المقدمة
مازالت المكتبة العربية تفتقر ، الى هذا الحد أو ذاك ، الى الدراسات والترجمات الجادة في مجال الصحافة على الصعيدين النظري والعملي . الصحفيون التقدميون العرب لم يعطوا الاهتمام الكافي لمسألة دراسة ونشر وتكريس النظرية الاشتراكية في مجال الصحافة ، ودراسة واقع صحافتهم على ضوء هذه النظرية . والصحفيون البورجوازيون العرب حصروا جهودهم بشكل رئيسي في بعض الترجمات الرخيصة والمتخلفة واحياناً المشبوهة ، والتي لم تستطع أن تقدم للقارىء العربي الجاد أسس النظرية البورجوازية في الصحافة . وبالرغم من وجود بعض المحاولات الجادة، في هذا القطر العربي أو ذاك، فان ثمة فراغا هائلا في المكتبة العربية في مجال الدراسات الاعلامية . .
ان سلسلة ( الثقافة الصحفية ) ، التي تحاول مع غيرها من اولئك الذين تعنيهم قضية التقدم في وطننا العربي ، ان تساهم في سد هذا الفراغ النظري في مجال الصحافة ، تقدم للقارىء العربي في هذا الكتاب عددا من الدراسات الجادة في علم الصحافة . ولكن ذلك كله يبقى في حدود الجهود الفردية . نأمل ان تأخذ معاهد وكليات الاعلام في الوطن العربي على عاتقها هذه المهمة .
الدكتور أديب خضور
نظرية الأنواع الصحفية
ما هو النوع ؟ لنتعرف اولا على اصطلاح النوع Genre الكلمة ذات أصل النموذج أو الجنس استخدمت هذه الكلمة كمصطلح أجنبي في اللغة الافرنسية وفي الالمانية والانجليزية ، وذلك في مجالات وطرق متعددة في الفن والعلم . وهكذا نتحدث في تاريخ الفن عن نوع الرسم ونموذجه ، ونعني بذلك طريقة رسم المناظر في الحياة اليومية ، كما نتحدث عن النموذج أو النوع البورجوازي البروليتاري. علم الموسيقى تستخدم كلمة نوع الشرح وايضاح نموذج أو طراز التأليف كالسيمفوني والاوبرا والاغنية . اما في عالم الادب فيتم التمييز بين ثلاثة انواع من الابداع الادبي : الملحمي والدرامي والغنائي ، وكل نوع من هذه الانواع مقسم الى عدد كبير من الفروع كالقصيدة والمقالة والقصة والرواية وغيرها .
اما في علم الصحافة فيستخدم النوع ، كمصطلح ، بطريقة مشابهة لتلك يستخدم فيها في مجال الأدب ، والصحافة ما في نهاية التحليل . شكل آخر من العمل الأدبي ، دون ان يعني ذلك ان كل ما تتضمنه الانواع الادبية يمكن تطبيقه على الصحافة .
وبهذا الصدد من المفيد التأكيد على حقيقة ان علماء الصحافة في الدول غير الاشتراكية نادرا ما يستخدمون اصطلاح ( النوع ) ، وذلك بالرغم من اهتمامهم احيانا بدراسة الطريقة الصحفية في التعبير ، ومحاولتهم وضع الطرق وفق منظومة متكاملة ومحددة . ومما يميز هذه المحاولات والابحاث عزلتها عن المضمون المادي لهذه الطرق ، وبقاؤها ضمن اطار الملاحظة للسيات الخارجية لهذه الطرق .
ان الانواع الصحفية هي في كل حالة اشكال تستخدمها الهيئات السياسية ووكالات الانباء والصحف والاذاعات ومحطات التلفزيون ، ولهذا فانه لمن الضروري ملاحظة ودراسة شكل ومضمون طرق التعبير ، وذلك لانه من المستحيل تصور خبر أو تعليق أو ريبورتاج كشكل فقط . ومن المعروف جيدا ان الشكل والمضمون يتعرضان لتبدلات أساسية واحيانا للتغيير الكامل في المجتمع الجديد أو في النظام الجديد . وليس من الصعب اكتشاف حقيقة أن المقال الافتتاحي في صحيفة ( نيوز - دويتش لاند ) يختلف كثيرا عن نظيره في صحيفة ( داي فيلت ) أو ( الهيرالد تريبيون ) . أن الصحف التي ايديولوجيا لا يمكن ان تصل الى ذات القيم والحقائق ، سواء فيما يتعلق الأنواع الصحفية المستخدمة .
وفي المفهوم الاشتراكي ، يستخدم العلم الصحفي اصطلاح ( النوع) ويقصد به ذلك الانتاج الصحفي الذي يملك صفات بنيوية متميزة وثابتة نسبيا . وقد وضع الدكتور شميت ، الاستاذ في كلية الصحافة بجامعة لا يبزيغ ٤ مفهوما واضحا ل الانواع الصحفية كاشكال للكتابة والتأليف والنضال ) وفق المقاييس الثلاثة التالية :
١ _ موضوع النوع .
۲ _ وظيفة النوع .
٣ _ اسلوب النوع .
أما البروفيسور شير باكوف ، الأستاذ بجامعة موسكو ، فقد حدد الانواع الصحفية وفق المقاييس التالية :
١ _ طابع مضمون النوع ، أو موضوعه ومادته .
٢ _ الهدف المحدد .
٣ _ النتائج المحددة .
٤ _ طابع الاسلوب المستخدم .
٥ _ الطريقة المستخدمة لتصوير الواقع .
وما زالت هاتان الطريقتان تشكلان ابرز المحاولات الجادة والشاملة في العلم الصحفي الاشتراكي لايجاد نظرية خاصة بالانواع الصحفية ليس من المفيد تقديم تعريف لنظرية الانواع الصحفية في جملة واحدة قصيرة بل نرى انه من المفيد ان نضع الصحفي في موقع يمكنه من :
١ - ان يكون قادرا على ان يقيم ويحدد وبالتالي يستخدم ، بعد اطلاعه على امكانيات وحدود كل نوع من الانواع الصحفية ، النوع الصحفي الافضل من أجل تحقيق هدفه .
٢- ان يكون قادرا على ادراك كافة الامكانيات التي يوفرها النوع الصحفي .
٣ - ان يكون قادرا على ان يجمع كافة الأنواع الصحفية بشكل سليم ومنسق في عمل صحفي كامل ( عدد صحيفة أو فترة بث اذاعي أو تلفزيوني ) أو في حملة صحفية .
الانواع الصحفية كظاهرة صحفية - تاريخية :
يكمن اصل الانواع الصحفية المختلفة، والتنوع الهائل في اشكالها، في الحاجات والمتطلبات الاجتماعية المختلفة والمتنوعة، وفي المهام العديدة التي تتصدى الصحافة لانجازها. ان الارض التي تنبثق منها الاشكال والانواع الصحفية هي دائما الظروف الاجتماعية ومتطلباتها وحاجاتها الموضوعية . ازاء مضمون جديد للحياة ، كان لابد للصحفيين من اكتشاف اشكال جديدة للتعبير مؤثرة بالنسبة للقارىء. ويمكن ملاحظة هذه الحالات والتوجهات حتى في عصرنا الراهن. ان التبدلات الاجتماعية الي تحدث في مجتمع من المجتمعات لا بد ان تنعكس على الصحافة ، وتفرض وجود النوع أو الانواع الصحفية المناسبة .
كذلك يتأثر ظهور و بروز وتحول الانواع الصحفية بتطور وسائل الاعلام ذاتها . اذ بالرغم من ان كافة الانواع ، التي عرفناها في الصحافة، توجد في اسسها العامة في وسائل الاعلام الجديدة كالاذاعة والتلفزيون، خاصة ما يتعلق بالاخبار والتعليقات والريبوتاج ، فان هذه الوسائل بالتالي الصاع صيف الجديدة قد أوجدت في الوقت ذاته انواعا جديدة كالتصوير التمثيلي 6 والاستقصاء أو التحقيق التلفزيوني .
وثمة نقطة اخرى لابد من إخذها بعين الاعتبار : اذ يمكن وكنتيجة للتطور التاريخي المتفاوت للصحافة في البلدان المختلفة ، وكنتيجة لاختلاف
مازالت المكتبة العربية تفتقر ، الى هذا الحد أو ذاك ، الى الدراسات والترجمات الجادة في مجال الصحافة على الصعيدين النظري والعملي . الصحفيون التقدميون العرب لم يعطوا الاهتمام الكافي لمسألة دراسة ونشر وتكريس النظرية الاشتراكية في مجال الصحافة ، ودراسة واقع صحافتهم على ضوء هذه النظرية . والصحفيون البورجوازيون العرب حصروا جهودهم بشكل رئيسي في بعض الترجمات الرخيصة والمتخلفة واحياناً المشبوهة ، والتي لم تستطع أن تقدم للقارىء العربي الجاد أسس النظرية البورجوازية في الصحافة . وبالرغم من وجود بعض المحاولات الجادة، في هذا القطر العربي أو ذاك، فان ثمة فراغا هائلا في المكتبة العربية في مجال الدراسات الاعلامية . .
ان سلسلة ( الثقافة الصحفية ) ، التي تحاول مع غيرها من اولئك الذين تعنيهم قضية التقدم في وطننا العربي ، ان تساهم في سد هذا الفراغ النظري في مجال الصحافة ، تقدم للقارىء العربي في هذا الكتاب عددا من الدراسات الجادة في علم الصحافة . ولكن ذلك كله يبقى في حدود الجهود الفردية . نأمل ان تأخذ معاهد وكليات الاعلام في الوطن العربي على عاتقها هذه المهمة .
الدكتور أديب خضور
نظرية الأنواع الصحفية
ما هو النوع ؟ لنتعرف اولا على اصطلاح النوع Genre الكلمة ذات أصل النموذج أو الجنس استخدمت هذه الكلمة كمصطلح أجنبي في اللغة الافرنسية وفي الالمانية والانجليزية ، وذلك في مجالات وطرق متعددة في الفن والعلم . وهكذا نتحدث في تاريخ الفن عن نوع الرسم ونموذجه ، ونعني بذلك طريقة رسم المناظر في الحياة اليومية ، كما نتحدث عن النموذج أو النوع البورجوازي البروليتاري. علم الموسيقى تستخدم كلمة نوع الشرح وايضاح نموذج أو طراز التأليف كالسيمفوني والاوبرا والاغنية . اما في عالم الادب فيتم التمييز بين ثلاثة انواع من الابداع الادبي : الملحمي والدرامي والغنائي ، وكل نوع من هذه الانواع مقسم الى عدد كبير من الفروع كالقصيدة والمقالة والقصة والرواية وغيرها .
اما في علم الصحافة فيستخدم النوع ، كمصطلح ، بطريقة مشابهة لتلك يستخدم فيها في مجال الأدب ، والصحافة ما في نهاية التحليل . شكل آخر من العمل الأدبي ، دون ان يعني ذلك ان كل ما تتضمنه الانواع الادبية يمكن تطبيقه على الصحافة .
وبهذا الصدد من المفيد التأكيد على حقيقة ان علماء الصحافة في الدول غير الاشتراكية نادرا ما يستخدمون اصطلاح ( النوع ) ، وذلك بالرغم من اهتمامهم احيانا بدراسة الطريقة الصحفية في التعبير ، ومحاولتهم وضع الطرق وفق منظومة متكاملة ومحددة . ومما يميز هذه المحاولات والابحاث عزلتها عن المضمون المادي لهذه الطرق ، وبقاؤها ضمن اطار الملاحظة للسيات الخارجية لهذه الطرق .
ان الانواع الصحفية هي في كل حالة اشكال تستخدمها الهيئات السياسية ووكالات الانباء والصحف والاذاعات ومحطات التلفزيون ، ولهذا فانه لمن الضروري ملاحظة ودراسة شكل ومضمون طرق التعبير ، وذلك لانه من المستحيل تصور خبر أو تعليق أو ريبورتاج كشكل فقط . ومن المعروف جيدا ان الشكل والمضمون يتعرضان لتبدلات أساسية واحيانا للتغيير الكامل في المجتمع الجديد أو في النظام الجديد . وليس من الصعب اكتشاف حقيقة أن المقال الافتتاحي في صحيفة ( نيوز - دويتش لاند ) يختلف كثيرا عن نظيره في صحيفة ( داي فيلت ) أو ( الهيرالد تريبيون ) . أن الصحف التي ايديولوجيا لا يمكن ان تصل الى ذات القيم والحقائق ، سواء فيما يتعلق الأنواع الصحفية المستخدمة .
وفي المفهوم الاشتراكي ، يستخدم العلم الصحفي اصطلاح ( النوع) ويقصد به ذلك الانتاج الصحفي الذي يملك صفات بنيوية متميزة وثابتة نسبيا . وقد وضع الدكتور شميت ، الاستاذ في كلية الصحافة بجامعة لا يبزيغ ٤ مفهوما واضحا ل الانواع الصحفية كاشكال للكتابة والتأليف والنضال ) وفق المقاييس الثلاثة التالية :
١ _ موضوع النوع .
۲ _ وظيفة النوع .
٣ _ اسلوب النوع .
أما البروفيسور شير باكوف ، الأستاذ بجامعة موسكو ، فقد حدد الانواع الصحفية وفق المقاييس التالية :
١ _ طابع مضمون النوع ، أو موضوعه ومادته .
٢ _ الهدف المحدد .
٣ _ النتائج المحددة .
٤ _ طابع الاسلوب المستخدم .
٥ _ الطريقة المستخدمة لتصوير الواقع .
وما زالت هاتان الطريقتان تشكلان ابرز المحاولات الجادة والشاملة في العلم الصحفي الاشتراكي لايجاد نظرية خاصة بالانواع الصحفية ليس من المفيد تقديم تعريف لنظرية الانواع الصحفية في جملة واحدة قصيرة بل نرى انه من المفيد ان نضع الصحفي في موقع يمكنه من :
١ - ان يكون قادرا على ان يقيم ويحدد وبالتالي يستخدم ، بعد اطلاعه على امكانيات وحدود كل نوع من الانواع الصحفية ، النوع الصحفي الافضل من أجل تحقيق هدفه .
٢- ان يكون قادرا على ادراك كافة الامكانيات التي يوفرها النوع الصحفي .
٣ - ان يكون قادرا على ان يجمع كافة الأنواع الصحفية بشكل سليم ومنسق في عمل صحفي كامل ( عدد صحيفة أو فترة بث اذاعي أو تلفزيوني ) أو في حملة صحفية .
الانواع الصحفية كظاهرة صحفية - تاريخية :
يكمن اصل الانواع الصحفية المختلفة، والتنوع الهائل في اشكالها، في الحاجات والمتطلبات الاجتماعية المختلفة والمتنوعة، وفي المهام العديدة التي تتصدى الصحافة لانجازها. ان الارض التي تنبثق منها الاشكال والانواع الصحفية هي دائما الظروف الاجتماعية ومتطلباتها وحاجاتها الموضوعية . ازاء مضمون جديد للحياة ، كان لابد للصحفيين من اكتشاف اشكال جديدة للتعبير مؤثرة بالنسبة للقارىء. ويمكن ملاحظة هذه الحالات والتوجهات حتى في عصرنا الراهن. ان التبدلات الاجتماعية الي تحدث في مجتمع من المجتمعات لا بد ان تنعكس على الصحافة ، وتفرض وجود النوع أو الانواع الصحفية المناسبة .
كذلك يتأثر ظهور و بروز وتحول الانواع الصحفية بتطور وسائل الاعلام ذاتها . اذ بالرغم من ان كافة الانواع ، التي عرفناها في الصحافة، توجد في اسسها العامة في وسائل الاعلام الجديدة كالاذاعة والتلفزيون، خاصة ما يتعلق بالاخبار والتعليقات والريبوتاج ، فان هذه الوسائل بالتالي الصاع صيف الجديدة قد أوجدت في الوقت ذاته انواعا جديدة كالتصوير التمثيلي 6 والاستقصاء أو التحقيق التلفزيوني .
وثمة نقطة اخرى لابد من إخذها بعين الاعتبار : اذ يمكن وكنتيجة للتطور التاريخي المتفاوت للصحافة في البلدان المختلفة ، وكنتيجة لاختلاف
تعليق