سيمونيدس
(556 ـ 468 ق.م)
سيمونيدس Simonides شاعر إغريقي، يعد إلى جانب بندارُس أهم شعراء عصره. ولد في جزيرة كيوس Ceos شرقي البر اليوناني، وهاجر شاباً إلى أثينا وحظي برعاية الحاكم هيبارخوس Hiparchos ابن المصلح الشهير بيسيستراتوس، ثم انتقل بعد وفاته إلى ثساليا Thessalia حيث نظم بناء على طلب حاكمها سكوبادس Skopades نشيداً للجوقة لاقى صدى في أنحاء اليونان كافة. وحين سأله الحاكم عن مغزى القول المأثور «يصعب على الحاكم أن يكون فاضلاً»، لقنه سيمونيدس درساً في الفضيلة، بمعنى أن الحاكم الفاضل هو الذي يعمل مع مواطنيه لصالح مدينته. وفي أثناء وجوده في أثينا إبان الحرب الفارسية ـ اليونانية تمكن عام 489 ق.م من الفوز على إسخيلوس بحصوله على الجائزة الأولى لأفضل قصيدة قبريةEpigramm (قصيدة رثائية منقوشة) لشعراء معركة ماراثون Marathon عام 490ق.م. وبلغ ذروة مجده شاعراً حين فاز للمرة السادسة والخمسين بجائزة مسابقة القصائد الديثورامبية Dithyrambos (الأمدوحة الديونيسية) عام 485ق.م. وانتقل في عام 476ق.م إلى مدينة سرقسطة في صقلية التي كان يحكمها راعي الشعراء هيرونHieron، والتقى هناك الشاعرين باكخيليدسBakchylides وبندارس، وتوفي في مدينة أكراغاس Akragas وهو في التاسعة والثمانين من عمره.
يروى أن سيمونيدس كان أول من احترف نظم الشعر مصدراً للرزق والرفاه، وفي هذا تفسير لتجواله بين مختلف أنواع الشعر، والنظم حسب الطلب والمكافأة المرصودة، وكذلك لتنقله بين كثير من حواضر الثقافة الإغريقية. فقد نظم قصائد شواهد القبور وأغاني الدثيورامبوس والابتهالات الدينيةPaean وأغاني النصر Epinikion والمراثيThrenoi وغيرها، ولم يتبق من إنتاجه الغزير سوى شذرات متفرقة تعطي فكرة عن موضوعاته ولغته وحرفته. يتصف شعره بالعذوبة والصقل، وأضاف إلى قصائد الجوقة وضوحاً درامياً جعل الكلمات والموسيقى تواكب وتؤكد حركات الجوقة ورقصاتها أكثر من ذي قبل. وتعد مرثيته التي اتخذ موضوعاً لها أسطورة دانائيDanae (ابنة ملك أرغوس Argos وسليلة إله البحر بوسيدون Poseidon ووالدة برسيوسPerseus من رب الأرباب زيوس Zeus) من أجمل ما نُظم في الشعر الغنائي الإغريقي كله. وتظهر براعته الشعرية خاصة في قصائد القبور، حيث يقول بكلمات قليلة ما يحتمل أن يقال في كتب، فاحتل مركز الصدارة، ونُسب إليه على هذا الصعيد الكثير مما لم ينظمه. لكن سيمونيدس لم يحفل كثيراً بالمجد الفردي للمتوفى، إلاّ في حالات نادرة، مثلما فعل عند نظم قبرية العراف الإسبرطي ميغيستياس Megistias الذي رفض أن يتخلى عن رفاقه الجنود فقتل معهم في المعركة، إذ ربط بين المزايا الشخصية والبطولات الفردية في إطارها الاجتماعي والسياسي، فنظم قبرية الشهداء الإسبرطيين الثلاثمئة الذين ماتوا دفاعاً عن وطنهم: «أيها الغريب قل للإسبرطيين إننا نرقد هنا طاعة لأوامرهم».
وتعود شهرة سيمونيديس إلى حكمته الحياتية أكثر من طلاوة شعره، فهو يحس عميقاً بالضعف البشري، ويرى أن على الشعر أن يكون «رسماً ناطقاً»، فجاءت قصائده لتخاطب فعلاً جميع الحواس، ولكن عبر مصفاة العقل الناضج.
نبيل الحفار
(556 ـ 468 ق.م)
سيمونيدس Simonides شاعر إغريقي، يعد إلى جانب بندارُس أهم شعراء عصره. ولد في جزيرة كيوس Ceos شرقي البر اليوناني، وهاجر شاباً إلى أثينا وحظي برعاية الحاكم هيبارخوس Hiparchos ابن المصلح الشهير بيسيستراتوس، ثم انتقل بعد وفاته إلى ثساليا Thessalia حيث نظم بناء على طلب حاكمها سكوبادس Skopades نشيداً للجوقة لاقى صدى في أنحاء اليونان كافة. وحين سأله الحاكم عن مغزى القول المأثور «يصعب على الحاكم أن يكون فاضلاً»، لقنه سيمونيدس درساً في الفضيلة، بمعنى أن الحاكم الفاضل هو الذي يعمل مع مواطنيه لصالح مدينته. وفي أثناء وجوده في أثينا إبان الحرب الفارسية ـ اليونانية تمكن عام 489 ق.م من الفوز على إسخيلوس بحصوله على الجائزة الأولى لأفضل قصيدة قبريةEpigramm (قصيدة رثائية منقوشة) لشعراء معركة ماراثون Marathon عام 490ق.م. وبلغ ذروة مجده شاعراً حين فاز للمرة السادسة والخمسين بجائزة مسابقة القصائد الديثورامبية Dithyrambos (الأمدوحة الديونيسية) عام 485ق.م. وانتقل في عام 476ق.م إلى مدينة سرقسطة في صقلية التي كان يحكمها راعي الشعراء هيرونHieron، والتقى هناك الشاعرين باكخيليدسBakchylides وبندارس، وتوفي في مدينة أكراغاس Akragas وهو في التاسعة والثمانين من عمره.
يروى أن سيمونيدس كان أول من احترف نظم الشعر مصدراً للرزق والرفاه، وفي هذا تفسير لتجواله بين مختلف أنواع الشعر، والنظم حسب الطلب والمكافأة المرصودة، وكذلك لتنقله بين كثير من حواضر الثقافة الإغريقية. فقد نظم قصائد شواهد القبور وأغاني الدثيورامبوس والابتهالات الدينيةPaean وأغاني النصر Epinikion والمراثيThrenoi وغيرها، ولم يتبق من إنتاجه الغزير سوى شذرات متفرقة تعطي فكرة عن موضوعاته ولغته وحرفته. يتصف شعره بالعذوبة والصقل، وأضاف إلى قصائد الجوقة وضوحاً درامياً جعل الكلمات والموسيقى تواكب وتؤكد حركات الجوقة ورقصاتها أكثر من ذي قبل. وتعد مرثيته التي اتخذ موضوعاً لها أسطورة دانائيDanae (ابنة ملك أرغوس Argos وسليلة إله البحر بوسيدون Poseidon ووالدة برسيوسPerseus من رب الأرباب زيوس Zeus) من أجمل ما نُظم في الشعر الغنائي الإغريقي كله. وتظهر براعته الشعرية خاصة في قصائد القبور، حيث يقول بكلمات قليلة ما يحتمل أن يقال في كتب، فاحتل مركز الصدارة، ونُسب إليه على هذا الصعيد الكثير مما لم ينظمه. لكن سيمونيدس لم يحفل كثيراً بالمجد الفردي للمتوفى، إلاّ في حالات نادرة، مثلما فعل عند نظم قبرية العراف الإسبرطي ميغيستياس Megistias الذي رفض أن يتخلى عن رفاقه الجنود فقتل معهم في المعركة، إذ ربط بين المزايا الشخصية والبطولات الفردية في إطارها الاجتماعي والسياسي، فنظم قبرية الشهداء الإسبرطيين الثلاثمئة الذين ماتوا دفاعاً عن وطنهم: «أيها الغريب قل للإسبرطيين إننا نرقد هنا طاعة لأوامرهم».
وتعود شهرة سيمونيديس إلى حكمته الحياتية أكثر من طلاوة شعره، فهو يحس عميقاً بالضعف البشري، ويرى أن على الشعر أن يكون «رسماً ناطقاً»، فجاءت قصائده لتخاطب فعلاً جميع الحواس، ولكن عبر مصفاة العقل الناضج.
نبيل الحفار