لودفيغ فويرباخ Ludwig Feuerbach فيلسوف وعالم اجتماع ألماني

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لودفيغ فويرباخ Ludwig Feuerbach فيلسوف وعالم اجتماع ألماني

    فويرباخ (لودفيغ -)
    (1804-1872)

    لودفيغ فويرباخ Ludwig Feuerbach فيلسوف وعالم اجتماع ألماني، ولد في مدينة لندسهوت Landshut ببفاريا الألمانية. كان أبوه من مشاهير رجال القانون. وقد رقي إلى مصاف النبلاء عام 1808، اشتهر بنقده للمسيحية والدين عامة، وبتأثيره الحاسم في التطور الفكري لماركس وأنغلز، وبتوجيهه الحركة الراديكالية الألمانية في خمسينيات القرن التاسع عشر، وكان قد درس اللاهوت في هايدلبرغ والفلسفة في برلين حيث أخذ عن هيغل.
    حصل على شهادة الدكتوراه من جامعة إرلانغن، ودرس فيها من عام 1829 إلى عام 1832. لكنه فصل من الجامعة، بعد اكتشاف أنه مؤلف كتاب «أفكار حول الموت والخلود» (1830)، واعتزل الحياة العامة، إذ أعدّ كتابه «تاريخ الفلسفة الجديدة من بيكون إلى اسبينوزا» (1836-1841)، ومقالات حول ليبنتز وبايل، ودراسة في نقد الفلسفة الهيغلية (1844). وعدداً من المباحث في النقد الديني كانت بمثابة تمهيد لكتابه الرئيس «جوهر المسيحية» (1841) الذي لقي رواجاً منقطع النظير، ثم تلاه بكتابين متكاملين «قضايا تمهيدية لإصلاح الفلسفة» (1841)، و«مبادئ فلسفة المستقبل» (1851-1857). وفي عام (1845) تخلى فويرباخ عن النزعة الإنسانية واتجه نحو النزعة الطبيعية في كتابه «جوهر الدين». وفي عام (1857) قام بنشر آخر مؤلفاته «نسب الآلهة تبعاً للمصادر القديمة الكلاسيكية والعبرانية والمسيحية».
    اهتم فويرباخ بالاشتراكية العلمية بعد قراءة كتاب كارل ماركس «رأس المال» وانتسب إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي، لكنه لم يعتنق المادية الديالكتيكية والتاريخية. وقد توفي في نورمبورغ ودفن في مقبرة القديس يوحنا،حيث يرقد مشاهير ألمانيا وعظمائها.
    كان فويرباخ هيغلياً في بداياته، وقد رأى في مضمون الفلسفة الهيغلية ومنهجها خلاصاً من ثنائية ديكارت[ر] وكنَت[ر] وذاتية فيخته[ر] وتجريبية لوك[ر] وبركلي[ر] وهيوم[ر]. فأعاد ترتيب أفكاره وفهمه لفلسفة هيغل في كتابه «إسهام نحو نقد فلسفة هيغل» (1828-1829)، أكد فيه مبدأ الحسية بمعنى تجسيد الأفكار وإدراكها حسياً وتحول الفكر المطلق عنده إلى الوجود الواقعي، والحقيقة مستمدة من الحواس، لأن الفلسفة عنده ليست الروح المحضة أو العقل المحض، إنما وجود الإنسان الحقيقي، ولا يمكن فهم الطبيعة إلا على أساس الإنسان.
    تعمق فويرباخ بالدين، فكانت فلسفته دينية تعني الإنسان، بعدّه الدين وظيفة أبدية للروح الإنسانية ومهمة الفلسفة البحث في المشكلات الدينية، والدين عنده بما في ذلك المسيحية، هو الوعي باللامتناهي. ويرى فويرباخ أن الله مرآة تنعكس صفات البشر فيها، وأن ينسب الإنسان طبيعته السامية إلى الله، ليس إنكاراً لوجود الله، بل على العكس تعزيز فكرة التوافق والاكتمال بين الله والإنسان، فالإنسان قد خلق إلهاً لنفسه على صورته يحمل ملامحه تماماً ووضعه في عالم متسام طبيعةً سامية له، وهذه الطبيعة يجب أن ترجع إليه، والاعتقاد في الله نتيجة ضعف الإنسان وفقره، وعملية إسقاط الصفات الإنسانية على الله هي ما يقصد بها الاغتراب الديني بأوسع معانيه. ولا يريد فويرباخ هدم الأساس الديني لبناء الإنسان من الداخل، إنما كان هدفه إعادة الأساس الديني إلى أعماق الإنسان، وفرق فويرباخ بين الدين واللاهوت، فالدين تعبير عن ماهية الإنسان، أما اللاهوت فيضع هذه الماهية في الغيبيات، ويخفي بذلك حقيقة الدين. وموضوع الوعي الديني هو موضوع للشعور: التعاطف والمحبة، تلك المحبة التي دعت إليها المسيحية في بدايات تشكلها، وهذا التعاطف هو الأساس الذي نشأ عليه الدين. وبغض النظر إذا كان فويرباخ ملحداً أو مؤمناً فهو يتجاوز المعتقدات الشخصية وينقب فيما وراءها، ويرى أن هناك عنصرين أساسين في المعتقدات الدينية، العنصر الكلي universal الإنساني المتمثل بالحب والإخوة والعنصر الفردي individual الأناني اللاهوتي، ولم يرفض فويرباخ المسيحية، إنما أراد العودة إلى المسيحية الأصلية. والطبيعة أصل الدين وموضوعه الأساسي، فالدين مرتبط بتبعية علّية وجود الإنسان مع كائن مختلف عنه وأكثر كمالاً، ويمثل تشخيصاً لمظاهر الطبيعة التي تثير في الإنسان أعلى درجات الخوف. ويصبح الفرق بين المسيحية وديانات الشعوب البدائية وعبدة الأوثان، إن المسيحين لا يعترفون بمظاهر الطبيعة التي تثير الخوف الديني في نفوسهم وتتحول إلى آلهة خاصة، إنما يفسرونها على أنها صفات الله، فهم لا يقيمون الصلاة لآلهة الشر خوفاً من أن تسبب لهم الأذى والدمار، إنما يقومون بالصلاة والابتهال إلى الله عندما يعتقدون أنه غاضب عليهم أو أن هناك احتمالاً أنه سوف يغضب عليهم.
    ويرتبط الدين بالخوف من الموت أيضاً، وهذا ما يُطلق عليه فويرباخ اسم الشعور بالتناهي والمحدودية أي وعي الإنسان بأنه سوف ينتهي يوماً. ويفسر فويرباخ بذلك العلاقة بين الموت والدين، ويسخّر العواطف الإيجابية كالحب والسعادة والامتنان والتبجيل لخدمة الدين، فالآلهة التي تدمر الأشجار والحيوانات والإنسان هي نفسها التي تبعث الحياة في الحقول، وبذلك يصبح مصدر الخير هو مصدر الشر نفسه ومصدر الخوف هو مصدر السعادة. ويحاول الإنسان الجمع بين الضدين في شعور واحد فيتولد عنده الشعور بالتبعية كمصدر أساسي للدين. وهذا الشعور هو الشعور الحقيقي والشمولي الذي يفسر الأساس السيكولوجي للدين. إن غضب الطبيعة وحقيقة الموت هو ما أقنع الإنسان بوجود الله وأقنعه بتبعيته للقوى المطلقة.
    عصام عبود
يعمل...
X