان مثل هذا النمط موجود في العمل الإبداعي : تراجع لتقفز أحسن Rlculer Pour Mieux Sauter وفي العمل المبدع تنكص النفس، أي انها تلجأ إلى العمليات العقلية تحت الشعورية وتستعيد سيولة نفس الطفل الأصلية .
ومثل هذه الحالات النفسية شائعة عند الأطفال والذهانيين والحالمين والمبدعين . ولكن ، وعلى حد قول ( كوستلر ١٩٦٤ ) ، فإنه في الحالات المرضية تتراجع النفس دون أن تقفز فيما بعد . أما في حالة المبدع فإن الأفكار تترابط وترى الأشياء في ضوء جديد يقول ( كوستلر عام ١٩٥٩) :
ان عملية انتزاع شيء أو مفهوم من سياقه العادي والنظر اليه في سياق جديد هي كما حاولت ان أظهر جزء أساسي من العملية الإبداعية . انه عمل تخريب وعمل خلق في آن معاً ، وذلك لأنه يتطلب كسر عادة عقلية وصهر عناصرها من أجل تركيب جديد عمل مبدع في العلوم - أو الفنون أو الأديان - يشتمل على نكوص الى مستوى أكثر بدائية وانتزاعه من سياقه المألوف . انه عملية تراجع مــن أجل قفزة أحسن . انه تحليل يسبق التركيب .
ولنعد الآن الى العملية المبدعة نفسها . لقد لاحظنا ان التخيل في أحد معانيه ( الملكة الاختراعية أو الإبداعية ) مرادف للعملية الإبداعية . ففي قلب الإبداع توجد اللحظة المبدعة والإلحاح الإبداعي ، وهما الخبرتان الشخصيتان الأكثر عمقاً اللتان يستشعر هما الفرد. وهنا تختير الأنا أعمق اختباراتها وذلك على اعتبار ان الإبداع يعني الإدراك والعمل . كما ان الأنا تعمل متبعة طرائقها الأكثر خصوصية . وهي بالتعريف تقوم بإنتاج مزيج جديد من غير الممكن التنبؤ عنه من القوانين العامة . ومن أجل هذا فإنه لم يمكن حتى الآن وضع نظرية علمية تصف هذه الظاهرة ، ولذلك فإن خير طريقة ميسورة لفهمها الطريقة الوصفية الأدبية .
ولقد مضى ما يزيد على خمس وأربعين سنة منذ أن قدم ( غراهام والاس Wallas . ١٩٢٦ ) وصفه للتحليل المبدع ، ومع ذلك فإن هذا الوصف ما زال مقبولاً عند الكثيرين من علماء النفس والفنانين . وينصب اهتمام ( والاس ) الأول على الأفكار الجديدة وذلك في الحقلين العلمي والرياضي ، ولكن هذا لا يمنع ان أقواله تنسحب على الحقول الأخرى . هو يقترح - كما هو معلوم - ان العملية يمكن أن تقسم الى مراحل أربع :
١ _ التهيؤ : وهي المرحلة التي تبحث خلالها المشكلة جوانبها. يضاف الى ذلك ان التهيؤ يشمل العمليات التربوية العقلية بكاملها بما في ذلك التدرب على العمليات التجريبية والمنطقية بالإضافة الى الاطلاع على الخلفية اللازمة للمشكلة وما فيها من حقائق و معارف .
٢ _ التفريخ : وهو المرحلة التي لا يكون الانسان خلالها منشغلاً بالمشكلة بصورة شعورية ، انه الفترة التي تكون الفكرة في أثنائها آخذة بالتخمر في ذات نفس الفرد .
٣ _ الإلهام : ولا تقتصر هذه المرحلة على بزوغ التبصر ولمعة الالهام ولكنها تشمل كذلك الحوادث النفسية التي تسبق ظهور التبصر أو تصاحبه .
٤ _ التحقيق : وهو المرحلة التي يتم في أثنائها التحقق من صحة الفكرة التي تعطى صيغة دقيقة ومضبوطة في النهاية .
ويمكن نقد هذا التقسيم مثلاً على أساس من القول بأنه بالرغم من عدم الشك بأن العمليات الأربع موجودة في إعطاء النتاج النهائي فإن التفريخ والإلهام ، وربما الى حد ما التهيؤ ، هي المراحل التي تلقي الضوء على العملية الإبداعية نفسها . وبكلمة أخرى نستطيع القول بأن المراحل المختلفة تختلف من حيث الأهمية. وثمة نقد أهم قال به ( فيناك Vinacke عام ١٩٥٢ ) الذي استنتج من تقارير الكثيرين من الكتاب والعلماء المبدعين ه من الضروري النظر الى التفكير المبدع بوصفه فاعليات ديناميكية متفاعلة أكثر منه مراحل متميزة » . ولا شك في ان هذا النقد يمكن تطبيقه على الكثير من الفاعليات النفسية ان لم يكن عليها كلها - التي تكون دوماً متداخلة متفاعلة موحدة ولا يكون تقسيمها الى مراحل أو ما أشبه إلا نوعاً من التحليل المصطنع الذي يقصد منه سهولة الدرس ويؤكد الكثيرون من العلماء ان بداية الإبداع تنصف بنوع من التهيج الباطني الموزع والشعور بوجود مشكلة وهذا الشعور قد يسبق التهيؤ وجمع المعلومات .
أما الحاجة الى فترة ( تفريخ ) حيث تهبط الأفكار الى ما تحت الشعور أو اللاشعور وحيث يتم العمل الدائب في ترتيبها والربط بينها وإيضاحها - نقول ، ان الحاجة الى مثل هذه الفترة أمر يعترف به الجميع . ولكن هذا لا يمنع شاعراً مثل ( وليام بليك Blake ) من نكران وجود هذه المرحلة عنده وادعائه ان بعضاً من شعره كان يرد عليه دون أي تفكير سابق حتى لكأنه يملى عليه املاء ولكن (برتراند رسل B. Russell) أشار الى جهوده غير المثمرة التي كان يبذلها في دفع إبداعه الى الظهور بقوة الارادة . ولاحظ انه كان من الأسهل عليه أن ينتظر نتائج النضج أما ( بوانكاريه Poincare عام ۱۹۱۳ ) فإنه كتب يقول : ه مما يذهل في البداية هو هذا الظهور المفاجىء للإلهام بعد عمل لاشعوري اللاشعوري طويل سابق » .
بيد انه من الواجب عدم الظن بأن الانسان يجب أن يكون غير شاعر إطلاقاً وبالمعنى الحرفي للكلمة بالعمل الذي يجري في داخله . إن الشعور وثمة مراحل وسيطة بين الشعور المركز الدقيق واللاشعور . ونحن نسمي هذه المراحل بالمراحل تحت الشعورية أو قبل الشعورية والحالة النفسية التي يعتقد الكثيرون أنها الأنسب للعمل المبدع هي حلم اليقظة . وفي رأي ( فرويد ) ، ولا سيما في كتاباته الأولى ، ان العمل الإبداعي ، ويماثله في ذلك أحلام اليقظة واللعب ، تنشأ جميعها عن الرغبات التي بمخالفتها لزواجر المجتمع ، كبتت .. ولذلك فهي تحاول التحقق عن طريق الخيال . ولذلك فإن الانتاج المبدع هو شكل من أشكال الإرضاء البديلة وامتداد للعب الطفل وأحلام اليقظة عند الانسان الراشد ويرى فرويد ان مثل هذا الأمر يحدث عند الفنان . ويقول فرويد : . مع و اننا نعلم تماماً ان العديد من الكتابات التخيلية بعيدة جداً عن حلم اليقظة البسيط الساذج ، ومع ذلك فإني لا أستطيع إلا أن أقول انه حتى الابتعاد العظيم عن حلم اليقظة يمكن أن يربط به من خلال سلسلة غير منقطعة من حالات النقل. ( فروید ۱۹۰۸ )
ومعظم الكتاب الآخرين الذين كتبوا عن سيكولوجية الإبداع ، بما في ذلك الكتاب التحليليون ذلك ، يتخذون موقفاً أكثر إيجابية بالنسبة لقيمة تراخي الضبط الشعوري .
ولكن كيف يتم اختيار تلك الصور أو الأفكار التي ستكون ذات أهمية في صياغة نظرية جديدة أو تجربة جديدة أو عمل فني جديد من بين العناصر المتعددة لحلم اليقظة نصف الشعوري أو من الأفكار اللاشعورية ؟ أو قل إذا شئت كيف يترجم حلم اليقظة الى عمل مبدع ؟ يقول ( بوانكاريه )الذي كان رياضياً مرموقاً ( الإبداع في الرياضيات ) ينحصر بالضبط في عدم القيام بتركيبات غير مفيدة والاكتفاء بالتركيبات المفيدة التي تكون في المعتاد أقلية صغيرة . الاختراع تمييز وانتقاء ثم يتابع فيقول انه في هذا الاختيار تلعب الحساسية الجمالية دوراً حاسماً يقول : : ان الحادثات اللاشعورية المحظوظة ، تلك التي تكون مرشحة لأن تصبح شعورية ، هي تلك التي تؤثر بصورة مباشرة أو غير مباشرة وعميقة في حساسيتنا الانفعالية . ( بوانكاریه ۱۹۱۳ ) . ومع ذلك فإن المعرفة المفصلة بالحقل اللازم أمر لا غنى عنه إطلاقاً، وقد قال ( باستور Pasteur ) ( الحظ محالف النفس المتهيئة ) .
ولعله أن من المناسب نشير هنا الى إحدى النظريات المتناسقة عن طبيعة الإبداع وهي النظرية التي قال بها ( كوستلر Koestler ) والتي شرحها في كتابه ( عمل الإبداع The Act of Creation ) عام ١٩٦٤ ويضع ( كوستلر ) الذي يدين بالكثير من آرائه للتحليل النفسي ، الإبداع في سياق عمليات الحياة بعامة ، تلك العمليات التي تتبع بعض القواعد المحددة التي تمنح العضوية اتساقاً وثباتاً ومرونة .
ان واحدة من عمليات الحياة المتكررة هي عملية إعادة التوليد Regeneration حيث تتبع العضويات الدنيا من مثل الديدان المسطحة Flat Worm نفس الخطوات التي اتبعت في نموها والتي تستطيع أن تخلق نفسها مجدداً من قطع مفيدة. ومثل هذا الأمر موجود الى حد ما في خلق إجراء من الجسد في الحيوانات الأعلى . ويرى ( كوستلر ) ان مثل هذا النمط موجود في العمل الإبداعي : تراجع لتقفز أحسن Rlculer Pour Mieux Sauter وفي العمل المبدع تنكص النفس، أي انها تلجأ إلى العمليات العقلية تحت الشعورية وتستعيد سيولة نفس الطفل الأصلية .
ومثل هذه الحالات النفسية شائعة عند الأطفال والذهانيين والحالمين والمبدعين . ولكن ، وعلى حد قول ( كوستلر ١٩٦٤ ) ، فإنه في الحالات المرضية تتراجع النفس دون أن تقفز فيما بعد . أما في حالة المبدع فإن الأفكار تترابط وترى الأشياء في ضوء جديد يقول ( كوستلر عام ١٩٥٩) :
ان عملية انتزاع شيء أو مفهوم من سياقه العادي والنظر اليه في سياق جديد هي كما حاولت ان أظهر جزء أساسي من العملية الإبداعية . انه عمل تخريب وعمل خلق في آن معاً ، وذلك لأنه يتطلب كسر عادة عقلية وصهر عناصرها من أجل تركيب جديد عمل مبدع في العلوم - أو الفنون أو الأديان - يشتمل على نكوص الى مستوى أكثر بدائية وانتزاعه من سياقه المألوف . انه عملية تراجع مــن أجل قفزة أحسن . انه تحليل يسبق التركيب .
تعليق