ولذلك فهي تكشف دون أن يدري عن المراكز الحقيقية لاهتماماته ، وقد وصل إلى وضع عدة علاقات رمزية لهذه الأسس مثل هاتين العلاقتين أو المعادلتين ( موت الشر - حياة الخير ) و ( الموت - عودة الحياة ) في عهدي الطفولة واليفاعة .
بعد ذلك نلاحظ أن ثمة اقترابين من هذه القواعد الأساسية أو فكرة النماذج العليا وصورها التي تكمن وراءها . الأقتراب الأول سار فيه أصحاب الأنتروبولوجيا المقارنة ، والإقتراب الثاني سلكه أصحاب الميتولوجيا النفسية ، ولئن قدر للمنهج الثاني أن يكون له رائد فان الأول لا يترأسه واحد بل يعود الفضل فيه إلى مجموعة من الدارسين خطا كل واحد منهم خطوة في هذا الميدان ، من هؤلاء ( فيكو» الذي انتهى إلى أن الإنسان البدائي كان يستخدم لغة شعرية ، لها منطقها الخاص ومبدؤها البنيوي ، وافترض أو استبصر أموراً كثيرة أثبتتها بعد ذلك الأبحاث ، ومنهم فريزر ( ١٨٥٤ - ١٩٤١ ) في كتابه الكبير « الغصن الذهبي »(۱) الذي حوى خلاصة الفكر الأنتروبولوجي النظري والذي أثر في معظم الدراسات التي خلفته ألا نغالي فالكتاب ليس أكثر . ومع من مجموعات كبيرة من المعلومات والتفاصيل والحقائق مأخوذة من هنا وهناك لتخدم غرض المقارنة الجزئية المفردة دون أن ينظمها منهج . وقد أضحت أكثر النظريات التي عرفها بالية اليوم علاوة على بساطتها 1 ذلك فيجب محدد ، وسذاجتها .
وعلى النقيض من فریزر جاءت دراسات كاسيرر في ( فلسفة الأشكال الرمزية ) و ( اللغة والأسطورة ) و ( مقال في الإنسان ) و و لانغر » في « الفلسفة في فتح جديد ) ذات طرائق ورؤى محددة وفهم خاص لرمزية العمل الأدبي هي التي أعطت للمنهج ملامحه المعاصرة ، وبينت بوضوح القوانين التي تحكم تطوير الشعائر والأساطير البدائية .
الإنسان في هذا المنهاج حيوان رامز ، والإنسان البدئي الذي لم يكن يعرف إزدواجية الذات والموضوع ، المدرك والمدرك كان يجسد فكره بالترميز ، ويعبر بالأسطورة ، الأسطورة الرمز هي لغة البدء ولغة الشعر معاً ، وإذا كانت الخبرة الوجدانية هي | النمط الجوهري للشعر فان الوجدان الذي يعبر عنه العمل لا ينفصل عنه ، إنه كائن فيه كحالة باطنة في أعماقه ، الفن كشف عن مظهر أصيل في حياتنا وليس لعباً أو تسلية : هو شكل رمزي للمعرفة لأنه ينقل إلينا أو يجسم عياناً مباشراً باستمرار ، ويحمل تعبيراً حياً ، ويحيطنا علماً بحقيقة ذاتية ، وهو بذلك كله يستقل كعالم قائم بنفسه ، معزول تماماً : عن بقية العوالم ، الكلمة فيه ليست بديلاً وإنما هي الخلق ، والرمز ليس أحد مظاهر الحقيقة بل الحقيقة الوحيدة ، والقصيدة ، الأسطورة المتجددة ، تيار التوترات والقرارات ليست مجرد تفريغ أو تعويض لأنها الطريقة والرؤية .
هذه المنطلقات التي دعمتها لانغر بالذات حين ذهبت تطبقها في فصل « الشكل والشعور » على غنائيات قصيرة وليس على قصائد أكثر تعقيداً ، ومن ورأنها أسمها الفلسفية وما انتهت إليه من نتائج : تنحصر في اكتشاف الحلقات المتداخلة للأسطورة والشعيرة والشعر لدى الإنسان البدئي تدفعنا إلى طرح سؤالين الجواب عنهما لدينا بالنفي أولهما هل وجد الدارسون الأنتروبولوجيون في ماقدموه مفتاحاً خاصاً أو دليلاً بيناً إلى التفسير الأدبي ؟ وثانيهما إذا كانوا قد وجدوه فهل كان واحداً أم متعدداً ؟ لقد كانوا يكتبون بحماسة من وجد مثل هذا المفتاح أو الدليل ولكنهم لم يفعلوا أكثر من أن يضعوا بين يدي الناقد الأدبي معارف قد تفيده في عمله قليلاً ، وقد تفيده في ثقافته - مجرد ثقافته كثيراً .
الإقتراب الثاني من فكرة النماذج العليا يعود الفضل فيه إلى رائد المدرسة ( كارل غوستاف يونغ ) في كتبه ومقالاته العديدة التي يذهب فيها إلى أن النماذج العليا موجودة في حلقات سلسلة النقل أو التعبير كلها كتصورات في اللاوعي عند الشاعر وكموضوعات مترددة أو سلاسل من الصور وكتصورات في اللاوعي أيضاً عند القارىء أو الجمهور فكرته هذه على ( اللاوعي الجماعي ) الذي يخترن الماضي الجنسي أو العنصري الذي ولد الأبطال الأسطوريين البدائيين ، ولايزال يولد أخيلة فردية مشابهة الرجل المتمدين ، ويجد هذا اللاوعي تعبيره الأكبر في رمزية تتجاوز حدود الزمان ، غير أنها مألوفة نسبياً لأنها رمزية ماتزال تتكرر أبداً ، ويقول يونع : « ... إن الفنان والمريض بالعصاب يعيدان بتفصيل الأساطير المستمدة من التجارب الشعائرية عند الإنسان البدائي أحياناً عن وعي وأحياناً من خلال عملية « حلمية ، إلا أن الفنان مع هذا ليس امرءاً مريضاً بالعصاب بل هو في الحقيقة بكونه فناناً أهم بكثير من المريض لأنه ( الإنسان الجماعي » الحامل والمشكل للنفس الإنسانية الحيوية لاشعورياً ) (۱) . وفي رأي يونغ أن العمل الفني حلم أو كالحلم بنية عضوية تركيبية متماسكة ، ورؤية رمزية محكمة ملأى بمعنى ضمني ، نظمت أجزاؤها وفق منطق المخيلة ، إنه طاقة نفسية مؤثرة مفعمة بلعبة المتناقضات المتوافقة ، القصيدة مثل الحلم تمنحنا معرفة بأنفسنا ، وتتطلب منا أن نضع لها تفسيرنا الخاص .
وقد قامت دراسات عديدة تحت تأثير هذه المفاهيم منها دراسة هويل رايت ( الإستعارة والحقيقة ) وفوستر صور النماذج العليا في شعر البوت ( ولعل أشهر هذة الدراسات دراسة ) مود بودكين (۱) وقد صدر كتابها « النماذج العليا في الشعر . دراسات نفسية في الخيال عام ١٩٣٤ وهو من الكتب القلائل التي يتلازم فيها العنوان والموضوع ، استغلت فيه المؤلفة مبادىء التحليل النفسي بعامة ومدرسة يونغ بخاصة خير استغلال ، يتألف الكتاب من ستة فصول ناقشت في الأول مشكلة النماذج وعرضت في الثاني لأنموذج الولادة الجديدة وفي الثالث أنموذج الجنة والنار ، وفي الرابع نماذج عليا من النساء ، وفي الخامس الشيطان البطل - نماذج ، وفي الأخير نماذج في الأدب المعاصر محور هذه الفصول جميعاً يكاد يكون واحداً وهو التكوين الشعائري للفن . وطريقة الدراسة أيضاً تكاد تكون واحدة فالباحثة تنتقي فقرات معينة من القصيدة تناقشها من وجهة نظرها . وتملأ بتعليقاتها الحساسة على قصائد معينة كل التضمينات ، وتجري المقارنات بين الرموز في القصيدة والرموز كما وردت في الحياة القبلية والدينية . وتستعمل بشكل عام معطيات علم النفس التحليلي والديانة المقارنة بالطريقة ذاتها التي تستفيد بها من حقول المعرفة الأخرى ، ويتضح ذلك إذا وقفنا معها عند الفصل الثاني الذي تعرضت فيه لأنموذج الولادة الجديدة كما تبدى في قصيدة الملاح القديم لكولردج. تبدأ مود بأن تلحظ ظاهرتين في الأسلوب أولاهما وصف هدأة السفينة وأخراهما وصف حركتها العجيبة ، وترى أن هاتين الظاهرتين تقدمان مقولة الموت والولادة الجديدة رامزتين رمزاً محدداً إلى تجربة الشاعر وكيف كانت جهداً ذهنياً ضائعاً ثم فجاءة أضحت إلهاماً خالصاً ، وتعتمد مود في هذا التفسير على تداعي أفكارها وذكرياتها التي تعرفها من خلال آثار الشاعر وما أوحت به إليها الأبيات ، وتربط بين هبوب الريح وانتعاش الروح الإنسانية التي يتضمنها العهد القديم ، وحين نصل إلى ذروة القصيدة ويتحدث كولردج عن بركات الأفاعي يتداعى إلى ذهنها خواطر وأحلام كشفه ( لويس ) من مصادر الشاعر وتحليل بدوان تصور مماثلة عند « فرها يرن » والمأزق الذي وقع فيه هملت ، وتربط ذلك بالأسطورة الأنموذجية عن الرحلة الليلية تحت ماء البحر كما تصورها قصة ذي النون التي تدور حول فكرة الخطيئة والغفران وتعد أساس شعيرة الولادة الجديدة ، كما تربط ذلك أيضاً بأنموذج الجواب الذي يلاحقه شبح الخطيئة مثل قابيل واليهودي التائه والتي تتمثل في تشهي الموت والعودة إلى الرحم مثلما تنعكس في الأحلام ونظرية التحليل النفسي ... وحين ينتهي بها المطاف لا يكون عملها قاصراً على استغلال القصيدة لتوضيح الأنموذج الأولي فحسب بل إنها لتجعل الأنموذج يلقي بأضوائه على القصيدة وعلى أثرها بحيث يضعها في رتبة الشعر العظيم، ويبعثها باستمرار حية إلى درجة كبيرة : ويجب أن ننبه هنا إلى أنه لا يمكن أن نعد كل صورة جذرية مفردة من نتاج اللاشعور الجمعي وجدت في العمل صورة فطرية من النماذج
بعد ذلك نلاحظ أن ثمة اقترابين من هذه القواعد الأساسية أو فكرة النماذج العليا وصورها التي تكمن وراءها . الأقتراب الأول سار فيه أصحاب الأنتروبولوجيا المقارنة ، والإقتراب الثاني سلكه أصحاب الميتولوجيا النفسية ، ولئن قدر للمنهج الثاني أن يكون له رائد فان الأول لا يترأسه واحد بل يعود الفضل فيه إلى مجموعة من الدارسين خطا كل واحد منهم خطوة في هذا الميدان ، من هؤلاء ( فيكو» الذي انتهى إلى أن الإنسان البدائي كان يستخدم لغة شعرية ، لها منطقها الخاص ومبدؤها البنيوي ، وافترض أو استبصر أموراً كثيرة أثبتتها بعد ذلك الأبحاث ، ومنهم فريزر ( ١٨٥٤ - ١٩٤١ ) في كتابه الكبير « الغصن الذهبي »(۱) الذي حوى خلاصة الفكر الأنتروبولوجي النظري والذي أثر في معظم الدراسات التي خلفته ألا نغالي فالكتاب ليس أكثر . ومع من مجموعات كبيرة من المعلومات والتفاصيل والحقائق مأخوذة من هنا وهناك لتخدم غرض المقارنة الجزئية المفردة دون أن ينظمها منهج . وقد أضحت أكثر النظريات التي عرفها بالية اليوم علاوة على بساطتها 1 ذلك فيجب محدد ، وسذاجتها .
وعلى النقيض من فریزر جاءت دراسات كاسيرر في ( فلسفة الأشكال الرمزية ) و ( اللغة والأسطورة ) و ( مقال في الإنسان ) و و لانغر » في « الفلسفة في فتح جديد ) ذات طرائق ورؤى محددة وفهم خاص لرمزية العمل الأدبي هي التي أعطت للمنهج ملامحه المعاصرة ، وبينت بوضوح القوانين التي تحكم تطوير الشعائر والأساطير البدائية .
الإنسان في هذا المنهاج حيوان رامز ، والإنسان البدئي الذي لم يكن يعرف إزدواجية الذات والموضوع ، المدرك والمدرك كان يجسد فكره بالترميز ، ويعبر بالأسطورة ، الأسطورة الرمز هي لغة البدء ولغة الشعر معاً ، وإذا كانت الخبرة الوجدانية هي | النمط الجوهري للشعر فان الوجدان الذي يعبر عنه العمل لا ينفصل عنه ، إنه كائن فيه كحالة باطنة في أعماقه ، الفن كشف عن مظهر أصيل في حياتنا وليس لعباً أو تسلية : هو شكل رمزي للمعرفة لأنه ينقل إلينا أو يجسم عياناً مباشراً باستمرار ، ويحمل تعبيراً حياً ، ويحيطنا علماً بحقيقة ذاتية ، وهو بذلك كله يستقل كعالم قائم بنفسه ، معزول تماماً : عن بقية العوالم ، الكلمة فيه ليست بديلاً وإنما هي الخلق ، والرمز ليس أحد مظاهر الحقيقة بل الحقيقة الوحيدة ، والقصيدة ، الأسطورة المتجددة ، تيار التوترات والقرارات ليست مجرد تفريغ أو تعويض لأنها الطريقة والرؤية .
هذه المنطلقات التي دعمتها لانغر بالذات حين ذهبت تطبقها في فصل « الشكل والشعور » على غنائيات قصيرة وليس على قصائد أكثر تعقيداً ، ومن ورأنها أسمها الفلسفية وما انتهت إليه من نتائج : تنحصر في اكتشاف الحلقات المتداخلة للأسطورة والشعيرة والشعر لدى الإنسان البدئي تدفعنا إلى طرح سؤالين الجواب عنهما لدينا بالنفي أولهما هل وجد الدارسون الأنتروبولوجيون في ماقدموه مفتاحاً خاصاً أو دليلاً بيناً إلى التفسير الأدبي ؟ وثانيهما إذا كانوا قد وجدوه فهل كان واحداً أم متعدداً ؟ لقد كانوا يكتبون بحماسة من وجد مثل هذا المفتاح أو الدليل ولكنهم لم يفعلوا أكثر من أن يضعوا بين يدي الناقد الأدبي معارف قد تفيده في عمله قليلاً ، وقد تفيده في ثقافته - مجرد ثقافته كثيراً .
الإقتراب الثاني من فكرة النماذج العليا يعود الفضل فيه إلى رائد المدرسة ( كارل غوستاف يونغ ) في كتبه ومقالاته العديدة التي يذهب فيها إلى أن النماذج العليا موجودة في حلقات سلسلة النقل أو التعبير كلها كتصورات في اللاوعي عند الشاعر وكموضوعات مترددة أو سلاسل من الصور وكتصورات في اللاوعي أيضاً عند القارىء أو الجمهور فكرته هذه على ( اللاوعي الجماعي ) الذي يخترن الماضي الجنسي أو العنصري الذي ولد الأبطال الأسطوريين البدائيين ، ولايزال يولد أخيلة فردية مشابهة الرجل المتمدين ، ويجد هذا اللاوعي تعبيره الأكبر في رمزية تتجاوز حدود الزمان ، غير أنها مألوفة نسبياً لأنها رمزية ماتزال تتكرر أبداً ، ويقول يونع : « ... إن الفنان والمريض بالعصاب يعيدان بتفصيل الأساطير المستمدة من التجارب الشعائرية عند الإنسان البدائي أحياناً عن وعي وأحياناً من خلال عملية « حلمية ، إلا أن الفنان مع هذا ليس امرءاً مريضاً بالعصاب بل هو في الحقيقة بكونه فناناً أهم بكثير من المريض لأنه ( الإنسان الجماعي » الحامل والمشكل للنفس الإنسانية الحيوية لاشعورياً ) (۱) . وفي رأي يونغ أن العمل الفني حلم أو كالحلم بنية عضوية تركيبية متماسكة ، ورؤية رمزية محكمة ملأى بمعنى ضمني ، نظمت أجزاؤها وفق منطق المخيلة ، إنه طاقة نفسية مؤثرة مفعمة بلعبة المتناقضات المتوافقة ، القصيدة مثل الحلم تمنحنا معرفة بأنفسنا ، وتتطلب منا أن نضع لها تفسيرنا الخاص .
وقد قامت دراسات عديدة تحت تأثير هذه المفاهيم منها دراسة هويل رايت ( الإستعارة والحقيقة ) وفوستر صور النماذج العليا في شعر البوت ( ولعل أشهر هذة الدراسات دراسة ) مود بودكين (۱) وقد صدر كتابها « النماذج العليا في الشعر . دراسات نفسية في الخيال عام ١٩٣٤ وهو من الكتب القلائل التي يتلازم فيها العنوان والموضوع ، استغلت فيه المؤلفة مبادىء التحليل النفسي بعامة ومدرسة يونغ بخاصة خير استغلال ، يتألف الكتاب من ستة فصول ناقشت في الأول مشكلة النماذج وعرضت في الثاني لأنموذج الولادة الجديدة وفي الثالث أنموذج الجنة والنار ، وفي الرابع نماذج عليا من النساء ، وفي الخامس الشيطان البطل - نماذج ، وفي الأخير نماذج في الأدب المعاصر محور هذه الفصول جميعاً يكاد يكون واحداً وهو التكوين الشعائري للفن . وطريقة الدراسة أيضاً تكاد تكون واحدة فالباحثة تنتقي فقرات معينة من القصيدة تناقشها من وجهة نظرها . وتملأ بتعليقاتها الحساسة على قصائد معينة كل التضمينات ، وتجري المقارنات بين الرموز في القصيدة والرموز كما وردت في الحياة القبلية والدينية . وتستعمل بشكل عام معطيات علم النفس التحليلي والديانة المقارنة بالطريقة ذاتها التي تستفيد بها من حقول المعرفة الأخرى ، ويتضح ذلك إذا وقفنا معها عند الفصل الثاني الذي تعرضت فيه لأنموذج الولادة الجديدة كما تبدى في قصيدة الملاح القديم لكولردج. تبدأ مود بأن تلحظ ظاهرتين في الأسلوب أولاهما وصف هدأة السفينة وأخراهما وصف حركتها العجيبة ، وترى أن هاتين الظاهرتين تقدمان مقولة الموت والولادة الجديدة رامزتين رمزاً محدداً إلى تجربة الشاعر وكيف كانت جهداً ذهنياً ضائعاً ثم فجاءة أضحت إلهاماً خالصاً ، وتعتمد مود في هذا التفسير على تداعي أفكارها وذكرياتها التي تعرفها من خلال آثار الشاعر وما أوحت به إليها الأبيات ، وتربط بين هبوب الريح وانتعاش الروح الإنسانية التي يتضمنها العهد القديم ، وحين نصل إلى ذروة القصيدة ويتحدث كولردج عن بركات الأفاعي يتداعى إلى ذهنها خواطر وأحلام كشفه ( لويس ) من مصادر الشاعر وتحليل بدوان تصور مماثلة عند « فرها يرن » والمأزق الذي وقع فيه هملت ، وتربط ذلك بالأسطورة الأنموذجية عن الرحلة الليلية تحت ماء البحر كما تصورها قصة ذي النون التي تدور حول فكرة الخطيئة والغفران وتعد أساس شعيرة الولادة الجديدة ، كما تربط ذلك أيضاً بأنموذج الجواب الذي يلاحقه شبح الخطيئة مثل قابيل واليهودي التائه والتي تتمثل في تشهي الموت والعودة إلى الرحم مثلما تنعكس في الأحلام ونظرية التحليل النفسي ... وحين ينتهي بها المطاف لا يكون عملها قاصراً على استغلال القصيدة لتوضيح الأنموذج الأولي فحسب بل إنها لتجعل الأنموذج يلقي بأضوائه على القصيدة وعلى أثرها بحيث يضعها في رتبة الشعر العظيم، ويبعثها باستمرار حية إلى درجة كبيرة : ويجب أن ننبه هنا إلى أنه لا يمكن أن نعد كل صورة جذرية مفردة من نتاج اللاشعور الجمعي وجدت في العمل صورة فطرية من النماذج
تعليق