كونفوشيوس كونفوشيه Confucius and confucianism - Confucius et confucianisme
كونفوشيوس والكونفوشيوسية
(551 ـ 479ق.م)
كونفوشيوس Confucius هو الاسـم الأشهر بالصيغة اللاتينية للاسم الصيني كونغ فو تسو Kung Fu-Tzu (ويعني الأستاذ أو المعلم «كونغ فو»)، وهو واحد من أكبر معلمي العالم القديم وفلاسفته، وأشهر حكماء عالم شرقي آسيا وخاصة الصين واليابان وكوريا وڤييتنام، والمنظِّر السياسي الأول في امبراطوريات الصين القديمة، وصاحب أقوى تأثير في المجتمعات الآسيوية الشرقية منذ القرن الثاني ق.م حتى اليوم، وإليه تنسب المدرسة الكونفوشية Confucianism، أولى المدارس الفكرية الصينية القديمة، وهي فلسفة ومذهب تربوي من أكبر المذاهب في العالم.
ولد كونفوشيوس في مقاطعة (لو) Lu الصينية في الإقليم الذي يعرف حالياً باسم سو- شويه (شون- تونغ Shun-Tung). وقد عرفه الصينيون بأسماء أخرى هي: كونغ تسو Kung Tzu وكونغ تشيو Kung Chiu وتشونغ ني Chung-Ni. لايعرف كثير عن أسرته ويرجح أنه كان ينتمي إلى عائلة نبيلة فقدت ثروتها. توفي والده وهو صغير، ولعدم تمكنه من الإنفاق على تعليمه، انحصر طموحه في تعليم بسيط يكفل له الانتماء إلى حاشية أحد ولاة الأقاليم أو حكام الصين في محاولة لتطبيق أفكاره الإصلاحية في مجتمعه، لكنه أخفق، فانصرف إلى العمل معلماً أو موظفاً ثانوياً، في الوقت الذي عانت فيه الصين انقسامَ ولاياتها وصراع بعضها مع بعض صراعاً أودى بكثير من المعايير الأخلاقية. وقد وجد كونفوشيوس أن التهاون في معالجة هذه الظواهر اللاأخلاقية يمكن أن يدمر مجتمع الصين بجميع مظاهره الحضارية الخاصة، ورأى أن خير طريقة لمعالجة هذا الوضع المتردي الذي انحدر إليه مجتمعه، هو إعادة تشكيل قيم الإنسان وصياغة فكره للوصول إلى مجتمع متماسك قادر على بناء حضارته من جديد، وذلك عن طريق استعادة معايير السلوك الموضوعية عن الفرد، إضافة إلى توسيع حدود المسؤولية عند المواطن والجماعة والحكومة في آن واحد.
ودعا كونفوشيوس الناس في المجتمع الصيني من مواطنين ورجال حكم إلى السعي من أجل تكوين (المواطن المحترم)، قائلاً: «عندما يكون المواطن محترماً فإن الوطن سيقدم وقتها الحاكم المحترم، وإذا أصبح الحكام محترمين، فإن سلوكهم سيكون دافعاً أقوى بمرات عديدة من العقوبات في توجيه المواطن، لأن نموذجهم هذا سيلهم المواطنين التزام أساليب الحياة الطيبة التي أساسها احترام الآباء كما الحكام إضافة إلى الصدق في العبادة». وخلص كونفوشيوس إلى القول: إنه ليس من الضروري والحالة هذه أن ينتسب المواطن المحترم إلى سلالة أو نبالة أو طبقة اجتماعية معينة، بل أن تكون تربيته في أسرته وتوجيهه في مجتمعه مرتكزة على القاعدة الذهبية القائلة «عامل الناس بما تحب أن يعاملوك به»، ووصف هذا الإطار كله بأنه الطريق أو الطاو Tao [ر: الطاوية].
ويُعتقد أن فترة شيخوخة كونفوشيوس كانت الفترة الأخصب في حياته، إذ تنسب إليه فيها وضع خمس كتب قانونية حملت أسماء كتاب «القصائد أو شي كينغ»، وكتاب «الوثائق القانوني أو شوكينغ»، وكتاب «التحولات أو يي كينغ»، و«مذكرات حول الطقوس أو لي كي»، و«حوليات الربيع والخريف أو تشوين تسيو»، والكتاب الأخير أكثر الكتب التي يعزو المؤرخون كتابتها إلى لكونفوشيوس.
ويعد الفيلسوف منشيوس Mencius (وهو الصيغة اللاتينية للاسم الصيني مين تزو Min-Tzu أي المعلم) (371-289ق.م) أشهر أتباع كونفوشيوس في العصور القديمة؛ المعلم الثاني في المدرسة الكونفوشية. وقد تضمنت تعاليمه إلى طلابه فلسفته المرتكزة على فكرة أن البشر يولدون بطيبة فطرية، ولهذا من الضروري أن يحافظ المجتمع على هذه الطيبة وتطويرها ما أمكن لتأكيد إنسانية البشر واستبعاد زلاتهم الشريرة، ودعا دائماً إلى استلهام الماضي لأنه منهل الخير والمثل العليا في الحياة، وكذلك النموذج الذي يجب مقاربة المشكلات الحاضرة إليه من أجل اختيار الأفضل، وعلى النقيض من ذلك اعتقد كونفوشيوسي آخر يدعى هسون تزو (298 - 238ق.م) Hsun-tzu، وهو المعلم الثالث في المدرسة، أن طيبة البشر تكتسب اكتساباً من ممارسة شؤون الحياة، وهي بهذا تكون أقوى وأوقع في النفس البشرية لأنها تكون نابعة من تجربة، وتتأكد هذه الطيبة بالتعليم الصالح ورعاية المجتمع العادلة.
وعلى هذا ارتكزت المدرسة الكونفوشية في تعاليمها على الكتب التي عرفت باسم «الكتب الأربعة أو سوشو»، وتضم «الدرس الأكبر أو تاهيو»، و«المحاورات أو لوين يو»، و«كتاب الوسط الصحيح أو تشونغ ونغ» إضافة إلى كتاب منشيوس، ويعد كتاب الوسط الصحيح الذي ألّفه ابن أخ كونفوشيوس ثبتاً أميناًً لأفكار كونفوشيوس التي كانت تميل إلى تبرير تفوق الطبقات العليا وتعظيم إرادة السماء.
وقد لاقت هذه الفلسفات والأفكار وقعاً حسناً في نفوس أباطرة الصين بدءاً من نهاية أسرة تشين (221 - 206ق.م) Chin dynasty ووصلت ذروتها في فترة أسرة هان (206 ق.م- 220م) Han dynasty، وتشبعت بالميتافيزيقا الطاوية[ر] Taoism، ثم تطورت وسميت بالكونفوشية التوليفية syncretic (وهي مزيج من التعاليم الدينية، تقول بمبدأ كلي واحد، قطباه قوى السالب والموجب، أو السلب والإيجاب: أو الين واليانغ Yin-Yang). وكان أبرز فلاسفتها تونغ شونغ تشو (176 - 104ق.م) Tung Chung-Chu الذي أقنع الامبراطور «وو» Wu بتبني الكونفوشية أيديولوجية رسمية للدولة، ووانغ تشونغ (27ق.م - 100م) Wang-Chung، الذي أنكر القدر، وقال بقانون لكل كائن.
وتغلغلت البوذية[ر] Buddhism في العقول وهيمنت على الشعب الصيني قرابة 800 عام منذ سقوط أسرة هان (220م) حتى قيام أسرة سونغ Sung سنة 960م، وبات هناك اعتقاد بين كل المثقفين والسياسيين بأن التفكير الكونفوشي قد مضى إلى غير رجعة، ولكن حركة البعث الكونفوشية، والمعروفة باسم «الكونفوشية المحدثة» بدأت حركة وطنية ضد البوذية الهندية الدخيلة، وقد مثلّها أصدق تمثيل كل من الحكيم هو يوان (993 - 1059م) Hu Yuan، والحكيم إيو يانغ هسيو (1007 - 1070م) Iou Yang Hsiu.
وقد لجأ فلاسفة الكونفوشية المحدثة إلى اقتلاع البوذية من جذورها وإحياء الكونفوشية في الفكر الصيني، وتم ذلك من خلال مسارين متميزين، تمثل الأول في المدرسة العقلية rationalistic أو مدرسة المبدأ وكان أول فلاسفتها تشو توني Chu- Tuni الملقب بتشو لين هسي (1130 - 1200م) Chu- Lien- Hsi، وتشِنغ يي وأخوه الأكبر تشِنغ هاو (1032 - 1085م) Cheng Hao وعمهما تشانغ تساي (1020 - 1077م) Chang-Tsai وشاو يونغ (1011 - 1077) Shou-Yung. وتمثل الثاني في المدرسة المثالية الحدسية Intuitionism أو مدرسة العقل School of Mind التي تزعمها لو هسيانغ شان Lu Hsiang Shan أو لو تشو يانغ (1139 - 1193م) Lu-Chu- Yang. وهو اتجاه معارض للأول، وقد ظهر فيه أثر البوذية وتعاليم منشيوس. وكان من أبرز أتباعه وانغ يانغ مينغ (1472 - 1529م) Wang Yang Ming ولقبه وانغ شو جن Wang- Shu-Jen، الذي عمّق الاتجاه البدهي للكونفوشية المحدثة، وحثّ تلاميذه على التعمق في البحث عن التنوير عن طريق المزج بين التوسط العملي والممارسة الأخلاقية.
وامتد أثر الكونفوشية حتى القرن السابع عشر، ومثّلها وانغ فوتشيه (1619 - 1692) Wang-Fu-Chih. واشتهر من فلاسفة الصين الحديثة فونغ يولان Fung-Yu-Lan المولود (1895)، الذي تعلم في جامعة كولومبيا الأمريكية، وقال بمثالية منطقية، ووصف الأفكار الكونفوشية بأنها مفاهيم صورية، وكذلك هسيونغ شيه لي Hsiung-Shih-Li المولود (1885)، الذي سمى فلسفته بمذهب الوعي.
على أن الفلسفة التي سادت نحو ألفي سنة في ثقافة المجتمع الصيني، ما لبثت أن نزلت عن هذه السيادة لعدد من الأسباب أولها: بداية احتكاك الصين بالحضارة الغربية (منتصف القرن التاسع عشر) وثانيها: خسارتها الدعم السياسي بسقوط أسرة تشينغ (1911م) Ching Dynasty وبداية العصر الجمهوري، وثالثها: ظهور الأفكار الاشتراكية التي اتهمت الكونفوشية بتبجيل الماضي والتمسك بأخلاقياته التي أودت بقوة الصين على حساب الحتمية التاريخية للفكرة الاشتراكية. على أن قدسية الفكر الكونفوشي في المجتمع الصيني تمكنت من النفوذ حتى إلى مبادئ الماركسية الصينية وأكسبتها طابعها الخاص، وهو أمر دفع الحكومة الاشتراكية في الصين سنة 1977 إلى تخفيف وطأتها عن أتباع هذه الفلسفة، مما أدى إلى استعادة الكونفوشية تدريجياً بعضاً من بريقها القديم.
مفيد رائف العابد
كونفوشيوس والكونفوشيوسية
(551 ـ 479ق.م)
كونفوشيوس Confucius هو الاسـم الأشهر بالصيغة اللاتينية للاسم الصيني كونغ فو تسو Kung Fu-Tzu (ويعني الأستاذ أو المعلم «كونغ فو»)، وهو واحد من أكبر معلمي العالم القديم وفلاسفته، وأشهر حكماء عالم شرقي آسيا وخاصة الصين واليابان وكوريا وڤييتنام، والمنظِّر السياسي الأول في امبراطوريات الصين القديمة، وصاحب أقوى تأثير في المجتمعات الآسيوية الشرقية منذ القرن الثاني ق.م حتى اليوم، وإليه تنسب المدرسة الكونفوشية Confucianism، أولى المدارس الفكرية الصينية القديمة، وهي فلسفة ومذهب تربوي من أكبر المذاهب في العالم.
ولد كونفوشيوس في مقاطعة (لو) Lu الصينية في الإقليم الذي يعرف حالياً باسم سو- شويه (شون- تونغ Shun-Tung). وقد عرفه الصينيون بأسماء أخرى هي: كونغ تسو Kung Tzu وكونغ تشيو Kung Chiu وتشونغ ني Chung-Ni. لايعرف كثير عن أسرته ويرجح أنه كان ينتمي إلى عائلة نبيلة فقدت ثروتها. توفي والده وهو صغير، ولعدم تمكنه من الإنفاق على تعليمه، انحصر طموحه في تعليم بسيط يكفل له الانتماء إلى حاشية أحد ولاة الأقاليم أو حكام الصين في محاولة لتطبيق أفكاره الإصلاحية في مجتمعه، لكنه أخفق، فانصرف إلى العمل معلماً أو موظفاً ثانوياً، في الوقت الذي عانت فيه الصين انقسامَ ولاياتها وصراع بعضها مع بعض صراعاً أودى بكثير من المعايير الأخلاقية. وقد وجد كونفوشيوس أن التهاون في معالجة هذه الظواهر اللاأخلاقية يمكن أن يدمر مجتمع الصين بجميع مظاهره الحضارية الخاصة، ورأى أن خير طريقة لمعالجة هذا الوضع المتردي الذي انحدر إليه مجتمعه، هو إعادة تشكيل قيم الإنسان وصياغة فكره للوصول إلى مجتمع متماسك قادر على بناء حضارته من جديد، وذلك عن طريق استعادة معايير السلوك الموضوعية عن الفرد، إضافة إلى توسيع حدود المسؤولية عند المواطن والجماعة والحكومة في آن واحد.
ودعا كونفوشيوس الناس في المجتمع الصيني من مواطنين ورجال حكم إلى السعي من أجل تكوين (المواطن المحترم)، قائلاً: «عندما يكون المواطن محترماً فإن الوطن سيقدم وقتها الحاكم المحترم، وإذا أصبح الحكام محترمين، فإن سلوكهم سيكون دافعاً أقوى بمرات عديدة من العقوبات في توجيه المواطن، لأن نموذجهم هذا سيلهم المواطنين التزام أساليب الحياة الطيبة التي أساسها احترام الآباء كما الحكام إضافة إلى الصدق في العبادة». وخلص كونفوشيوس إلى القول: إنه ليس من الضروري والحالة هذه أن ينتسب المواطن المحترم إلى سلالة أو نبالة أو طبقة اجتماعية معينة، بل أن تكون تربيته في أسرته وتوجيهه في مجتمعه مرتكزة على القاعدة الذهبية القائلة «عامل الناس بما تحب أن يعاملوك به»، ووصف هذا الإطار كله بأنه الطريق أو الطاو Tao [ر: الطاوية].
ويُعتقد أن فترة شيخوخة كونفوشيوس كانت الفترة الأخصب في حياته، إذ تنسب إليه فيها وضع خمس كتب قانونية حملت أسماء كتاب «القصائد أو شي كينغ»، وكتاب «الوثائق القانوني أو شوكينغ»، وكتاب «التحولات أو يي كينغ»، و«مذكرات حول الطقوس أو لي كي»، و«حوليات الربيع والخريف أو تشوين تسيو»، والكتاب الأخير أكثر الكتب التي يعزو المؤرخون كتابتها إلى لكونفوشيوس.
ويعد الفيلسوف منشيوس Mencius (وهو الصيغة اللاتينية للاسم الصيني مين تزو Min-Tzu أي المعلم) (371-289ق.م) أشهر أتباع كونفوشيوس في العصور القديمة؛ المعلم الثاني في المدرسة الكونفوشية. وقد تضمنت تعاليمه إلى طلابه فلسفته المرتكزة على فكرة أن البشر يولدون بطيبة فطرية، ولهذا من الضروري أن يحافظ المجتمع على هذه الطيبة وتطويرها ما أمكن لتأكيد إنسانية البشر واستبعاد زلاتهم الشريرة، ودعا دائماً إلى استلهام الماضي لأنه منهل الخير والمثل العليا في الحياة، وكذلك النموذج الذي يجب مقاربة المشكلات الحاضرة إليه من أجل اختيار الأفضل، وعلى النقيض من ذلك اعتقد كونفوشيوسي آخر يدعى هسون تزو (298 - 238ق.م) Hsun-tzu، وهو المعلم الثالث في المدرسة، أن طيبة البشر تكتسب اكتساباً من ممارسة شؤون الحياة، وهي بهذا تكون أقوى وأوقع في النفس البشرية لأنها تكون نابعة من تجربة، وتتأكد هذه الطيبة بالتعليم الصالح ورعاية المجتمع العادلة.
وعلى هذا ارتكزت المدرسة الكونفوشية في تعاليمها على الكتب التي عرفت باسم «الكتب الأربعة أو سوشو»، وتضم «الدرس الأكبر أو تاهيو»، و«المحاورات أو لوين يو»، و«كتاب الوسط الصحيح أو تشونغ ونغ» إضافة إلى كتاب منشيوس، ويعد كتاب الوسط الصحيح الذي ألّفه ابن أخ كونفوشيوس ثبتاً أميناًً لأفكار كونفوشيوس التي كانت تميل إلى تبرير تفوق الطبقات العليا وتعظيم إرادة السماء.
وقد لاقت هذه الفلسفات والأفكار وقعاً حسناً في نفوس أباطرة الصين بدءاً من نهاية أسرة تشين (221 - 206ق.م) Chin dynasty ووصلت ذروتها في فترة أسرة هان (206 ق.م- 220م) Han dynasty، وتشبعت بالميتافيزيقا الطاوية[ر] Taoism، ثم تطورت وسميت بالكونفوشية التوليفية syncretic (وهي مزيج من التعاليم الدينية، تقول بمبدأ كلي واحد، قطباه قوى السالب والموجب، أو السلب والإيجاب: أو الين واليانغ Yin-Yang). وكان أبرز فلاسفتها تونغ شونغ تشو (176 - 104ق.م) Tung Chung-Chu الذي أقنع الامبراطور «وو» Wu بتبني الكونفوشية أيديولوجية رسمية للدولة، ووانغ تشونغ (27ق.م - 100م) Wang-Chung، الذي أنكر القدر، وقال بقانون لكل كائن.
وتغلغلت البوذية[ر] Buddhism في العقول وهيمنت على الشعب الصيني قرابة 800 عام منذ سقوط أسرة هان (220م) حتى قيام أسرة سونغ Sung سنة 960م، وبات هناك اعتقاد بين كل المثقفين والسياسيين بأن التفكير الكونفوشي قد مضى إلى غير رجعة، ولكن حركة البعث الكونفوشية، والمعروفة باسم «الكونفوشية المحدثة» بدأت حركة وطنية ضد البوذية الهندية الدخيلة، وقد مثلّها أصدق تمثيل كل من الحكيم هو يوان (993 - 1059م) Hu Yuan، والحكيم إيو يانغ هسيو (1007 - 1070م) Iou Yang Hsiu.
وقد لجأ فلاسفة الكونفوشية المحدثة إلى اقتلاع البوذية من جذورها وإحياء الكونفوشية في الفكر الصيني، وتم ذلك من خلال مسارين متميزين، تمثل الأول في المدرسة العقلية rationalistic أو مدرسة المبدأ وكان أول فلاسفتها تشو توني Chu- Tuni الملقب بتشو لين هسي (1130 - 1200م) Chu- Lien- Hsi، وتشِنغ يي وأخوه الأكبر تشِنغ هاو (1032 - 1085م) Cheng Hao وعمهما تشانغ تساي (1020 - 1077م) Chang-Tsai وشاو يونغ (1011 - 1077) Shou-Yung. وتمثل الثاني في المدرسة المثالية الحدسية Intuitionism أو مدرسة العقل School of Mind التي تزعمها لو هسيانغ شان Lu Hsiang Shan أو لو تشو يانغ (1139 - 1193م) Lu-Chu- Yang. وهو اتجاه معارض للأول، وقد ظهر فيه أثر البوذية وتعاليم منشيوس. وكان من أبرز أتباعه وانغ يانغ مينغ (1472 - 1529م) Wang Yang Ming ولقبه وانغ شو جن Wang- Shu-Jen، الذي عمّق الاتجاه البدهي للكونفوشية المحدثة، وحثّ تلاميذه على التعمق في البحث عن التنوير عن طريق المزج بين التوسط العملي والممارسة الأخلاقية.
وامتد أثر الكونفوشية حتى القرن السابع عشر، ومثّلها وانغ فوتشيه (1619 - 1692) Wang-Fu-Chih. واشتهر من فلاسفة الصين الحديثة فونغ يولان Fung-Yu-Lan المولود (1895)، الذي تعلم في جامعة كولومبيا الأمريكية، وقال بمثالية منطقية، ووصف الأفكار الكونفوشية بأنها مفاهيم صورية، وكذلك هسيونغ شيه لي Hsiung-Shih-Li المولود (1885)، الذي سمى فلسفته بمذهب الوعي.
على أن الفلسفة التي سادت نحو ألفي سنة في ثقافة المجتمع الصيني، ما لبثت أن نزلت عن هذه السيادة لعدد من الأسباب أولها: بداية احتكاك الصين بالحضارة الغربية (منتصف القرن التاسع عشر) وثانيها: خسارتها الدعم السياسي بسقوط أسرة تشينغ (1911م) Ching Dynasty وبداية العصر الجمهوري، وثالثها: ظهور الأفكار الاشتراكية التي اتهمت الكونفوشية بتبجيل الماضي والتمسك بأخلاقياته التي أودت بقوة الصين على حساب الحتمية التاريخية للفكرة الاشتراكية. على أن قدسية الفكر الكونفوشي في المجتمع الصيني تمكنت من النفوذ حتى إلى مبادئ الماركسية الصينية وأكسبتها طابعها الخاص، وهو أمر دفع الحكومة الاشتراكية في الصين سنة 1977 إلى تخفيف وطأتها عن أتباع هذه الفلسفة، مما أدى إلى استعادة الكونفوشية تدريجياً بعضاً من بريقها القديم.
مفيد رائف العابد