القصيدة الفائزة على مستوى العالم الإسلامي عام 2005
الشاعر د. مالك الرفاعي
اللاذقية/القرداحة/ مرج معيربان
إمام الكون
عاينتُ بالعينِ عينَ العينِ لامَ علي
ورحتُ أقرأُ ياءَ العشرةِ الحُلَلِ
علا عليٌّ على وَصْفٍ يُحيطُ بهِ
فعلٌ واسمٌ وحرفٌ جلَّ عن مَثَلِ
وما تسمّىَ عليّاً قبْلَهُ رَجُلٌ
وقدْ تكاملَ كلُّ السرِّ في الرَّجُلِ
عالٍ ودانٍ تعالتْ ذاتهُ ودنت
مِنَ المُلبّينَ أمْرَ اللهِ والرُّسُلِ
إني أراني ومهما جئتُ مُمْتَدِحاً
أنا المقصِّرُ في حقِّ الإمامِ علي
هو الوصيُّ الذي أوصى الرسولُ بهِ
في مُحْكَمِ الذِّكرِ منْ يُبْصِرْ بهِ يَصِلِ
هو الأميرُ أميرُ المؤمنين ومنْ
يحارُ كلُّ الورى في كنههِ الأزلي
هو الإمامُ إمامُ الكونِ ما بسَمَتْ
سيرورةُ الشَّمس في صُبْحٍ وفي طَفَلِ
تنزّلتْ فيه آياتٌ بدَتْ (مِئَةً
وعشرةً في بيان غيرِ مُشْتَكِلِ
مثالها كمثالِ الاسمِ بيِّنَةٌ
في رؤية الجمَّل العالي عن الجُمَلِ
يومُ الغديرِ مدارُ الدَّهرِ مركزهُ
لكلِّ مُجْتَمِعٍ فيهِ ومُحْتَفِلِ
رقى محمِّدُنا الهادي على قُتُبٍ
مُبلِّغاً ما أتاهُ أَبْلغُ الرُّسُلِ
ألستُ أولى بكمْ والقومُ حالهُمُ
ما بينَ مستمعٍ مصغٍ ومُمْتَثِلِ
قالوا بلى: ومسارُ الصَّوتِ أرجفَهُمْ
مَنْ كُنْتُ مولاهُ.. مولاهُ الإمامُ علي
اليومَ أكملتُ بالتَّنزيلِ دينَكمُ
وقبلَهُ لم يكنْ دينٌ بمُكتملِ
بخٍ.. بخٍ وتلاها يومَها عمرٌ
أصبحتَ مولىً لكلِّ المسلمينَ ولي
فما يواليكَ إلاّ قلبُ مُتَّصِلٍ
وما يعاديكَ إلاّ قلبُ مُنفصلِ
فكلُّ معجزةٍ تسري بها قُدَرٌ
وقدْ تبدَّتْ كَسِرِّ النُّورِ بالمُقَلِ
أحكامُها في ضميرِ الدَّهرِ خالدةٌ
أبقى مِنَ الدَّهرِ أو أرسى مِنَ الجبلِ
وإنّني منْ إمامي في الأمامِ أرى
أحكامَ قُدرتهِ في النّاسِ والدُّولِ
تُرينيَ الأرضَ ضاقتْ بالذينَ هُدوا
من كثرةِ الشَّرِّ والإشراكِ والحيلِ
الغربُ غرَّبنا عن أصلِ تُربتنا
والعولماتُ قضتْ فينا على الأملِ
عوداً إلى النَّبعِ فالقرآنُ أنزلَهُ
هدايةً لجميعِ الخَلْقِ والملَلِ
يا مَنْ وُلدتَ ببيتِ الله هلْ وَلَدَتْ
إلاَّكَ أمٌ ببيتِ اللهِ.. لا وعلي
شُقَّ الجدارُ الذي أشجى مسامِعَهُ
صوتُ السَّماءِ ليبقى غير مُتَّصِلِ
وبابُ خيبرَ منْ لولاكَ يفتحهُ
وقدْ تحصَّنَ فيهِ الإفكُ بالزللِ
بَرزتَ للشِّركِ إيماناً بأكملهِ
وأنتَ للكلِّ كلٌّ لستَ للكَلَلِ
وكنتَ يومَ حُنينٍ نظرةً خَطَفَتْ
طُغاتِهمْ قبلَ ردِّ الطَّرفِ للمُقلِ
ولستُ أغفلُ عنْ "بدرٍ" وعن "أُحدٍ"
لأذكرَ النور في "صفِّينَ" و "الجملِ"
وفيكَ باهلَ من آخاكَ عن ثقةٍ
للهِ مُبتَهلٌ في نفسِ مقْتَبِلِ
بذلتَ نفسَكَ في يومِ الفراشِ لهُ
ورحتَ تفرشُ لاهوتاً من الحُلَلِ
زكَّيت خاتَمكَ الأغلى لطالبها
وأنتَ في سجدةٍ تُنبي عن الرَّجلِ
وأنت يا القاسمُ النارَ التي اشتعلتْ
للناكرينَ ومنْ يُطفئْها تشتعلِ
لأنك الجنةُ العليا لساكنها
ذاكَ الملبّي نداء الذروِ في الظُّللِ
وأنت بالحجّ حجُّ العارفينَ بهِ
والبيتُ بيتكَ مبنيٌّ على زُحَلِ
وأنتَ واللهِ موتُ الجاحدينَ لهُ
وأنتَ واللهِ تُحيي ميّتَ الأجلِ
رددتَ للشمسِ مِنْ بعدِ الغيابِ له
كيما يصلي رسولُ اللهِ في مَهَلِ
واللهِ والله ما منْ آيةٍ نزلتْ
إلا وتعلمُ كُنه السِّرِّ في النُّزلِ
فالعلمُ فيكَ سبيلٌ خطَّهُ عملٌ
ولا سبيلَ إلى علمٍ بلا عملِ
وأقدسُ العلمِ ما جاءتْ مساندُهُ
عن الأئمةِ عندَ السادةِ الأُولِ
فليسَ إلاكَ بينَ العالمينَ فتىً
وليسَ إلاكَ من يُفتي بلا زللِ
وليسَ إلاكَ عندَ المؤمنينَ هدىً
وقدْ تجلَّيتَ بالآياتِ للجبلِ
وأنت نقطةُ باسمِ اللهِ فاتحةٌ
مدينةَ العلمِ تِبياناً لكلِّ ولي
وأنت يا الألفُ الملفوفُ في لغتي
وأنتَ في كلِّ حرفٍ بالحروفِ يلي
وأنتَ يا العروةُ الوثقى وما انفصمتْ
وأنتَ سرُّ صراطٍ بيّنُ السبّلِ
وأنتَ سرٌّ تراءتْ فيهِ معجزةٌ
للهِ سِرٌّ تراءى للأنامِ جَلي
وأنتَ منْ نوَّرَ الأنوارَ من أزلٍ
لمّا ظهرتَ لأهلِ النورِ في الأزلِ
أَجلُّ قدرَكَ أنْ تُكْنى بحيدرةٍ
وأنْ تسمّى لنا بالفارسِ البطلِ
فأنتَ أكبرُ منْ نعتٍ ومنْ صفةٍ
وأنتَ أسمى منَ الأسماءِ والجُمَلِ
المعجزاتُ ومنْ إلاكَ أنجزَها
وقوّمَ الحقَّ منْ ختْلٍ ومنْ خللِ
وإنْ كتبتُ قصيدي اليومَ في عجلٍ
"فإنما خُلقَ الإنسانُ منْ عجلِ"
وسوفَ أكتبُ ما شاءَ الإمامُ بهِ
قصائداً منْ سنى الإبداعِ في مهلِ
والشعرُ مرآةُ حبّي حينَ يكتُبني
فالحبُّ يشفعُ لي والشعرُ يشهدُ لي
مولايَ عفوكَ زدني فيكَ معرفةً
فنهجُكَ النهجُ يَشفيني مِنَ العِلَلِ
أليسَ بعدَ كتابِ اللهِ منزلةٌ
أليسَ فيهِ ضياءُ الكونِ بالمُثُلِ؟
فكيفَ أخشى على قلبي مواجعَهُ
وقد رأيتُكَ في قلبي وفي مُقلي؟!
إن كان لي أملٌ أرجو الحياةَ بهِ
فإنَّ حبّكَ عندي منتهى أملي
أو كان لي أجلٌ حانَ الدنوّ لهُ
ما همّني بولائي إنْ دنا أجلي
إني رضيتُ مِنَ الدُنيا وزينتها
كفافَ عيشيَ في حِلِّي ومرتحلي
قضى ليَ اللهُ أنْ أسعى إلى أفقٍ
من المعالي بلا مالٍ ولا ميَلِ
وليسَ لي عَمَلٌ أرجو النجاةَ بهِ
إلاَّ ولاءُ أميرِ المؤمنينَ علي