كاتب ومسرحية ... عبدالكريم الدناع
بقلم / تيسير بن موسى
ضيف هذا العدد الكاتب المسرحي " عبدالكريم الدناع " الذي يعتبر من الكتاب النشيطين في التأليف المسرحي فله ست مسرحيات منشورة " دوائر الرفض والسقوط "وباطل الأباطيل " والتي تعتبر امتدادا لمسرحية "دوائر الرفض والسقوط " وجزئها الثاني ثم " سعدون " و" العاشق " و " قاضى الشبيلية " وأخيراً " الخيول الجامحة " وهناك أربع مسرحيات معدة وهي " القضية "و " قطار الموت " و" سنوات القهر " و" المحنة " .
وللأستاذ " الدناع " مشاركات في مهرجانات المسرح محليا وعربيا كمهرجان "قرطاج " والرباط " و" دمشق " و " الجزائر " وقد قدمت "فرقة المسرح الوطني " بمصراته معظم مسرحياته في " ليبيا" وفي " قسطنطينة " وفي مدينة " الجزائر " والكاتب " عبدالكريم الدناع " هو من مواليد مدينة مصراته ومقيم فيها .
وفي عام 1986 أصدرت له الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان مجلدا ضم أربع مسرحيات منها مسرحية " دوائر الرفض والسقوط " التي سأعرضها بعد قليل وهي من أعماله البارزة وقد عرضت على خشبات مسارح مصراته وطرابلس والجزائر حيث تتناول قضية النضال الشعبي ضد الحكام المستبدين الجلادين الذين يستعينون بالأجنبي الغريب لقهر شعوبهم وسرقة خيرات بلادهم وأن الكفاح ضد تسلطهم وطغيانهم يجب أن يتواصل بلا هوادة أو مهادنة حتى يحقق المناضلون انتصارهم عليهم والإطاحة بقواعد ظلمهم ورفع رايات العدل والخير والسلام فوق ربوع البلاد،وإن كل مناضل يتنكب جانب المجابهة الصريحة الحازمة مع هؤلاء الطغاة ويلجأ لسياسة اللين والمهادنة معهم سيكون مصيره السقوط بين مخالبهم .. تماما كمصير مراد بطل المسرحية .
عرض المسرحية
تتألف مسرحية "دوائر الرفض والسقوط"من فصلين كل فصل يتألف من مشهدين ثم فصل الخاتمة،وشخصيات المسرحية الرئيسيون هم :
مراد : شاب رمز به المؤلف للشباب الثائر على حكم العمالة والخيانة والاستبداد .
الأم : رمز بها لأرض الوطن التي انتهك المستعمرون الأغراب شرفها وقدسيتها بموافقة وتأييد حاكم البلاد المستبد .
عارف : رجل كبير من الوطنيين الأحرار عرك الحياة وخبر أساليب الحكام الشيطانية .
ثلاثة من الشباب الذين اشترتهم السلطة أو أرهبتهم فوقفوا ضد مراد .
أعرج وأعمى أدعيا العرج والعمى لأنهما من رجال مخابرات السلطة .
الحاكم "عادل" ثم القاضي المنافق "ابن أبيه" ومساعده "يحيى" ذو الضمير الحي والذي يقف معارضا لنفاق رئيسه وبيعه ضميره للحاكم .
ثم هناك شخصية محورية أخرى لاتظهر على المسرح وهي شخصية الحارس الأجنبي المقتول،وقد رمز به المؤلف للمستعمر الدخيل الذي يمارس كافة أنواع التعذيب والقهر على جماهير المواطنين ويسرق وينهب ثروات البلاد الوطنية المسيطر عليها بقوة الحديد والنار.
ويفهم من الحوار أن الحاكم عادل حول الوطن إلى سجن كبير سجّانه ذاك الأجنبي المستبد المتكبر ويتهم مراد بقتله انتقاما وثأرا منه لشعبه وفي المشهدالأول من الفصل الأول يظهر مراد وهو داخل قفص الاتهام بقاعة المحكمة التي ستحاكمه على قتله السجان الأجنبي وتحاول الأم إقناع ابنها بعدم الاعتراف بقتله للحارس لأنه لم يثبت أنه فعلا القاتل لكنه يصر على تأكيد أنه هو القاتل لأن في ذلك فخراً له ودليلا على وطنيته وتمكنه من الانتقام من ذلك المجرم السارق السفاح وتتولى أمه وعارف إقناعه بالتراجع عن اعترافه لأنه سيحاكم ويموت كأى مجرم عادي بينما مكانه الحقيقي يجب أن يكون بين زملائه داخل السجن الكبير ليحرضهم على الثورة ومقاومة الاستعمار والفساد .
وفي المشهد الثاني من الفصل الأول يبدو القاضي المنافق "ابن أبيه" ومساعده "يحيى" في دار الحاكم الذي استدعاهما ليبلغهما تعليماته بشأن إدانة مراد وإلصاق التهمة به ولكن يحيى يعترض على ذلك التلفيق والتزوير فيخرج من مجلس الحاكم غاضبا فيوعز هذا الأخير لحاجبه بأن يتبعه ويقتله وبعد حين يسمع صوت إطلاق رصاصة تدل على أن يحيى قد قتل .
وفي المشهد الأول من الفصل الثاني تبدأ محاكمة مراد ويعترف مراد بأنه قاتل السجان ويشهد ثلاثة من الشهود الذين هيأتهم السلطة لذلك الدور وحين يهم القاضي بإصدار الحكم على مراد بالإعدام يدخل حاجب الحاكم فجأة ويسلم القاضي رسالة من الحاكم تطلب منه منع المحاكمة لأنه أصدر عفوه عن المتهم ثم بعد حين يدخل الحاكم نفسه قاعة المحكمة ويطلب من الحراس أخذ مراد إلى قصره .
وتتدخل الأم وعارف اللذان عرفا أن الحاكم يحاول شراء مراد وأنه بالفعل وقع في شراك ذلك المستبد الظالم..ولنقرأ هذا الحوار بين عارف ومراد وأمه .
عارف:الآن يابني يبدأ استشهادك الحقيقي .
مراد : ماذا تعنى حفظك الله !
عارف : أعنى أن الحكم قد أصدر حكمه ضدك ولكن بصريقة أخرى لماذا لم تدفع عنك التهمة أو تدعنى أدفعها لقد تركت الاستشهاد في سبيل الحق وها أنت تموت في سبيل الباطل .
مراد : "يائسا" ماذا تعني ؟
عارف : لقد حرموك من تقديم عنقك وأبجديات العالم كلها لاتستطيع إفهامك .
مراد : أماه ياصوت الحكمة يامن علمتني كيف أحب الناس والأرض تعالي فارسك في محنة الاختيار .
الأم : أواه يافارسي وحبيبي أنا علمتك كيف تستشهد في موقعك علمتك كيف تموت واقفا ولم أعلمك كيف تموت بالمجان .
مراد: وهل مت بالمجان ياأماه ؟ لقد كنت على استعداد للموت من أجلك وأجل الذين أحبهم لكنهم رفضوا منحي هذا الشرف ولكني لن أستسلم سوف أبقى على عهدي لك ولهم ، ولن أتنازل عن حب الأرض والناس .
الأم : يمكنك أن تحبهم وأنت معهم في السجن وسوف تنساهم عندما تضع رجلك في قصر الحاكم .
مراد : لا أفهم ما تعنين ؟
الأم : إنك وأسفي لم تعد تفهم شيئاً .
وفي المشهد الثاني من الفصل الثاني يكشف الحاكم لمراد بأنه هو الذي دبر مسرحية قتل الحارس الأجنبي وإشاعة أن مراد هو القاتل ليظهر أمام الشعب بأنه بطل وطني وفدائي شجاع بينما الحارس لم يمت قتلا بل بالسكتة القلبية،ويعرض الحاكم على مراد أن يحل مكان الحارس المتوفي ويهدده إن لم يقبل هذه الوظيفة بأنه سوف يكشف للناس الحقيقة وهي أن مراداً كذب عليهم وادعى أنه قتل الحارس ثأرا لهم منه ويتردد مراد ويحاول عارف تنبيهه للمؤامرة التي يدبرها له الحاكم الداهية وأنه إذا قبل هذه الوظيفة أصبح جزءاً من هذا النظام الفاسد،لكن مراداً لا يستمع لنصيح ذلك الرجل الوطني العاقل ويبرر قبوله لهذا المنصب بأنه سيتمكن من خلاله من تقديم العون والمساعدة لشعبه،وفي الفصل الختامي يشكف ستار المسرح عن اثنين من حراس الحاكم وهما يحملان على كتفيهما جثة مراد والدماء تنزف من صدره إثر طعنة في قلبه..ولنقرأ هذا لحوار الختامي للمسرحية .
عارف:"بصوت قوي " من الذي قتله ؟
الأعرج : أحد السجناء
عارف:قتلوك يامراد أواه لو استمعت إلى نصحي إلى صوت الحكمة .
الأعمى:" يبكي " قال القاتل إن مرادا كان يسرق أقوات السجناء .
عارف : وهذا ما كانوا يريدونه .
ابن أبيه:" القاضي " سوف نحاكم القاتل .
عارف : ثم تنصبونه حارسا للسجن:يا ابن أبيه قل لسيدك ومولاك لاعجب أن مات مراد وسوف يموت غيره من أجل أن يقسم رزق السجناء بالعدل ومن أجل أن ينتهي السجن والجوع معا .
بقلم / تيسير بن موسى
ضيف هذا العدد الكاتب المسرحي " عبدالكريم الدناع " الذي يعتبر من الكتاب النشيطين في التأليف المسرحي فله ست مسرحيات منشورة " دوائر الرفض والسقوط "وباطل الأباطيل " والتي تعتبر امتدادا لمسرحية "دوائر الرفض والسقوط " وجزئها الثاني ثم " سعدون " و" العاشق " و " قاضى الشبيلية " وأخيراً " الخيول الجامحة " وهناك أربع مسرحيات معدة وهي " القضية "و " قطار الموت " و" سنوات القهر " و" المحنة " .
وللأستاذ " الدناع " مشاركات في مهرجانات المسرح محليا وعربيا كمهرجان "قرطاج " والرباط " و" دمشق " و " الجزائر " وقد قدمت "فرقة المسرح الوطني " بمصراته معظم مسرحياته في " ليبيا" وفي " قسطنطينة " وفي مدينة " الجزائر " والكاتب " عبدالكريم الدناع " هو من مواليد مدينة مصراته ومقيم فيها .
وفي عام 1986 أصدرت له الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان مجلدا ضم أربع مسرحيات منها مسرحية " دوائر الرفض والسقوط " التي سأعرضها بعد قليل وهي من أعماله البارزة وقد عرضت على خشبات مسارح مصراته وطرابلس والجزائر حيث تتناول قضية النضال الشعبي ضد الحكام المستبدين الجلادين الذين يستعينون بالأجنبي الغريب لقهر شعوبهم وسرقة خيرات بلادهم وأن الكفاح ضد تسلطهم وطغيانهم يجب أن يتواصل بلا هوادة أو مهادنة حتى يحقق المناضلون انتصارهم عليهم والإطاحة بقواعد ظلمهم ورفع رايات العدل والخير والسلام فوق ربوع البلاد،وإن كل مناضل يتنكب جانب المجابهة الصريحة الحازمة مع هؤلاء الطغاة ويلجأ لسياسة اللين والمهادنة معهم سيكون مصيره السقوط بين مخالبهم .. تماما كمصير مراد بطل المسرحية .
عرض المسرحية
تتألف مسرحية "دوائر الرفض والسقوط"من فصلين كل فصل يتألف من مشهدين ثم فصل الخاتمة،وشخصيات المسرحية الرئيسيون هم :
مراد : شاب رمز به المؤلف للشباب الثائر على حكم العمالة والخيانة والاستبداد .
الأم : رمز بها لأرض الوطن التي انتهك المستعمرون الأغراب شرفها وقدسيتها بموافقة وتأييد حاكم البلاد المستبد .
عارف : رجل كبير من الوطنيين الأحرار عرك الحياة وخبر أساليب الحكام الشيطانية .
ثلاثة من الشباب الذين اشترتهم السلطة أو أرهبتهم فوقفوا ضد مراد .
أعرج وأعمى أدعيا العرج والعمى لأنهما من رجال مخابرات السلطة .
الحاكم "عادل" ثم القاضي المنافق "ابن أبيه" ومساعده "يحيى" ذو الضمير الحي والذي يقف معارضا لنفاق رئيسه وبيعه ضميره للحاكم .
ثم هناك شخصية محورية أخرى لاتظهر على المسرح وهي شخصية الحارس الأجنبي المقتول،وقد رمز به المؤلف للمستعمر الدخيل الذي يمارس كافة أنواع التعذيب والقهر على جماهير المواطنين ويسرق وينهب ثروات البلاد الوطنية المسيطر عليها بقوة الحديد والنار.
ويفهم من الحوار أن الحاكم عادل حول الوطن إلى سجن كبير سجّانه ذاك الأجنبي المستبد المتكبر ويتهم مراد بقتله انتقاما وثأرا منه لشعبه وفي المشهدالأول من الفصل الأول يظهر مراد وهو داخل قفص الاتهام بقاعة المحكمة التي ستحاكمه على قتله السجان الأجنبي وتحاول الأم إقناع ابنها بعدم الاعتراف بقتله للحارس لأنه لم يثبت أنه فعلا القاتل لكنه يصر على تأكيد أنه هو القاتل لأن في ذلك فخراً له ودليلا على وطنيته وتمكنه من الانتقام من ذلك المجرم السارق السفاح وتتولى أمه وعارف إقناعه بالتراجع عن اعترافه لأنه سيحاكم ويموت كأى مجرم عادي بينما مكانه الحقيقي يجب أن يكون بين زملائه داخل السجن الكبير ليحرضهم على الثورة ومقاومة الاستعمار والفساد .
وفي المشهد الثاني من الفصل الأول يبدو القاضي المنافق "ابن أبيه" ومساعده "يحيى" في دار الحاكم الذي استدعاهما ليبلغهما تعليماته بشأن إدانة مراد وإلصاق التهمة به ولكن يحيى يعترض على ذلك التلفيق والتزوير فيخرج من مجلس الحاكم غاضبا فيوعز هذا الأخير لحاجبه بأن يتبعه ويقتله وبعد حين يسمع صوت إطلاق رصاصة تدل على أن يحيى قد قتل .
وفي المشهد الأول من الفصل الثاني تبدأ محاكمة مراد ويعترف مراد بأنه قاتل السجان ويشهد ثلاثة من الشهود الذين هيأتهم السلطة لذلك الدور وحين يهم القاضي بإصدار الحكم على مراد بالإعدام يدخل حاجب الحاكم فجأة ويسلم القاضي رسالة من الحاكم تطلب منه منع المحاكمة لأنه أصدر عفوه عن المتهم ثم بعد حين يدخل الحاكم نفسه قاعة المحكمة ويطلب من الحراس أخذ مراد إلى قصره .
وتتدخل الأم وعارف اللذان عرفا أن الحاكم يحاول شراء مراد وأنه بالفعل وقع في شراك ذلك المستبد الظالم..ولنقرأ هذا الحوار بين عارف ومراد وأمه .
عارف:الآن يابني يبدأ استشهادك الحقيقي .
مراد : ماذا تعنى حفظك الله !
عارف : أعنى أن الحكم قد أصدر حكمه ضدك ولكن بصريقة أخرى لماذا لم تدفع عنك التهمة أو تدعنى أدفعها لقد تركت الاستشهاد في سبيل الحق وها أنت تموت في سبيل الباطل .
مراد : "يائسا" ماذا تعني ؟
عارف : لقد حرموك من تقديم عنقك وأبجديات العالم كلها لاتستطيع إفهامك .
مراد : أماه ياصوت الحكمة يامن علمتني كيف أحب الناس والأرض تعالي فارسك في محنة الاختيار .
الأم : أواه يافارسي وحبيبي أنا علمتك كيف تستشهد في موقعك علمتك كيف تموت واقفا ولم أعلمك كيف تموت بالمجان .
مراد: وهل مت بالمجان ياأماه ؟ لقد كنت على استعداد للموت من أجلك وأجل الذين أحبهم لكنهم رفضوا منحي هذا الشرف ولكني لن أستسلم سوف أبقى على عهدي لك ولهم ، ولن أتنازل عن حب الأرض والناس .
الأم : يمكنك أن تحبهم وأنت معهم في السجن وسوف تنساهم عندما تضع رجلك في قصر الحاكم .
مراد : لا أفهم ما تعنين ؟
الأم : إنك وأسفي لم تعد تفهم شيئاً .
وفي المشهد الثاني من الفصل الثاني يكشف الحاكم لمراد بأنه هو الذي دبر مسرحية قتل الحارس الأجنبي وإشاعة أن مراد هو القاتل ليظهر أمام الشعب بأنه بطل وطني وفدائي شجاع بينما الحارس لم يمت قتلا بل بالسكتة القلبية،ويعرض الحاكم على مراد أن يحل مكان الحارس المتوفي ويهدده إن لم يقبل هذه الوظيفة بأنه سوف يكشف للناس الحقيقة وهي أن مراداً كذب عليهم وادعى أنه قتل الحارس ثأرا لهم منه ويتردد مراد ويحاول عارف تنبيهه للمؤامرة التي يدبرها له الحاكم الداهية وأنه إذا قبل هذه الوظيفة أصبح جزءاً من هذا النظام الفاسد،لكن مراداً لا يستمع لنصيح ذلك الرجل الوطني العاقل ويبرر قبوله لهذا المنصب بأنه سيتمكن من خلاله من تقديم العون والمساعدة لشعبه،وفي الفصل الختامي يشكف ستار المسرح عن اثنين من حراس الحاكم وهما يحملان على كتفيهما جثة مراد والدماء تنزف من صدره إثر طعنة في قلبه..ولنقرأ هذا لحوار الختامي للمسرحية .
عارف:"بصوت قوي " من الذي قتله ؟
الأعرج : أحد السجناء
عارف:قتلوك يامراد أواه لو استمعت إلى نصحي إلى صوت الحكمة .
الأعمى:" يبكي " قال القاتل إن مرادا كان يسرق أقوات السجناء .
عارف : وهذا ما كانوا يريدونه .
ابن أبيه:" القاضي " سوف نحاكم القاتل .
عارف : ثم تنصبونه حارسا للسجن:يا ابن أبيه قل لسيدك ومولاك لاعجب أن مات مراد وسوف يموت غيره من أجل أن يقسم رزق السجناء بالعدل ومن أجل أن ينتهي السجن والجوع معا .