افغانستان Afghanistanدولة آسيوية قارية حبيسة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • افغانستان Afghanistanدولة آسيوية قارية حبيسة




    افغانستان (جغرافيا)

    Afghanistan - Afghanistan

    أفغانستان جغرافيا

    أفغانستان Afghanistan دولة آسيوية قارية حبيسة، ليس لها واجهات بحرية. تقع في غربي آسيا وتفصل بين آسيا الوسطى وأقاليمها في الشمال وشبه جزيرة الدكن في الجنوب. أخذت اسمها «بلاد الأفغان» من العنصر الأفغاني، وكان معظم أجزائها يدخل في إقليم خراسان. عاصمتها كابل.
    وأفغانستان هي البقاع التي عُرفت باسم باختري (باكترية) وهروفاتي (أراكوسية) وزرانكا (سارانغاي) في قرون ماقبل الميلاد، وعُرفت في العهود الإسلامية باسم طُخارستان (منطقة بلخ) وسجستان أوسيستان (جنوب غربي أفغانستان) وخراسان (شمال غربي أفغانستان) وزابلستان (منطقة كابل)، وكانت تؤلف قلب امبراطورية الغوريين وعاصمتها مدينة فيروزكوه نواة إقليم الغور حالياً.
    الموقع والحدود
    تقع أفغانستان بين العرضين الجغرافيين 29 درجة و24 دقيقة و38 درجة و27 دقيقة شمالاً، والطولين الجغرافيين 60 درجة و30 دقيقة و74 درجة و53 دقيقة شرقاً. وتحدها إيران من الغرب والباكستان من الجنوب والشرق. ولها حدود قصيرة مع الهند والصين الشعبية في أقصى الشمال الشرقي. أما في الشمال فتحدها جمهوريات طاجكستان وأوزبكستان وتركمنستان الإسلامية بحدود طولها نحو 2350كم. ويرجع عمر هذه الحدود إلى أواخر القرن التاسع عشر عندما اتفقت الدولتان الاستعماريتان روسية وبريطانية على إقامة منطقة عازلة بين مستعمراتهما في تركستان وشبه جزيرة الدكن. ولعل أغرب مافي حدود هذه الدولة، لسان أرضي ضيق طوله نحو 325كم وعرضه يراوح بين 25 و65كم، هو ممر «وَخّان» المنبثق من كتلة البلاد نحو الشمال الشرقي مندساً في جبال هندوكوش حتى حدود سينكيانغ الصينية. وإذا أُهمل هذا اللسان الشاذ، فإن أكبر طول في أفغانستان يبلغ 750كم من الجنوب الغربي نحو الشمال الشرقي، بعرض متوسط قدره 600كم. أما أقرب البحار من الحدود فهو بحر العرب وامتداده خليج عُمان، وتبعد سواحله عنها مسافة 467كم نحو الجنوب، وتفصل بينهما مرتفعات بلوجستان وأحواضه الجافة والسلاسل الجبلية الوعرة لإقليم مكران في أراضي الباكستان[ر]. ولقد كان للموقع الجغرافي وطبيعة التضاريس أهمية استراتيجية وتاريخية بارزة في أحداث هذا الجزء من العالم قديماً وحديثاً. ولقد عرفت أفغانستان بأنها معبر الغزاة، وكانت طرقاتها وممراتها الجبلية معروفة ومشهورة، سارت فيها جيوش وقوافل تجار وحجاج وغيرهم كحملة الاسكندر المقدوني[ر] التي عبرت ممري شيبار وخيبر وغيرهما من ممرات جبال بندبايان وكوه ـ ي ـ بابا وهندوكوش. ويذكر ابن بطوطة طريقه إلى أفغانستان من تركستان مروراً بجبال هندوكوش وممر خاواك إلى البنجاب. ويصف الإدريسي طرقاتها وممراتها الجبلية. ويصل عدد الممرات الجبلية في جبال هندوكوش وحدها إلى 33ممراً تقع على ارتفاعات لا تقل عن 4000م، وعلى الرغم من ذلك ومن صعوبة اختراق جبال أفغانستان بقيت الأودية النهرية السالكة والممرات الجبلية هي الطرقات المفضلة للعابرين، لأن الصحارى في الجنوب والجنوب الغربي والأراضي الباردة والصحارى في الشمال تعيق الحركة والمواصلات. وبذا يتمتع الموقع الجغرافي لأفغانستان بأهمية استراتيجية وعسكرية بوصفه قلعة طبيعية مساحتها 652225كم2 تقع بين الصين في الشرق وعالم البحر المتوسط في الغرب وبين سيبيرية وتركستان في الشمال وعالم المحيط الهندي في الجنوب.
    الأوضاع الجغرافية الطبيعية
    تشغل الجبال والمرتفعات نحو 70% من أراضي أفغانستان، والباقي هو مساحات صحراوية أو شبه صحراوية. وتقع الجبال في شرقي البلاد وقلبها تحف بها الهضاب والمرتفعات الواطئة والصحارى في الغرب والجنوب والجنوب الشرقي، كما أنها تساير الحدود الأفغانية الشمالية على شكل شريط صحراوي يؤلف نهايات صحارى تركستان جنوب قناة ري قره قوم.
    الجيولوجية: تقع أفغانستان في حزام التكوينات الجيولوجية والحركات البنائية المنسوبة إلى النظام الألبي الممتد من أوربة إلى آسيا حتى جنوبها الشرقي، وتتبوأ فيها هضبة بامير مكان الموزِّع للسلاسل الجبلية الالتوائية التي تؤلف العمود الفقري للقارة الآسيوية. وتعد جبال أفغانستان وإيران وهضابهما جزءاً من حزام التكوينات الألبية محصوراً بين حوض طوران في الشمال، وحوض السند في الجنوب الشرقي ومنخفض بحر العرب في الجنوب.
    إن الحركات البنائية الألبية المولدة للتضاريس كانت القوة الأساسية في ظهور السلاسل الجبلية الالتوائية ورسم محاور سيرها في أفغانستان، لكنها لم تكن العامل الوحيد، بل أسهمت بعض الصدوع الكبرى في ذلك، أهمها الصدع الشرقي ـ الغربي الكبير المساير لوادي نهر هَري رود، والصدع الشمالي ـ الجنوبي الفاصل بين حوض السند وجبال الحدود الأفغانية ـ الباكستانية. ويرجع عمر هذه الحركات إلى الحُقب الجيولوجي الثالث المتأخر أي قبل نحو 3-4 ملايين سنة ولم يتوقف نشاطها حتى اليوم، تدل عليها الزلازل التي تضرب البلاد بين حين وآخر، وتتركز بؤرتها في أعالي وادي نهر كوكتشه حيث تم تسجيل أكثر من 85 هزة أرضية فيها بين عامي 1900 و1981. وتؤكد أشكال تضاريس (جيومورفولوجية) الأودية السحيقة وخوانقها الضيقة، استمرار حركات النهوض البنائي التي تتفوق في نشاطها على عمليات الحت والتعرية، مما يزيد في عامل الحت الرأسي، ويعمق الأودية ويبقي التضاريس شابة عنيفة في الجبال والمرتفعات. وتعم الصخور الكلسية والرملية واللحقية النهرية والنقضية والرمال المؤلفة للكثبان والأغشية الرملية معظم أرجاء البلاد. وينطبق تعاقب أعمار هذه الصخور الرسوبية على تدرج ارتفاعات التضاريس ومحاورها. إذ تتألف الأجزاء المنخفضة والهضاب وهوامش الجبال المركزية من صخور الحُقْبين الرابع [ر] والثالث، مقابل غلبة الصخور والطبقات الرسوبية الكريتاسية والجوراسية والترياسية من الحقب الثاني على الجبال العالية. ومع ازدياد الارتفاعات باتجاه الشمال الشرقي تأخذ صخور الحقب الأول بالظهور حتى تصبح مسيطرة في جبال هندوكوش وبدخشان ونورستان ووخّان. وترافق الصخور الرسوبية مجموعة متنوعة من الصخور الاندفاعية والمتحولة، مما جعل هذه الجبال غنية بالثروات الباطنية المتنوعة المعروفة منذ القدم، ويذكر البيروني اللازورد بقوله: «واللازورد يحمل إلى أرض العرب من إرمينية وإلى خراسان والعراق من بدخشان».
    التضاريس: تضاريس أفغانستان هي امتداد لوحدتين بنائيتين (تكتونيتين) كبيرتين، هما هضبة بامير[ر] وجبال هندوكوش وتفرعاتها من جهة الشرق، وهضبة إيران وأحواضها المغلقة من جهة الغرب. وتعد هضبة بامير أهم وحدة تضريسية وبنائية في قارة آسيا، وتؤلف عقدة تتفرع منها سلاسل جبال هندوكوش نحو الغرب وسليمان نحو الجنوب الغربي، وجبال ألاي وتيان شان نحو الشمال الشرقي، وألتِن طاغ وكوِن لُون نحو الشرق، وهيمالايا نحو الجنوب الشرقي. وتتجه محاور الجبال الأفغانية نحو الجنوب الغربي، حيث تبدأ من شريط وَخّان في سلسلة هندوكوش الرئيسة التي تزيد ارتفاعاتها على 7000م فوق سطح البحر، وتسمى هندوكوش الشرقية، وتستمر في جبال وسط أفغانستان التي تتفرع كالمروحة المنفرجة باتجاه الغرب والجنوب الغربي. وتتألف فروع المروحة من سلاسل جبلية هي من الشمال نحو الجنوب الغربي: سلاسل بند تركستان وفيروزكوه وسفيدكوه وكوه ـ ي ـ بابا وكوه بند بايان وسلاسل تشالابْدَلان وخُورْب ومَزار. وتتصف هذه الجبال بارتفاعاتها الواقعة بين 5000 و6000م في الوسط والشمال الشرقي، وبشدة انحدار سفوحها المنتهية إلى قيعان أودية، وأنهار عميقة ضيقة غنية بالخوانق، كما تتصف بأنها سلاسل خطية، تتباعد في الغرب والجنوب الغربي، حيث تتسع مخارج الأنهار وتعرُض الأودية، وتتجمع في الشرق في سلسلة هندوكوش وجبال بدخشان ونورستان التي تتممها في الشمال الشرقي. ويقدر الارتفاع المتوسط لجبال أفغانستان ومرتفعاتها بنحو 3000م. ويصل معدل ارتفاع قممها وخطوط تقسيم مياهها إلى أكثر من 4500م، علماً أن الارتفاعات تتناقص باتجاه الشمال والغرب والجنوب والجنوب الشرقي وفي حوض كابل. وترتفع قمة نوشاك أعلى نقطة في البلاد إلى 7485م عند أول لسان وَخّان، قرب الحدود مع باكستان حيث تجاورها قمة تيريش مير على علو 7699م في الأراضي الباكستانية، ويرد اسم هذه القمة على أنها أعلى نقطة في أفغانستان خطأ. ويتفرع عن السلاسل الجبلية الرئيسة سلاسل أصغر وأقصر تتشعب إلى أخرى قد تتباعد، أو تتلاقى بجسور جبلية تربطها، مما يعطي جبال أفغانستان شكل شجرة ضخمة متشعبة الفروع والأغصان.
    أما الهضاب المنخفضة والمنبسطات فتراوح ارتفاعاتها بين 250م و650م فوق سطح البحر. وتتألف من منخفض حوض هامون ودشت مارغو (صحراء الموت) ودشت باكوا ودشت خاش ورجستان في جنوبي البلاد وغربيها حيث تؤلف بحيرة هامون ومستنقع غاودي زَرَه منخفضات مغلقة تقع دون 500م فوق سطح البحر. أما شريط الأراضي المنخفضة الشمالية فيمتد بين أقدام الجبال ونهر آموداريا (جيحون أو النهر أو داريا ـ ي ـ آمو)، ويؤلف سهولاً ترتفع بين 250ـ 300م فوق سطح البحر، تخترقها روافد آموداريا الهابطة من الجبال بدءاً من إقليم طالقان وقُندوز حتى فارياب. وتتبع المجاري الدنيا للأنهار والأودية السيلية الخارجة من الجبال، هذه الزمرة من التضاريس المنخفضة والمنبسطة نسبياً، من بينها الأحواض الدنيا لنهري هَلْمنَد وهَري رود في الغرب والجنوب، ونهر كابل في الشرق.
    المناخ والمياه: فرض الموقع الجغرافي وارتفاع التضاريس ومحاور سيرها أوضاعاً مناخية قارية شديدة التطرف خاضعة للنظام المناخي المتوسطي في العروض فوق المدارية. ويظهر أثر هذا النظام في توزيع الهطل ومواعيده في الشتاء والفصول الانتقالية مع جفاف الصيف. وتتأثر البلاد بثلاث كتل هوائية هي: الكتلة الباردة الشمالية الجافة، وكتلة الهواء الموسمي القادمة من الجنوب الشرقي التي ينحصر تأثيرها في ولايتي بَكْتيه وننغارهار ومرتفعات حدود البلاد مع الباكستان، والكتلة الثالثة الغربية التي تدفع بالمنخفضات الجوية نحو الشرق في الشتاء وتحمل المطر والثلج. وقد تهطل أمطار رعدية في الصيف نتيجة وصول هواء رطب قادم من الخليج العربي. وتراوح معدلات حرارة الصيف بين 24 و32 درجة مئوية، وتقع بحدود 10 درجات بين ارتفاعات 2500 و4000م فوق سطح البحر، وتصل الحرارة القصوى إلى 49 درجة. أما في الشتاء فيراوح المعدل حول الصفر و7 درجات، لكنه يراوح بين -20و -30 درجة في الجبال التي تغطيها الثلوج مدة 6- 8 شهور في الأجزاء الواقعة أعلى من 3000م. وتراوح كميات الهطل بين 50مم في صحارى الجنوب والجنوب الغربي وأكثر من 800- 1000مم في جبال الشمال الشرقي، حيث يسقط قسم مهم منها ثلوجاً. أما في جبال الحدود الباكستانية فتهطل أمطار موسمية صيفية بمعدل 800مم سنوياً. وتهب على البلاد رياح جافة وباردة جداً شتاء وحارة صيفاً، قد تصل سرعتها في الصحارى المفتوحة لأكثر من 180كم/سا، مما يؤدي إلى غلبة العوامل الجيومورفولوجية الريحية في الجنوب والجنوب الغربي.
    أما مياه أفغانستان فتنتمي أنهارها وسيولها إلى شبكتين أساسيتين لتصريف المياه هما: شبكة مياه المحيط الهندي، وشبكة مياه الأحواض الداخلية المغلقة التي تقسم إلى شبكة بحر آرال وأحواض تركستان، وشبكة حوض سيستان، إضافة إلى أحواض مغلقة أخرى غربي الجبال وجنوبيها وفيها. وتتألف شبكة المحيط الهندي من المجاري العليا لروافد نهر السند في الباكستان وأهمها نهر كابل البالغ طوله 500كم. ويخترق ممر خيبر بوابة أفغانستان الشرقية، وترفده أنهار كثيرة تحمل مياه جبال هندوكوش الغربية ونورستان إليه. ويعد نهر هَلْمَند ورافده المهم أرغنداب أطول نهر في البلاد ينبع من السفوح الجنوبية لهندوكوش ويصب في بحيرة هامون بعد قطعه نحو 1150كم نصفها في صحراء مارغو، ويصرّف نحو نصف مياه أفغانستان السطحية، ولقد أقيم عليه أضخم مشروع زراعي مروي يعرف بمشروع HAVA هافا (سلطة وادي هلمند ـ أرغنداب) يعتمد على مخزون سدين كبيرين يحجزان مياه الفيضانات الربيعية. وهناك أنهار خاش وفَرَه وهاروت التي تنتهي إلى بحيرة هامون. وتتألف أنهار الشمال من نهر آمو داريا الذي يرسم معظم الحدود الأفغانية ـ الشمالية ومن روافده اليسارية الهابطة من جبال أفغانستان، بعضها تصل مياهه إلى النهر كأنهار كوكتشة وسرخ آب (قندوز)، ومعظمها ينتهي في دلتات جافة على أطراف صحراء تركستان من دون أن تصل مياهه إلى آمو داريا، وهي أنهار خُلمْ وبَلْخ وداريا ـ ي ـ سفيد وشيرين تاغاو ومُرغاب (مُرغ آب= نهر مرو) وهَري رود. ولقد قامت على هذه الأنهار ومخارجها مدن تاريخية مهمة أمثال بلخ ومزار شريف واشبرقان (شِبرقان) ومَرو وهراة وسَرَخْس.
    الأقاليم الجغرافية: تقسم أفغانستان إلى ثلاث وحدات جغرافية طبيعية كبرى (أقاليم من الدرجة الأولى)، تضم خمسة أقاليم من الدرجة الثانية، وأربع عشرة منطقة من الدرجة الثالثة، وأربعاً وأربعين كورة من الدرجة الرابعة. والوحدات الجغرافية الكبرى هي:
    إقليم تركستان الأفغانية: ويشتمل على شريطين من الأراضي الممتدة من الغرب نحو الشرق في شمالي البلاد: الشريط الأول جبال متوسطة الارتفاع مخدّدة بأودية عميقة، تنتهي أصولها إلى سهول منخفضة، تنفرش مخاريطها النقضية واللحقية باتجاه نهر آموداريا، مؤلفة الشريط الثاني. وترب الإقليم متنوعة، أهمها الغبارية الكلسية والرملية واللحقية النهرية ـ السيلية، وتصبح في المنخفضات وفي الغرب ترباً جافة مَلِحة صحراوية. وتغور نهايات أنهار الشمال ومياه السيول الجبلية في ترب هذا الشريط بعد ريها واحات أقدام الجبال. ويتفق نبيت هذا الإقليم مع مناخه وأمطاره، حيث تغلب الشروط القارية الجافة وأمطار لاتزيد على 500مم في الجبال وتراوح بين 100 و200مم في السهول، مما يؤدي إلى انتشار الغابات المفتوحة النفضية المتساقطة الأوراق في الجبال، والشجيرات القزمة والأعشاب والأنجم الخشبية والنباتات الشوكية دونها.
    إقليم الصحراء والسهوب: وتغلب عليه الهضاب والمنبسطات والأحواض المغلقة، حيث السباخ والمستنقعات المَلِحَة في غربي البلاد وجنوبيها. وتغطي الترب الغبارية الكلسية والرملية والسفحية النقضية معظم السطح، كما تؤلف الترب اللحقية أرض أودية الأنهار ومفارش دلتاتها، كذلك تنتشر الترب المَلِحَة مع الرمال والكثبان المتنقلة في الصحارى وحول منخفض سيستان. ولايزيد عدد الشهور الرطبة على الثلاثة وتقل الأمطار عن 70مم سنوياً. ونبيت الإقليم هو شجيرات متفرقة وأعشاب تألَف الجفاف والتربة الملحة. وتتعذر الزراعة في الإقليم إلا بالري بالمياه الجوفية أو بمياه الأنهار، ولاسيما نهر هَلْمَند الذي أعاد الحياة إلى سيستان التي دمرها المغول وخربوا عاصمتها أميران وأبادوا السكان الذين قُدر عددهم بنحو المليون عام 1380م. وتزدهر قرب أطلال أميران مدينة زَرَنْج الحديثة.
    إقليم الجبال: ويشغل الوسط والشرق، ويضم أصقاع نورستان والغُور وبدخشان ووَخّان وهَزَرجات وقندهار وغزنة وكابل، وتؤلف جبال هندوكوش عموده الفقري. وهو إقليم الجبال العالية والشاهقة والأودية السحيقة العميقة. وتظهر على قممه التي يزيد ارتفاعها على 4600- 5200م الجليديات المتفرقة التي كانت تنتشر على مساحات أوسع في العصر الجليدي في الرباعي الأعلى حين كان حد الثلج الدائم بحدود 3700- 4100م فوق سطح البحر. وشتاء الإقليم بارد جداً يراوح هطله بين 300 و500مم في الوسط والغرب، و500 و1000مم في الشمال الشرقي، حيث معظم الهطل ثلجي. وتعمّ ترب السفوح الحجرية وتربة الكامبيزول والرنتسينا الجبال، والترب اللحقية والنقضية الأودية والأحواض الجبلية، والترب الليتوزولية والريغوليتية (الحجرية والسفحية) الغنية بالكلس في منخفض كابل وجلال أباد حيث الأمطار مدارية موسمية تراوح بين 150 و500مم. ويتنوع نبيت الإقليم من شجيرات وأعشاب مؤتلفة مع الجفاف إلى مروج ألبية، وأعشاب جبلية، ووسادات شوكية، حتى غابات دائمة الخضرة ذات أشجار مخروطية وأخرى تيجانية في الأعالي. وتقدر مساحة الغابة في أفغانستان بنحو 3% من المساحة العامة.



  • #2
    الجغرافية البشرية ـ السكانية
    فرض الموقع الجغرافي لأفغانستان أن تكون ممراً لأقوام وشعوب مختلفة، كما فرضت تضاريسها انعزال عناصرها السكانية، وتعدد لغاتها ولهجاتها.
    إعمار البلاد: ترجع البدايات الأولى لظهور الإنسان في أفغانستان إلى العصر الحجري القديم الأوسط في مواقعه المكتشفة في وادي نهر كوكتشه ووادي بَلْخ وفي غار ـ ي ـ مورده ودشت ناوور وفي مواقع أخرى تؤكد استمرار إعمار أجزاء متفرقة من أفغانستان حتى بداية العصور التاريخية. ولقد مر الإعمار بأزمان مدّ مختلفة في العصور التاريخية المختلفة، ترافقت مع عهود انتشار الأمن وازدهار الاقتصاد واتحاد المجتمع واستقرار الحكم، تخللتها أزمان جزر للإعمار وانحسار أصاب القرى والبلدات في عهود الفوضى وانقطاع حبل الأمن، وإبان الغزوات المدمرة التي تعرضت لها أفغانستان في تاريخها المليء بالصراعات والحروب واختلاف السلالات الحاكمة من يونانية إلى أخمينية فسكيتية وصغدية وكوسانية وإيرانية وهندية وتركية ومغولية وعربية. ويعد العهد الغزنوي والغوري من عهود اتساع الإعمار وانتشار التجمعات السكانية، على النقيض من الغزو المغولي الذي خرب المدن والقرى والمزارع والمنشآت الاقتصادية والحضارية. وبعد حين من الركود عاد الإعمار إلى البلاد، ولاسيما بعد قيام دولة أفغانستان المستقلة عام 1919م، لكن الكثير من القرى والمزارع تأثر مرة أخرى إبان عقد من الزمن بالاضطرابات، وبغزو القوات السوفييتية لها، لمساندة الحكم الموالي للاتحاد السوفييتي سابقاً، وهجر قرابة 4.6 ملايين أفغاني البلاد إلى الدول المجاورة.
    البنية الإثنية: يتنوع السكان الحاليون بأصولهم العرقية ولغاتهم تنوعاً كبيراً. وينتمون إلى أكثر من عشر مجموعات عرقية رئيسة، وهي التالية مرتبة بحسب أهميتها: الباشتون (الباشتو) والطاجيك والأوزبك والهزاره والتركمان والتيماني (حلف قبلي) والفيروز كوهي (حلف قبلي) والبلوج والجمشيدي والتيموري (حلف قبلي). أما الأقليات العرقية فهي التالية مرتبة بحسب أهميتها: الزوري والمالكي والمشمست والطاهري والمووري والبراهوي والعرب والقرغيز والمغول والغوجار والقَبْتشاق والواخي والروشاني والأشكاشيمي والسنغليتشي والمُنْجي والفارسي (الفارسيوان) والقرلق والأشكون والوماي والبراسون والفيغالي والترغامي والبشاي والغربات وغيرهم، وهناك تسميات شاملة تضم مجموعات عرقية، هي الأَيْماق والنورستانيون والتْشات وطاجيك الجبال والغالاتشا الباميريون.
    ويؤلف الباشتو أكثر من 53% من السكان وينتشرون في الأنحاء الجنوبية الغربية وحوض كابل ـ جلال أباد وفي الشمال الغربي وفي جزر عرقية مبعثرة في الشمال وأوديته النهرية. يليهم الطاجيك ونسبتهم 25- 30% ومواطنهم في جبال الشمال الشرقي وجبال الشمال وحوض هراة ووادي هري رود الأدنى وجزر أخرى. وتصل نسبة الأوزبك إلى 5% ونسبة المغول إلى 3% من السكان. والباقي يؤلف الأقليات الأخرى. ويدين السكان بالإسلام ومعظمهم (85%) من السنة والباقون من الشيعة. ولقد كان سكان نورستان آخر من اعتنق الإسلام وكانت ديارهم تعرف بـكافرستان أي بلاد الكافرين حتى اعتناقهم الإسلام عام 1895 وما بعده.
    السكان ونموهم: لا تتوافر إحصاءات أو تعدادات موثوقة للسكان في عهود زمنية مقبولة لرسم منحنى بياني لنمو السكان. ومعظم الأرقام تقديرية ومتباينة. ومما يزيد الأمر تعقيداً وجود أعداد كبيرة من الأفغانيين خارج البلاد بصفة لاجئين يقدر عددهم بنحو 3.400.000 في الباكستان و1.100.000 في إيران و100.000 نسمة في الهند. ويعد كل رابع لاجىء في العالم أفغانياً في عقد الثمانينات من القرن العشرين، وتبين الأرقام التالية الاضطراب والتضارب في الإحصاءات السكانية ـ الديمغرافية:
    عدد السكان السنة
    13.000.000 1958
    16.000.000 1965
    15.909.000 1966
    15.000.000 1968
    17.125.000 1970
    13.051.000 1979
    16.592.000 1986
    14.500.000 1987
    18.614.000 1990
    20.979.000 1991
    24.167.000 1996
    24.965.000 1997
    ويقدر المعدل السنوي للولادات بنحو 53 بالألف مقابل 21 بالألف للوفيات. ويحوم معدل الزيادة السنوية للسكان حول 28 بالألف (1990- 1996). والعمر المتوسط المتوقع هو 45 سنة (1997).
    أما الكثافة السكانية العددية المقدرة بـ 38ن/كم2 فمتباينة، تزيد على 330ن/كم2 في حوض كابل وفي منطقة مدينة هراة وجنوبيها وفي الواحات المروية، لكنها تنخفض إلى أقل من فرد واحد في الكيلو متر المربع في المرتفعات وهوامش الجبال، بل وينعدم السكان في بقاع واسعة من الجنوب والغرب الصحراويين، ومن الجبال الشاهقة الارتفاع. ويعيش الأفغانيون في أكثر من 15.000 قرية تكثر في الشمال والشرق وفي أحواض الأودية النهرية. والقرية الأفغانية متوسطة الحجم أو صغيرة، يراوح عدد سكانها بين 200 و750 نسمة. والمساكن الريفية مبنية من الطين المجفف (اللبن)، ومسقوفة بالأعمدة الخشبية مؤلفة أسطحاً مستوية ضعيفة الانحدار في السهول والواحات، ومبنية بالحجارة والأخشاب في المرتفعات. وتؤلف الأخشاب المادة الأساسية في مساكن نورستان وهندوكوش. وسقوف المساكن مستوية والدور متلاصقة في معظم القرى. ويخضع موقعها لتوافر المياه ومصادر العيش. ولعوامل الدفاع والحماية والتركيب القبلي ـ الأُسْري أثر بارز في تحديد مواقع القرى ومخططاتها وأحيائها. وتقدر نسبة الريفيين بنحو 68% من مجموع السكان، أما سكان المدن فتصل نسبتهم إلى 21% والبدو الرحل وأنصاف الرحل نحو 11% من السكان (عام 1997). وفي البلاد أكثر من 20 مدينة أكبرها العاصمة كابل 1.424.000 نسمة تليها مدن قندهار 225.000 نسمة ثم هراة 160.000 فمزار شريف 118.000 وجلال أباد 58.000 نسمة ثم مدن أصغر منها غزنة (غزني) وباغلان ومَيْمَنة وفايز أباد وخُلْم وأندخُوي وأقجة وطالقان وشبرقان وغاريكار وغردز وخان أباد وقُندوز وفَرَه (فرح) وبَلْخ وقلعة نُو. وتقع المدن الأفغانية على هوامش الجبال وفي أودية الأنهار ومخارجها إلى الهضاب والسهول. أما البدو ويعرفون بـ(كُوشي) فأعدادهم في تراجع لاستقرارهم وعملهم بالزراعة وغيرها. مهنتهم الأولى تربية الأغنام والانتقال بها بين الأودية والسهول الهامشية من جهة، والمراعي الجبلية من جهة ثانية، ونُجعتهم تكاد تشمل البلاد بأكملها. وكانت علاقات البدو بأبناء المعمورة وثيقة، وكان النظام القبلي سائداً في معظم الأنحاء، لكن دخول الآلة والسيارات والتحول إلى الاستقرار أضعف العلاقات المذكورة.
    ومن المشكلات السكانية ـ الاجتماعية ذات السمة العرقية والإقليمية التي تعاني منها أفغانستان مع جارتها الباكستان، مشكلة السكان الباشتو الذين يعيشون خارج أفغانستان في البقاع الباكستانية الواقعة بين نهر السند والحدود الشرقية لأفغانستان. وتعود جذور المشكلة إلى عام 1893 عندما فُرِض على أفغانستان خط «دوراند» للحدود بينها وبين المستعمرات البريطانية في الهند، وفيما بعد الباكستان، إذ فصل هذا الخط الباشتو إلى قسمين في دولتين. ولقد سببت هذه المشكلة نزاعاً على الحدود بين أفغانستان والباكستان وصل إلى درجة قطع العلاقات بينهما.
    الأوضاع الجغرافية الاقتصادية
    أفغانستان بلد زراعي ـ رعوي بالدرجة الأولى، يراوح الناتج القومي الإجمالي فيها بين 4800 و5000 مليون دولار، ولا يزيد الدخل السنوي للفرد على 786 دولار أمريكي، وهذا مايعكس الوضع الاقتصادي المتدني والفقر البين للبلاد، ويجعلها واحدة من أفقر دول العالم الثالث.
    الثروات ومصادر الدخل: الثروة الطبيعية الأولى في البلاد هي الأراضي الصالحة للزراعة البالغة مساحتها نحو 14.000.000 هكتار أي مايعادل 21.4% من المساحة العامة للبلاد، معظمها مؤلف من مراع ومروج جبلية. أما الثروة الغابية فلا تتجاوز المساحة المغطاة بالأشجار مليوني هكتار، وتنتشر في الأجزاء الشرقية منها وفي السفوح الشمالية لجبال هندوكوش. وتغلب عليها الأشجار المخروطية والجوز البري والصنوبريات والبلوطيات وغيرها. وتمتلك أفغانستان مصدراً مهماً للطاقة هو مياه الأنهار الجبلية السريعة. أما ثرواتها الباطنية فمتعددة لم يستثمر منها إلا أقلها. ولقد اكتشف الغاز الطبيعي في شمالي البلاد في جوزجان بكميات اقتصادية وبدأ استثماره منذ عام 1967، كان قسم مهم منه يصدر إلى الاتحاد السوفييتي السابق بوساطة خط أنابيب، ويقدر الاحتياطي بنحو 48 مليار م3. وتوجد في شمالي أفغانستان كميات من النفط. لكن الآمال معقودة على عمليات الاستكشاف والبحث عن مكامنه في الجنوب. ولقد عثر على مكامن للفحم الحجري في السفوح الشمالية لجبال هندوكوش، ونوعيته جيدة في منطقة قلعة سركاري، وأقل جودة في كركر وإشبُوشْتَه قرب كابل. وفي منطقة حاجي غَك حديد من نوعية جيدة، وفي منطقة قندوز ثروات من النحاس والرصاص والزنك، كما يوجد الملح الصخري في طالقان والبريليوم في كونار، وغير ذلك من ثروات باطنية كالكروم ومواد البناء وترابة الإسمنت والمرمر. وفي أفغانستان أكبر مناجم العالم لاستخراج أحجار اللازورد على السفوح الشمالية لجبال هندوكوش وفي بدخشان خاصة.
    الزراعة وتربية الحيوان: يسهم هذا القطاع بأكثر من 64% من إجمالي الدخل القومي وبنحو أربعة أخماس صادرات البلاد. وتصل نسبة العاملين فيه إلى نحو 69% من مجموع العاملين، مما يبين أهمية الزراعة في الاقتصاد والمجتمع الأفغانيين. وتعد المسألة المائية وانخفاض نسبة الأراضي المروية أهم المشكلات التي تواجه الزراعة، إذ لا تتجاوز مساحة الأراضي المروية 3.600.000 هكتار. ولقد اهتمت الدولة بالأمر وقامت بتنفيذ عدة مشاريع زراعية مروية بمساعدات أجنبية مختلفة، أهمها مشروع وادي هَلْمَند ـ أرغنداب بمساعدة أمريكية ومشروع قناة ننغارهار بمساعدة سوفييتية ومشروع قناة طروان بمساعدة الصين الشعبية. ومن جهة أخرى، فإن مساحات واسعة من الأراضي الصالحة للزراعة لا تستثمر، فلا تتجاوز نسبة الأراضي المزروعة فعلاً 12% من مجموع مساحة البلاد. كما أن أساليب العمل الزراعي وأدواته مازالت تقليدية وقديمة في معظم المناطق، ومازال استعمال الآلات والأسمدة وتطبيق نتائج البحوث العلمية محدوداً. ولقد أخذ القطاع الزراعي بالنمو بعد تطبيق الخطط الخمسية منذ 1956- 1962. والاتجاه يسير نحو تحديث الاقتصاد. وتطبيق الإصلاح الزراعي في مجال الملكية حتى أصبحت الغلبة للملكية الزراعية الصغيرة الخاصة، لكن نظام المحاصصة وتأجير الأرض مازال معمولاً بهما لوجود الكثيرين ممن لا يملكون الأرض ويعملون في أرض الآخرين. وعلى الرغم من ذلك ما يزال قطاع الزراعة غير قادر على تلبية الاحتياجات المحلية. ويحتل القمح المركز الأول في قائمة المحصولات لأنه المادة الغذائية الأساسية للسكان، يليه الأرز والذرة الصفراء والدخن والمحصولات العلفية والعدس، ثم الخضر والسمسم. ومن الزراعات الآخذة بالنمو السريع القطن والشوندر السكري وقصب السكر، إضافة إلى قائمة طويلة من الثمار والفواكه التي تدخل في جملة صادرات أفغانستان غضة أو مجففة. وتتركز الزراعات ذات القيمة التجارية والاقتصادية العالية في البقاع المروية من البلاد، ولاسيما في أودية الأنهار المهمة وأحواضها الوسطى والدنيا، كما هي الحال في أحواض أنهار كابل وهَلْمَند وهَري رود وأنهار شمالي أفغانستان المذكورة سابقاً، وجميعها تقع خارج كتلة الجبال، وتحيط بها على شكل أشرطة خضراء مزروعة، قامت فيها أهم المدن والمراكز الحضرية القديمة والحديثة، أو أنها تتوغل في الجبال بألسنة تساير أودية الأنهار.
    وتمتلك أفغانستان قطيعاً كبيراً من الحيوانات يزيد عدده على 23.000.000 رأس، معظمه من الأغنام ذات الأَلية الدهنية. ومن نحو 7.000.000 رأس من أغنام القره قول التي تقدم فراءً خاصاً، إضافة إلى نحو 3.500.000 رأس من الأبقار والثيران، وأعداد أقل من الماعز وحيوانات العمل والجمال. وللثروة الحيوانية التي تمتلكها الأسرة أهمية بالغة في المجتمع الأفغاني، لدرجة أن كل شيء تقريباً يقوّم بالماعز في منطقة نورستان.
    وتعد النُجعة أهم أساليب الرعي في البلاد، ينتقل فيها الرعاة بأغنامهم وقطعانهم من المراعي والمروج الجبلية إلى بطون الأودية والسهول الهامشية المحيطة بالجبال في الشتاء، وبالاتجاه المعاكس في فصل الحرارة والجفاف.
    الصناعة والمصنوعات: تتصف الصناعة الأفغانية بالازدواجية، إذ تقوم الصناعة القديمة التقليدية والحرفية جنباً إلى جنب مع الصناعة الآلية الحديثة. كما تتصف بأنها تعتمد على المواد الأولية الزراعية ـ الحيوانية المحلية، وأنها متخلفة عن القطاع الزراعي إذ لا تسهم إلا بنحو 20% في الناتج القومي الإجمالي، ولا يعمل فيها سوى 15% من العاملين. ولقد تعثرت الصناعة الأفغانية وواجهت عقبات كثيرة، منها غلبة الصناعات التقليدية، وحداثة عمر الصناعات الآلية، ومشكلة صعوبة توفير المواد الأولية، وسوء طرق المواصلات، والحرب الأهلية. وما نجم عن التحول الاشتراكي في البلاد وهيمنة القطاع العام، وتجاوز هذه المرحلة التي رافقتها اضطرابات وهزات في البنية الاقتصادية والاجتماعية إبان وجود القوات السوفييتية في البلاد وبعد خروجها منها في 15/2/1989 بصورة خاصة، ولقد تأثرت المخططات الصناعية بمنع دخول الاستثمارات الأجنبية إلى البلاد، وإخراج عدد من الشركات الأجنبية منها منذ أواسط عام 1978 وإبان التحول الاقتصادي والاجتماعي إلى النظام الاشتراكي.
    وتعد صناعة السجاد أهم الصناعات الحرفية، ويعمل فيها نحو 7% من مجموع العاملين في الصناعة عامة، تليها الصناعة النسيجية الحريرية وصناعة الزجاج والخزف والمواد الغذائية وغيرها. أما الصناعة الآلية الحديثة فتشمل الصناعات النسيجية والغذائية والجلدية وصناعة الإسمنت والأسمدة وحلج القطن وتوليد الطاقة الكهربائية من محطات حرارية وكهرمائية. وتعتمد الصناعة النسيجية قديمها وحديثها على المواد الأولية المحلية من الصوف والقطن، وتلقى الدعم والتشجيع من قبل الدولة. وتحتل صناعة السكر مركزاً مهماً بين الصناعات الغذائية الحديثة، تليها صناعة عصر الزيوت وحفظ الفواكه وتجفيفها. ويراوح الإنتاج الصناعي بين إمكانية تصدير قسم منه، وضرورة استيراد بعضه لعدم كفاية الإنتاج المحلي من بعض المنتجات الصناعية.
    التجارة والمواصلات: هيمن القطاع العام عن طريق وزارة التجارة على جميع أساليب التجارة الخارجية منذ ثورة نيسان 1978. كما ازداد تعامل أفغانستان مع الاتحاد السوفييتي قبل تفككه، حتى أضحى الشريك الأول لها في قطاع التجارة بنسبة 70% من مجموع قيمة التجارة الخارجية، وتأتي الهند واليابان وإيران والمملكة المتحدة وألمانية والباكستان في المراتب التالية بين الدول التي تتاجر معها أفغانستان. وتقدر قيمة الصادرات الأفغانية بنحو 552.000.000 دولار، وقيمة الواردات بنحو 1.404.000.000 دولار (لعام 1986). ويبين هذان الرقمان وغيرهما من أرقام السنوات الأخرى العجز الدائم الذي يعاني منه الميزان التجاري الأفغاني وما يواجه الاقتصاد الأفغاني، من مشكلات اقتصادية واجتماعية تعوق تطور البلد ونموه، وقد تراجعت صادرات البلاد ووارداتها نتيجة الحرب الأهلية فيها، وتدنت قيمة الواردات إلى 411 مليون دولار، وقيمة الصادرات إلى 140 مليون دولار عام 1991. ومما يزيد في مشكلات التجارة الموقع الجغرافي لأفغانستان، لأنها دولة حبيسة تخضع لتأثير الدول التي تحيط بها، وتمر فيها خطوط نقل بضائعها تصديراً واستيراداً. وتصدر أفغانستان الفواكه الغضة والمجففة والجوز والمكسرات الأخرى، ثم الغاز الطبيعي والصوف والسجاد وفراء القرقول والجلود والقطن والبذور الزيتية وأحجار اللازورد، وتستورد المنسوجات والإطارات والأنابيب المعدنية ومنتجات النفط والكيمياويات والشاي والتبغ والآلات والسيارات وغيرها.
    أما طرق المواصلات فتكاد تقتصر على الطرق البرية للسيارات لانعدام السكك الحديدية وطرق الملاحة النهرية في البلاد، باستثناء الملاحة في نهر آموداريا الحدودي، إضافة إلى الخطوط الجوية. وتؤثر التضاريس الجبلية والصحراوية تأثيراً سلبياً إذ تفرض على المواصلات محاور سير واضحة. فأهم الطرق تخرج من العاصمة كابل نحو الشرق إلى ممر خيبر وطوله 1030كم فبيشاور في الباكستان، ومن كابل نحو الجنوب الغربي عبر الجبال إلى قندهار ومنها إلى هراة في الغرب ثم إلى ميمنة فمزار شريف وقندوز في الشمال، ويعود هذا الطريق إلى كابل عن طريق باغلان وممر سالَنغ ونفقه البالغ طوله 3200م. ويرسم هذا الطريق دائرة تحيط بالأراضي الجبلية وتتفادى البقاع الصحراوية والرملية، ويقطعها في وسطها طريق كابل ـ هراة الممتدة من الشرق نحو الغرب مروراً بباميان ووادي نهر هري رود. وتنبثق عن الطريق المحيط طرق تتجه من قندهار إلى كيتا في الباكستان، ومن هراة إلى إيران، ومن قندوز إلى الاتحاد السوفييتي السابق ويقدر طول الطرق البرية بنحو 18.000كم منها نحو 3000كم مفروشة بالإسفلت. وتمتلك أفغانستان شركة خطوط جوية عالمية تعرف بـأريانا لها رحلات منتظمة إلى خارج البلاد، كما تمتلك طائرات شركة داخلية (بختار) تسير رحلاتها بين العاصمة والمدن الأفغانية المهمة. وفي البلاد نحو 37مطاراً تسعة منها مهمة وتستقبل طائرات الخطوط الداخلية وذلك إلى جانب مطار كابل الدولي، كما يعد مطار قندهار دولياً من الدرجة الثانية. أما في المناطق الجبلية الوعرة وفي الصحارى والقفار حيث تنعدم الطرق، فإن الحمير والجمال وإلى حد ما الخيول مازالت أهم وسائل النقل والعمل.
    السياحة: تجتذب أفغانستان أعداداً متزايدة من السياح، مما أدى إلى تنشيط الصناعة السياحية وبناء الفنادق والمؤسسات والمرافق المناسبة، ومن ثم ارتفاع الدخل عن طريق هذا القطاع الحديث العمر نسبياً. وتعد المعالم التاريخية والأثرية إلى جانب التنوع الجغرافي الطبيعي لأقاليم الجبال والصحارى والسهوب، من أهم جاذبات السياح لزيارتها. ومن المواقع السياحية البارزة أطلال آي خانم عند مصب نهر كوكتشه، وبَلْخ وباميان وبَنْد ـ أمير وجَمْ وغزنة وغولدَره وهراة وهلمند (الوادي) وجبال هندوكوش، وقرية اسْتَلِف وكابل وقندهار وممر خيبر ومزار شريف ونورستان وقلعة بُست وغيرها من المعالم السياحية.
    ولقد تأثرت السياحة بأحداث الحرب الأهلية والاضطرابات فتراجعت أعداد الزوار والسياح.
    عادل عبد السلام، نجدة خماش

    تعليق

    يعمل...
    X