لا يمكن اطلاقا ان يتطابق مظهر الأشياء وجوهرها ، وكما قال کارل مارکس : اذا ما تطابق مظهر الأشياء مع جوهرها فان أي علم سوف يكون زائدا عن الحاجة وغير ضروري .
ثمة أشكال أخرى من التفكير داخل المعرفة المنطقية تقوم على اساس أحد هذه الأشكال هو ، المقدمة _ الفرضية _ المعطاة - (Statement) . والمقدمة هي شكل من التأكيد على شيء ما . كالقول مثلا . لليد البشرية خمسة أصابع ( وقد تتصل المقدمات فيما بينها لتشكل شكلا آخر من التفكير هو النتيحة ) ( الاستنتاج ) فمثلا :
- كافة اعضاء الدورة يتلقون راتبا شهريا مقداره ۲۰۰ دینار .
- السيد ( م ) عضو من اعضاء الدورة .
- السيد ( م ) يتلقى راتبا شهريا مقداره ۲۰۰ دینار .
النتيجة هي مقدمة جديدة ، تم التوصل اليها على اساس مقدمات أخرى . وعبر الاستنتاجات من المعرفة المتوفرة ، يمكن أن نصل الى معرفة جديدة . وهذا هو سبب الأهمية العظمى للمقدمات .
ومما ذكرناه حتى الآن حول نظرية المعرفة ، يمكن الاستنتاج أن التفكير البشري لا يهتم فقط بالطبيعة والمجتمع ، بل يهتم ايضا بالتفكير البشري ذاته . يقوم القسم الأعظم من معرفتنا الراهنة للمعرفة البشرية وللمنطق على اساس الفيلسوف اليوناني العظيم أرسطو ، الذي عاش منذ ٢٣٠٠ سنة فقد طور أرسطو نظرية متكاملة للمعرفة ابتداء من الاحساسات وصعودا الى المفاهيم والاستنتاجات .
ثمة أشكال أعلى للمعرفة وهي الفرضية والنظرية اللتان هما عبارة عن تركيب معقد من المفاهيم والمقدمات والاستنتاجات . وهكذا نرى ان المعرفة تقطع اثناء تطورها طريقا طويلة من الاحساسات البسيطة حتى النظريات العلمية المعقدة .
٣ _ حول الاعلام الاجتماعي :
بعد أن أوضحنا كيف تدخل المعرفة البشرية حيز الوجود ننتقل الى الحديث عن الكيفية التي ينقل فيها المخبر ( أو الناقل أو المعلم ) معرفته الى الناس الآخرين ، وبالتالي كيف تتم عملية الاعلام الاجتماعي. وسوف نتعرض الى العمليات العقلية والى المشاكل المتصلة بموضوع : كيف تتحول المعرفة الى اعلام .
ان الاعلام الاجتماعي هو حاجة ضرورية للمجتمع الانساني . اذ بدون وجود تبادل معلومات بين الكائنات البشرية ، لما كان الجنس البشري قد وجد سابقا ، ولما كان موجودا الآن .
تعتمد المعرفة المطلوبة وتتوقف على المعلومات المتنوعة داخل المجتمع . كذلك فان تعرف انسان تجربتنا على قلم الرصاص لم تكن مجرد حادثة فردية. أن باستطاعة انسان تجربتنا ان يتعرف على قلم الرصاص فقط على اساس المعلومات الاجتماعية السابقة . فقد تكون أمه قد أخبرته مرارا أن الشيء الذي يكون له مثل هذا الشكل يكون قلم رصاص ، كما علمته كيفية استخدامه . وفيما بعد علمه الاستاذ التسمية الانجليزية للقلم . أي أن الأم والأستاذ قد نقلا اليه المعرفة التي توصلت اليها وكدستها الأجيال السابقة . قال ماركس : « ان الوعي هو منذ البداية نتاج اجتماعي، وسيبقى هكذا مادام الناس موجودين..
المعرفة كعنصر من محتويات الاعلام :
تعرضنا في القسم الثاني من هذه الدراسة الى الشروط السابقة على عملية الاعلام ، وهي تحديدا التعرف ، والمعرفة . ويجب ان نؤكد هنا ان الاعلام لا ينقل الحقائق ( الوقائع ) ، بل هو ينقل معرفة هذه الحقائق ( الوقائع ) .
لنفرض جدلا ان المخبر ( الصحفي ) قد تعرف على ( اطلع أو عکس ) موضوعا محددا . ان هذا يعني بالنسبة لمخططنا ( المرسوم أعلاه) اقامة خط من اجل المعرفة الجديدة التي حصل عليها الصحفي من الواقع الموضوعي . ان معرفة هذا الصحفي يمكن ان تكون حول :
أ - حدث ما ، راه بنفسه أو .
ب - معلومات حول حدث ما .
مثلا :
أ ـ قد يكون المخبر ( أو الصحفي ) في المطار ورأى وصول رئيس الوزراء. والآن أصبح لدى الصحفي معرفة بهذا الوصول . أو .
ب - قد يكون المخبر قد قرأ إحدى نشرات وكالات الانباء، ورأى فيها خبرا حول وصول رئيس الوزراء الى المطار . وفي هذه الحالة ايضا اصبح لدى المخبر معرفة بهذا الوصول .
ثمة معارف معينة من مستويات مختلفة . المستوى الأول هو المعرفة المباشرة ، والثاني هو المعرفة غير المباشرة. في الحالة الأولى تكون المعرفة الجديدة عبارة عن انعكاس للعالم الموضوعي . وفي الحالة الثانية تكون المعرفة الجديدة انعكاسا قام به شخص آخر للواقع الموضوعي . هذان النوعان من الانعكاسات شيئان ضروريان في الصحافة في كافة الحالات، طالما انه ليس لصحفنا مخبرون خاصون لتغطية الاحداث .
لنعد الى الحالة الاولى. يمكن ان نقول ان انعكاس الحدث ( تصويره ) في ذهن المخبر موافق للحادث الموضوعي . ومع انعكاس الحدث ( تصويره ) في ذهن مخبرين كانا حاضرين لحظة حدوثه، سوف يختلف الى حد معين. ويظهر هذا الخلاف عند تحليل الادراكات الحسية. وتتوقف نتجة التحليل المنطقي ، بالاضافة الى الادراكات الحسية ، على عالم الافكار والتصورات والمفاهيم والاحكام المخزونة في ذهن المخبر ، أو ، بكلمات أخرى ، على مجمل معارفه . وخلال التحليل المنطقي تتصل الادراكات الحسية وترتبط بالافكار والتصورات والمفاهيم الموجودة من قبل. هنا يتمتع المخبر بخاصية ( مزية ) الشخص الغني بالافكار والتصورات الناجمة عن تجارب مختلفة في الحياة وعن ذاكرة قوية . وثمة خاصية أخرى يمتلكها ذلك المخبر ، الذي بالاضافة الى ذلك لديه مفاهيم وتصورات واضحة وصحيحة وعلمية ، وقام بتخزينها في علاقاتها الحقيقية ( أي العلمية ) .
لا شك اننا نجد أن عدداً لا بأس فيه من الصحفيين لديهم مفاهيم مشوشة وغامضة ومخزونة بشكل فوضوي ، ولهذا فان نتائج الفكر التحليلي لهذا النوع من الصحفيين لابد ان تكون خاطئة . ان دراسة العلوم الاجتماعية مسألة ضرورية بالنسبة للصحفي الذي يعالج القضايا الاجتماعية وذلك من أجل المعالجة الموضوعية لهذه القضايا . ان معالجة الصحفي لابد أن تكون خاطئة ، اذا ما كانت مفاهيمه ومحاكماته غير متطابقة مع الواقع الموضوعي .
الهدف كعنصر في عملية الاعلام :
نصل الآن الى النقطة التي تتحول فيها المعرفة الى اعلام ( معلومات). نفترض جدلا الآن أن المخبر قد توصل من خلال التحليل الى تقدير سليم للحدث . الخطوة التالية التي يقدم عليها هي الاختيار : قبل كل شيء، على الصحفي أن يقرر ما اذا كان الحدث مهما لدرجة كافية بالنسبة للمستقبل ، لتتم عملية نقله ، أو بتعبير آخر ، ما اذا كانت معرفة هذا الحدث المحدد سوف تتحول الى اعلام . هذا هو الاختيار ( الانتقاء أو الاصطفاء ) بمعناه الأساسي .
اذا كان القرار ايجابيا ، يصبح على الصحفي أن يقرر أية جوانب من الحدث سوف ينقلها ويخبر ( يعلم ) عنها . سوف يقسم معرفته الجديدة ويصنفها الى وقائع اساسية وأخرى غير اساسية . وهكذا ، المحتمل أن يختار من واقعة ( حقيقة ، حدث ) من أين أتى رئيس الوزراء ، وأنه سوف يهمل واقعة أن رئيس الوزراء يرتدي ربطة عنق زرقاء اللون . هذه هي المرحلة الثانية من عملية الاختيار .
ثمة أشكال أخرى من التفكير داخل المعرفة المنطقية تقوم على اساس أحد هذه الأشكال هو ، المقدمة _ الفرضية _ المعطاة - (Statement) . والمقدمة هي شكل من التأكيد على شيء ما . كالقول مثلا . لليد البشرية خمسة أصابع ( وقد تتصل المقدمات فيما بينها لتشكل شكلا آخر من التفكير هو النتيحة ) ( الاستنتاج ) فمثلا :
- كافة اعضاء الدورة يتلقون راتبا شهريا مقداره ۲۰۰ دینار .
- السيد ( م ) عضو من اعضاء الدورة .
- السيد ( م ) يتلقى راتبا شهريا مقداره ۲۰۰ دینار .
النتيجة هي مقدمة جديدة ، تم التوصل اليها على اساس مقدمات أخرى . وعبر الاستنتاجات من المعرفة المتوفرة ، يمكن أن نصل الى معرفة جديدة . وهذا هو سبب الأهمية العظمى للمقدمات .
ومما ذكرناه حتى الآن حول نظرية المعرفة ، يمكن الاستنتاج أن التفكير البشري لا يهتم فقط بالطبيعة والمجتمع ، بل يهتم ايضا بالتفكير البشري ذاته . يقوم القسم الأعظم من معرفتنا الراهنة للمعرفة البشرية وللمنطق على اساس الفيلسوف اليوناني العظيم أرسطو ، الذي عاش منذ ٢٣٠٠ سنة فقد طور أرسطو نظرية متكاملة للمعرفة ابتداء من الاحساسات وصعودا الى المفاهيم والاستنتاجات .
ثمة أشكال أعلى للمعرفة وهي الفرضية والنظرية اللتان هما عبارة عن تركيب معقد من المفاهيم والمقدمات والاستنتاجات . وهكذا نرى ان المعرفة تقطع اثناء تطورها طريقا طويلة من الاحساسات البسيطة حتى النظريات العلمية المعقدة .
٣ _ حول الاعلام الاجتماعي :
بعد أن أوضحنا كيف تدخل المعرفة البشرية حيز الوجود ننتقل الى الحديث عن الكيفية التي ينقل فيها المخبر ( أو الناقل أو المعلم ) معرفته الى الناس الآخرين ، وبالتالي كيف تتم عملية الاعلام الاجتماعي. وسوف نتعرض الى العمليات العقلية والى المشاكل المتصلة بموضوع : كيف تتحول المعرفة الى اعلام .
ان الاعلام الاجتماعي هو حاجة ضرورية للمجتمع الانساني . اذ بدون وجود تبادل معلومات بين الكائنات البشرية ، لما كان الجنس البشري قد وجد سابقا ، ولما كان موجودا الآن .
تعتمد المعرفة المطلوبة وتتوقف على المعلومات المتنوعة داخل المجتمع . كذلك فان تعرف انسان تجربتنا على قلم الرصاص لم تكن مجرد حادثة فردية. أن باستطاعة انسان تجربتنا ان يتعرف على قلم الرصاص فقط على اساس المعلومات الاجتماعية السابقة . فقد تكون أمه قد أخبرته مرارا أن الشيء الذي يكون له مثل هذا الشكل يكون قلم رصاص ، كما علمته كيفية استخدامه . وفيما بعد علمه الاستاذ التسمية الانجليزية للقلم . أي أن الأم والأستاذ قد نقلا اليه المعرفة التي توصلت اليها وكدستها الأجيال السابقة . قال ماركس : « ان الوعي هو منذ البداية نتاج اجتماعي، وسيبقى هكذا مادام الناس موجودين..
المعرفة كعنصر من محتويات الاعلام :
تعرضنا في القسم الثاني من هذه الدراسة الى الشروط السابقة على عملية الاعلام ، وهي تحديدا التعرف ، والمعرفة . ويجب ان نؤكد هنا ان الاعلام لا ينقل الحقائق ( الوقائع ) ، بل هو ينقل معرفة هذه الحقائق ( الوقائع ) .
لنفرض جدلا ان المخبر ( الصحفي ) قد تعرف على ( اطلع أو عکس ) موضوعا محددا . ان هذا يعني بالنسبة لمخططنا ( المرسوم أعلاه) اقامة خط من اجل المعرفة الجديدة التي حصل عليها الصحفي من الواقع الموضوعي . ان معرفة هذا الصحفي يمكن ان تكون حول :
أ - حدث ما ، راه بنفسه أو .
ب - معلومات حول حدث ما .
مثلا :
أ ـ قد يكون المخبر ( أو الصحفي ) في المطار ورأى وصول رئيس الوزراء. والآن أصبح لدى الصحفي معرفة بهذا الوصول . أو .
ب - قد يكون المخبر قد قرأ إحدى نشرات وكالات الانباء، ورأى فيها خبرا حول وصول رئيس الوزراء الى المطار . وفي هذه الحالة ايضا اصبح لدى المخبر معرفة بهذا الوصول .
ثمة معارف معينة من مستويات مختلفة . المستوى الأول هو المعرفة المباشرة ، والثاني هو المعرفة غير المباشرة. في الحالة الأولى تكون المعرفة الجديدة عبارة عن انعكاس للعالم الموضوعي . وفي الحالة الثانية تكون المعرفة الجديدة انعكاسا قام به شخص آخر للواقع الموضوعي . هذان النوعان من الانعكاسات شيئان ضروريان في الصحافة في كافة الحالات، طالما انه ليس لصحفنا مخبرون خاصون لتغطية الاحداث .
لنعد الى الحالة الاولى. يمكن ان نقول ان انعكاس الحدث ( تصويره ) في ذهن المخبر موافق للحادث الموضوعي . ومع انعكاس الحدث ( تصويره ) في ذهن مخبرين كانا حاضرين لحظة حدوثه، سوف يختلف الى حد معين. ويظهر هذا الخلاف عند تحليل الادراكات الحسية. وتتوقف نتجة التحليل المنطقي ، بالاضافة الى الادراكات الحسية ، على عالم الافكار والتصورات والمفاهيم والاحكام المخزونة في ذهن المخبر ، أو ، بكلمات أخرى ، على مجمل معارفه . وخلال التحليل المنطقي تتصل الادراكات الحسية وترتبط بالافكار والتصورات والمفاهيم الموجودة من قبل. هنا يتمتع المخبر بخاصية ( مزية ) الشخص الغني بالافكار والتصورات الناجمة عن تجارب مختلفة في الحياة وعن ذاكرة قوية . وثمة خاصية أخرى يمتلكها ذلك المخبر ، الذي بالاضافة الى ذلك لديه مفاهيم وتصورات واضحة وصحيحة وعلمية ، وقام بتخزينها في علاقاتها الحقيقية ( أي العلمية ) .
لا شك اننا نجد أن عدداً لا بأس فيه من الصحفيين لديهم مفاهيم مشوشة وغامضة ومخزونة بشكل فوضوي ، ولهذا فان نتائج الفكر التحليلي لهذا النوع من الصحفيين لابد ان تكون خاطئة . ان دراسة العلوم الاجتماعية مسألة ضرورية بالنسبة للصحفي الذي يعالج القضايا الاجتماعية وذلك من أجل المعالجة الموضوعية لهذه القضايا . ان معالجة الصحفي لابد أن تكون خاطئة ، اذا ما كانت مفاهيمه ومحاكماته غير متطابقة مع الواقع الموضوعي .
الهدف كعنصر في عملية الاعلام :
نصل الآن الى النقطة التي تتحول فيها المعرفة الى اعلام ( معلومات). نفترض جدلا الآن أن المخبر قد توصل من خلال التحليل الى تقدير سليم للحدث . الخطوة التالية التي يقدم عليها هي الاختيار : قبل كل شيء، على الصحفي أن يقرر ما اذا كان الحدث مهما لدرجة كافية بالنسبة للمستقبل ، لتتم عملية نقله ، أو بتعبير آخر ، ما اذا كانت معرفة هذا الحدث المحدد سوف تتحول الى اعلام . هذا هو الاختيار ( الانتقاء أو الاصطفاء ) بمعناه الأساسي .
اذا كان القرار ايجابيا ، يصبح على الصحفي أن يقرر أية جوانب من الحدث سوف ينقلها ويخبر ( يعلم ) عنها . سوف يقسم معرفته الجديدة ويصنفها الى وقائع اساسية وأخرى غير اساسية . وهكذا ، المحتمل أن يختار من واقعة ( حقيقة ، حدث ) من أين أتى رئيس الوزراء ، وأنه سوف يهمل واقعة أن رئيس الوزراء يرتدي ربطة عنق زرقاء اللون . هذه هي المرحلة الثانية من عملية الاختيار .
تعليق