بالمهن الأخرى ( وبالتالي كل فرد من المجتمع مرتبط بالافراد الآخرين)، فان تبادل المعلومات أصبح قضية ضرورية .
ان الحذاء مثلا سوف يخبر المزارع عن الكيفية التي يريد بها استلام الجلود منه كي يستطيع ان ينتج أحذية جيدة . كما أنه سوف يخبر حرفيين آخرين عن الدباغة الجيدة التي يريدها لجلوده ، وعن نوعية الغراء والمسامير التي يحتاجها من أجل انتاج أحذية تعمر طويلا . وهو ، بدوره ، يريد أيضا أن يحصل على معلومات من صناع آخرين، يريد مثلا أن يعرف الطريقة الأفضل لاستخدام الغراء الجديد . الخ . ان كافة هذه المعلومات على درجة بالغة من الأهمية بالنسبة لتحسين حياة حذائنا هذا ، وحياة الصناع الآخرين .
كذلك ، لدى هذا الحذاء حاجة للمعلومات حول المشاكل الاجتماعية. ووفقا لوضعه الاجتماعي ، كعامل بأجر ، يريد معلومات عن التجارب النضالية لطبقته ضد الاستغلال ، وعن دسائس المستغلين ( بكسر الغين) ومؤامراتهم ، وعن خطر الحرب ، والنضال ضد الحرب : ان هذه المعلومات أيضا ذات أهمية أساسية في حياة هذا الحذاء .
وبالاضافة الى ذلك ، قد يكون هذا الحذاء رياضياً أو . من هواة جمع الطوابع . وكي يستطيع تحسين عروضه الرياضية ومجموعاته من الطوابع ، فانه يريد أن يتبادل المعلومات مع الآخرين الذين يشاركونه ذات الهوايات .
تنبثق الحاجة الى الاعلام من النشاط العملي للانسان . ان و الحاجة الاعلامية في مخططنا عبارة عن علاقة بين المستقبل » و « المخبر . وهي تنبثق مباشرة من ممارسة المستقبل . أما المخبر فهو من جهة أخرى يحاول أن يلبي بمادته الاعلامية الحاجة الاعلامية للمستقبل ويمكن أن نرى الآن في مخططنا أن كلا من حاجة المستقبل الاعلامية وهدف المخبر الاعلامي ، ينبثقان من الوضع الطبقي والعلاقات الاجتماعية لكل من المخبر والمستقبل في المجتمع ، ومن ممارستهما ومعرفتهما .
نقل المخبر للمعلومات ( المادة الاعلامية ) :
المادة الاعلامية هي معرفة جديدة بالنسبة للمستقبل . وبالتالي ، فان ذات الشيء الذي حدث للمخبر حين عكس ( صور ) الحدث ، سوف يحدث للمستقبل . فالمستقبل يحلل المعلومات التي وصلت اليه ، وسوف يبقي منها فقط تلك التفاصيل ( أو قد ينتقي منها ) التي يعتقد أنها هامة بالنسبة اليه . واذا ما ابقى الأشياء التي اعتبرت أساسية وجوهرية ، يكون قد تحقق هدف المخبر . عندئذ يكون قد أضاف جديدا الى معرفة المستقبل . وسوف يكون الابقاء على شيء ما والاحتفاظ به أكثر سهولة على المستقبل اذا ما استطاع أن يربط هذه المعلومات الجديدة بالأفكار والمفاهيم الموجودة في ذهنه . ولكن، لابد أن تؤثر كل معرفة جديدة على الأحكام والمفاهيم الموجودة في ذهن المستقبل ، وذلك مهما كان هذا التأثير صغيرا ومحدودا . وهذا بالضبط هو هدف الاعلام . المستقبل يريد أن يخبر كي : يصحح ويزيد عدد مفاهيمه ، وكي يحسن احكامه.
تغير كل مادة اعلامية موقف المستقبل من الواقع الموضوعي ، ولو قليلا . وقد تدفعه عدة أخبار الى تصرف مباشر : أنت تخبرني أنك تريد كتابي - وأنا أعطيك الكتاب . كذلك فان مادة اعلامية أخرى قد تدفعني الى أن أرفع علم بلادي ، أو أن أشارك في جنازة ، أو أن أدعو زملائي في العمل الى اجتماع . يؤثر الموقف الجديد للمستقبل على ممارسته ، وهذا بدوره يؤثر من جديد على الواقع الموضوعي .
٤ - السمات الخاصة للاعلام الصحفي :
ان كل ما قلناه حتى الآن عن الاعلام الاجتماعي بشكل عام يصح ايضا ، ويمكن أن يقال على الاعلام الصحفي بشكل خاص . ومع ذلك ، فان للاعلام الصحفي ايضا بعض الخصائص التي لا تشاركه فيها الفروع الأخرى من الاعلام الاجتماعي. فالصحافة مثلا تخبر عبر الوسيلة الاعلامية التي تنشر المعلومات على نطاق واسع ( بعكس الجامعات والمدارس وغيرها ، حيث تقدم المعلومات من خلال الاتصال المباشر بين المخبر والمستقبل ) .
تقوم الصحافة باعلام الجمهور الواسع ، ويستطيع كل شخص أن يتصل بالصحافة ويطلع عليها ( وذلك بعكس المدارس التعليمية التي يملك هذا الحق فيها فقط الطلاب المسجلون فيها ) . تقدم الصحافة معلومات ( تخبر ، تعلم ) حول معرفة الوقائع ( بعكس الأدب ، كالمسرح والروايات وغيرها ) . وتقوم الصحافة بمهمة الاعلام هذه بشكل دوري ( بعكس الآثار الأدبية التي تنشر بشكل غير دوري ) . كما تقدم الصحافة معلومات حول مجالات الحياة كافة ، ولذلك فهي شاملة ( عامة ) ، ( وذلك بعكس التأهيل المهني الذي يقتصر على مجال محدد ) .
موضوع الصحافة :
سنحاول الآن أيجاد ما اذا كان للصحافة مجال خاص للمعرفة .
منذ برهة أكدنا أن الصحافة تقدم مواداً اعلامية ( تخبر ، تعلم ، تنبي) تتعلق بمجالات الحياة كافة. واذا ما أخذنا منظومة العلوم كاملة، لأمكننا القول أيضا أن هذه المنظومة الكاملة تقدم معلومات ( تخبر ، تعلم، تنبي ) حول مجالات الحياة كافة و الشيء ذاته يمكن أن يقال عن التعليم الاجباري ( الاساسي ) ، فهو بالنسبة لفهم الأطفال واليافعين، يحاول أيضا أن يقدم معلومات تتعلق بمجالات الحياة كافة .
ولكن من السهولة بمكان اكتشاف الفرق . يهتم العلم والتعليم الالزامي بتقديم المعارف والمعلومات حول الأحداث الماضية ( كالتاريخ)، وحول العلاقات المستقرة ، وخاصة القوانين العاملة في الطبيعة والمجتمع والفكر ( مثل ٢ + ٢ = ٤ ، وقانون الجاذبية ، وقانون القيمة ) . أما الصحافة فانها لا تقدم في المقام الأول معارف ومعلومات حول العلاقات الخالدة أو التي تعيش طويلا .
والآن باستطاعة المرء أن يقول : أن الصحافة تقدم معلومات ( تخبر ، تعلم ، تنبئ ) حول ماهو جديد . وأنه يمكن الاشارة الى كلمات مثل جريدة » و « وكالة انباء » بأنها تعالج القضايا الجديدة ، وتتعامل مع الاشياء الجديدة . هذا بالتأكيد . ولكن ، هل تقدم الصحافة معلومات حول كل شيء جديد ؟ هل تخبر مثلا عن تجربة قلم الرصاص التي تحدثنا عنها ، أو حول أوجاع البطن التي يشعر بها شخص معين ؟ قد يقول أحدهم ، قد تكون تجربة قلم الرصاص وأوجاع البطن شيئا جديدا ، ولكن ليسا مهمين ، وليسا مثيرين الى درجة كافية وقد لا يوافق آخر على هذا القول . فهو يرى أن التجربة مهمة جدا بالنسبة ، تماما كما أن أوجاع البطن مسألة بالغة الأهمية بالنسبة للشخص الذي يعاني منها .
ان الحذاء مثلا سوف يخبر المزارع عن الكيفية التي يريد بها استلام الجلود منه كي يستطيع ان ينتج أحذية جيدة . كما أنه سوف يخبر حرفيين آخرين عن الدباغة الجيدة التي يريدها لجلوده ، وعن نوعية الغراء والمسامير التي يحتاجها من أجل انتاج أحذية تعمر طويلا . وهو ، بدوره ، يريد أيضا أن يحصل على معلومات من صناع آخرين، يريد مثلا أن يعرف الطريقة الأفضل لاستخدام الغراء الجديد . الخ . ان كافة هذه المعلومات على درجة بالغة من الأهمية بالنسبة لتحسين حياة حذائنا هذا ، وحياة الصناع الآخرين .
كذلك ، لدى هذا الحذاء حاجة للمعلومات حول المشاكل الاجتماعية. ووفقا لوضعه الاجتماعي ، كعامل بأجر ، يريد معلومات عن التجارب النضالية لطبقته ضد الاستغلال ، وعن دسائس المستغلين ( بكسر الغين) ومؤامراتهم ، وعن خطر الحرب ، والنضال ضد الحرب : ان هذه المعلومات أيضا ذات أهمية أساسية في حياة هذا الحذاء .
وبالاضافة الى ذلك ، قد يكون هذا الحذاء رياضياً أو . من هواة جمع الطوابع . وكي يستطيع تحسين عروضه الرياضية ومجموعاته من الطوابع ، فانه يريد أن يتبادل المعلومات مع الآخرين الذين يشاركونه ذات الهوايات .
تنبثق الحاجة الى الاعلام من النشاط العملي للانسان . ان و الحاجة الاعلامية في مخططنا عبارة عن علاقة بين المستقبل » و « المخبر . وهي تنبثق مباشرة من ممارسة المستقبل . أما المخبر فهو من جهة أخرى يحاول أن يلبي بمادته الاعلامية الحاجة الاعلامية للمستقبل ويمكن أن نرى الآن في مخططنا أن كلا من حاجة المستقبل الاعلامية وهدف المخبر الاعلامي ، ينبثقان من الوضع الطبقي والعلاقات الاجتماعية لكل من المخبر والمستقبل في المجتمع ، ومن ممارستهما ومعرفتهما .
نقل المخبر للمعلومات ( المادة الاعلامية ) :
المادة الاعلامية هي معرفة جديدة بالنسبة للمستقبل . وبالتالي ، فان ذات الشيء الذي حدث للمخبر حين عكس ( صور ) الحدث ، سوف يحدث للمستقبل . فالمستقبل يحلل المعلومات التي وصلت اليه ، وسوف يبقي منها فقط تلك التفاصيل ( أو قد ينتقي منها ) التي يعتقد أنها هامة بالنسبة اليه . واذا ما ابقى الأشياء التي اعتبرت أساسية وجوهرية ، يكون قد تحقق هدف المخبر . عندئذ يكون قد أضاف جديدا الى معرفة المستقبل . وسوف يكون الابقاء على شيء ما والاحتفاظ به أكثر سهولة على المستقبل اذا ما استطاع أن يربط هذه المعلومات الجديدة بالأفكار والمفاهيم الموجودة في ذهنه . ولكن، لابد أن تؤثر كل معرفة جديدة على الأحكام والمفاهيم الموجودة في ذهن المستقبل ، وذلك مهما كان هذا التأثير صغيرا ومحدودا . وهذا بالضبط هو هدف الاعلام . المستقبل يريد أن يخبر كي : يصحح ويزيد عدد مفاهيمه ، وكي يحسن احكامه.
تغير كل مادة اعلامية موقف المستقبل من الواقع الموضوعي ، ولو قليلا . وقد تدفعه عدة أخبار الى تصرف مباشر : أنت تخبرني أنك تريد كتابي - وأنا أعطيك الكتاب . كذلك فان مادة اعلامية أخرى قد تدفعني الى أن أرفع علم بلادي ، أو أن أشارك في جنازة ، أو أن أدعو زملائي في العمل الى اجتماع . يؤثر الموقف الجديد للمستقبل على ممارسته ، وهذا بدوره يؤثر من جديد على الواقع الموضوعي .
٤ - السمات الخاصة للاعلام الصحفي :
ان كل ما قلناه حتى الآن عن الاعلام الاجتماعي بشكل عام يصح ايضا ، ويمكن أن يقال على الاعلام الصحفي بشكل خاص . ومع ذلك ، فان للاعلام الصحفي ايضا بعض الخصائص التي لا تشاركه فيها الفروع الأخرى من الاعلام الاجتماعي. فالصحافة مثلا تخبر عبر الوسيلة الاعلامية التي تنشر المعلومات على نطاق واسع ( بعكس الجامعات والمدارس وغيرها ، حيث تقدم المعلومات من خلال الاتصال المباشر بين المخبر والمستقبل ) .
تقوم الصحافة باعلام الجمهور الواسع ، ويستطيع كل شخص أن يتصل بالصحافة ويطلع عليها ( وذلك بعكس المدارس التعليمية التي يملك هذا الحق فيها فقط الطلاب المسجلون فيها ) . تقدم الصحافة معلومات ( تخبر ، تعلم ) حول معرفة الوقائع ( بعكس الأدب ، كالمسرح والروايات وغيرها ) . وتقوم الصحافة بمهمة الاعلام هذه بشكل دوري ( بعكس الآثار الأدبية التي تنشر بشكل غير دوري ) . كما تقدم الصحافة معلومات حول مجالات الحياة كافة ، ولذلك فهي شاملة ( عامة ) ، ( وذلك بعكس التأهيل المهني الذي يقتصر على مجال محدد ) .
موضوع الصحافة :
سنحاول الآن أيجاد ما اذا كان للصحافة مجال خاص للمعرفة .
منذ برهة أكدنا أن الصحافة تقدم مواداً اعلامية ( تخبر ، تعلم ، تنبي) تتعلق بمجالات الحياة كافة. واذا ما أخذنا منظومة العلوم كاملة، لأمكننا القول أيضا أن هذه المنظومة الكاملة تقدم معلومات ( تخبر ، تعلم، تنبي ) حول مجالات الحياة كافة و الشيء ذاته يمكن أن يقال عن التعليم الاجباري ( الاساسي ) ، فهو بالنسبة لفهم الأطفال واليافعين، يحاول أيضا أن يقدم معلومات تتعلق بمجالات الحياة كافة .
ولكن من السهولة بمكان اكتشاف الفرق . يهتم العلم والتعليم الالزامي بتقديم المعارف والمعلومات حول الأحداث الماضية ( كالتاريخ)، وحول العلاقات المستقرة ، وخاصة القوانين العاملة في الطبيعة والمجتمع والفكر ( مثل ٢ + ٢ = ٤ ، وقانون الجاذبية ، وقانون القيمة ) . أما الصحافة فانها لا تقدم في المقام الأول معارف ومعلومات حول العلاقات الخالدة أو التي تعيش طويلا .
والآن باستطاعة المرء أن يقول : أن الصحافة تقدم معلومات ( تخبر ، تعلم ، تنبئ ) حول ماهو جديد . وأنه يمكن الاشارة الى كلمات مثل جريدة » و « وكالة انباء » بأنها تعالج القضايا الجديدة ، وتتعامل مع الاشياء الجديدة . هذا بالتأكيد . ولكن ، هل تقدم الصحافة معلومات حول كل شيء جديد ؟ هل تخبر مثلا عن تجربة قلم الرصاص التي تحدثنا عنها ، أو حول أوجاع البطن التي يشعر بها شخص معين ؟ قد يقول أحدهم ، قد تكون تجربة قلم الرصاص وأوجاع البطن شيئا جديدا ، ولكن ليسا مهمين ، وليسا مثيرين الى درجة كافية وقد لا يوافق آخر على هذا القول . فهو يرى أن التجربة مهمة جدا بالنسبة ، تماما كما أن أوجاع البطن مسألة بالغة الأهمية بالنسبة للشخص الذي يعاني منها .
تعليق