شرف (رفيق ـ)
(1932 ـ 2003)
رفيق شرف مصور لبناني، ولد في مدينة بعلبك ودرس الفنون في الأكاديمية اللبنانية للفنون، حيث تتلمذ على يد الفنان الانطباعي اللبناني قيصر الجميل، وفي عام 1955 سافر بمنحة دراسية إلى إسبانيا ليدرس في أكاديمية سان فرناندو الملكية، وقد أشاد به أستاذه الفنان الإسباني الكبير إميليو لوبيز، ورأى فيه «كتلة من انفعالات شرقية»، ثم سافر إلى إيطاليا لاستكمال دراسته، وبعد عودته إلى لبنان عُين أستاذاً للفن في معهد الفنون الجميلة في بيروت، واحتل مركز مدير الفرع الأول قبل تقاعده.
منذ أواسط الخمسينيات من القرن العشرين بدأت لوحات رفيق شرف تنتشر داخل لبنان وخارجه، ولاسيما بعد مغادرته بعلبك إلى بيروت والتحاقه بالأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة سنة 1952. وقد أقام معارض فردية كثيرة داخل لبنان وخارجه، وشارك في أغلب المعارض الجماعية اللبنانية، ونال جوائز عدة، كما اقتنت الدولة اللبنانية مجموعة من أعماله، وحصل على أوسمة رسمية، وخلف مجموعة كبيرة من الأعمال، وهي اليوم في عهدة زوجته وأولاده بغية تنظيمها في متحف خاص يليق به.
انتقل رفيق شرف إلى بيروت حاملاً معه صور الفلاحين والعمَّال وانطباعاته ورؤاه عن سهول البقاع وروابيه ووجوهه وعلاماته الخاصة وهي عناصر دخلت في تكوين لوحته الواقعية، وما لبثت هذه الواقعية أن تحولت إلى تعبيرية حادة نمطية تمظهرت تشكيلياً في تلك الوجوه القاسية والمدورة أو المستطيلة والعيون الجاحظة.
بعد ذلك تحول رفيق شرف إلى اللوحة الانطباعية التي اتسمت بالألوان الغامقة، وبأجواء نضجت فيها تجربته في التلوين الخاص، ومقاربات تشكيلية ميَزته ووضعته في خانة خاصة في تاريخ الحركة التشكيلية اللبنانية والعربية وحتى العالمية.
غير أن ما يلفت في لوحته الواقعية والتعبيرية والانطباعية والتراثية كان بحثه الدائم عن حريته في المقاربة اللونية، أو توليد الذات الفنية المغايرة. ولهذا كانت طيوره النمطية وعصافيره المعلقة في الفضاء تحتل قلب لوحته وتعبر عن معناه فناناً ورؤية، وكذلك ألوانه ذات الإيقاع الرمادي والنسور المقتولة والشهيدة التي أصبحت من الطلاسم في مسيرته الفنية.
انشغل رفيق شرف بالقضايا الوطنية والقومية، فكتب باللوحة وبالنصَين الشعري والنثري جلَ ما اعتمل في رؤاه الحضارية العربية. إلاَ أن حالة من الإحباط رافقته بسبب بعض الانكسارات العربية خصوصاً هزيمة 1967، وهذا ما كان يدفعه دائماً إلى أحد اتجاهين:
الأول: العودة إلى تراث الحكاية الشعبية العربية الذي يحتضن رموزاً للبطولة مثل: سيرة الزير سالم وعنترة والزيناتي خليفة وأبي زيد الهلالي، وتالياً إلى توليد شخوص وأحصنة وفضاءات تمثلت في ثلاثة معارض أقامها بعد عام 1967. وفي عودة رفيق شرف إلى الرسوم الشعبية، عودة إلى الذاكرة التشكيلية الشعبية العربية بروحية البحث عن قيم جديدة للوحة العربية المعاصرة، حتى إنه في لوحات الأيقونة البيزنطية أو غير البيزنطية كان ينطلق من إشارات عرفها في طفولته محاولاً مدَ اللوحة العربية بعناصر وروح جديدة.
الثاني: العودة إلى الرومانسية الهادئة التي تتمثل بسهول البقاع وقراه المنسية وعلاماته الساكنة والقصيَة. وهذا ما فعله منذ (1993) حينما أعاد الاعتبار إلى دوائره الإنسانية والتشكيلية الأولى.
لم يحصر رفيق شرف نفسه في أيِّ قالب أو أيِّ مدرسة فنية. فقد كان في معظم معارضه يجرِّب أشكالاً وتصاميم وصوراً ورؤىً متباينة، لكن لوحته تبقى تحمل بصمته ورؤيته. وصحيح أنه في بعض مراحله صوَّر الواقع، إلا أنه كان يهمل التفاصيل الواقعية ليصوغ لوحة غير منتظرة. ولهذا كان، بعد العام 1967 يحوِّل الحرف العربي إلى رموز وقضايا تنطلق من التراث وتصب في تطوير اللوحة العربية المعاصرة.
تبلورت عالمية رفيق شرف من خلال تأكيده ذاته الفنية والحضارية وعدم الذوبان في العالم، إذ إن لوحته بقيت محملة بروح الشرق وتعاويذه وقضاياه، فالمرحلة الفنية عنده فصل أو طقس أو مناخ، والفن نفسه يعني لديه طقوس الحرية، والاختزال الفني والتكثيف التشكيلي الرومانسي الشفاف والواقعي الجارح، لذلك كان فناناً حراً بامتياز، وقد كانت حريته سر حيويته التي رافقته حتى آخر لون الْتمعَ في عينيه.
استغرقت رحلة رفيق شرف الفنية عشرات المعارض الفردية والجماعية في لبنان ومعظم العواصم العربية والعالمية. فقد شارك في معارض الفن الحديث في روما وفيينا وساوباولو والبندقية وبلغراد وطوكيو وتونس والكويت والاسكندرية وباليرمو ومونت كارلو. أما أهم معارضه الفردية فتمتد من ستينيات القرن العشرين حتى تسعينياته خصوصاً في فيينا وواشنطن وديترويت والإمارات العربية. وقد عدَّته دائرة الفن الحديث في موسكو من أهم فناني الشرق وكذلك دائرة المعارف الأميركية، كذلك ورد اسمه في كتاب المركز الدولي في كمبريدج في بريطانيا. وهناك المئات من لوحاته موجودة في متاحف ومجموعات خاصة في باريس وفلورنسا ودمشق وعمان والكويت ومركز الشرق الأوسط في واشنطن، ومركز رابطة البلدان العربية في واشنطن.
هاشم قاسم
(1932 ـ 2003)
منذ أواسط الخمسينيات من القرن العشرين بدأت لوحات رفيق شرف تنتشر داخل لبنان وخارجه، ولاسيما بعد مغادرته بعلبك إلى بيروت والتحاقه بالأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة سنة 1952. وقد أقام معارض فردية كثيرة داخل لبنان وخارجه، وشارك في أغلب المعارض الجماعية اللبنانية، ونال جوائز عدة، كما اقتنت الدولة اللبنانية مجموعة من أعماله، وحصل على أوسمة رسمية، وخلف مجموعة كبيرة من الأعمال، وهي اليوم في عهدة زوجته وأولاده بغية تنظيمها في متحف خاص يليق به.
انتقل رفيق شرف إلى بيروت حاملاً معه صور الفلاحين والعمَّال وانطباعاته ورؤاه عن سهول البقاع وروابيه ووجوهه وعلاماته الخاصة وهي عناصر دخلت في تكوين لوحته الواقعية، وما لبثت هذه الواقعية أن تحولت إلى تعبيرية حادة نمطية تمظهرت تشكيلياً في تلك الوجوه القاسية والمدورة أو المستطيلة والعيون الجاحظة.
بعد ذلك تحول رفيق شرف إلى اللوحة الانطباعية التي اتسمت بالألوان الغامقة، وبأجواء نضجت فيها تجربته في التلوين الخاص، ومقاربات تشكيلية ميَزته ووضعته في خانة خاصة في تاريخ الحركة التشكيلية اللبنانية والعربية وحتى العالمية.
غير أن ما يلفت في لوحته الواقعية والتعبيرية والانطباعية والتراثية كان بحثه الدائم عن حريته في المقاربة اللونية، أو توليد الذات الفنية المغايرة. ولهذا كانت طيوره النمطية وعصافيره المعلقة في الفضاء تحتل قلب لوحته وتعبر عن معناه فناناً ورؤية، وكذلك ألوانه ذات الإيقاع الرمادي والنسور المقتولة والشهيدة التي أصبحت من الطلاسم في مسيرته الفنية.
انشغل رفيق شرف بالقضايا الوطنية والقومية، فكتب باللوحة وبالنصَين الشعري والنثري جلَ ما اعتمل في رؤاه الحضارية العربية. إلاَ أن حالة من الإحباط رافقته بسبب بعض الانكسارات العربية خصوصاً هزيمة 1967، وهذا ما كان يدفعه دائماً إلى أحد اتجاهين:
الأول: العودة إلى تراث الحكاية الشعبية العربية الذي يحتضن رموزاً للبطولة مثل: سيرة الزير سالم وعنترة والزيناتي خليفة وأبي زيد الهلالي، وتالياً إلى توليد شخوص وأحصنة وفضاءات تمثلت في ثلاثة معارض أقامها بعد عام 1967. وفي عودة رفيق شرف إلى الرسوم الشعبية، عودة إلى الذاكرة التشكيلية الشعبية العربية بروحية البحث عن قيم جديدة للوحة العربية المعاصرة، حتى إنه في لوحات الأيقونة البيزنطية أو غير البيزنطية كان ينطلق من إشارات عرفها في طفولته محاولاً مدَ اللوحة العربية بعناصر وروح جديدة.
الثاني: العودة إلى الرومانسية الهادئة التي تتمثل بسهول البقاع وقراه المنسية وعلاماته الساكنة والقصيَة. وهذا ما فعله منذ (1993) حينما أعاد الاعتبار إلى دوائره الإنسانية والتشكيلية الأولى.
لم يحصر رفيق شرف نفسه في أيِّ قالب أو أيِّ مدرسة فنية. فقد كان في معظم معارضه يجرِّب أشكالاً وتصاميم وصوراً ورؤىً متباينة، لكن لوحته تبقى تحمل بصمته ورؤيته. وصحيح أنه في بعض مراحله صوَّر الواقع، إلا أنه كان يهمل التفاصيل الواقعية ليصوغ لوحة غير منتظرة. ولهذا كان، بعد العام 1967 يحوِّل الحرف العربي إلى رموز وقضايا تنطلق من التراث وتصب في تطوير اللوحة العربية المعاصرة.
تبلورت عالمية رفيق شرف من خلال تأكيده ذاته الفنية والحضارية وعدم الذوبان في العالم، إذ إن لوحته بقيت محملة بروح الشرق وتعاويذه وقضاياه، فالمرحلة الفنية عنده فصل أو طقس أو مناخ، والفن نفسه يعني لديه طقوس الحرية، والاختزال الفني والتكثيف التشكيلي الرومانسي الشفاف والواقعي الجارح، لذلك كان فناناً حراً بامتياز، وقد كانت حريته سر حيويته التي رافقته حتى آخر لون الْتمعَ في عينيه.
استغرقت رحلة رفيق شرف الفنية عشرات المعارض الفردية والجماعية في لبنان ومعظم العواصم العربية والعالمية. فقد شارك في معارض الفن الحديث في روما وفيينا وساوباولو والبندقية وبلغراد وطوكيو وتونس والكويت والاسكندرية وباليرمو ومونت كارلو. أما أهم معارضه الفردية فتمتد من ستينيات القرن العشرين حتى تسعينياته خصوصاً في فيينا وواشنطن وديترويت والإمارات العربية. وقد عدَّته دائرة الفن الحديث في موسكو من أهم فناني الشرق وكذلك دائرة المعارف الأميركية، كذلك ورد اسمه في كتاب المركز الدولي في كمبريدج في بريطانيا. وهناك المئات من لوحاته موجودة في متاحف ومجموعات خاصة في باريس وفلورنسا ودمشق وعمان والكويت ومركز الشرق الأوسط في واشنطن، ومركز رابطة البلدان العربية في واشنطن.
هاشم قاسم