" عياد الزليطني "
" تنظيم المهرجانات والتظاهرات عبارة عن درء الرماد في العيون "
في النصف الأول من ستينيات القرن الماضي "1964 م" كانت " مدرسة شارع الزاوية " بإدارة الأستاذ " الجعراني " تولي إهتماماً بالغاً بالأنشطة الطلابية كمثيلاتها من المدارس في تلك الفترة . وكانت الأنشطة الطلابية تتبنى نشاطاً سنوياً إحتفالاً بنهاية العام الدراسي من خلال تقديم بعض التمثيليات ذات الفصل الواحد التي كانت تضمها مادة النصوص المقررة .
وقتها كان " عياد الزليطني " مجرد طالب أستهوته مشاهدة التدريبات التي أعدت للإحتفال بنهاية السنة الدراسية ، عندما لفت إنتباه المربي الفاضل " محمد العنقودي " الذي أثاره شغف الطالب وحبه لما يجري أمامه ، الأمر الذي جعله يخاطب الأستاذ " رجب كريمة " مشرف النشاط المدرسي ليضمه الى فريق التمثيل . هذه الخطوات البكر الأولى على خشبة المسرح المدرسية هي التي قادته الى الخشبات الكبيرة فيما بعد .
للمرة الثانية كان متفرجاً عندما دخل هو وزميله " محمد الغرياني " " 1968 م " الى فرقة مسرح " الجديد " التي كانت تجري تدريبات على مسرحية " تراب النصر " من تأليف وإخراج المرحوم " الأزهر أبوبكر حميد " والذي كان يدير الفرقة في ذلك الوقت ..
عياد الزليطني :- ..... كنت مجرد زائر للفرقة بصحبة زميلي " الغرياني " عندما عرض علي المرحوم " الأزهر " المشاركة في المسرحية وتجسيد دور " عمر المختار " ... قبلت المشاركة تحت إصراره مع خوفي من طول حوار الشخصية . عرضت المسرحية بمسرح " الغزالة " وقتها لاحظت الفرق الشاسع بين خشبة المسرح المدرسية وخشبة مسرح " الغزالة " الأمر الذي ملاءني بالخوف عندما بهرتني الاضواء والموسيقى التصويرية . بعدها شاركت في العديد من الأعمال المسرحية " الصرخة ، زهرة المدائن ، الدراويش " كل هذه الأعمال بتوقيع المرحوم " الازهر " وعرضت في الفترة مابين " 1968 – 1969م " . كانت الفرقة تضم " سالمة وناجية الجبالي ، مفتاح الشوشان وعلي الرقيعي والد الفنان فيصل علي " . بعد هذه التجربة شاركت في مسرحية " اللي تظنه موسى " في دور " الصادق " بإقتراح من الفنان " محمد شرف الدين " الذي كان مخرجاً للمسرحية ومن تأليف "المرحوم " مصطفى الأمير " بعد هذا العمل عرض علي عضوية الفرقة من قبل الأستاذين " شرف الدين / الأمير " . في تلك الفترة أعلن " معهد جمال الدين الميلادي " بإدارة " محمد مرشان " عن قبول طلبة لدراسة فن المسرح في الفترة المسائية .
* :- تعتبر دفعتك الثانية بعد المرحوم " الصادق شاكير " .
عياد الزليطني :- المرحوم " شاكير " تخرج قبلنا ولوحده ولذلك لم يشكّل دفعة . نحن نعتبر الدفعة الأولى التي كانت تضم " الهادي الفيرو ، محمد السليني ، مصطفى المصراتي ، محمود الأشهب ، عبدالله تامر ، محمد الفيتوري ، مصباح الزليطني وأخرون " وبرعاية من الأستاذ " أبوضيف علاّم " الذي كان أستاذاً بالمعهد نشاءت فكرة تأسيس فرقة " المسرح الحر " التي كانت باكورة أعمالها مسرحية " تاجر البندقية " التي لعبت فيها دور " أمير مراكش " بعدما رشحت لشخصية " شايلوك " . لم تكن مسرحية " الناصر صلاح الدين " عملاً للمسرح الحر ولكنه عرض تحت مضلتها كان العمل جاهزاً لطلبة " معهد جمال الدين " قبل تأسيسها . ولحقناها بمسرحية " العادلون " للكاتب " البير كامو " ومن إخراج " أبوضيف علاّم " .
* :- هذا أول لقاء بينك وبين " لطفية إبراهيم " التي لعبت دور " الدوقة الكبيرة " .
عياد الزليطني :- وكان أيضاً أول ظهور لها على خشبة المسرح . عندما دعوناه للتعاون معنا عن طريق إدارة " المسرح الوطني " الذي كان يجري تدريبات على مسرحية " الزير سالم " ولكن توقيت عرضنا كان قبل عرض مسرحية " الزير سالم " للمرحوم " الأمين ناصف " .
* :- ماذا تمثل " لطفية إبراهيم " في مسيرة المسرح الليبي ؟ .
عياد الزليطني :- " لطفية " قيمة يتمثل فيها " الضاحك الباكي " فهي قيمة لا تتكرر . قيمة إبداعية وقيمة إنسانية أيضاً لما تتمتع به من طيبة وعفة نفس . وبشكل إستثنائي كانت تقوم بحفظ كل الأدوار النسائية والرجالية لتحل محل أي زميل يتغيب عن التدريبات حفاظاً على سيرها . بالقدر الذي سرّنا إستقرارها هو نفس القدر الذي يجعلنا نأسف كثيراً على غيابها . في أول ظهورها مثلت دور " الدوقة الكبيرة " وبإجادتها لهذا الدور جعل المشاهدين يتساءلون عن الممثلة التي جسدت هذه الشخصية . في هذه المسرحية _ العادلون _ قدمت أنا دور " فوكا " وأثناء إعادتها لعبت فيها دور " أني كوف " . تلتها مسرحية " نحن الملك " للمخرج " محمد العلاقي " للمغربي " محمد خيرالدين " .
* :- ......................
عياد الزليطني :- من محاسب في وزارة الزراعة أنتقلت رسمياً للمسرح الوطني مع مجموعة من الخريجين مع بداية تأسيس " الهيئة العامة للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية " سنة " 1972 م " وأيضاً مع بداية تأسيس فرقة " حمدي " التي كان يديرها " الطاهر القبايلي " قدمنا من خلالها مسرحية " نقابة الخنافس " للمخرج " محمد القمودي " ومن تأليف " الازهر ابوبكر حميد " التي رافقها سجال بيني وبين المخرج على إختيار الشخصية التي سألعبها . تم الإستقرار أخيراً على دور " المجنون " الذي أخترته منذ البداية . . في مسرحية " مايقعد في الوادي إلا حجره " " مصطفى الأمير / قرفال " لعبت دور " عميلاً للإستعمار " حتى إننا عندما عرضت في تونس بحضور الرئيس التونسي السابق " الحبيب بو رقيبة " قال لي أثناء حفل أقيم على شرفنا بالقصر الجمهوري وأنا أمام مائدة المرطبات : -" الحلو مش ليك.... إنت عميل للإستعمار ، الحلو لزكية " إشارة للممثلة " حميدة الخوجة " التي لعبت دور " زكية " . وفي مسرحية " هو وهي والشيطان " تأليف وإخراج " محمد شرف الدين " كتب " د. كمال عيد " في صحيفة " لإسبوع الثقافي " بالخط العريض " مسرحية بطلها الشيطان " الأمر الذي أثار سجالاً بينه وبين " المخرج " محمد القمودي" في عدة أعداد بين " الأسبوع الثقافي " ومجلة " الرائد " التي كتب فيها " القمودي " . قبل ذهابي في دورة دراسية لفرنسا عملت في مسرحية " الزير سالم " من إخراج " الأمين ناصف " و" عكوز موسى " ل" خالد مصطفى خشيم " .
* :- كيف كانت تجربتك مع " الأمين ناصف " ؟ .
عياد الزليطني :- كان الأستاذ " الأمين " من الجيل الذي سبقني ، وعملي معه كان متواضعاً في قيمة الشخصية التي لعبتها وفي حدودها ولكنه عندما شاهدني في مسرحية " عكوز موسى " أخبرني بأنه لم يكن يعرفني وقال لي : " أنت الأن واخذك في بالي ولابد الدفع بيك وبقوة " وعندما شكرته قال : " من حقك أن أقول لك هذا الكلام " .
* :- ما هي الأعمال التي تعاونت فيها مع المخرج " محمد العلاقي " ؟ .
عياد الزليطني :- بالإضافة ل" نحن الملك " كانت " الجانب الوضيء " تأليف " عبدالله القويري " و" الأقنعة " تأليف " محمد عبدالجليل قنيدي " والطابية " تأليف " ساسي مسعود " .
* :- كيف كانت تجربة " باريس " وماذا قدمت لك ؟.
عياد الزليطني :- ذهبت صحبة الفنان التشكيلي " محمد شعبان الفيتوري " والفنان " عمران راغب المدنيني " الى جامعة " فانت سين " التي تخرج منها الشاعر " أحمد عبدالمعطي حجازي " و" محمود أمين العالم " كنا هناك ضمن فريق المخرج " روجيه بلانشيه " . عند عودتي كلفت بإدارة " المسرح الوطني " ورفضت . قدمت في هذه الفترة " الأقنعة و النبع " من إخراج " عبدالله الزروق " . " ثورة صاحب العباءة و " وين العسل يانسيبتي " من إخراج " مفتاح المصراتي " . " محاكمة العبدان " من إخراج المرحوم " ناجي البكشي " . " كشف أوراق أهل النفاق " من إخراج " سالم فيتور " . " تأخرت قليلاً ياصديقي " للمخرج " فرج أبوفاخرة " وأخرجت للمسرح الوطني مسرحية " الحب بالدينار " تأليف " الأزهر أبوبكرحميد " أخر أعمالي في المسرح الوطني مسرحية " حسان " من إخراج " خالد مصطفى خشيم " . تعاونت مع فرق خارج " المسرح الوطني " مخرجاً لمسرحيتي " عفريت الخندق ، الثعلب والمنداف " . أخيراً عملت ممثلاً في مسرحية " الميراث " من إخراج " الزروق " .
* :- كم تحتفظ بعمل مسرحي في رصيدك على مدى يقترب من الأربعين عاماً ؟
عياد الزليطني :- حوالي " 37 " مسرحية ربما سأصل الى المئة عمل لو واتت الظروف الصحية للعمل ؟ .
* :- السبب ؟
عياد الزليطني : - الأسباب كثيرة أهمها عدم وجود قاعات مسرحية صالحة للتدريبات والعرض .كما لم توفد أي عناصر للدراسة منذ ثمانينيات القرن الماضي . الإرتجال في تنظيم المهرجانات المسرحية التي كانت عبارة عن " درء الرماد في العيون " . فقدنا للأعمال الكلاسيكية والإنسانية في مسرحنا الليبي .
* :- يقول محمد الطاهر : - " تم حصرنا أنا وعياد الزليطني وعيسى عبدالحفيظ في أدوار الشر ، رغم قدرتنا على لعب العديد من الأدوار المتنوعة " . ماذا تقول أنت ؟
عياد الزليطني :- أدوار الشر متنوعة والشر متنوع أنا أحاول أن أبتعد على الأدوار المتشابهة في الشر السؤال هو هل نحن أجدنا هذه الأدوار أم لا ؟ . علماً بأن أدواري لم تكن كلها سلبية فقد لعبت العديد من الأدوار الإيجابية في أعمال كثيرة مثل " ثورة صاحب العباءة ، ثورة صاحب العباءة ، وين العسل يانسيبتي ، " والعديد من الأدوار " الممثل هو القادر على تجسيد العديد من الأدوار المتنوعة .
* :- كيف تنظر الى الراهن المسرحي وماتقييمك له من خلال تجربتك ؟
عياد الزليطني :- كل مرحلة تفرز نتاجها من مخرجين وممثلين وكتّاب كانت مرحلتنا أكثر غزارة وعطاء . كنت محظوظاً بتواجدي في تلك الفترة مع خيرة المبدعين . جيل الشباب لم يعلن عن نفسه الى الأن مع قلة إنتاجه .
* :- تعاملت مع العديد من المخرجين . من منهم الذي تجد نفسك معه ؟
عياد الزليطني :- أنا أتمتع بعلاقة طيبة مع جميع الزملاء وبالتالي أحترم المخرج الذي يقدرني ويحترم تجربتي وقدراتي . لم أختلف مع أي منهم ، وإن حدث هذا فمن أجل العمل .
* :- هل يوجد ملمح لمسرح ليبي ؟
عياد :- لم تتضح اي هوية لمسرح ليبي . تضل مجرد إجتهادات .
* : ماذا قدم لك المسرح ؟
عياد :- حب الناس يجعلك تؤثر الإستراحة ومراجعة نفسك بين الحين والأخر من أجل الحفاظ على هذا الحب والإحترام .