التخيل والحدس .. كتاب الإبداع وتربية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • التخيل والحدس .. كتاب الإبداع وتربية

    التخيل والحدس

    قبل أن ننظر في العملية الإبداعية نظرة متعمقة يجب علينا أن نناقش بعض المفاهيم الأخرى التي كثيراً ما تذكر مقترنة بالإبداع . ومن هذه المفاهيم التخيل والحدس ان لكلمة تخيل عدداً من المعاني المختلفة. وهكذا فنحن نستطيع القول : اني أستطيع تخيل الشكل الذي سيكون لهذا البيت حين يتم بناؤه . أو « تخيل ما كان عليه المحاربون العرب في وقعة القادسية وفي هاتين الحالتين فإننا نعني بالتخيل تصور أمور غير موجودة أمام العين مما حدث في الماضي أو سوف يحدث في المستقبل ومعنى ذلك القدرة على تكوين صور أو مفاهيم عقلية لأمور أو أشياء لم يختبرها الانسان . اننا نستحضر في أذهاننا لا الأشياء الممكنة فحسب بل والأشياء أو الحوادث البعيدة عن الواقع الحالي والتي هي ببساطة أمور خلقها خيالنا وهكذا ففي عز الشتاء ونحن جالسون الى الموقد الذي تستعر فيه النار نستطيع أن نطير بخيالنا الى أرض تسطع فيها الشمس وينتشر الدفء وتزدهر الأشجار . اننا اذ نفعل ذلك نستعمل خيالنا في ما يسميه العلماء بحلم يقظة . ولا شك في ان المسافة غير بعيدة بين حلم اليقظة وبين الهلوسة أو بين الحلم العادي حيث تعمل مخيلاتنا .

    وثمة استعمال آخر لكلمة ( تخيل ) وذلك حين نتحدث عن يفكرون تخيلياً ، أو أطفال يلعبون بخيال خصب نقول عن مقال انه « كتب بروح تخيلية » . ونحن نعني بذلك ان الأمور جرت بشيء من الاختراع وان كنا لا نوافق على المبالغة في الاختراع وذلك حين نقول « ان خیال فلان جمح به بدلاً من أن نقول « انه يكذب أضف الى ذلك كله اننا نصف الإبداع الفني بالتخيل ونعني بذلك الابتكار والخلق .

    والحق ان مصطلح « التخيل» يعني دوماً تجاوز الحقائق المعطاة . وهكذا ففي حالة الطفل (غوس ) فإن الجمع ، مجرد جمع الأرقام ، لم يكن عملاً فيه تخيل . ولكن اكتشاف ما وراء هذه الأرقام من علاقة كان عملاً تخيلياً وبالتالي إبداعياً. ان ( برونر ) يقترح استعمال مصطلح الفعالية الصورية Formal Effectiveness ليصف ما فعله (غوس) انه ينحصر في تنظيم العناصر بحيث يتمكن الانسان من رؤية العلاقات التي لم تكن بينة من قبل وتجميعها بصورة لم تكن موجودة » . وبالرغم من قدرتنا على تخيل الأشياء غير الحقيقية فإن هذه الأشياء تكون في الواقع متصلة بطريقة أو بأخرى بأجزاء من عالمنا الواقعي . ومن الظاهر ، مثلاً ، ان اللوحات التي رسمها الفنانون الألمان للأراضي المقدسة كانت تشبه في تفاصيلها والى كبير ما كان موجوداً في ألمانيا ذاتها .

    ويبدو للوهلة الأولى انه من السهل القول بالتضاد بين التفكير المنطقي المنتظم وبين التفكير الخيالي. ففي التفكير النظامي يكون الهدف والمشكلة والطريقة معرفة بوضوح كما تكون العملية مدروسة ومنهجية ، وتكون المشكلة أخيراً مما يمكن للمفكر أن يفكر فيه . ومثل هذا التفكير النظامي يطبق في المواقف التي يمكن فيها وضع الخطط وحيث يكون عدد المتحولات والفرضيات محدوداً . أما التبصر فيحدث في حل المشكلات المحيرة ويكون مصحوباً ببزوغ غير المتوقع وذلك بالبداية بشعور بالاحباط ثم محاولة التوحيد ومشاعر الاندهاش وأخيراً الانكشاف والإنجاز .

    إن ( هتشنسون Hutchinson ١٩٤٩ ) يعتبر ان هذين الانموذجين هما نهايتا مقياس للتفكير. ويوافقه ( بارتلت Bartlett ١٩٥٨ ) فيفترض وجود أنواع من التفكير موزعة على مدى معين، ويسمي نهايتي هذا المدى التفكير ضمن أنظمة مغلقة ، التفكير المغامر » . وقد يغرى الانسان بأن يوحد بين التفكير المتخيل أو المتبصر وبين التفكير المغامر من جهة وبين التفكير النظامي ( الذي تنقصه المسحة التخيلية ) وبين التفكير وفق أنظمة مغلقة .. ولكن هذا التوحيد غير دقيق ولا مضبوط .

    إن التحليل الدقيق يرينا ان التفكير المتخيل هو في الواقع جزء هام من التفكير ضمن أنظمة مغلقة وان الفرق الأهم بين التفكير النظامي والتفكير المتخيل هو فرق في حجم الخطوة التي يجب على المفكر أن يخطوها نقول هذا بالرغم من وجود فروق أخرى من مثل مستوى الوعي الذي تحدث فيه محاولة الحل، علماً بأن التحقق من الحل وضبطه بالوقائع يستلزم بالطبع اللجوء الى التفكير النظامي .

    وثمة طريقة أخرى في النظر الى التمييز بين التفكير الروتيني النظامي وبين التفكير المبدع ، وذلك باعتبار الأول متصفاً بالوصول الى استجابات شائعة في حين ان الثاني يتوصل الى استجابات غير شائعة ولا مألوفة ولكن هذه النظرة تعجز - كما هو واضح عن بيان كنه التخيل المبدع ( مالتزمان - Maltzman ١٩٥٥ ) .

    واذا عدنا الى بارتلت نجد انه يضع في إحدى نهايتي مقياس التفكير التفكير ضمن أنظمة مغلقة ، وفي النهاية الأخرى و التفكير المغامر الذي يمثل عليه بالتفكير التجريبي وفي تفكير الفنان . وهو يصف التضاد بين الاثنين على النحو التالي :

    المفكر في النظام المغلق يكون في وضع يتأمل فيه بناء منتهياً . وفي كثير من الأحيان يكون البناء معقداً الى حد بعيد ومدروس وتكون قواعد بنائه صعبة التقدير . ومع ذلك فإن المفكر يكون في وضع مشاهد يبحث عن شيء يعتبره موجوداً دوماً ... أما المفكر التجريبي فهو في وضع شخص يجب يستعمل كل ما يقع تحت يده من أدوات ليكمل بناء لم يكتمل بعد ولن يستطيع هو نفسه أن يكمله .

    في التفكير التجريبي أو المغامر تصبح الهوى أوسع والبناء أكثر تخلخلاً وتتحول المهمة الأهم من حل المشكل الى صياغته على أحسن وجه ممكن أو الى طرح الأسئلة الصحيحة . ومع ان ثمة مزيداً من الحاجة والمدى للتخيل في التفكير المغامر فإن التفكير التخيلي يمكن أن يحصل في كثير من المجالات والسياقات .


    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	CamScanner 08-01-2023 15.33_1.jpg 
مشاهدات:	2 
الحجم:	64.8 كيلوبايت 
الهوية:	140671 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	CamScanner 08-01-2023 15.34_1.jpg 
مشاهدات:	1 
الحجم:	80.9 كيلوبايت 
الهوية:	140672 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	CamScanner 08-01-2023 15.34 (1)_1.jpg 
مشاهدات:	1 
الحجم:	81.7 كيلوبايت 
الهوية:	140673 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	CamScanner 08-01-2023 15.34 (2)_1.jpg 
مشاهدات:	1 
الحجم:	81.5 كيلوبايت 
الهوية:	140674 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	CamScanner 08-01-2023 15.35_1.jpg 
مشاهدات:	1 
الحجم:	32.7 كيلوبايت 
الهوية:	140675

  • #2

    imagination and intuition

    Before we look at the creative process in depth, we must discuss some other concepts that are often mentioned associated with creativity. Among these concepts is imagination and intuition. The word imagination has a number of different meanings. Thus, we can say: I can imagine what this house will look like when it is built. Or “Imagine what the Arab warriors were like in the Battle of Al-Qadisiyah, and in these two cases, we mean by imagining things that do not exist before the eyes of what happened in the past or will happen in the future, and the meaning of that is the ability to form images or mental concepts of things or things that man has not experienced. We conjure up in our minds not only possible things, but things or events far from the present reality, which are simply things created by our imagination. Thus, in the dead of winter, while we are sitting by the hearth in which the fire is raging, we can fly with our imagination to a land where the sun shines, warmth spreads, and trees flourish. When we do this, we use our imagination in what scientists call a daydream. There is no doubt that the distance is not far between a waking dream and a hallucination, or between a normal dream in which our imaginations operate.

    There is another use of the word (imagine), and that is when we talk about imaginative thinkers, or children playing with fertile imaginations. We say about an article that “was written in an imaginative spirit.” And by that we mean that things happened with some kind of invention, even if we do not agree with exaggeration in invention, when we say “that the imagination of so-and-so has run wild with him instead of saying” he is lying.

    The truth is that the term “imagination” always means going beyond the given facts. Thus, in the case of the child (Goose), the addition, the mere addition of numbers, was not an act of imagination. But discovering the relationship behind these numbers was an act of imaginative and therefore creative. (Bruner) suggests using the term Formal Effectiveness to describe what Goss did. It is limited to organizing the elements so that a person can see relationships that were not clear before and collect them in a way that did not exist. Despite our ability to imagine things that are not real, these things are actually connected in one way or another to parts of our real world. It seems, for example, that the paintings drawn by German artists of the Holy Land were similar in detail to what was present in Germany itself.

    It seems at first glance that it is easy to say the contrast between regular logical thinking and imaginative thinking. In systemic thinking, the goal, the problem, and the method are clearly defined, and the process is well-studied and methodical. Finally, the problem is what the thinker can think about. Such systemic thinking is applied in situations where plans can be drawn up and where the number of variables and hypotheses is limited. As for insight, it occurs in solving confusing problems and is accompanied by the emergence of the unexpected, at the beginning with a sense of frustration, then an attempt at unification, feelings of amazement, and finally exposure and achievement.

    (Hutchinson 1949) considers that these two models are the two ends of a measure of thinking. And (Bartlett 1958) agrees with him. He assumes that there are types of thinking distributed over a certain range, and he calls the two ends of this range thinking within closed systems, adventurous thinking. A person may be tempted to unite between imaginative or insightful thinking and adventurous thinking on the one hand, and systemic thinking (which lacks the imaginative streak) and thinking according to closed systems.. But this unification is neither accurate nor accurate.

    Careful analysis shows us that imaginative thinking is, in fact, an important part of thinking within closed systems, and that the most important difference between systemic thinking and imaginative thinking is a difference in the size of the step that the thinker must take. We say this despite the existence of other differences such as the level of consciousness in which it occurs. Attempting to solve, bearing in mind that verifying the solution and fixing it with facts necessitates, of course, resorting to systemic thinking.

    There is another way to look at the distinction between routine, systemic thinking and creative thinking, considering the first is characterized by access to common responses, while the second reaches uncommon and unfamiliar responses. Maltzman 1955).

    If we return to Bartlett, we find that he puts at one end of the scale of thinking thinking within closed systems, and at the other end, adventurous thinking, which is represented by experimental thinking and in the thinking of the artist. He describes the contrast between the two as follows:

    The thinker in a closed system is in a position where he contemplates a finished building. In many cases, the building is very complex and well-thought-out, and its building rules are difficult to estimate. Nevertheless, the thinker is in the position of a viewer looking for something that he considers always present... As for the experimental thinker, he is in the position of a person who must use all the tools at his disposal to complete a structure that has not yet been completed and that he himself will not be able to complete.

    In experimental or adventurous thinking, the fancy becomes wider, the structure more loose, and the most important task shifts from solving the problem to formulating it in the best possible way, or to asking the right questions. Although there is more need and scope for imagination in adventurous thinking, imaginative thinking can happen in many fields and contexts.

    تعليق

    يعمل...
    X