كتاب الطاولة
جودت هوشيار
يطلق الروس على الكتاب الذي لا غنى عنه لك ، وتشعر بمسيس الحاجة للرجوع اليه بين حين وآخر ، اسم " كتاب الطاولة " . ولو سألني أحد : ما هو كتاب طاولتك ؟ ، لقلت على الفور ، أنه كتاب " الناس والأعوام والحياة " الذي يتضمن مذكرات ايليا ايرنبورغ ( 1891 – 1967 ) ، كتاب مؤلف من آلاف الصفحات ، صدر في سبعة مجلدات بين عامي ( 1960-1967 ) ، وحذفت منها الرقابة العديد من الفصول ، ولم تنشر هذه المذكرات الرائعة كاملة ، الا في عام 1990 .
ايرنبورغ واحد من أحب الكتّاب الروس الى قلبي، صاحب عشرات الروائع الأدبية ، منها " سقوط باريس " ، و " ذوبان الجليد " . وهذا الأسم الأخير عنوان آخر رواية لإيرنبورغ صدرت عام 1954 ، بعد مرور اقل من عام على وفاة ستالين . ويلمّح فيها بأن عهداً جديدأً قد بدأ ، ينبيْ بالدفء ، ومزيد من الحرية والليبرالية . وقد تحققت نبوءة إيرنبورغ ,وأصبح" ذوبان الجليد عنوانا لعهد كامل في روسيا ، هو فترة حكم نيكيتا خروشوف، التي فتحت فيها نوافذ في الستار الحديدي ، لتهب منها رياح الحرية والتغيير والتجديد . وأعتقد أن ايرنبورغ هو عبقري " العنوان " ، ليس لأن عناوين كتبه معبّرة ، بل لأنه كان يستشرف آفاق المستقبل . وكان يقف وراء هذا الإستشراف ، عقل جبار ، وقلب يخفق بحب الإنسانية ، وكل ما هو رائع في الحياة .
يتحدث ايرنبورغ في مذكراته عن أحداث عصره ، التي أسهم في صنع بعضها ، وعن مئات العباقرة – في مجالات الأدب والفن والعلم والسياسة - من أصدقاء العمر ، الذين عرفهم عن كثب طوال اكثر من نصف قرن ( اينشتاين ، بيكاسو ، مودلياني ،ريفيرا ، ، ابولينير ، ايلوار ، لوركا ، نيرودا ، أراغون ، سارتر ، اندريه جيد ، اندريه موروا ، غوركي ، بابل ، ماندلشتام ، تسفيتايفا ، أخماتوفا ، ماياكوفسكي ، يسينين ، بوخارين ، همنغواي ، ناظم حكمت ) ،وعشرات غيرهم من المع شخصيات القرن العشرين . يتحدث عنهم من زوايا جديدة ، ويرسم لهم صورا قلمية ( بورتريهات ) رائعة .
ويعود الفضل الى ايرنبورغ في كشف الستار عن عشرات الأدباء والفنانين والعلماء الذين سحقتهم آلة القتل الستالينية . ولم يكن الجيل السوفيتي الجديد يعرف عنهم شيئا ، قبل صدور مذكراته . وهو الذي أعاد هؤلاء الى القاريْ الروسي . ولهذا السبب تحديدا احتلت " الناس والأعوام والحياة " مكانة سامية في عقول وقلوب المثقفين الروس الليبراليين ، قبل تفكك الامبراطورية السوفيتية .
تحدثنا عن معاناة ايرنبورغ الطويلة وحياته الزاخرة بالأحداث في دراستنا المعنونة " حياة ايرنبورغ الصاخبة بين موسكو وباريس " التي نشرت على ثلاث حلقات متسلسلة في صحيفة " الزمان " اللندنية قبل بضع سنوات .
يتحدث ايرنبورغ عن حكاية هذه الصورة فيقول في مذكراته : " رسمني بيكاسو خلال دقائق قليلة . قلت له : اراك قد رسمت ( برورتريت)ي بسرعة خاطفة . قال بيكاسو :" ايليا انا اعرفك منذ اكثر من اربعين عاما ،لذا لا ارى صعوبة في رسم من اعرفه جيداً ..
من يزور مقبرة العظماء " نوفي ديفيتشي " في موسكو سيجد ان بورتريه ايرنبورغ بريشة صديقه بيكاسو محفور على شاهد ضريحه . وقد رسمه بيكاسو عام 1966 اي قبل عام واحد من رحيل ايرنبورغ
في الصورة ايليا ايرنبورغ مع صديق العمر بابلو بيكاسو عام 1966 .
من صفحة الصديق هادي ياسين
جودت هوشيار
يطلق الروس على الكتاب الذي لا غنى عنه لك ، وتشعر بمسيس الحاجة للرجوع اليه بين حين وآخر ، اسم " كتاب الطاولة " . ولو سألني أحد : ما هو كتاب طاولتك ؟ ، لقلت على الفور ، أنه كتاب " الناس والأعوام والحياة " الذي يتضمن مذكرات ايليا ايرنبورغ ( 1891 – 1967 ) ، كتاب مؤلف من آلاف الصفحات ، صدر في سبعة مجلدات بين عامي ( 1960-1967 ) ، وحذفت منها الرقابة العديد من الفصول ، ولم تنشر هذه المذكرات الرائعة كاملة ، الا في عام 1990 .
ايرنبورغ واحد من أحب الكتّاب الروس الى قلبي، صاحب عشرات الروائع الأدبية ، منها " سقوط باريس " ، و " ذوبان الجليد " . وهذا الأسم الأخير عنوان آخر رواية لإيرنبورغ صدرت عام 1954 ، بعد مرور اقل من عام على وفاة ستالين . ويلمّح فيها بأن عهداً جديدأً قد بدأ ، ينبيْ بالدفء ، ومزيد من الحرية والليبرالية . وقد تحققت نبوءة إيرنبورغ ,وأصبح" ذوبان الجليد عنوانا لعهد كامل في روسيا ، هو فترة حكم نيكيتا خروشوف، التي فتحت فيها نوافذ في الستار الحديدي ، لتهب منها رياح الحرية والتغيير والتجديد . وأعتقد أن ايرنبورغ هو عبقري " العنوان " ، ليس لأن عناوين كتبه معبّرة ، بل لأنه كان يستشرف آفاق المستقبل . وكان يقف وراء هذا الإستشراف ، عقل جبار ، وقلب يخفق بحب الإنسانية ، وكل ما هو رائع في الحياة .
يتحدث ايرنبورغ في مذكراته عن أحداث عصره ، التي أسهم في صنع بعضها ، وعن مئات العباقرة – في مجالات الأدب والفن والعلم والسياسة - من أصدقاء العمر ، الذين عرفهم عن كثب طوال اكثر من نصف قرن ( اينشتاين ، بيكاسو ، مودلياني ،ريفيرا ، ، ابولينير ، ايلوار ، لوركا ، نيرودا ، أراغون ، سارتر ، اندريه جيد ، اندريه موروا ، غوركي ، بابل ، ماندلشتام ، تسفيتايفا ، أخماتوفا ، ماياكوفسكي ، يسينين ، بوخارين ، همنغواي ، ناظم حكمت ) ،وعشرات غيرهم من المع شخصيات القرن العشرين . يتحدث عنهم من زوايا جديدة ، ويرسم لهم صورا قلمية ( بورتريهات ) رائعة .
ويعود الفضل الى ايرنبورغ في كشف الستار عن عشرات الأدباء والفنانين والعلماء الذين سحقتهم آلة القتل الستالينية . ولم يكن الجيل السوفيتي الجديد يعرف عنهم شيئا ، قبل صدور مذكراته . وهو الذي أعاد هؤلاء الى القاريْ الروسي . ولهذا السبب تحديدا احتلت " الناس والأعوام والحياة " مكانة سامية في عقول وقلوب المثقفين الروس الليبراليين ، قبل تفكك الامبراطورية السوفيتية .
تحدثنا عن معاناة ايرنبورغ الطويلة وحياته الزاخرة بالأحداث في دراستنا المعنونة " حياة ايرنبورغ الصاخبة بين موسكو وباريس " التي نشرت على ثلاث حلقات متسلسلة في صحيفة " الزمان " اللندنية قبل بضع سنوات .
يتحدث ايرنبورغ عن حكاية هذه الصورة فيقول في مذكراته : " رسمني بيكاسو خلال دقائق قليلة . قلت له : اراك قد رسمت ( برورتريت)ي بسرعة خاطفة . قال بيكاسو :" ايليا انا اعرفك منذ اكثر من اربعين عاما ،لذا لا ارى صعوبة في رسم من اعرفه جيداً ..
من يزور مقبرة العظماء " نوفي ديفيتشي " في موسكو سيجد ان بورتريه ايرنبورغ بريشة صديقه بيكاسو محفور على شاهد ضريحه . وقد رسمه بيكاسو عام 1966 اي قبل عام واحد من رحيل ايرنبورغ
في الصورة ايليا ايرنبورغ مع صديق العمر بابلو بيكاسو عام 1966 .
من صفحة الصديق هادي ياسين