فِدروس Phaedrus شاعر روماني اشتهر بحكاياته الأسطورية الخرافية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • فِدروس Phaedrus شاعر روماني اشتهر بحكاياته الأسطورية الخرافية

    فِدروس
    (نحو 15ق.م - 50م)

    فِدروس Phaedrus شاعر روماني اشتهر بحكاياته الأسطورية الخرافية Fable التي وضعها على ألسنة الحيوانات بهدف إسداء المشورة والنصائح الأخلاقية، وانتقاد مثالب عصره بطريقة مبطَّنة، متأثراً بمؤلف الخرافات الشهير عند الإغريق أيسوب (أيسوبوس) Aesopos. لا يعرف عن سيرة حياته إلا ما جاء في ثنايا أشعاره من إشارات وتلميحات يستفاد منها أنه ولد في مقدونيا في شمالي اليونان، ثم اقتيد رقيقاً إلى روما واستُعبد وهو صبي، وهناك تلقى تعليماً مدرسياً جيداً باللغتين اللاتينية والإغريقية. وبعد أن ظهرت موهبته الشعرية أعتقه الامبراطور أغسطس، فاشتهر باسم Augusti Libertus (أي معتوق أغسطس)، وهو اللقب الذي حملته عنوانات مخطوطات ديوانه. يصف نفسه في أشعاره بأنه كان شيخاً، أي أنه عاش حياة مديدة.
    نُشرت أولى أشعاره في عهد الامبراطور تيبرِيوس (14-37م)؛ لكن رئيس الحرس الامبراطوري سيانوس Sejanus اتهمه بأنها تتضمن تشهيراً بالامبراطور فحوكم وحكم عليه بسبب ذلك، ثم أطلق سراحه وعاد إلى نشاطه الأدبي.
    لم يشتهر فِدروس في أثناء حياته، ونادراً ما استشهد به الكتاب الرومان، إذ لم يذكره الأديب الفيلسوف سينيكا[ر] Seneca، ولا عالم البلاغة كوينتليانوس[ر] Quintilianus في حديثهما عن الحكاية الخرافية، ولعل أول إشارة إليه - مع أنها غير مؤكدة - جاءت في أشعار مارتيال (مارتياليس) Martialis. وقد يعود سبب هذا التجاهل إلى عبوديته وأصله الوضيع، وإلى أن الحكاية الخرافية لم تكن آنذاك من الفنون الأدبية الرفيعة، إضافة إلى مسحة الصراع الاجتماعي في أشعاره. وبقي الأمر كذلك حتى القرن الرابع الميلادي عندما ذكره الشاعر أڤيانوس Avianus وأشار إلى أنه ترك ديواناً يتألف من خمسة كتب، وهو ما يتفق مع نسخ المخطوطات المتبقية، ولكن هذه الكتب لم تصل كاملة، فقد فُقِد منها كثير من القصائد، وهكذا لم تتضمن من مجموع أشعاره سوى (95) مقطوعة شعرية. لكن هناك ثلاثون حكاية خرافية أخرى نشرت عام 1465 باسم ملحق پيروتي Appendix Perottina، وهي مُـستقاة من مخطوطة مفقودة اليوم؛ إضافة إلى بعض المقطوعات الخرافية الأخرى المبعثرة. وهكذا فإن مجموع ما يُنسـب إليه اليـوم نحـو (145) مقطوعة شعرية من البحر اليامبي السداسي، المعروف عند الرومان باسم سيناريوس Senarius، ومن أشهرها قصة الذئب والحمل.
    يذكر فِدروس في مقدمة الكتاب الأول من ديوانه بأن قسماً من أشعاره الخرافية يعود إلى حكايات الشاعر أيسوب، ولعله عرفها من خلال مجموعة نثرية نشأت في القرن الثالث قبل الميلاد، وعرفت باسم «أيسوبيا»؛ وتدور على ألسنة الحيوانات. وقد حرص فِدروس على اختصار هذه الحكايات وأعاد صياغتها شعراً بلغة لاتينية سهلة خالية من التعقيد والمبالغات وأضاف إليها أشعاراً من تأليفه ذات مضمون تاريخي واجتماعي في سعيه إلى إدخال المسرة إلى نفوس قرائه ووعظهم أخلاقياً.
    إن للحكايات الخرافية الموضوعة على ألسنة الحيوانات تراثاً قديماً في الشرق، وكانت وسيلة لتقديم النصح والمشورة إلى الملوك والحكام بطريقة غير مباشرة. ومن أشهر المجموعات المعروفة في الأدب العربي حكايات «كليلة ودمنة»، التي نقلها ابن المقفع من الفارسية والهندية إلى العربية. كذلك عرف الإغريق هذا النوع، الذي حظي بشعبية كبيرة ودخل ميدان الأدب على يد الشاعر هسيودوس Hesiodos. ولكن أشهر من ألف في هذا النوع الأدبي كان أيسوب، الذي لقب بأبي الحكاية الخرافية. وانتقل هذا اللون الشعري إلى الرومان، فنبغ فيه فِدروس، الذي حظيت حكاياته الخرافية اللاتينية بانتشار واسع منذ أواخر العصور القديمة ونشأت عنها وعلى شاكلتها مجموعات نثرية أشهرها تلك المعروفة باسم «رومولوس» Romulus التي نالت شعبية كبيرة في العصور الوسطى. وقد انتقل هذا التقليد فيما بعد إلى الأدب الأوربي وأشهر من مارسه الشاعر الفرنسي لافونتين[ر] Lafontaine والشاعر الألماني لسنغ[ر] Lessing.
    يكمن إنجاز فِدروس الأدبي الذي يفتخر به، في أنه ارتقى بفن الحكاية الخرافية، التي كانت تستخدم في القصيدة الهجائية ملحقاً أو تابعاً، ليجعل منها نوعاً أدبياً مستقلاً في الأدب الروماني.
    محمد الزين
يعمل...
X