رومان (جول)
Romains (Jules-) - Romains (Jules-)
رومان (جول ـ)
(1885 ـ 1972)
ولد الروائي والشاعر والمسرحي الفرنسي جول رومان Jules Romains، واسمه الحقيقي لوي فاريغول Louis Farigoule، في سان جوليان شابتوي Saint-Julien Chapteuil وتوفي في باريس التي قدم إليها مع أسرته وهو ما يزال طفلاً، وتابع دراسته فيها حتى حصل على شهادة التبريز Agrégation في الفلسفة عام 1909. قام بتدريس الفلسفة لمدة عشر سنوات، غير أن اهتماماته الأدبية برزت منذ عام 1903 إذ كانت له نشاطات مهمة في هذا المجال، مما جعل منه ممثلاً لامعاً لتيار الإجماعية Unanimisme .
أثرت أفكار الإجماعية تأثيراً كبيراً في جميع مؤلفات رومان، وقد ظهر ذلك في البداية في قصائده، حيث تغنى في ديوانه «الحياة الاجماعية» (1908) La Vie unanime بالتضامن والتواصل قيمتان خلاقتان تؤسسان لحياة الجماعة وترقيان بالانفعالات والمشاعر الفردية إلى الروح الجماعية المبدعة. وقد تجسدت النزعة الإجماعية في حركة شعرية ظهرت في المرحلة الفاصلة بين نهاية التيار الرمزي[ر: الرمزية] وبداية المدرسة السريالية[ر] في فرنسا. وكان رومان يرى أن هناك كائناً واسعاً وبدائياً يتألف جسده من الشارع والسيارات والمارة، ويمضي إيقاع هذا الكائن بإيقاعات المشاعر الفردية أو يغطيها. وقد تأثر في حينه بنظريات علم نفس الجماهير ونظريات عالم الاجتماع دوركهايم[ر] Durkheim وكتابات زولا[ر] Zola. إلا أن تأثير الفلسفة يبدو طفيفاً في ديوانيه «أناشيد وصلوات» (1909ـ1913) Odes et Prières و«كائن يمشي» (1910) Un être en marche مقارنة بكل مواقع الوصف والإطراء التي خصصها الشاعر للفعاليات والأنشطة الإنسانية.
نشر رومان في عام 1913 قصة «الأصدقاء» Les Copains التي اتسمت بطابعها الفكاهي الذي خفف قليلاً من حدة طموحه الإصلاحي، كما أظهرت هذه القصة أن الخيال وروح الدعابة يمكن أن يسودا داخل المجموعات وحتى الملتزمة منها. أما مسرحه الذي لقي نجاحاً كبيراً بين عامي 1920و1930 فقد غلب عليه الطابع النقدي التهكمي. وأهم عملين مسرحيين له هما «كنوك أو انتصار الطب» (1923) Knock ou le Triomphe de la Médecine و«دونوغو» (1929) Donogoo وعالج فيهما القصص الهزلية ذات الموضوعات المبسطة والكوميديا الشعبية، إلا أنها احتوت جرعات لابأس بها من النقد الجدي للطب والعلم مما ساهم في جعلهما معاصرتين ومرتبطتين بالهموم الراهنة.
انكب رومان بين عامي 1932 و1946 على إعداد مشروع أدبي ضخم يقع في سبعة وعشرين جزءاً نشره تحت عنوان «الرجال ذوو النية الحسنة» Les Hommes de bonne volonté . وهذا المؤلف الضخم عبارة عن لوحة ترصد كل دقائق الحياة السياسية والاجتماعية والتاريخية في أوربا بين عامي 1908و1933. ولم يكن الاتجاه الإجماعي غائباً عن هذا المؤلَف، فالكاتب يرمي إلى تصوير الحياة كلها ويرسم ملامح المجموعات معتمداً على عدد كبير من الشخصيات، مبتعداً عن ملاحقة مغامرات بطل ما مهما علت قيمته. وهنا يبتعد رومان عن أسلوب بلزاك[ر] Balzac الذي كان يصور عالماً ثانياً هو في الحقيقة انعكاس وتفسير للواقع في آن واحد، في حين يحاول رومان نقل القارئ إلى بلدان عديدة وإطلاعه على فعاليات وأنشطة مختلفة من اجل إقامة حوار يستند دائماً إلى نوايا الإنسان الطيبة. ولم تستطع الحربان العالميتان ولا الصراعات السياسية والاجتماعية التي هزت القرن العشرين تشويه النزعة الإنسانية العميقة لدى الكاتب، كما لم يؤثر العنف والعدوانية على مشروعه في السلام والانسجام العالميين.
أصبح رومان عضواً في الأكاديمية الفرنسية في عام 1946. وكتب بعد ذلك روايات عدة منها «برتران دي غانج» (1949) Bertrand de Ganges و«ابن جرفانيون» (1956) Le Fils de Jerphanion و«مذكرات السيدة شوفريل» (1957) Mémoires de madame Chauverel )، وكان قد كتب قصائد منها «الرجل الأبيض» (1937) L’Homme blanc و«منازل» (1954) Maisons ، وتحدث عن ذكرياته في «صداقات ولقاءات» (1970) Amitiés et Rencontres ، كما كتب أيضاً مقالات تجسد النزعة الإجماعية.
نواف مخلوف
Romains (Jules-) - Romains (Jules-)
رومان (جول ـ)
(1885 ـ 1972)
ولد الروائي والشاعر والمسرحي الفرنسي جول رومان Jules Romains، واسمه الحقيقي لوي فاريغول Louis Farigoule، في سان جوليان شابتوي Saint-Julien Chapteuil وتوفي في باريس التي قدم إليها مع أسرته وهو ما يزال طفلاً، وتابع دراسته فيها حتى حصل على شهادة التبريز Agrégation في الفلسفة عام 1909. قام بتدريس الفلسفة لمدة عشر سنوات، غير أن اهتماماته الأدبية برزت منذ عام 1903 إذ كانت له نشاطات مهمة في هذا المجال، مما جعل منه ممثلاً لامعاً لتيار الإجماعية Unanimisme .
أثرت أفكار الإجماعية تأثيراً كبيراً في جميع مؤلفات رومان، وقد ظهر ذلك في البداية في قصائده، حيث تغنى في ديوانه «الحياة الاجماعية» (1908) La Vie unanime بالتضامن والتواصل قيمتان خلاقتان تؤسسان لحياة الجماعة وترقيان بالانفعالات والمشاعر الفردية إلى الروح الجماعية المبدعة. وقد تجسدت النزعة الإجماعية في حركة شعرية ظهرت في المرحلة الفاصلة بين نهاية التيار الرمزي[ر: الرمزية] وبداية المدرسة السريالية[ر] في فرنسا. وكان رومان يرى أن هناك كائناً واسعاً وبدائياً يتألف جسده من الشارع والسيارات والمارة، ويمضي إيقاع هذا الكائن بإيقاعات المشاعر الفردية أو يغطيها. وقد تأثر في حينه بنظريات علم نفس الجماهير ونظريات عالم الاجتماع دوركهايم[ر] Durkheim وكتابات زولا[ر] Zola. إلا أن تأثير الفلسفة يبدو طفيفاً في ديوانيه «أناشيد وصلوات» (1909ـ1913) Odes et Prières و«كائن يمشي» (1910) Un être en marche مقارنة بكل مواقع الوصف والإطراء التي خصصها الشاعر للفعاليات والأنشطة الإنسانية.
نشر رومان في عام 1913 قصة «الأصدقاء» Les Copains التي اتسمت بطابعها الفكاهي الذي خفف قليلاً من حدة طموحه الإصلاحي، كما أظهرت هذه القصة أن الخيال وروح الدعابة يمكن أن يسودا داخل المجموعات وحتى الملتزمة منها. أما مسرحه الذي لقي نجاحاً كبيراً بين عامي 1920و1930 فقد غلب عليه الطابع النقدي التهكمي. وأهم عملين مسرحيين له هما «كنوك أو انتصار الطب» (1923) Knock ou le Triomphe de la Médecine و«دونوغو» (1929) Donogoo وعالج فيهما القصص الهزلية ذات الموضوعات المبسطة والكوميديا الشعبية، إلا أنها احتوت جرعات لابأس بها من النقد الجدي للطب والعلم مما ساهم في جعلهما معاصرتين ومرتبطتين بالهموم الراهنة.
انكب رومان بين عامي 1932 و1946 على إعداد مشروع أدبي ضخم يقع في سبعة وعشرين جزءاً نشره تحت عنوان «الرجال ذوو النية الحسنة» Les Hommes de bonne volonté . وهذا المؤلف الضخم عبارة عن لوحة ترصد كل دقائق الحياة السياسية والاجتماعية والتاريخية في أوربا بين عامي 1908و1933. ولم يكن الاتجاه الإجماعي غائباً عن هذا المؤلَف، فالكاتب يرمي إلى تصوير الحياة كلها ويرسم ملامح المجموعات معتمداً على عدد كبير من الشخصيات، مبتعداً عن ملاحقة مغامرات بطل ما مهما علت قيمته. وهنا يبتعد رومان عن أسلوب بلزاك[ر] Balzac الذي كان يصور عالماً ثانياً هو في الحقيقة انعكاس وتفسير للواقع في آن واحد، في حين يحاول رومان نقل القارئ إلى بلدان عديدة وإطلاعه على فعاليات وأنشطة مختلفة من اجل إقامة حوار يستند دائماً إلى نوايا الإنسان الطيبة. ولم تستطع الحربان العالميتان ولا الصراعات السياسية والاجتماعية التي هزت القرن العشرين تشويه النزعة الإنسانية العميقة لدى الكاتب، كما لم يؤثر العنف والعدوانية على مشروعه في السلام والانسجام العالميين.
أصبح رومان عضواً في الأكاديمية الفرنسية في عام 1946. وكتب بعد ذلك روايات عدة منها «برتران دي غانج» (1949) Bertrand de Ganges و«ابن جرفانيون» (1956) Le Fils de Jerphanion و«مذكرات السيدة شوفريل» (1957) Mémoires de madame Chauverel )، وكان قد كتب قصائد منها «الرجل الأبيض» (1937) L’Homme blanc و«منازل» (1954) Maisons ، وتحدث عن ذكرياته في «صداقات ولقاءات» (1970) Amitiés et Rencontres ، كما كتب أيضاً مقالات تجسد النزعة الإجماعية.
نواف مخلوف