ريوندي
Ibn al-Riowandi - Ibn al-Riowandi
ابن الريوندي
(…ـ 245أو250هـ/ … ـ859 أو864م)
أحمد بن يحيى بن إسحاق (أبو الحسين) الريوندي أو ابن الريوندي نسبة إلى قرية (ريوند) قرب مرو الروذ في خراسان خلافاً للخطأ الشائع أنه من (راوند) إحدى قرى قاسان القريبة من أصفهان. وبين الموقعين مسافة ألف ميل. وهو من كبار العارفين بالفلسفة وعلم الكلام والمذاهب والنحو والسياسة والمنطق. وصم بالإلحاد والزندقة وعد رأس الزنادقة والملاحدة في عصره، بل في الإسلام. وكان أبوه يهودياً، أما هو فقد أسلم في شبابه ولكن لم يحسن إسلامه. سكن بغداد وفيها اشتهر، وقيل إنه كان في أول أمره حسن السيرة جميل المذهب كثير الحياء غاية في الذكاء يرجح علمه على عقله، ثم انسلخ من ذلك كله فارتد وألحد وصار يضع الكتب في الإلحاد ويصنف لليهود والنصارى والوثنية وأهل التعطيل (مصطلح يطلق على الذين نزهوا ذات الله العظيم من الصفات لأنها مبتدعات بشرية تجوز على البشر فحسب). وكان واحداً من متكلمي المعتزلة ثم هاجمهم مع غيرهم وتزندق وصار يلوذ بالزنادقة أو يتغطى بالشيعة. ولما ظهر أمره استعان المعتزلة بالسلطان على قتله. وكانت نهاية ابن الريوندي محل خلاف: قيل إنه مات في الأربعين من عمره في رحبة مالك بن طوق الثعلبي الواقعة بين الرقة وبغداد، أو إنه مات مصلوباً ببغداد، أو متوارياً في بيت صاحبه اليهودي (ابن لاوي) في الكوفة حتى مات. وثمة زعم بأن الريوندي قد تاب وندم عند احتضاره.
كان ابن الريوندي قلقاً متقلباً لا يستقر على مذهب ولا يثبت على شيء، فهو معتزلي ثم شيعي ثم ملحد. وهو سياسي معارض للسلطة طامح إلى تأسيس مدرسة عقلية ذات أسلوب جديد. وروي أنه ألّف قبل انسلاخه عن الإسلام نحو أربعين كتاباً في الاعتزال والرفض (التشيع) وغيرهما ثم ألف بعد انسلاخه اثني عشر كتاباً في الطعن على الشريعة.وبلغ مجموع ما ألّف مئة وأربعة عشر كتاباً.
وقد تنوعت أسباب تزندق ابن الريوندي منها ما اعترف به عند موته أنه حمية وأنفة من جفاء أصحابه الذين نبذوه ونحّوه عن مجالسهم، ومنها أن فاقة لحقته أو أن رياسة طمع بها ولم ينلها . ويظهر بعض قلق ابن الريوندي في الشعر المنسوب إليه:
سبحان مَن وَضَع الأشياء موضعها
وفرّق العزّ والإذلال تفريقا
كم من عاقلٍ عاقلٍ أعيت مذاهبـهُ
وجاهلٍ جاهلٍ تلقاه مرزوقاً
هذا الذي صيّر الأفهام حائـرة
وصيّر العالم النَحْرير زنديقاً
وقد استثارت مؤلفاته الكثيرين إلى حد الدهشة واستفزتهم فانبروا يردون عليه ومنهم: الكندي، النوبختيان أبو سهل وأبو محمد، الخياط المعتزلي، أبو الحسن الأشعري، أبو علي الجبائي وابنه أبو هاشم، الفارابي، المعري وغيرهم.
والمفارقة أن اثنين ممن نقدوه وشهروا به اتهما بالزندقة وهما المعري وأبو حيان التوحيدي.
وقد أمعن ابن الريوندي في الكيد للإسلام ودعا اليهود إلى التمسك بشريعتهم بزعم أنها نهائية وأن موسى أخبر بتأبيدها وأن لا نبي بعده.
ومن كتبه أيام صلاحه كتاب «الأسماء والأحكام»، وكتاب «الابتداء والإعادة»، وكتاب «الإمامة» (قال بإمامة علي بن أبي طالب)، وكتاب «خلق القرآن»، وكتاب «البقاء والفناء».
أما أشهر كتبه بعد إلحاده:كتاب» نعت الحكمة» في القول بالاثنين،كتاب «الزمرد» يعترض فيه على الشريعة الإسلامية ويزري بالنبوات ويطعن بالرسول محمد[ وبالقرآن الكريم،كتاب «الدامغ» في الرد على القرآن الكريم،كتاب «فضيحة المعتزلة» في الرد على المعتزلة، نقضه أبو الحسين عبد الرحيم الخياط في كتابه «الانتصار»، كتاب «التاج» يبحث في قدم العالم ونفي الصانع ومناصرة مذهب الدهريين والرد على أهل التوحيد، كتاب «الفريد» في الرد على الأنبياء، كتاب «القضيب الذهب» يتجرأ فيه ويتهجم على الله (جل جلاله) نقضه الخياط، كتاب «المرجان في اختلاف أهل الإسلام»، كتاب لليهود والنصارى يحتج لهم في إبطال نبوة النبي محمد[.
وقد لقيت هذه الكتب نقضاً من قبل كثيرين منهم: الخياط وأبو علي محمد عبد الوهاب الجبائي وابنه أبو هاشم.
والغريب أن الريوندي كان ينقض بنفسه بعض كتبه وأنه ينسب بعض أقواله كذباً إلى غيره. بيد أنه كان في حقيقته دهرياً ينكر وجود الخالق والنبوات، ويتعمد القول بالغريب المبتدع عند الحديث عن الذات الإلهية ومن ذلك قوله: لايتم التوحيد لموحد إلا بأن يصف الباري سبحانه وتعالى بالقدرة على الجمع بين الحياة والموت، والحركة والسكون، وأن يجعل الجسم في مكانين في آن واحد، وأن يجعل الواحد الذي لا ينقسم مئة ألف شيء وأن يجعل مئة ألف شيء شيئاً واحداً من غير أن ينقص من ذلك أو يبطل. وقال: إن الباري قادر على أن يجعل الدنيا بحجم البيضة على صغرها. وعلى أن يخلق مثله وأن يخلق نفسه ويجعل المحدثات قديمة والقديم محدثاً.
عبدو محمد، يوسف الأمير علي
Ibn al-Riowandi - Ibn al-Riowandi
ابن الريوندي
(…ـ 245أو250هـ/ … ـ859 أو864م)
أحمد بن يحيى بن إسحاق (أبو الحسين) الريوندي أو ابن الريوندي نسبة إلى قرية (ريوند) قرب مرو الروذ في خراسان خلافاً للخطأ الشائع أنه من (راوند) إحدى قرى قاسان القريبة من أصفهان. وبين الموقعين مسافة ألف ميل. وهو من كبار العارفين بالفلسفة وعلم الكلام والمذاهب والنحو والسياسة والمنطق. وصم بالإلحاد والزندقة وعد رأس الزنادقة والملاحدة في عصره، بل في الإسلام. وكان أبوه يهودياً، أما هو فقد أسلم في شبابه ولكن لم يحسن إسلامه. سكن بغداد وفيها اشتهر، وقيل إنه كان في أول أمره حسن السيرة جميل المذهب كثير الحياء غاية في الذكاء يرجح علمه على عقله، ثم انسلخ من ذلك كله فارتد وألحد وصار يضع الكتب في الإلحاد ويصنف لليهود والنصارى والوثنية وأهل التعطيل (مصطلح يطلق على الذين نزهوا ذات الله العظيم من الصفات لأنها مبتدعات بشرية تجوز على البشر فحسب). وكان واحداً من متكلمي المعتزلة ثم هاجمهم مع غيرهم وتزندق وصار يلوذ بالزنادقة أو يتغطى بالشيعة. ولما ظهر أمره استعان المعتزلة بالسلطان على قتله. وكانت نهاية ابن الريوندي محل خلاف: قيل إنه مات في الأربعين من عمره في رحبة مالك بن طوق الثعلبي الواقعة بين الرقة وبغداد، أو إنه مات مصلوباً ببغداد، أو متوارياً في بيت صاحبه اليهودي (ابن لاوي) في الكوفة حتى مات. وثمة زعم بأن الريوندي قد تاب وندم عند احتضاره.
كان ابن الريوندي قلقاً متقلباً لا يستقر على مذهب ولا يثبت على شيء، فهو معتزلي ثم شيعي ثم ملحد. وهو سياسي معارض للسلطة طامح إلى تأسيس مدرسة عقلية ذات أسلوب جديد. وروي أنه ألّف قبل انسلاخه عن الإسلام نحو أربعين كتاباً في الاعتزال والرفض (التشيع) وغيرهما ثم ألف بعد انسلاخه اثني عشر كتاباً في الطعن على الشريعة.وبلغ مجموع ما ألّف مئة وأربعة عشر كتاباً.
وقد تنوعت أسباب تزندق ابن الريوندي منها ما اعترف به عند موته أنه حمية وأنفة من جفاء أصحابه الذين نبذوه ونحّوه عن مجالسهم، ومنها أن فاقة لحقته أو أن رياسة طمع بها ولم ينلها . ويظهر بعض قلق ابن الريوندي في الشعر المنسوب إليه:
سبحان مَن وَضَع الأشياء موضعها
وفرّق العزّ والإذلال تفريقا
كم من عاقلٍ عاقلٍ أعيت مذاهبـهُ
وجاهلٍ جاهلٍ تلقاه مرزوقاً
هذا الذي صيّر الأفهام حائـرة
وصيّر العالم النَحْرير زنديقاً
وقد استثارت مؤلفاته الكثيرين إلى حد الدهشة واستفزتهم فانبروا يردون عليه ومنهم: الكندي، النوبختيان أبو سهل وأبو محمد، الخياط المعتزلي، أبو الحسن الأشعري، أبو علي الجبائي وابنه أبو هاشم، الفارابي، المعري وغيرهم.
والمفارقة أن اثنين ممن نقدوه وشهروا به اتهما بالزندقة وهما المعري وأبو حيان التوحيدي.
وقد أمعن ابن الريوندي في الكيد للإسلام ودعا اليهود إلى التمسك بشريعتهم بزعم أنها نهائية وأن موسى أخبر بتأبيدها وأن لا نبي بعده.
ومن كتبه أيام صلاحه كتاب «الأسماء والأحكام»، وكتاب «الابتداء والإعادة»، وكتاب «الإمامة» (قال بإمامة علي بن أبي طالب)، وكتاب «خلق القرآن»، وكتاب «البقاء والفناء».
أما أشهر كتبه بعد إلحاده:كتاب» نعت الحكمة» في القول بالاثنين،كتاب «الزمرد» يعترض فيه على الشريعة الإسلامية ويزري بالنبوات ويطعن بالرسول محمد[ وبالقرآن الكريم،كتاب «الدامغ» في الرد على القرآن الكريم،كتاب «فضيحة المعتزلة» في الرد على المعتزلة، نقضه أبو الحسين عبد الرحيم الخياط في كتابه «الانتصار»، كتاب «التاج» يبحث في قدم العالم ونفي الصانع ومناصرة مذهب الدهريين والرد على أهل التوحيد، كتاب «الفريد» في الرد على الأنبياء، كتاب «القضيب الذهب» يتجرأ فيه ويتهجم على الله (جل جلاله) نقضه الخياط، كتاب «المرجان في اختلاف أهل الإسلام»، كتاب لليهود والنصارى يحتج لهم في إبطال نبوة النبي محمد[.
وقد لقيت هذه الكتب نقضاً من قبل كثيرين منهم: الخياط وأبو علي محمد عبد الوهاب الجبائي وابنه أبو هاشم.
والغريب أن الريوندي كان ينقض بنفسه بعض كتبه وأنه ينسب بعض أقواله كذباً إلى غيره. بيد أنه كان في حقيقته دهرياً ينكر وجود الخالق والنبوات، ويتعمد القول بالغريب المبتدع عند الحديث عن الذات الإلهية ومن ذلك قوله: لايتم التوحيد لموحد إلا بأن يصف الباري سبحانه وتعالى بالقدرة على الجمع بين الحياة والموت، والحركة والسكون، وأن يجعل الجسم في مكانين في آن واحد، وأن يجعل الواحد الذي لا ينقسم مئة ألف شيء وأن يجعل مئة ألف شيء شيئاً واحداً من غير أن ينقص من ذلك أو يبطل. وقال: إن الباري قادر على أن يجعل الدنيا بحجم البيضة على صغرها. وعلى أن يخلق مثله وأن يخلق نفسه ويجعل المحدثات قديمة والقديم محدثاً.
عبدو محمد، يوسف الأمير علي