فرحات (جرمانوس -)
(1670-1732)
المطران جرمانوس فرحات؛ حَبْرٌ جليل، عالم لغوي ونحوي دقيق، وشاعر من أكبر شعراء عصره ورائد من رواد النهضة الأدبية الحديثة، وأحد رجال الكنيسة والعلم الذين جمعوا بين الثقافة الواسعة والفضيلة.
أمضى حياته في بث حب اللغة العربية والعناية بها، فكان بذلك نقطة انطلاق للنهضة التي طلعت على العالم العربي منذ مطلع القرن التاسع عشر.
ولد المطران جرمانوس في حلب من والدين لبنانيين ينتميان إلى أسرة مطر التي ارتحلت من حصرون في لبنان الشمالي إلى حلب، وتلقّى في مدارسها مبادئ اللغتين العربية والسريانية، ولما بلغ العاشرة من عمره لازم الخوري بطرس التولاوي 1655-1745م أحد خريجي المدرسة المارونية الأعلام في العلوم والفنون في روما، فدرس عليه اللغتين اللاتينية والإيطالية مدة أربع سنوات، ثم انصرف إلى التضلع في العربية، فأخذ النحو وعلوم اللغة عن الشيخ سليمان النحوي الحلبي أشهر نحاة زمانه، وأخذ المعاني والبيان والبديع والعروض عن أبي المواهب يعقوب الدبسي، واجتمع أيضاً بالمرسلين فأخذ عنهم علومهم، ثم انصرف لتحصيل العلوم من منطق وفلسفة وخطابة وطبيعيات كالطب والفلك والكيمياء والتاريخ العام والخاص والشرع الديني والمدني والطقسيات الشرقية والغربية واللاهوت الأدبي والنظري.
دخل سلك الرهبنة عام 1693 على يد البطريرك اسطفان الدويهي الماروني، فأذن له بالإقامة في دير القديسة في إهدن، ورحل إلى روما عام 1711 ومنها إلى صقلية وإسبانيا حيث تفقد ما بقي من آثار العرب في الأندلس وحصل على بعض المخطوطات العربية القيِّمة، ثم قفل عائداً إلى لبنان في سنة 1712، ولما انتُخب أسقفاً على حلب في سنة 1725؛ أنشأ مكتبة كبيرة عُرفت بالمكتبة المارونية ضمنها نفائس الكتب المخطوطة التي حصل عليها، وأنشأ حوله مجمعاً علمياً كان من أركانه معلمه الخوري بطرس التولاوي والقس عبد المسيح لبيان والكاتب الشاعر القس عطا الله زنده وغيرهم، ورعى طائفته المارونية أحسن رعاية إلى أن توفي.
عمل جرمانوس فرحات كاهناً وراهباً وأسقفاً على تعليم أبناء الرعية وترويض النفوس ونهج سيرة تقشفية كانت بالغة الأثر، وقام بإصلاحات وتجديدات كان لها أطيب الأثر في العقول والنفوس، ووضع سلسلة من الكتب في النحو واللغة سهَّلت درس اللغة ويسَّرت طريقة أخذها وقرَّبت قواعدها وصرفتها عن القوالب الجامدة، وألَّف أيضاً في العروض والقوافي والمعاني والبيان كتباً نحا فيها منحى الابتكار والتجديد، وقام أيضاً بحركة واسعة في الترجمة إلى العربية، فنقل إليها المزامير والأناجيل والكتب الطقسية المارونية، فعرفت الكنيسة على يده فصاحة العرب الأوائل وقد آزره في حركة الترجمة هذه لفيف من علماء الموارنة.
كان له فضل التأليف في الصرف والنحو، فهو أول نصراني ألَّف فيهما حين أصدر كتابه الشهير «بحث المطالب» الذي طبع طبعات عدة، وكان مثالاً اقتدى به نحاة ذلك العصر، كما ألف «معجم إحكام باب الإعراب عن لغة الأعراب» الذي طبعه الشيخ رشيد الدحداح في مرسيليا عام 1849 وجاء في 723 صفحة، وكتاب «بلوغ الوعظ ومنارة الأقداس» و«المثلثات الدرية والكمال المسيحي» وديوانه الذي طبع ثلاث طبعات أما كتبه المترجمة فمنها «العنوان الحبيب في تفسير رؤيا يوحنا الحبيب» وكتاب «الأناجيل» وكتاب «الرسائل» وغيرها، ويقال إن كتبه بلغت المئة بين مؤلَّف ومترجَم.
أمضى المطران جرمانوس فرحات حياته الخصبة في العمل مؤلفاً ومعرباً وملخِّصاً ومهذِّباً، وترك للخلف تركة علمية ثقافية توزَّعت على الأدب واللغة والشعر والدين واللاهوت والطقسيات والعبادات وغيرها، فكان بذلك دائرة معارف حية تناولت علوم عصره في الدين والدنيا.
عيسى فتوح
(1670-1732)
المطران جرمانوس فرحات؛ حَبْرٌ جليل، عالم لغوي ونحوي دقيق، وشاعر من أكبر شعراء عصره ورائد من رواد النهضة الأدبية الحديثة، وأحد رجال الكنيسة والعلم الذين جمعوا بين الثقافة الواسعة والفضيلة.
أمضى حياته في بث حب اللغة العربية والعناية بها، فكان بذلك نقطة انطلاق للنهضة التي طلعت على العالم العربي منذ مطلع القرن التاسع عشر.
ولد المطران جرمانوس في حلب من والدين لبنانيين ينتميان إلى أسرة مطر التي ارتحلت من حصرون في لبنان الشمالي إلى حلب، وتلقّى في مدارسها مبادئ اللغتين العربية والسريانية، ولما بلغ العاشرة من عمره لازم الخوري بطرس التولاوي 1655-1745م أحد خريجي المدرسة المارونية الأعلام في العلوم والفنون في روما، فدرس عليه اللغتين اللاتينية والإيطالية مدة أربع سنوات، ثم انصرف إلى التضلع في العربية، فأخذ النحو وعلوم اللغة عن الشيخ سليمان النحوي الحلبي أشهر نحاة زمانه، وأخذ المعاني والبيان والبديع والعروض عن أبي المواهب يعقوب الدبسي، واجتمع أيضاً بالمرسلين فأخذ عنهم علومهم، ثم انصرف لتحصيل العلوم من منطق وفلسفة وخطابة وطبيعيات كالطب والفلك والكيمياء والتاريخ العام والخاص والشرع الديني والمدني والطقسيات الشرقية والغربية واللاهوت الأدبي والنظري.
دخل سلك الرهبنة عام 1693 على يد البطريرك اسطفان الدويهي الماروني، فأذن له بالإقامة في دير القديسة في إهدن، ورحل إلى روما عام 1711 ومنها إلى صقلية وإسبانيا حيث تفقد ما بقي من آثار العرب في الأندلس وحصل على بعض المخطوطات العربية القيِّمة، ثم قفل عائداً إلى لبنان في سنة 1712، ولما انتُخب أسقفاً على حلب في سنة 1725؛ أنشأ مكتبة كبيرة عُرفت بالمكتبة المارونية ضمنها نفائس الكتب المخطوطة التي حصل عليها، وأنشأ حوله مجمعاً علمياً كان من أركانه معلمه الخوري بطرس التولاوي والقس عبد المسيح لبيان والكاتب الشاعر القس عطا الله زنده وغيرهم، ورعى طائفته المارونية أحسن رعاية إلى أن توفي.
عمل جرمانوس فرحات كاهناً وراهباً وأسقفاً على تعليم أبناء الرعية وترويض النفوس ونهج سيرة تقشفية كانت بالغة الأثر، وقام بإصلاحات وتجديدات كان لها أطيب الأثر في العقول والنفوس، ووضع سلسلة من الكتب في النحو واللغة سهَّلت درس اللغة ويسَّرت طريقة أخذها وقرَّبت قواعدها وصرفتها عن القوالب الجامدة، وألَّف أيضاً في العروض والقوافي والمعاني والبيان كتباً نحا فيها منحى الابتكار والتجديد، وقام أيضاً بحركة واسعة في الترجمة إلى العربية، فنقل إليها المزامير والأناجيل والكتب الطقسية المارونية، فعرفت الكنيسة على يده فصاحة العرب الأوائل وقد آزره في حركة الترجمة هذه لفيف من علماء الموارنة.
كان له فضل التأليف في الصرف والنحو، فهو أول نصراني ألَّف فيهما حين أصدر كتابه الشهير «بحث المطالب» الذي طبع طبعات عدة، وكان مثالاً اقتدى به نحاة ذلك العصر، كما ألف «معجم إحكام باب الإعراب عن لغة الأعراب» الذي طبعه الشيخ رشيد الدحداح في مرسيليا عام 1849 وجاء في 723 صفحة، وكتاب «بلوغ الوعظ ومنارة الأقداس» و«المثلثات الدرية والكمال المسيحي» وديوانه الذي طبع ثلاث طبعات أما كتبه المترجمة فمنها «العنوان الحبيب في تفسير رؤيا يوحنا الحبيب» وكتاب «الأناجيل» وكتاب «الرسائل» وغيرها، ويقال إن كتبه بلغت المئة بين مؤلَّف ومترجَم.
أمضى المطران جرمانوس فرحات حياته الخصبة في العمل مؤلفاً ومعرباً وملخِّصاً ومهذِّباً، وترك للخلف تركة علمية ثقافية توزَّعت على الأدب واللغة والشعر والدين واللاهوت والطقسيات والعبادات وغيرها، فكان بذلك دائرة معارف حية تناولت علوم عصره في الدين والدنيا.
عيسى فتوح