أجرى موقع (The Scientist) حوارًا مطولًا مع«رونين سيغيف» -الاختصاصي في علم الأعصاب الإدراكي- حول تعليم سيغيف السمكة الذهبية كيفية قيادة مركبة فوق الأرض تجاه هدف مرئي.
سبق أن أُجريت عدة تجارب تدريبية لتعليم الفئران والكلاب قيادة العربات، عام 2014 طور مهندسون من جامعة بن غوريون في اسرائيل طريقة سُميت «أسماك على العجلات» (fish on wheels)، لتعليم سمكة التحكم في سيارة آلية فوق الأرض، أو –للدقة- لنقل أنها حوض شفاف قائم على أربع عجلات، يتبع تحركات وتوجه السمكة الموجودة داخله.
جرب العلماء التقنية السابقة لاختبار قدرة السمكة الذهبية (Carassius auratus) على العيش في بيئة خالية من الماء، ونقل نظام التمثيل المكاني الخاص بها ومهاراتها المائية إلى العالم الأرضي.
طبق سيغيف وزملاؤه النظام السابق على ستة أسماك ذهبية، ثم نقلوها مع مركباتها واحدة تلو الأخرى إلى حوض مسيج، تحصل السمكة على طعام مكافأةً لها عندما تصل إلى اللوح الوردي المعلق على أحد جدران الحوض، وهكذا يسجل الفريق في كل جولة عدد المرات التي تصل فيها السمكة إلى الهدف، والزمن الذي تستغرقه للوصول إلى اللوح، والمسافة التي تقطعها في أثناء ذلك.
لاحظ الفريق قدرة الأسماك على تحقيق الهدف حتى عند تغيير نقطة الانطلاق، أو عند وضع أهداف خادعة لتضليلها، بنقل اللوح الوردي إلى جدار آخر، إذ تصل السمكة أولًا إلى الجدار الأول ثم تتجه إلى الجدار الصحيح، نستنتج من التجارب السابقة قابلية الأسماك للتعلم وقدرتها على قيادة المركبات.
تحاور موقع (The Scientist) مع سيغيف حول أبحاثه والفائدة من معرفة المزيد عن الأسماك وقدراتها الملاحية:
ما الهدف من الدراسة التي أجريتها؟
سيغيف: «عملت لسنين عدة على المشروع، إذ درست القدرات المعرفية للأسماك، خاصةً الملاحة وكيفية إيجاد طريقها، لكن لطالما أحسست بالخوف والإحباط من عدم القدرة على الموازنة بين ما يمكنني توفيره من ظروف للأسماك في المختبر والحياة الواقعية التي تعيشها، إذ تتنقل الأسماك في المحيطات والبحيرات، في حين أضعها في المختبر في خزان مياه محدود الأبعاد».
«مررنا بالعديد من التجارب التي أدهشتنا وزادت إصرارنا على المتابعة، ومنها تلك الفأرة القادرة على قيادة السيارة، إذ أصبحت متيقنًا من وجود طريقة لمنح السمكة إمكانية التنقل على اليابسة. بعدها بدأنا نجري التجارب التي لا تقتصر على خزان المياه الصغير في المختبر.
وجدنا خلال دراستنا مشكلتين أساسيتين تواجهها الأسماك الخاضعة لهذا النظام:
أولًا: الجهد المبذول لتحريك السيارة. من الصعب تعليم السمكة قيادة السيارة، إذ إن كل شيء يتحرك، ولا بد للسائق من التحكم في جسده وتحريكه بطريقة معينة لتسير السيارة في الاتجاه المراد.
ثانيًأ: صعوبة التأقلم مع بيئة جديدة مختلفة كليًا عن البيئة المعتادة، إذ لم تعد الأسماك في بيئة مائية بحتة، بالنظر من حوض السمك تبدو الأسماك محاطة بثلاثة أوساط مختلفة -ماء، بلاستيك، هواء- فيختلف انكسار الضوء ويتشوه مجال رؤية السمكة.
هنا تضطر الأسماك للتأقلم مع الصعاب لتتمكن من التنقل على الأرض، ويأتي دورنا لإثبات قدرة السمكة في التغلب على تلك الصعاب»
لم اخترت السمكة الذهبية لتمثيل تجاربك؟
سيغيف: «إنها نموذج مثالي لتطبيق البحث، فهي أسماك قوية تصمد حتى في غياب الظروف المثالية، وهي متوفرة إذ ويمكن الحصول عليها من أي متجر للحيوانات الأليفة، وبالحجم المناسب لتجربتك»
حدثنا عن آلية عمل المركبة التي تقودها السمكة
سيغيف: «تقوم التجربة على حوض ماء بداخله السمكة، وحاسوب موضوع فوقه وكاميرا لتسجيل موقع السمكة واتجاهها داخل الحوض. يُرسل أمر إلى محرك السيارة وعجلاتها للسير في اتجاه معين. الحيلة هنا هي استخدام عجلات خاصة تجعل المركبة قادرة على السير في جميع الاتجاهات بالكفاءة ذاتها».
ماذا عن كيفية تدريب القدرات الملاحية للأسماك واختبارها في تجارب مختلفة؟
سيغيف: «أجرينا عدة تجارب تنطلق فيها العربة من مركز الحوض، ووضعنا علامة بلاستيكية كبيرة على أحد جدرانه توضح أنها الهدف المطلوب من السمكة ملامسته. لتأكيد أن السمكة تقود المركبة، غيرنا نقطة الانطلاق ونقلناها من وسط الحوض إلى مواقع مختلفة أو للطرف المقابل من الحوض، وجربنا وضع أهداف مخادعة لتضليل السمكة.
تستغرق الجولة الواحدة ثلاثين دقيقة، يُطلب من السمكة الحصول على أكبر كمية ممكنة من الطعام خلالها، بعد مرور عشرة إلى خمس عشرة جولة، تزداد كمية الطعام المتناولة بشكل ملحوظ، إذ تزداد قدرة الأسماك على معرفة وجهتها بدقة فتصل دون معوقات».
ما التحديات التي واجهتها خلال التجربة؟
سيغيف: «احتجنا إلى العمل على عدة نقاط وتعديلها للحصول على الفائدة المرجوة من التجربة، يجب مثلًا أن يتفاعل الحاسوب مع السمكة التي تقترب من النقطة الهدف قبل بدء حركة المركبة، ويجب وضع عناصر التحكم في السيارة في نقطة مناسبة ليكون سلوك السيارة بديهيًّا بالنسبة إلى السمكة. لا بد من الحصول على إجابة عن بعض الأسئلة لنصل إلى هدفنا، مثل ردة فعل السمكة والعربة التي تقودها».
ما أكثر شيء أثار دهشتك خلال التجربة؟
سيغيف: «رأينا قابلية السمكة للتعلم خلال التجربة، نقلنا في إحدى مراحل التجربة نقطة الهدف من مكانها الأصلي إلى الجهة المقابلة للحوض، كان رد فعل السمكة الاتجاه من مركز الحوض نحو الجدار الأول، لكن ما إن وصلت ولم تجد الهدف بحثت من جديد حولها حتى رأت الهدف على الجدار المقابل، فاتجهت نحوه».
ما الذي تنتظر تحقيقه من هذا البحث العلمي؟
سيغيف: «الخطوة التالية جعل التجربة أصعب، أثبتنا حاليًّا قدرة السمكة على قيادة المركبة، لكن السؤال هو: هل ستتمكن من الوصول إلى هدف خفي عند وضعها في مساحة مفتوحة ومجال جغرافي أوسع؟ هذا النوع من الأسئلة مثير للاهتمام، إذ تتعلق بمسائل التعلم المكاني والذاكرة المكانية. وتوجد المزيد من التساؤلات من هذا النوع، أتمنى أن يهتم المزيد من الباحثين بهذا النوع من التجارب».
ماذا تتوقع من القارئ أن يستخلص من هذه الدراسة؟
سيغيف: «يعتقد أغلبنا أن الأسماك كائنات بدائية ذات قدرات محدودة، لكن هذه فكرة خاطئة، أثبتنا في هذه التجربة ذكاء الأسماك وقابليتها للتعلم، لكنها تتمتع بتطورها الخاص في عالمها المائي ثلاثي الأبعاد، إنه عالم عالي الخطورة، لذا تحل الأسماك المشكلات المعرفية وتتعامل مع تحديات البيئة بأساليب مختلفة عنا.
إنها حقًا كائنات ذكية، علينا تقدير جهودها المبذولة لتخطي عقبات حياتها في ذلك العالم المختلف كليًّا عن عالمنا».
سبق أن أُجريت عدة تجارب تدريبية لتعليم الفئران والكلاب قيادة العربات، عام 2014 طور مهندسون من جامعة بن غوريون في اسرائيل طريقة سُميت «أسماك على العجلات» (fish on wheels)، لتعليم سمكة التحكم في سيارة آلية فوق الأرض، أو –للدقة- لنقل أنها حوض شفاف قائم على أربع عجلات، يتبع تحركات وتوجه السمكة الموجودة داخله.
جرب العلماء التقنية السابقة لاختبار قدرة السمكة الذهبية (Carassius auratus) على العيش في بيئة خالية من الماء، ونقل نظام التمثيل المكاني الخاص بها ومهاراتها المائية إلى العالم الأرضي.
طبق سيغيف وزملاؤه النظام السابق على ستة أسماك ذهبية، ثم نقلوها مع مركباتها واحدة تلو الأخرى إلى حوض مسيج، تحصل السمكة على طعام مكافأةً لها عندما تصل إلى اللوح الوردي المعلق على أحد جدران الحوض، وهكذا يسجل الفريق في كل جولة عدد المرات التي تصل فيها السمكة إلى الهدف، والزمن الذي تستغرقه للوصول إلى اللوح، والمسافة التي تقطعها في أثناء ذلك.
لاحظ الفريق قدرة الأسماك على تحقيق الهدف حتى عند تغيير نقطة الانطلاق، أو عند وضع أهداف خادعة لتضليلها، بنقل اللوح الوردي إلى جدار آخر، إذ تصل السمكة أولًا إلى الجدار الأول ثم تتجه إلى الجدار الصحيح، نستنتج من التجارب السابقة قابلية الأسماك للتعلم وقدرتها على قيادة المركبات.
تحاور موقع (The Scientist) مع سيغيف حول أبحاثه والفائدة من معرفة المزيد عن الأسماك وقدراتها الملاحية:
ما الهدف من الدراسة التي أجريتها؟
سيغيف: «عملت لسنين عدة على المشروع، إذ درست القدرات المعرفية للأسماك، خاصةً الملاحة وكيفية إيجاد طريقها، لكن لطالما أحسست بالخوف والإحباط من عدم القدرة على الموازنة بين ما يمكنني توفيره من ظروف للأسماك في المختبر والحياة الواقعية التي تعيشها، إذ تتنقل الأسماك في المحيطات والبحيرات، في حين أضعها في المختبر في خزان مياه محدود الأبعاد».
«مررنا بالعديد من التجارب التي أدهشتنا وزادت إصرارنا على المتابعة، ومنها تلك الفأرة القادرة على قيادة السيارة، إذ أصبحت متيقنًا من وجود طريقة لمنح السمكة إمكانية التنقل على اليابسة. بعدها بدأنا نجري التجارب التي لا تقتصر على خزان المياه الصغير في المختبر.
وجدنا خلال دراستنا مشكلتين أساسيتين تواجهها الأسماك الخاضعة لهذا النظام:
أولًا: الجهد المبذول لتحريك السيارة. من الصعب تعليم السمكة قيادة السيارة، إذ إن كل شيء يتحرك، ولا بد للسائق من التحكم في جسده وتحريكه بطريقة معينة لتسير السيارة في الاتجاه المراد.
ثانيًأ: صعوبة التأقلم مع بيئة جديدة مختلفة كليًا عن البيئة المعتادة، إذ لم تعد الأسماك في بيئة مائية بحتة، بالنظر من حوض السمك تبدو الأسماك محاطة بثلاثة أوساط مختلفة -ماء، بلاستيك، هواء- فيختلف انكسار الضوء ويتشوه مجال رؤية السمكة.
هنا تضطر الأسماك للتأقلم مع الصعاب لتتمكن من التنقل على الأرض، ويأتي دورنا لإثبات قدرة السمكة في التغلب على تلك الصعاب»
لم اخترت السمكة الذهبية لتمثيل تجاربك؟
سيغيف: «إنها نموذج مثالي لتطبيق البحث، فهي أسماك قوية تصمد حتى في غياب الظروف المثالية، وهي متوفرة إذ ويمكن الحصول عليها من أي متجر للحيوانات الأليفة، وبالحجم المناسب لتجربتك»
حدثنا عن آلية عمل المركبة التي تقودها السمكة
سيغيف: «تقوم التجربة على حوض ماء بداخله السمكة، وحاسوب موضوع فوقه وكاميرا لتسجيل موقع السمكة واتجاهها داخل الحوض. يُرسل أمر إلى محرك السيارة وعجلاتها للسير في اتجاه معين. الحيلة هنا هي استخدام عجلات خاصة تجعل المركبة قادرة على السير في جميع الاتجاهات بالكفاءة ذاتها».
ماذا عن كيفية تدريب القدرات الملاحية للأسماك واختبارها في تجارب مختلفة؟
سيغيف: «أجرينا عدة تجارب تنطلق فيها العربة من مركز الحوض، ووضعنا علامة بلاستيكية كبيرة على أحد جدرانه توضح أنها الهدف المطلوب من السمكة ملامسته. لتأكيد أن السمكة تقود المركبة، غيرنا نقطة الانطلاق ونقلناها من وسط الحوض إلى مواقع مختلفة أو للطرف المقابل من الحوض، وجربنا وضع أهداف مخادعة لتضليل السمكة.
تستغرق الجولة الواحدة ثلاثين دقيقة، يُطلب من السمكة الحصول على أكبر كمية ممكنة من الطعام خلالها، بعد مرور عشرة إلى خمس عشرة جولة، تزداد كمية الطعام المتناولة بشكل ملحوظ، إذ تزداد قدرة الأسماك على معرفة وجهتها بدقة فتصل دون معوقات».
ما التحديات التي واجهتها خلال التجربة؟
سيغيف: «احتجنا إلى العمل على عدة نقاط وتعديلها للحصول على الفائدة المرجوة من التجربة، يجب مثلًا أن يتفاعل الحاسوب مع السمكة التي تقترب من النقطة الهدف قبل بدء حركة المركبة، ويجب وضع عناصر التحكم في السيارة في نقطة مناسبة ليكون سلوك السيارة بديهيًّا بالنسبة إلى السمكة. لا بد من الحصول على إجابة عن بعض الأسئلة لنصل إلى هدفنا، مثل ردة فعل السمكة والعربة التي تقودها».
ما أكثر شيء أثار دهشتك خلال التجربة؟
سيغيف: «رأينا قابلية السمكة للتعلم خلال التجربة، نقلنا في إحدى مراحل التجربة نقطة الهدف من مكانها الأصلي إلى الجهة المقابلة للحوض، كان رد فعل السمكة الاتجاه من مركز الحوض نحو الجدار الأول، لكن ما إن وصلت ولم تجد الهدف بحثت من جديد حولها حتى رأت الهدف على الجدار المقابل، فاتجهت نحوه».
ما الذي تنتظر تحقيقه من هذا البحث العلمي؟
سيغيف: «الخطوة التالية جعل التجربة أصعب، أثبتنا حاليًّا قدرة السمكة على قيادة المركبة، لكن السؤال هو: هل ستتمكن من الوصول إلى هدف خفي عند وضعها في مساحة مفتوحة ومجال جغرافي أوسع؟ هذا النوع من الأسئلة مثير للاهتمام، إذ تتعلق بمسائل التعلم المكاني والذاكرة المكانية. وتوجد المزيد من التساؤلات من هذا النوع، أتمنى أن يهتم المزيد من الباحثين بهذا النوع من التجارب».
ماذا تتوقع من القارئ أن يستخلص من هذه الدراسة؟
سيغيف: «يعتقد أغلبنا أن الأسماك كائنات بدائية ذات قدرات محدودة، لكن هذه فكرة خاطئة، أثبتنا في هذه التجربة ذكاء الأسماك وقابليتها للتعلم، لكنها تتمتع بتطورها الخاص في عالمها المائي ثلاثي الأبعاد، إنه عالم عالي الخطورة، لذا تحل الأسماك المشكلات المعرفية وتتعامل مع تحديات البيئة بأساليب مختلفة عنا.
إنها حقًا كائنات ذكية، علينا تقدير جهودها المبذولة لتخطي عقبات حياتها في ذلك العالم المختلف كليًّا عن عالمنا».