الشعراوي( محمد متولي )Al-Sha’rawi (Mohammad Mitwali العالم الداعية ولد بقرية (دقادوس)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الشعراوي( محمد متولي )Al-Sha’rawi (Mohammad Mitwali العالم الداعية ولد بقرية (دقادوس)

    الشعراوي (محمد متولي ـ)
    (1911 ـ 1998م)
    الشيخ محمد متولي الشعراوي العالم الداعية ولد بقرية (دقادوس) مركز (بيت غمر) محافظة (الدقهلية) بمصر في جو مشحون كما يقول: (بالهبات الدينية والروحية) فقد كان ولاؤها كلها لخمسة من كبار العلماء الربانيين الذين وفقوا بالصدق والإخلاص لإشاعة القيم والمعايير الشرعية والأخلاقية، وعملوا في كل المناسبات العامة والخاصة لشحن النفوس وتعبئتها في جو مفعم بالإيمان والالتزام بالقيم، في هذا الجو نشأ الشعراوي.
    حفظ القرآن الكريم في العاشرة وجوَّده في الخامسة عشرة، ودخل معهد الزقازيق الابتدائي الأزهر عام 1926 ثم المعهد الثانوي عام 1932 وحج ضمن بعثة طلابية عام 1941 وحصل على العالمية مع إجازة التدريس عام 1943 من جامعة الأزهر.
    شارك أهل بلده بما متعه الله من مواهب فطرية عديدة أفراحهم وأتراحهم، فقد كان خطيباً مفوهاً، وشاعراً مجيداً عبّر بقصائده عن مشاعر بلده وأمته وقضايا فلسطين والقدس واستقلال مصر، فكان ديوان شعره سجلاً حافلاً للأحداث اليومية والتاريخية ينبض بالحركة مشحوناً بالروح الدينية الجيّاشة، ولم يتأخر عن المشاركة بالأحداث العامة السياسية والاجتماعية والدينية، فقد كان في المرحلة الابتدائية زعيماً ورئيساً لإتحاد الطلبة، وكان أحد قادة الحركة الطلابية في الأزهر الشريف، دخل السياسة ولوحق مراراً وتعرض للسجن والاعتقال أكثر من مرة، وكانت صلته حميمة بحزب الوفد ومصطفى النحاس باشا، وكانت له صله قوية بالرؤساء محمد نجيب وأنور السادات وحسني مبارك.
    دخل الإذاعة لأول مرة عام 1950 وشارك في البرنامج التلفزيوني (نور على نور) الذي يعدّ بداية انطلاقة الشيخ لتكوين جمهوره العريض وشهرته الواسعة، وعُدّ بحق ظاهرة إعلامية متميزة.
    عمل في التدريس في معاهد طنطا والزقازيق والإسكندرية إلى عام 1949، ثم أعير للمملكة العربية السعودية عام 1950 مدرساً في كلية الشريعة بجامعة الملك عبد العزيز بمكة المكرمة، ثم عين وكيلاً لمعهد طنطا الديني عام 1960 ثم مديراً للدعوة بوزارة الأوقاف عام 1961 ثم مفتشاً للعلوم العربية بالأزهر عام 1962 ثم مديراً لمكتب شيخ الأزهر (الشيخ حسن مأمون) عام 1964 ثم رئيساً لبعثة الأزهر بالجزائر عام 1966 ثم أستاذاً زائراً بجامعة الملك عبد العزيز بكلية الشريعة في مكة المكرمة عام 1970 ثم مديراً عاماً لمكتب وزير شؤون الأزهر عام 1975، وأحيل للتقاعد عام 1976، وفي عام 1976 عين وزيراً للأوقاف إلى عام 1978 وبعد خروجه من الوزارة عُين عضواً في مجمع البحوث الإسلامية عام 1980، ثم تفرغ للدعوة بعد ذلك ورفض جميع المناصب والوظائف السياسية والتنفيذية التي عرضت عليه.
    مُنح الشعراوي وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى بمناسبة بلوغه سن التقاعد وتفرغه للدعوة في عام 1976، وحصل على جائزة الدولة التقديرية عام 1988 وحصل على الدكتوراه الفخرية من جامعة المنصورة عام 1990، وحصل على جائزة دبي لشخصية عام 1998.
    سافر الشيخ في رحلاتٍ كثيرة وزيارات عديدة في قارات أوربا وأمريكا وآسيا وإفريقيا، وحضر العديد من المؤتمرات الإسلامية، وزار الكثير من البلدان العربية والإسلامية، وكان ضمن أعضاء الوفد المصري الذي رافق الرئيس السادات في زيارته للولايات المتحدة الأمريكية وانتهت بالتوقيع على معاهدة كامب ديفيد المشؤومة، وصلى أول جمعة أقيمت في الأمم المتحدة، ألقى الشيخ فيها خطبة جامعة شاملة دعا فيها المسلمين المغتربين أن يكونوا عنواناً مشرفاً لدينهم وأن يكونوا صورة حية لعقيدتهم بسلوكهم، وأهاب بالأمم المتحدة التي أنشئت لإنصاف الضعيف من القوي ألا تكون شكلاً بل ذات موضوع يحقق ما أنشئت من أجله.
    في المكتبة العربية الإسلامية اليوم عناوين كثيرة وكتب ورسائل تتناول مختلف الموضوعات من العقيدة إلى العبادة والمعاملة، وتتناول جوانب سياسية واجتماعية وثقافية وعلمية وأخلاقية واقتصادية بلغت نحو ستين عنواناً تحمل اسم الشيخ وتدخل في إنتاجه العلمي والفكري، لكنها في مجموعها لا تخرج عن كونها حوارات شخصية مع الشيخ أو تفريغاً لأشرطة مسجلة لأحاديث ودروس وندوات اعتاد الشيخ إلقاءها من خلال أجهزة الإعلام المسموعة والمرئية، لأنه داعية ألزم نفسه بالكلمة المسموعة، وفي هذا يقول: (لم أشتغل بالتأليف أبداً وما كتبت كلمة) ويعلل ذلك بقوله: «لأن الكتابة لقوم مخصوصين وهم الذين يقرأون، وأنا يهمني ـ يعني في الدعوة إلى الله ـ أن أكون مع الكل: مع الطفل ومع الذي يقرأ والذي لا يقرأ. واللسان في هذه الحالة أبلغ وسيلة للبيان.. وعندما أخاطب الناس عن طريق الأجهزة الإعلامية أخاطب كل الناس.. وكلاً على مستواه .. فيأخذ كل واحد حاجته .. المهم عندي أن أؤدي واجبي فأقول الكلمة لكلِّ الناس وأنا ثوابي وأجري عند الله، أما الكتابة فهي لغة واحدة يفهمها من يقرأ فقط».
    ومن هذه العناوين ما يدخل في عداد المصادر والمراجع مثل:
    1ـ «خواطر حول القرآن الكريم»: بلغ المطبوع منها حتى اليوم ستة عشر مجلداً وصل فيها إلى الآية (35) من سورة النور.
    2ـ «معجزة القرآن»: سلسلة صدر منها حتى اليوم أحد عشر مجلداً، يصدرها (كتاب اليوم) بجريدة الأخبار بالقاهرة في رمضان من كل عام.
    «الفتاوى»: تناولت كل القضايا الملحة في أمور الدنيا والآخرة، وكل ما يهم المسلم في حياته ويومه وغده، نشرتها مكتبة القرآن في عشر مجلدات.
    ومن هذه العناوين ما هو عبارة عن كتيبات وكراريس ورسائل تضم بين المئات والعشرات من الصفحات مثل: «التربية الإسلامية» و«شبهات وأباطيل خصوم الإسلام والرد عليها» و«القضاء والقدر» و«عقيدة المسلم» و«المرأة المسلمة والطريق إلى الله» و«المختار من تفسير القرآن الكريم» و«الجهاد في القرآن الكريم» و«خطب الجمعة والعيدين» وكثير غيرها.
    ولما كان إنتاج الشيخ وعلمه ينبع من الينبوع الثر القرآن الكريم وفهمه له، فلابد من بيان السمات العامة لخواطره في تفسير القرآن الكريم وهي بالاستقراء في كتابه الذي أبى أن يسميه تفسيراً بل خواطر حول القرآن الكريم كما يلي:
    1ـ تبسيط معاني الآيات ليتمكن من استيعاب معانيها الدقيقة كل من يستمع إليه.
    2ـ يذكر الكلمة القرآنية، ويحللها تحليلاً لغوياً يبين فيه مشتقاتها ومعانيها ودلالاتها المختلفة، ثم يركّز على المعنى المراد منها في السياق الذي وردت فيه.
    3ـ يجمع بين منهجي التفسير بالرأي والتفسير بالمأثور، فيجتهد في إعمال الفكر لفهم الآيات، ويعتمد على النصوص لبيان المراد منها، سواء في ذلك تفسير القرآن وربط الآيات بعضها بالبعض الآخر، أو ذكر ما جاء في بيان معانيها من أحاديث وأخبار نبوية وأسباب نزول وأقوال الصحابة أو التابعين ومن بعدهم من علماء المسلمين المتقدمين والمتأخرين.
    4ـ يربط في بيانه بين الماضي والحاضر، ويسقط المعاني المستخرجة على الوقائع والأحداث المعاصرة، ويمزج الدنيا بالدين ويرد شواهد الحياة اليومية على ما تأصل في الآيات القرآنية من دروس وعبر.
    5ـ لا ينسى وهو يحلّق في أجواء البحث العلمي الأكاديمي، أن يستعمل الأسلوب العلمي ممتزجاً بالأدبي، مستخدماًَ الشعر العربي والحكم والأمثال المناسبة، وأن يهبط أحياناً في مستوى المحادثة إلى لغة التخاطب العامية فيستخدم منها ما هو أقرب للفصحى ليصل إلى كل العقول وليرضي كل الأذواق.
    6ـ يربط المعاني النظرية البعيدة بالمعاني العلمية القريبة، وذلك بضرب الأمثلة المحسوسة والشواهد العلمية ليفهم المستمع بيسر وسهولة كل المراد من البيان المعجز والتوجيه القرآني المحكم.
    7ـ يعرض بأمانة وصدق كل الآراء والأقوال في معاني بعض الآيات، ثم يستخرج أقواها وأوضحها، وقد يضيف إليها معاني جديدة لم يسبق إليها ضمن الأغراض والأهداف القرآنية، ومما لا يتعارض مع الأصول الثابتة المعتبرة.
    8ـ وأخيراً فإن الله تبارك وتعالى يهب للعلماء المتقين الربانيين من عباده العلم الوهبي الذي يطلق عليه اسم (العلم اللَّدُنّي) وهو المشار إليه في قولـه تعالـى: )وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْما( (الكهف 65) ويراد به ما يفيضه الله تعالى على قلوب العارفين عملاً بقوله تعالى: ).. وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ( ( البقرة 282) في مقابل العلم الكسبي الذي ينال عادة بالجهد والاجتهاد وكثرة القراءة والمطالعة والمذاكرة، ويبدو أن الشيخ الشعراوي من هؤلاء العلماء المتقين الربانيين الذين ذاقوا مقام الإحسان فتفضل الله عليهم بنفحات من هذا العلم، وشواهد ذلك وآثار هذه النفحات ظاهرة في مواطن عديدة من خواطره حول القرآن الكريم.
    كان الشعراوي كريم النفس واليد، يعفو عمن ظلمه ويحسن لمن أساء إليه ويصل من قطعه وينفق سراً وجهراً، ويعطي عطاء من لا يخشى الفقر، يصنع الموائد العامة في رمضان في ساحات مسجد الحسين ومشهد السيدة نفيسة، ويوزع الألبسة والثياب والنقود على المحتاجين.
    توفي الشعراوي بعد مرض ألم به في قريته دقادوس التي كان قد أنشأ فيها مشفى ومعاهد أزهرية ومدارس ومساجد.
    محمد هشام برهاني
يعمل...
X