مهرجانات ... تظاهرات ... أيام مسرحية
حيلتان محليتان …. وحيلة مستوردة وثلاث مهرجانات بدون تعليق !!
منذ المهرجان الوطني الأول للمسرح سنة 1971 م الذي يقام كل سنتين والمسرحيون الليبيون والإداريون يتحايلون لإرساء قواعد ونظم للم الشمل وحسب الموعد يطل علينا المهرجان الوطني الثاني للمسرح سنة 1973 م ليختفي مدة تسع سنوات إلى غاية 1982م الموعد الغير رسمي للمهرجان الوطني الثالث . أثناء هذا الغياب لم يعجز المسرحيون الليبيون والإداريون لتدارك هذا الأمر بنقلة واحدة و "بحيلة لغوية" تم اختراع عنوان "المواسم المسرحية " لكل فرقة. وهي عبارة عن لم شمل مجموعة من الأعمال قدمت في السابق ولا بأس بإضافة عمل جديد ليشد أزر الأعمال القديمة. وبهذه الحيلة تحصل الفرقة على موسم مسرحي قوامه من أسبوعا مسرحياً . وكان سيد هذا الاختراع " المسرح الوطني_ طرابلس" الذي استطاع خلال مسيرته التي تزيد على الثلاثين سنة أن يسد الفراغ بهذه الحيلة اللغوية _ الموسم المسرحي _ ليحقق وبجدارة ثلاث مواسم مسرحية في خلال ثلاثين سنة وهو رقم ليس بالهين مقارنة بالفرق التي حاولت أن تلعب بهذا المصطلح. فمنها من حقق موسمين مسرحيين ومنها من حققت موسماً مسرحياً واحداً .أما بقية الفرق وهي الغالبية العظمى لم تنطل عليها هذه الحيلة و اكتفت بانتظار المهرجانات الرسمية. ولو أن بعض الفرق زودت المتلقي الليبي المتتبع المتعطش للمسرح_ كل حسب استطاعته ببعض الأعمال لعرضها للمتفرج المسرحي وهو عبارة_ أي المتفرج_ عن وجوه مكرورة في كل العروض المسرحية. فالمرء بمجرد أن يحقق ثلاث مشاهدات مسرحية ، لا يبذل جهداً كبيراً للتعرف على هذه الوجوه حتى من خلال تبادل التحايا الممزوجة بالخجل، و قد تتطور هذه التحايا إلى الجلوس مترافقين للاستمتاع بعرض مسرحي وتبادل الآراء وتقاسم الضحك والتصفيق والإعجاب.. والملفت للنظر برغم كثرة الفرق وتباينها الثقافي، والمادي. فهي تتحد في جمهور مسرحي واحد. فالمرء لا يستطيع تمييز متفرج " الفرقة الوطنية " على متفرج " فرقة المسرح الحر " أو"المسرح الجديد". وفي هذه المسألة لم يتميز " المسرح الوطني " أيضا على بقية الفرق المسرحية، فهو أيضا يقدم عروضه لذات المتلقي ونفس المتفرج . رغم التزام هذا المتلقي بالحظور ومسايرة بعض العروض الركيكة والمملة والساذجة والمسطحة والطويلة عن طريق تقديم التهاني لفريق العمل ، إلا أنه لم ينجو من العقاب فبعض الفرق لم تكتفي بتقديم عروض اقل من مستوى الفرجة وعروض ابعد عن الفهم . بل لجأت الى حرمان جمهورها من المشاهدة بنقل عروضها إلي خارج نطاق مشاهديها،بل أن بعض الفرق تنقل عروضها المسرحية إلى خارج الوطن ليستمتع به المشاهد العربي إمعاناً في القسوة. ورغم هذا فالمتفرج الليبي يغض الطرف على هذه الإهانات المتكررة ولا يأتي بأي ردة فعل تجاه نجومه المسرحية. قد يحدث أحيانا ًأن يشاكس ويخرج من العرض للفت الانتباه ليس إلا .
و أحيانا يضحك في غير مواقع الضحك ويتقلص وجهه لسماع " نكتة " تطلق من ممثل. إلا أنه لم يستطع منع يديه عن التصفيق وبشدة عند سماع أي كلمة تقال ثلاث مرات بطريقة تصاعدية في الأداء . وعنده قدرة أيضا على إدعاء الفهم لعروض يعجز المسرحيين أنفسهم على فك شفرتها، بما فيهم أصحاب العرض، وفي هذه الحالة يجلس المتفرج مبهوتاً. وبدون أي تعابير تدل على الرضاء أو الامتعاض. حتى لو أجبره العرض على الخروج فهو يخرج بهدؤ شديد _خوف ملاحظته_ وبخجل أشد . ولكنه والحق يقال فالمشاهد الليبي يعطيك النصف الساعة الأولى قبل ان يبادر بأي ردة فعل . وأحيانا يعطيك فرصة العرض الثاني كل حسب كرمه .
الحيلة اللغوية الثانية _ بعد ما فشلت حكاية المواسم المسرحية _ كانت من اختراع المسرح الوطني طرابلس أيضا وهي " التظاهرة المسرحية " وهي حيلة تسعينية_ عقد التسعينيات _ خرجت بعدما عادت المهرجانات الوطنية إلى السطوع ، ولكن هذه الحيلة خرجت لتسد عدم انتظام مواعيد المهرجانات المسرحية فهي عبارة عن مهرجان مصغر ليلم شتات أعمال الفرق الأهلية بقيادة المسرح الوطني والاتفاق على عروض مسرحية تغطي فترة أسبوعين متتاليين وعادة ما تستدعى فرقة من خارج مدينة طرابلس لتحل ضيفأً مبجلاً على هذه التظاهرة.
أهمية هذه " الحيلة اللغوية " لا تكلف تبعات إقامة ولا إعاشة.
فهذه الحيلة خرجت لتخفف على المسرحيين حدة عناء انتظار المهرجان الوطني للمسرح وأيضا مكافاءة للجمهور المتعطش للمسرح السالف الذكر.
الحيلة اللغوية الأخيرة " أيام طرابلس المسرحية " و"أيام بنغازي المسرحية " فهي حيلة مستوردة من " ايام قرطاج المسرحية " الذي يعد اهم مهرجان دولي عربي يقام في الشقيقة " تونس " وأكثرهم ثباتاً .
لكن السؤال من كان له سبق التسمية مسرحيو طرابلس ام مسرحيو بنغازي ؟.
هذه الحيلة حديثة العهد وببساطة شديدة يتنادى المسرحيون في هذه المدينة أو تلك بالاتفاق مع أمين شعبيتهم أو أمين أعلامهم. لإقامة أيام مسرحية حسب عدد العروض الجاهزة ولا بأس أيضا من تواجد بعض العروض الجديدة لطرد العين . أخرها " ايام طرابلس المسرحية " التي تدخل فعالياتها يوم 22_ 6 _ 2004 م ، برصيد أحدى عشرة مسرحية .
مهرجان المسرح الجامعي... لا تعليق
مهرجان النهر الصناعي العظيم.... لا تعليق
مهرجان البيضا التجريبي..... لا تعليق
دعوني اشكر اللغة التي اسعفتنا كثيراًُ
وهذا ليس بجديد على شعب يسمي الأعمى بصيرا
والسواد " بياض"
والملح " يدام "
والثعبان " حبل "
والنار" عافية" .
" تساؤل " و" وقع الأحدية الخشنة "
بمهرجان القاهرة التجريبي 2003
دائماً تأتي مساهماتنا الليبية القليلة في هذه المهرجانات متسرعة ومرتبكة وفي كثير من الأحيان ينقصها الوعي والخبرة ، الأمر ليس سيئاً إلى هذا الحد عندما نعرف أن المسرح الوطني طرابلس الأكثر حظاً في المشاركات الدولية لا يتجاوز عدد مشاركاته في هذين المهرجانيين ألأربع دورات، وهذا ينعكس على المسرح الوطني بنغازي والفرق الأهلية الأخرى.هذا من اصل ست وعشرين دورة منها عشر دورات لمهرجان قرطاج وستة عشرة دورة لتجريبي القاهرة ، إذا حضورنا معدوم مقارنة بعدد الدورات التي أقيمت .هذا عن دول الجوار تونس ومصر لم نتمكن من المشاركة ، ولا يطمح المسرحيين مشاركاتهم في مهرجانات عالمية مثل ( مهرجان افينون )( ومهرجان أدنبرة) الأمر ليس سيئاً كما أسلفت عندما نعرف إن المؤسسة الثقافية لم تستطع الالتزام بمهرجان وطني واحد كما لم تستطع الالتزام بالمشاركة في مهرجانات دولية . بالذات عندما ندرك إن المشاركات السابقة كانت بمجهود شخصي وتكاثف خاص وأحيانا على نفقتهم الخاصة.الأمر ليس بهذا السؤ عندما ندرك إننا في هذه المشاركات البائسة أخر من يصل وان الفرق الليبية الوحيد ة التي لا يتضمنها كتيب المهرجان لأنها غالباً ما تصل فجأة للمهرجان لتجد نفسها وجها لوجه أمام اللجنة المنظمة للمهرجان لتبادل الإحراج و لتدخل في دوّامة الإقامة وإدراج الفرقة ضمن العروض _لا يهم داخل المسابقة أو على هامشها_ ودوّامة مكان العرض ، تفاصيل مربكة لا حد لها، المبدع الليبي الوحيد في العالم الذي يقبل على العرض وهو منهكاً تماماً .
*ينتمي عبدالله الزر وق للجيل الثاني من المخرجين بعد جيل محمد شرف الدين،عبدالفتاح الوسيع، والراحل الأمين ناصف الذي يعد أهم رموز الجيل الأول، والحديث عنه _أي عبدالله_ يضعك في مفترق طرق فهو المخرج الأكثر إنتاجا أستطيع القول بأنه( مخرج المتاح) فلا تعيقه الإمكانيات من أجل إنتاج عمل فني، ويعتبر بحق مخرجا مسكون بالعمل ولا أغالي إذا قلت بأنه تعامل مع أكثر من 80% من المبدعين الليبيين اعني هنا بعمله في المسرح والمرئية والخيالة بل وان الكثير من هؤلا الفنانين والفنيين خطوا الخطوة الأولى من خلال أعمال كانت بتوقيع عبدا لله الزروق هذا بالإضافة الى كونه كاتب للعديد من أعماله والعديد منها اخرج من قبل مخرجين آخرين فهو مخرجا دؤبا ودائم البحث..يشارك عبدا لله الزروق مع فرقة الجيل الصاعد في هذه الدورة بمسرحية من تأليفه وإخراجه تحمل أسم ( تسأل) تدور أحداثها في مكان ما من العالم في احد شوارع الإعلانات حيث بطالعنا المصور_مفتاح الفقيه_ منهمكا في ترتيب بعض النماذج لصور من إنتاج الآلة الإعلامية الغربية وبعض الشخصيات التاريخية وفتاة الإعلان_ خدوجة صبري_ التي تمارس عملها كعاملة ملصقات في هذا الشارع ومن خلال الحوار الذي يدور بينهما نستشف تدمرهم من اوضاعهما المتردية التي يسلم بها المصور على عكس الفتاة التي تطمح في تحسين مستوى معيشتها نحو الأفضل مما يفيدنا بأنها ضحية مهنتها بتأثير الملصقات التي تتعامل معها يوميا حتى تأتي الفرصة على طبق من ذهب حسب منظورها . هبوط قدمين ضخمتين من الأعلى مما يثير رعبهما، ولكن إصرار الفتاة على اقتناص الفرصة النادرة لتحقيق حلمها لا تترك الفرصة للمصور بالتراجع بل وتحت إلحاحها تجبر ه على الدخول معها في اللعبة التي تجعل منهما الناطقان الرسميان لهذا الحدث النادر أمام وسائل الأعلام حتى إنها تقنعه بالزواج كي تكتمل لعبتها لنجد المصور منساقا أمام رؤيتها الجنونية .لا تسير الأحداث باردة بل تسارع الحكومة في إرسال تحذيراتها من خلال مكبرات الصوت _عبدالله الزروق_ وإرسال عالم الفضاء_ جمال ابوميس_ لتحليل هذه الظاهرة وتتم محاصرتهم بالطائرات بعدها يتفا جاء الجميع بتغيير الطقس الى برودة شديدة في أيام الصيف وهبوط الثلج ثم ذوبانه لتعود الفتاة من حيثما بدأت لتنظف الشارع الذي غمرته المياه لتبدأ سيرة العذاب الأولى حاملة معها صفة مطلقة بعدما أعلن المصور انفصاله عنها، الديكور عبارة عن ملصقات كثيرة ومتنوعة تملا جانبي الخشبة لأشرطة خيالة عالمية وعربية ومع طاولة صغيرة متحركة في أسفل يسار الخشبة ، مع نماذج خشبية لصور بعض الشخصيات الفنية والتاريخية أسفل الخشبة يمينا ويسارا، العمل يقوده ثلاث ممثلين بالإضافة لصوت عبدا لله الزروق، نلاحظ من خلال مشاهدتنا بان العمل لم يحظى بتدريبات كافية وهذا يتجلى عند مفتاح الفقيه خدوجة صبري من خلال الأداء _ وهو مزيج بين الفصيحة والعامية الليبية لغة النص_ فهذه الخاصية لا تذوب إلا بالتمرينات والتي لم نشعر بها عند جمال ابوميس، الحركة كانت في كثير من الأحيان مرتبكة وغير متقنة لتعيدنا لنفس السبب ، الملابس كانت أنيقة ومرتبة ونظيفة_ استثني عالم الفضاء_ وهي لا تتماشى مع الشخصيات التي تلعب بضم التاء، فكرة النص عبارة عن دخول حدث غرائبي في سياق واقعي فهو يحيلنا لكثير من الأعمال من مسرح العبث أو لوحات دالي فكرة جميلة وأسرة لكنها لم تكتمل مع اللغة وبناء المسرحية ، في الوقت الذي اشكر فيه فريق العمل بإدارة الفنان علي ألبركي نأمل منهم إعادة هذا العمل ليشاهده الجمهور الليبي فأنا أدرك تماما مدى معاناتهم .
* للمرة الثالثة يتورط المسرحيون الليبيون في العرض بقاعة المسرح العائم الكبير بالمنيل ، في الدورة الرابعة عشرة استهلها المسرح الوطني طرابلس بمسرحية( قطار الموت). والجيل الصاعد بمسرحية ( تسأل). وفرقة مسرح المختار ( الجبل الأخضر) بمسرحية ( وقع الاحدية الخشنة ) ومخرجها عبد الحفيظ الشريف الذي لم يتحمل وضع هذه القاعة التي لم يتوافر فيها الحد الأدنى من الإمكانيات الفنية المطلوبة فأستهل عرضه بسيل من الاحتجاجات ضد المسؤلين على المهرجان والقائمين على هذه القاعة ، و بعدما صب جام غضبه من موقعه بغرفة المراقبة أعلن عن بداية العرض المسرحي، مسرحية ( وقع الاحدية الخشنة) أعدها للمسرح عبدا لحفيظ الشريف عن رواية للكاتب الجزائري واسيني الأعرج تحمل نفس الاسم ، وهي المرة الأولى على حد علمي تعد مسرحية عن رواية في المسرح الليبي ليدعمها بمحاولتين إعداد نص مسرحي يحمل أسم (الغريب والحسناء) إلى سهرة مرئية من اخراج عزالدين المهدي، ورواية من مكة إلى هنا للصادق النيهوم إلى عمل مسرحي، وأيضا من إخراج المخرج عزالدين المهدي. أحداث المسرحية تدور في ذهن ليلى _ الممثلة جميلة الحضيري_ في ليلة دخلتها، التي كانت تحت تأثير كاتب_ قبل الزواج_ من خلال كتاباته رأت نفسها وكينونتها وأحلامها وحريتها ، إلى أن تصدم بالواقع منذ الليلة الأولى معه _ الممثل سعد صالح _ هنا بداء صراعها الداخلي معه كواقع أي زوج أو معه كفكرة أي كاتب _ الممثل سعد الدلال_ هنا نرى انفصام الكاتب بين ما يريد وبين ما يكتب، فالمراءاة هنا صنيعة أفكار الكاتب المتمردة ، المسرحية تريد أن تقول أن الرجل الشرقي يحتاج الى ليلتين ليلى أفكاره وأحلامه وليلى واقعه وعندما يحاول جمعهما تذوب ليلى الأحلام في دوامة الواقع . يستهل المشهد بموسيقى حالمة في غرفة نوم مرتبة مع الإضاءة التي تخدم شاعرية الحدث الى أن يبدأ الحدث في التصاعد والارتباك حتى ترتبك معه كل قطع الأثاث وهي عبارة عن مكعبات حاول المخرج توظيفها حسب متطلبات الموقف بتفكيكها وإعادة صياغتها و إحالتها الى قطع منزلية( كرسي، أريكة، وسرير،...الخ ) زمن العرض ليلة واحدة ومن خلالها نرى أحداث في أ زمان مختلفة عن طريق الاسترجاع ( الفلاش باك)الى أن يعود الى الهدؤ والاستقرار باختتام المسرحية كما بدأت وعودة المشهد كما رأيناه في البداية لتجبر المرآة على اختيار الزوج الواقع لا الحلم المسرحية عبارة عن حلم تحريضي يدعو فيه المراءاة الى التمرد لامتلاك حقوقها . .إيقاع المسرحية متسارع الأمر الذي عكس أداء الممثلين فتسارع وتيرتهم أحيانا يصل بهم الى حالة التشنج ، وهذا مرده غياب الوقفات والصمت الذي كان من الممكن أن يخدم الأحداث بالذات موضوع المسرحية أحيانا يدعوك الى التأمل ، إضافة الى لون الأداء الواحد يجعلني اشعر بأني أمام ممثل واحد فالأداء يفتقد الى التلوين الصوتي ، أريد أن انوه هنا بأن العرض الثاني قام بدور الكاتب _كما أراه_ الفنان عبدالرحمن عباس. الديكور من تصميم الفنان التشكيلي سعد فرج والموسيقى التصويرية لخالد لطفي ، ونحن في انتظار العمل القادم للفرقة ، فشكرا جميعا.