فورييه (تحليل -)
بدأ تحليل فورييه Fourier analysis بتمثيل الدوال الدورية على شكل متسلسلة تسمى متسلسلة فورييه، لكن ما لبث أن شمل التحليل دوالَّ أخرى وأصبح أداة مهمة في الرياضيات. وجوزيف فورييه عالم رياضيّات فرنسي وضع أسس النظريّة الرياضيّة للانتشار الحراري، وذلك في كتابه الذي حمل اسم Théorie analytique de la chaleur، ويُعدّ أحد أهمّ الكتب التي نُشِرت في القرن التاسع عشر. وضع فيه فورييه أسس نظريّة المتسلسلات التي صارت تُعرَف منذ ذلك الحين باسمه، واستفاد من هذه النظريّة في حلِّ بعض المعادلات التفاضليّة الجزئيّة بوجود شروط حديّة، ثُمّ أصبحت متسلسلات فورييه أداة مهمّة في تقريب الدوال وملاءَمة المعطيات التجريبيّة وتحليلها، واحتلّت موقعـاً مـهمّاً في مجالات عديدة في الرياضيّات مثل المعادلات التفاضليّة[ر] والتكامليّة[ر] والدوال التحليليّة.
لنتأمّل متسلسلة لا نهائيّة
حيث a0, a1, b1, a2, b2 ثوابت، وتتحوّل x في مجموعة الأعداد الحقيقيّة R. تسمّى هذه المتسلسلة متسلسلةً مثلّثاتيّة، وإذا افترض أنّها متقاربة في كلِّ قيمة للمتغير x، أمكن الإشارة بالرمز ƒ(x) إلى مجموعها. عندئذ تكون الدالة x →ƒ(x) دالة دورية تقبل 2π دوراً لها. وإذا ضُرِبَ طرفا المساواة بالمقدار cos nx، أو sin nx ثُمّ حُسِب تكامل الطرفين على المجال [o, 2π] وجد أنّ
في الحقيقة، يمكن تعليل هذا الحساب الصوري في حال تقارب المتسلسلة بانتظام أو تحت شروط أكثر عموميّة. ولكنّه يطرح المسألة المهمّة الآتية: يفترض أنّ العدد 2π دورٌ لدالة x →ƒ(x)، ويفترض حساب الثوابت a1 وb1 كما في العلاقات (2)، ثُمّ تكوين المتسلسلة
فهل تمثّل المتسلسلة S (ƒ) الدالة ƒ؟ تسمّى الأعداد an وbn ثوابت فورييه للدالة ƒ. ولعلّ أهم إنجازات نظريّة متسلسلات فورييه هي الإجابة بنعم عن السؤال السابق عندما تحقّق الدالة ƒ بعض الشروط البسيطة.
صحيح أنّ متسلسلات فورييه قد نشأت بغية حلِّ بعض مسائل الفيزياء الرياضيّة كالانتشار الحراري مثلاً، إلاّ أنّ أثرها في التحليل الرياضي لا يقلّ أهميّة. وتكفي بعض الأمثلة لتوضيح هذه الفكرة. ففي القرن الثامن عشر كانت فكرة الدالة نفسها موضع جدل، وكان الاتّفاق أن يُطلق اسم دالة على كلِّ ما يمكن التعبير عنه بعبارة تحليليّة واحدة؛ مثل كثيرات الحدود والمتسلسلات الصحيحة والمتسلسلات المثلّثاتيّة. ولكن لم يكن يُعَدُّ تابعاً إذا كان لمنحنيـه البياني شكل خطّ مضلعي. لذلك فوجئ كثيرون عندما أثبتت نظريّة متسلسلات فورييه أنّ بالإمكان تمثيل العديد من هذه الخطوط المضلعيّة الكيفيّة بمتسلسلات مثلّثاتيّة، وكان ديريخليه Dirichlet أوّل من وضع البراهين الدقيقة لهذه المسألة في عام 1837.
وفي عام 1861 قدم فايرشتراس أوّل مثال على دالة حقيقية ƒ مستمرة ولا تقبل الاشتقاق في أيّة نقطة من R، وكانت هذه الدالة على هيئة متسلسلة فورييه. ونجد مثالاً مهمّاً آخر على الأثر الذي تركته متسلسلات فورييه في تطوّر الرياضيّات، وذلك بسـبب صلتهـا الوثيقة بمفهوم التكامل الذي توحي به العلاقات. فعندما أراد كانتور Cantor حلّ مسألة وحدانيّة التمثيل بمتسلسلة فورييه، وجد ضمن إطار نظريّة تكاملات ريمان أنّ هناك مجموعات مختلفة من الأعداد لا تأثير لها في مسألة الوحدانيّة هذه. وقادته دراسة هذه المجموعات إلى وضع أسس نظريّة المجموعات، التي كانت واحدة من أهم اكتشافات القرن التاسع عشر. ثُمّ أُسِّست نظريّة تكامل لوبيغ Lebesgue على عمل كانتور، وبدوره أعطى تكامل لوبيغ، استناداً إلى العلاقات (2)، وجهاً آخر لنظريّة متسلسلات فورييه ووضعها في إطار رائع ومتكامل.
تُستعمل متسلسلات فورييه لتمثيل الدوال الدوريّة، أما في حالة دالة غير دورية، فيُستعمل تكامل فورييه الذي يأخذ الشكل:
حيث يُعطى التابع u → c (u) بالعلاقة:
يشبه التكامل (3) المتسلسلة (1)، إذ يكمن كل الاختلاف في وجود تكاملٍ بدلاً من المجموع اللانهائي، ويكـافئ التابع
u → c (u) ثوابـت فورييه، ونسمّيه تحويل (محوّلة) فورييه، ونشير إليه عادة بالرمز أو F (ƒ). وأخيراً نشير إلى أنّ تحليل فورييه قد لبس حُلّة جديدة في إطار النظريّة الحديثة للتوزيعات، أو التوابع المعممة. وهو يحتّل موقعاً مهمّاً في العديد من المسائل التطبيقيّة في الاتصالات ومعالجة الإشارة.
عمران قوبا
بدأ تحليل فورييه Fourier analysis بتمثيل الدوال الدورية على شكل متسلسلة تسمى متسلسلة فورييه، لكن ما لبث أن شمل التحليل دوالَّ أخرى وأصبح أداة مهمة في الرياضيات. وجوزيف فورييه عالم رياضيّات فرنسي وضع أسس النظريّة الرياضيّة للانتشار الحراري، وذلك في كتابه الذي حمل اسم Théorie analytique de la chaleur، ويُعدّ أحد أهمّ الكتب التي نُشِرت في القرن التاسع عشر. وضع فيه فورييه أسس نظريّة المتسلسلات التي صارت تُعرَف منذ ذلك الحين باسمه، واستفاد من هذه النظريّة في حلِّ بعض المعادلات التفاضليّة الجزئيّة بوجود شروط حديّة، ثُمّ أصبحت متسلسلات فورييه أداة مهمّة في تقريب الدوال وملاءَمة المعطيات التجريبيّة وتحليلها، واحتلّت موقعـاً مـهمّاً في مجالات عديدة في الرياضيّات مثل المعادلات التفاضليّة[ر] والتكامليّة[ر] والدوال التحليليّة.
لنتأمّل متسلسلة لا نهائيّة
حيث a0, a1, b1, a2, b2 ثوابت، وتتحوّل x في مجموعة الأعداد الحقيقيّة R. تسمّى هذه المتسلسلة متسلسلةً مثلّثاتيّة، وإذا افترض أنّها متقاربة في كلِّ قيمة للمتغير x، أمكن الإشارة بالرمز ƒ(x) إلى مجموعها. عندئذ تكون الدالة x →ƒ(x) دالة دورية تقبل 2π دوراً لها. وإذا ضُرِبَ طرفا المساواة بالمقدار cos nx، أو sin nx ثُمّ حُسِب تكامل الطرفين على المجال [o, 2π] وجد أنّ
في الحقيقة، يمكن تعليل هذا الحساب الصوري في حال تقارب المتسلسلة بانتظام أو تحت شروط أكثر عموميّة. ولكنّه يطرح المسألة المهمّة الآتية: يفترض أنّ العدد 2π دورٌ لدالة x →ƒ(x)، ويفترض حساب الثوابت a1 وb1 كما في العلاقات (2)، ثُمّ تكوين المتسلسلة
فهل تمثّل المتسلسلة S (ƒ) الدالة ƒ؟ تسمّى الأعداد an وbn ثوابت فورييه للدالة ƒ. ولعلّ أهم إنجازات نظريّة متسلسلات فورييه هي الإجابة بنعم عن السؤال السابق عندما تحقّق الدالة ƒ بعض الشروط البسيطة.
صحيح أنّ متسلسلات فورييه قد نشأت بغية حلِّ بعض مسائل الفيزياء الرياضيّة كالانتشار الحراري مثلاً، إلاّ أنّ أثرها في التحليل الرياضي لا يقلّ أهميّة. وتكفي بعض الأمثلة لتوضيح هذه الفكرة. ففي القرن الثامن عشر كانت فكرة الدالة نفسها موضع جدل، وكان الاتّفاق أن يُطلق اسم دالة على كلِّ ما يمكن التعبير عنه بعبارة تحليليّة واحدة؛ مثل كثيرات الحدود والمتسلسلات الصحيحة والمتسلسلات المثلّثاتيّة. ولكن لم يكن يُعَدُّ تابعاً إذا كان لمنحنيـه البياني شكل خطّ مضلعي. لذلك فوجئ كثيرون عندما أثبتت نظريّة متسلسلات فورييه أنّ بالإمكان تمثيل العديد من هذه الخطوط المضلعيّة الكيفيّة بمتسلسلات مثلّثاتيّة، وكان ديريخليه Dirichlet أوّل من وضع البراهين الدقيقة لهذه المسألة في عام 1837.
وفي عام 1861 قدم فايرشتراس أوّل مثال على دالة حقيقية ƒ مستمرة ولا تقبل الاشتقاق في أيّة نقطة من R، وكانت هذه الدالة على هيئة متسلسلة فورييه. ونجد مثالاً مهمّاً آخر على الأثر الذي تركته متسلسلات فورييه في تطوّر الرياضيّات، وذلك بسـبب صلتهـا الوثيقة بمفهوم التكامل الذي توحي به العلاقات. فعندما أراد كانتور Cantor حلّ مسألة وحدانيّة التمثيل بمتسلسلة فورييه، وجد ضمن إطار نظريّة تكاملات ريمان أنّ هناك مجموعات مختلفة من الأعداد لا تأثير لها في مسألة الوحدانيّة هذه. وقادته دراسة هذه المجموعات إلى وضع أسس نظريّة المجموعات، التي كانت واحدة من أهم اكتشافات القرن التاسع عشر. ثُمّ أُسِّست نظريّة تكامل لوبيغ Lebesgue على عمل كانتور، وبدوره أعطى تكامل لوبيغ، استناداً إلى العلاقات (2)، وجهاً آخر لنظريّة متسلسلات فورييه ووضعها في إطار رائع ومتكامل.
تُستعمل متسلسلات فورييه لتمثيل الدوال الدوريّة، أما في حالة دالة غير دورية، فيُستعمل تكامل فورييه الذي يأخذ الشكل:
حيث يُعطى التابع u → c (u) بالعلاقة:
يشبه التكامل (3) المتسلسلة (1)، إذ يكمن كل الاختلاف في وجود تكاملٍ بدلاً من المجموع اللانهائي، ويكـافئ التابع
u → c (u) ثوابـت فورييه، ونسمّيه تحويل (محوّلة) فورييه، ونشير إليه عادة بالرمز أو F (ƒ). وأخيراً نشير إلى أنّ تحليل فورييه قد لبس حُلّة جديدة في إطار النظريّة الحديثة للتوزيعات، أو التوابع المعممة. وهو يحتّل موقعاً مهمّاً في العديد من المسائل التطبيقيّة في الاتصالات ومعالجة الإشارة.
عمران قوبا