شخصيات مؤثرة
27 يونيو 2022 ·
حين دمر الأسطول البريطاني عروس البحر
فى 11يوليو عام1882م أطلقت مدفعية الاسطول الإنجليزى بقيادة الجنرال سيمور نيرانها على مدينة الإسكندرية، لتحول المدينة إلى قطعة خراب كبيرة ومدرة تماما وقد كانت درة البحر المتوسط وأكبر مدنه وأجملها.
فيما الفلاحون من أبناء جيش عرابى ماتوا على طوابيهم، ووسط مدافعهم التى اسكتتها البحرية البريطانية، فى الحرب «الإنجليزية - المصرية»، التي بدأت مثل هذا اليوم بقصف الإسكندرية، وانتهت بهزيمة أحمد عرابى فى سبتمبر من عام 1882 فى معركة التل الكبير، وهى المعركة التى خلفت الهزيمة فيها احتلالا بريطانيا لمصر دام 72 عاما.
ورط الخديوى إسماعيل مصر فى ديون باهظة، نتج عن ذلك التدخل السافر لبريطانيا وفرنسا فى الحكم المصرى، حيث كان لكل من البلدين مندوبا فى الحكومة، يعتمد المصاريف ويراقب الواردات، وكانا تقريبا هما المتصرفين فى الشأن المصرى، وانتهى الأمر بعزل الخديوى اسماعيل، فى هذه اللحظات كانت هناك مطالب واضحة بدأت تتشكل، ووعيا قوميا أننا شعب مصرى من حقنا أن يكون لنا كيان ودولة ودستور، وارتفعت المطالب بأن تتحول مصر إلى «الملكية الدستورية»
إلا أن كل هذه المطالب التى تعالت سريعا ما أجهضتها الدولة العثمانية، وبريطانيا وفرنسا، اللتان أرسلتا أسطولا إلى مصر يدعى حماية مصر من الانهيار الأمنى، وظل الاسطول يرتقب الفرصة المناسبة للتدخل.
«العربجى» الذى أشعل فتيل الحرب واحتلال مصر
فى عصر يوم 11 يونيو 1882، ركب شخص أجنبى من مالطا التى كانت واقعة تحت الحماية البريطانية، حنطورا من ميدان المنشية، وطلب منه المرور فى شارع السبع بنات والذى كان شارعا مليئا بالمقاهى والحانات، وكلما مر الحنطور على حانة، نزل المالطى وطلب من السائق الانتظار حتى يتناول كأسا، وبمرور الوقت فى يوم حار طلب "المكارى" أو سائق الحمار من المالطى أجرته وأن يجعله يغادر، فأعطاه أجرا زهيدا وهو قرش واحد، ووقعت بينهما مشادة، فأخرج المالطى سكينا وطعن به المكارى المصرى، فأرداه قتيلا.
وعلى أثر هذا النزاع اندلعت أعمال الشغب فى المدينة بين أبناء البلد والأجانب، وليومين انتشرت أعمال الشغب فى المدينة قبل أن تنجح قوات الأمن فى إيقافها مخلفة وراءها حوالى 300 قتيل، منهم 75 أوربيا و250 من أهالى الاسكندرية.
أعطى الاسطول البريطانى المرابط أمام المدينة تحذيرا لعرابى الذى شغل فى هذا الوقت منصب ناظر الجهادية بالتدخل، لكن التدخل توقف، فأخذ الاسطول يتحجج بقيام عرابى بتحصين طوابى المدينة وطالبه بالتوقف، لكن عرابى رفض هذا الإنذار، وفى 11 يوليو من عام 1882 انطلقت الطلقة الأولى تجاه الطوابى
قصف ودمار وحرائق وإعدامات جماعية فى ميدان المنشية
ليومين متتاليين ظل الأسطول الإنجليزى يضرب المدينة من البحر، حتى خمد آخر مدفع موجود على طوابى الإسكندرية، لم يستطع سلاح الجيش المصرى وقتها مضاهاة الأسطول البريطانى، من الجانب البريطانى لقى 6 جنود فقط مصرعهم، أما فلاحو عرابى على الطوابى فمات منهم نحو 700 شخص، واضطر عرابى إلى التقهقر، وبحلول عصر اليوم الثانى من القصف اشتعلت النيران فى أجزاء واسعة من المدينة التى هاجمها البدو لنهبها.
انتشرت أعمال السلب والنهب والحرائق فى المدينة لأربعة أيام متتالية، وأخيرا اطمأن الجنرال سيمور بهدوء الأمور ، مع انسحاب أحمد عرابى إلى مدينة كفر الدوار وتحصينها لمواجهة جديدة مع الإنجليز، وطأت أرض الإنجليز أرض الإسكندرية، وبدأوا فى القبض على عدد من الأهالى واتهموهم بإثارة الشغب.
أمام مبنى البورصة القديمة فى الإسكندرية، ، أقام الإنجليز محكمة سريعة لعدد من الأهالى، وتمت عمليات إعدام على عجل، وكانت الجثامين تدفن حتى فى الميدان دون تكلف عناء نقلها.
مقاومة باسلة وهزيمة خادعة
تراجع عرابى بجنوده على ترعة المحمودية، ليرابط خارج الإسكندرية على طوال المنطقة من كفر الدوار، والبيضاء، وخورشيد، منتظرا الجنود البريطانيين، وفى 5 أغسطس التقى الجيشان المصرى والبريطانى فى معركة انتهت بهزيمة الجيش البريطانى وإجباره على التراجع، والمحاولة من الناحية الأخرى وتحديدا من المجرى الملاحى لقناة السويس.
استطاع دليسيبس أن يقنع عرابى بأن البريطانيين لن يستخدموا المجرى الملاحى لقناة السويس للهجوم، وفى الوقت نفسه استطاع الخديوى توفيق استمالة عدد من قادة جيش عرابى، وعدد من بدو محافظة الشرقية، وفى هجوم خاطف يوم 13 سبتمبر 1882 استطاع الإنجليز مباغتة جيش عرابى، وهزيمته، وألقى القبض على عرابى وجرى نفيه إلى سرنديب أو سريلانكا حاليا، حيث بقى هناك لمدة 20 عاما قبل أن يعود إلى مصر عام 1903 بعد العفو عنه، ويتوفى بعدها بـ 8 أعوام فى سبتمبر 1911.