الفصل الرابع
دراسة ماككينون للإبداع
بعد أن تعرفنا على أعمال غيلفورد ومعاونيه في الإبداع ، يحسن بنا ، استكمالاً للصورة ، أن نلتفت الى أعمال سواه من الباحثين لا سيما وان غيلفورد قد اتبع طريقاً خاصاً في دراسة الإبداع طريقة التحليل العاملي .
يقول دونالد و. ماككينون MacKinnon .. في بحث بعنوان : دراسة الأشخاص المبدعين : طريقة وبعض النتائج » :
ان أولبورت Allport يذكرنا باستمرار بأن الصفة البارزة للإنسان هي فردیته . وان الناس يتخذون من فردية الانسان واحداً من مواقف ثلاثة وان أحد هذه المواقف هو التأكيد بأن الفردية لا يمكن أن تكون موضوع دراسة علمية ، وان ثاني هذه المواقف هو الإلحاح في القول بأنه إذا كانت العلوم بشكلها الحاضر غير قادرة على دراسة الفردية فلا بد إذن من إيجاد علم جديد يدرس هذه الفردية ، وان ثالث هذه المواقف يقول
بأن التفريق بين الفردية والعمومية قد حمل أكثر مما يحمل . ومن العلماء الذين يتخذون هذا الموقف (أولبورت) نفسه الذي أكد ان الانتباه يجب أن يولى للفردية وللقوانين العامة وبخاصة في انطباقها على الفرد . وهكذا فإن أصحاب هذه المواقف يؤكدون ان كل فرد يكون في بعض الأمور :
(۱) مشابهاً لكل الناس . (۲) مشابهاً لبعض الناس . (۳) مختلفاً عن كل الناس .
ويقول ( ماككينون ) : وفي الدراسات التي نستطيع الادعاء بأننا درسنا الشخص المبدع بكل هذه الاعتبارات ولكني أذكر ان الطريقة التي اتبعناها في البحث كانت من التعقيد والتنويع بقدر يسمح باعتبار كل شخص مدروس فرداً قائماً بذاته وممكن المقارنة مع كل الأشخاص الذين درسناهم .
ولقد كانت طريقة ( ماككينون ) ومعاونيه هي طريقة قدر الشخصية Personality Assessment وهي الواقع ليست طريقة واحدة وإنما هي مجموعة طرائق وتطبيقات وعمليات صممت واختيرت بشكل يسمح بإعطاء أشمل الصور عن الأشخاص الذين اختيروا للدراسة . وانها تشتمل على دراسة معمقة للأفراد بصورة إفرادية ، ومن حيث تعاملهم مع الآخرين. وكنا نجمع الأفراد الذين نبغي دراستهم في معهدنا وفي جماعات تتألف من عشرة أفراد عدة أيام ( ثلاثة أيام في نهاية الأسبوع ) . وهناك كانوا يشاركون في تجارب حل المشكلات وفي أوضاع اجتماعية مهيأة خصيصاً وذات طابع ضاغط. أما ما سميناه اختبارات الأوضاع فقد كانت تستدعي خير . عندهم من سلوك في أدوار اجتماعية منوعة . ولقد كانوا يختبرون ويسألون ويطالبون بالتعبير عن آرائهم ومواقفهم واهتماماتهم وقيمهم . ولقد طبقت عليهم أيضاً اختبارات صممت للكشف عما لا يعرفونه عن أنفسهم أو لا يريدون أو لا يكونون قادرين على التحدث عنه الينا ، وبالطبع فإن كل واحد منهم ساهم في مقابلة نفسية معمقة صممت بحيث تبدي الحوادث ذات المعنى في حيوانهم وبحيث تكشف عن بناء شخصية كل منهم .
ولقد كان برنامج القدر هذا يعطينا من أجل كل فرد مئات من القياسات والملامح والانطباعات التي تكشف عن شخصية الفرد وعن تاريخ حياته وبناء شخصيته وبالتالي عن قدراته البنائية .. وفي اعتقاد (ماككينون) وأتباعه انه ما من طريقة تعطي صورة بهذا القدر من الشمول والتفصيل عن شخصية الانسان مثل طريقة القدر هذه، ومن أجل ذلك فقد اعتمدوها
في فهم الشخص المبدع وتحليل شخصيته .
وبسبب من هذا الغنى الشديد فإن ماككينون قرر أن يعطينا في بحثه هذه الصورة العامة للشخص المبدع .
هذا وقد بدأ ( ماككينون ) ومعاونوه بحوثهم بافتراض وجود أنواع مختلفة من الإبداع : إبداع في ، إبداع علمي ، وإبداع فني وعلمي معاً . وقد حرصوا في دراساتهم على دراسة نماذج من الأنواع الثلاثة فدرسوا كتاب الروايات والشعراء وكتاب المقالات كممثلين للإبداع الفني. ودرسوا الباحثين العلميين والمهندسين والمخترعين كممثلين للإبداع العلمي . ودرسوا كممثلين للإبداع الفني والعلمي الرياضيين والمهندسين المعماريين واعتقدوا انه بهذا الاختيار يتمكنون من صفات الأشخاص المبدعين في الميادين المختلفة وعن الفروق بينهم .
ولو ان ماككينون وجماعته قصروا دراساتهم على المعترف بإبداعهم في هذه الميادين لما تمكنوا من تعيين ما يميز الأشخاص المبدعين من الأشخاص الأقل إبداعاً من زملائهم، ولذلك فقد اختاروا للدراسة في كل ميدان . أشخاصاً يتراوحون بين الإبداع الشديد الرفيع وبين عدم الإبداع .
هذا وقد كان من الضروري أن يقدم ماككينون ومعاونوه تعريفاً للإبداع مقبولاً يستطيع القائمون بالدراسات المائلة ان يلجأوا اليه في تسمية كل نوع من الأفراد . ولذلك ففي دراستهم للمهندسين المعماريين مثلاً كان تعريفهم هو ما يلي : « الاصالة في التفكير والجدة في المقاربة ، مقاربة المشكلات الهندسية المعمارية والخلق البناء والقدرة على تمييز الأمور الصالحة، وقابلية اقتراح الامور التنفيذية الأصلية اللازمة في الهندسة المعمارية من مثل التكنولوجيا والصور البصرية والتخطيط والانتباه الى الغرض الاجتماعي " .
هذا ولقد كان من الممكن أن نسترسل في شرح الطريقة ولكننا نعتقد ان ما قلناه كاف وانه يجدر بنا الآن أن نلتفت الى ما وجده ماككينون وأتباعه .
لنبدأ أولاً بالنظر الى الشخص المبدع في دوره المهني ثم اليه بوصفه فرداً ، وللحصول على الصورة الأولى طلب الى كل فرد أن يصنف خمسين جملة نصف المواهب والاهتمامات والقيم وعادات العمل ووجهات النظر التي يمكن أن تكون لكل شخص في مهنته وكان المطلوب من كل شخص أن يصنف هذه الجمل في خمس زمر تتراوح بين الأكثر تمييزاً والأقل تمييزاً له . وبعد حساب معاملات الترابط وإجراء عمليات التحليل العاملي استخلص ( غف Gough ) في دراسته للإبداع عند الباحثين العلميين الصناعيين ثمانية نماذج من الباحثين العلميين ووصفها كما يلي :
النموذج الأول : المتحمس The Zealot
الانسان المنتمي لهذا النموذج يكرس نفسه لفاعليات البحث . انه يعتبر نفسه باحثاً مندفعاً لا يتعب ، يتمتع بمهارات رياضية استثنائية وبفضول حي وقاد . يعتبره الآخرون متسامحاً وجدياً وذا ضمير حي ، ولكنه لا يستطيع التعامل الآخرين بسهولة ولا يتطابق معهم بيسر .
النموذج الثاني : المستهل" The Initiator
هذا الانسان يستجيب بسرعة للمشكلات البحثية ويبدأ حالاً بتوليد الأفكار ، انه يستثير الآخرين ويعطيهم من وقته . يعتبر نفسه متحرراً من التعصب النظري ويعتبر نفسه رجل عمل مشترك . ويصفه المراقبون بأنه طموح منظم ، جاد وقائد جيد وكفء . كذلك يصفونه بأنه متحرر من القلق والعصبية .
النموذج الثالث : المشخص The Diagnostician
ينظر هذا الانسان الى نفسه بأنه يحسن التقويم ، قادر على تشخيص النقاط القوية والضعيفة في أي برنامج بصورة سريعة ومضبوطة ، وبأنه قادر على تقديم الحلول السريعة للنقاط الصعبة. انه لا يملك تفضيلات منهجية قوية أو تعصبات ولا يتصف بالخشونة بالنسبة لأخطاء الآخرين. خرين. يعتبره الملاحظون ذا عادات مجبرة وواثقاً من نفسه ويرونه انساناً غير أناني ولا مملك ميولاً نرجسية .
دراسة ماككينون للإبداع
بعد أن تعرفنا على أعمال غيلفورد ومعاونيه في الإبداع ، يحسن بنا ، استكمالاً للصورة ، أن نلتفت الى أعمال سواه من الباحثين لا سيما وان غيلفورد قد اتبع طريقاً خاصاً في دراسة الإبداع طريقة التحليل العاملي .
يقول دونالد و. ماككينون MacKinnon .. في بحث بعنوان : دراسة الأشخاص المبدعين : طريقة وبعض النتائج » :
ان أولبورت Allport يذكرنا باستمرار بأن الصفة البارزة للإنسان هي فردیته . وان الناس يتخذون من فردية الانسان واحداً من مواقف ثلاثة وان أحد هذه المواقف هو التأكيد بأن الفردية لا يمكن أن تكون موضوع دراسة علمية ، وان ثاني هذه المواقف هو الإلحاح في القول بأنه إذا كانت العلوم بشكلها الحاضر غير قادرة على دراسة الفردية فلا بد إذن من إيجاد علم جديد يدرس هذه الفردية ، وان ثالث هذه المواقف يقول
بأن التفريق بين الفردية والعمومية قد حمل أكثر مما يحمل . ومن العلماء الذين يتخذون هذا الموقف (أولبورت) نفسه الذي أكد ان الانتباه يجب أن يولى للفردية وللقوانين العامة وبخاصة في انطباقها على الفرد . وهكذا فإن أصحاب هذه المواقف يؤكدون ان كل فرد يكون في بعض الأمور :
(۱) مشابهاً لكل الناس . (۲) مشابهاً لبعض الناس . (۳) مختلفاً عن كل الناس .
ويقول ( ماككينون ) : وفي الدراسات التي نستطيع الادعاء بأننا درسنا الشخص المبدع بكل هذه الاعتبارات ولكني أذكر ان الطريقة التي اتبعناها في البحث كانت من التعقيد والتنويع بقدر يسمح باعتبار كل شخص مدروس فرداً قائماً بذاته وممكن المقارنة مع كل الأشخاص الذين درسناهم .
ولقد كانت طريقة ( ماككينون ) ومعاونيه هي طريقة قدر الشخصية Personality Assessment وهي الواقع ليست طريقة واحدة وإنما هي مجموعة طرائق وتطبيقات وعمليات صممت واختيرت بشكل يسمح بإعطاء أشمل الصور عن الأشخاص الذين اختيروا للدراسة . وانها تشتمل على دراسة معمقة للأفراد بصورة إفرادية ، ومن حيث تعاملهم مع الآخرين. وكنا نجمع الأفراد الذين نبغي دراستهم في معهدنا وفي جماعات تتألف من عشرة أفراد عدة أيام ( ثلاثة أيام في نهاية الأسبوع ) . وهناك كانوا يشاركون في تجارب حل المشكلات وفي أوضاع اجتماعية مهيأة خصيصاً وذات طابع ضاغط. أما ما سميناه اختبارات الأوضاع فقد كانت تستدعي خير . عندهم من سلوك في أدوار اجتماعية منوعة . ولقد كانوا يختبرون ويسألون ويطالبون بالتعبير عن آرائهم ومواقفهم واهتماماتهم وقيمهم . ولقد طبقت عليهم أيضاً اختبارات صممت للكشف عما لا يعرفونه عن أنفسهم أو لا يريدون أو لا يكونون قادرين على التحدث عنه الينا ، وبالطبع فإن كل واحد منهم ساهم في مقابلة نفسية معمقة صممت بحيث تبدي الحوادث ذات المعنى في حيوانهم وبحيث تكشف عن بناء شخصية كل منهم .
ولقد كان برنامج القدر هذا يعطينا من أجل كل فرد مئات من القياسات والملامح والانطباعات التي تكشف عن شخصية الفرد وعن تاريخ حياته وبناء شخصيته وبالتالي عن قدراته البنائية .. وفي اعتقاد (ماككينون) وأتباعه انه ما من طريقة تعطي صورة بهذا القدر من الشمول والتفصيل عن شخصية الانسان مثل طريقة القدر هذه، ومن أجل ذلك فقد اعتمدوها
في فهم الشخص المبدع وتحليل شخصيته .
وبسبب من هذا الغنى الشديد فإن ماككينون قرر أن يعطينا في بحثه هذه الصورة العامة للشخص المبدع .
هذا وقد بدأ ( ماككينون ) ومعاونوه بحوثهم بافتراض وجود أنواع مختلفة من الإبداع : إبداع في ، إبداع علمي ، وإبداع فني وعلمي معاً . وقد حرصوا في دراساتهم على دراسة نماذج من الأنواع الثلاثة فدرسوا كتاب الروايات والشعراء وكتاب المقالات كممثلين للإبداع الفني. ودرسوا الباحثين العلميين والمهندسين والمخترعين كممثلين للإبداع العلمي . ودرسوا كممثلين للإبداع الفني والعلمي الرياضيين والمهندسين المعماريين واعتقدوا انه بهذا الاختيار يتمكنون من صفات الأشخاص المبدعين في الميادين المختلفة وعن الفروق بينهم .
ولو ان ماككينون وجماعته قصروا دراساتهم على المعترف بإبداعهم في هذه الميادين لما تمكنوا من تعيين ما يميز الأشخاص المبدعين من الأشخاص الأقل إبداعاً من زملائهم، ولذلك فقد اختاروا للدراسة في كل ميدان . أشخاصاً يتراوحون بين الإبداع الشديد الرفيع وبين عدم الإبداع .
هذا وقد كان من الضروري أن يقدم ماككينون ومعاونوه تعريفاً للإبداع مقبولاً يستطيع القائمون بالدراسات المائلة ان يلجأوا اليه في تسمية كل نوع من الأفراد . ولذلك ففي دراستهم للمهندسين المعماريين مثلاً كان تعريفهم هو ما يلي : « الاصالة في التفكير والجدة في المقاربة ، مقاربة المشكلات الهندسية المعمارية والخلق البناء والقدرة على تمييز الأمور الصالحة، وقابلية اقتراح الامور التنفيذية الأصلية اللازمة في الهندسة المعمارية من مثل التكنولوجيا والصور البصرية والتخطيط والانتباه الى الغرض الاجتماعي " .
هذا ولقد كان من الممكن أن نسترسل في شرح الطريقة ولكننا نعتقد ان ما قلناه كاف وانه يجدر بنا الآن أن نلتفت الى ما وجده ماككينون وأتباعه .
لنبدأ أولاً بالنظر الى الشخص المبدع في دوره المهني ثم اليه بوصفه فرداً ، وللحصول على الصورة الأولى طلب الى كل فرد أن يصنف خمسين جملة نصف المواهب والاهتمامات والقيم وعادات العمل ووجهات النظر التي يمكن أن تكون لكل شخص في مهنته وكان المطلوب من كل شخص أن يصنف هذه الجمل في خمس زمر تتراوح بين الأكثر تمييزاً والأقل تمييزاً له . وبعد حساب معاملات الترابط وإجراء عمليات التحليل العاملي استخلص ( غف Gough ) في دراسته للإبداع عند الباحثين العلميين الصناعيين ثمانية نماذج من الباحثين العلميين ووصفها كما يلي :
النموذج الأول : المتحمس The Zealot
الانسان المنتمي لهذا النموذج يكرس نفسه لفاعليات البحث . انه يعتبر نفسه باحثاً مندفعاً لا يتعب ، يتمتع بمهارات رياضية استثنائية وبفضول حي وقاد . يعتبره الآخرون متسامحاً وجدياً وذا ضمير حي ، ولكنه لا يستطيع التعامل الآخرين بسهولة ولا يتطابق معهم بيسر .
النموذج الثاني : المستهل" The Initiator
هذا الانسان يستجيب بسرعة للمشكلات البحثية ويبدأ حالاً بتوليد الأفكار ، انه يستثير الآخرين ويعطيهم من وقته . يعتبر نفسه متحرراً من التعصب النظري ويعتبر نفسه رجل عمل مشترك . ويصفه المراقبون بأنه طموح منظم ، جاد وقائد جيد وكفء . كذلك يصفونه بأنه متحرر من القلق والعصبية .
النموذج الثالث : المشخص The Diagnostician
ينظر هذا الانسان الى نفسه بأنه يحسن التقويم ، قادر على تشخيص النقاط القوية والضعيفة في أي برنامج بصورة سريعة ومضبوطة ، وبأنه قادر على تقديم الحلول السريعة للنقاط الصعبة. انه لا يملك تفضيلات منهجية قوية أو تعصبات ولا يتصف بالخشونة بالنسبة لأخطاء الآخرين. خرين. يعتبره الملاحظون ذا عادات مجبرة وواثقاً من نفسه ويرونه انساناً غير أناني ولا مملك ميولاً نرجسية .
تعليق