كولومبيا Colombia - Colombie
كولومبيا
تقع جمهورية كولومبيا Colombia في أقصى الشمال الغربي من القارة الأمريكية الجنوبية، ممتدة جنوباً - شمالاً على نحو 16 درجة عرضية (بين خطي عرض 4 جنوب خط الاستواء و12 شمال خط الاستواء)، وشرقاً ـ غرباً على نحو 12 درجة طولية (67 ـ 79 غرب غرينتش). ويبلغ أقصى امتداد للدولة من الشمال إلى الجنوب إلى 1883كم تقريباً، أما أقصى امتداد لها شرقي ـ غربي فيبلغ نحو 1365كم. وتشرف كولومبيا من الغرب على المحيط الهادئ بطول 1933كم تقريباً، كما تشرف شمالاً على البحر الكاريبي بساحل طوله نحو 1143كم، وتتواصل في الشمال الغربي عبر مضيق بري (بين البحر الكاريبي والمحيط الهادئ) مع بنما قبل أن تفصل قناة بنما بين شطري الأمريكيتين الشمالي والجنوبي. ويحدها من الشرق فنزويلا والبرازيل ومن الجنوب البيرو والإكوادور. وتشغل كولومبيا مساحة تقدر بنحو 1140748كم2، وهي بذلك تعد رابع دول القارة الأمريكية الجنوبية مساحة بعد البرازيل والأرجنتين والبيرو.
الجغرافيا الطبيعية
الجغرافية الطبيعية في كولومبيا بعناصرها المختلفة (التضاريس، المناخ، المياه، التربة، والنبات، وغيرها) متنوعة ومتباينة بشكل كبير، للتباين الشديد في المظاهر التضاريسية من جهة ولوقوعها بين مؤثرات مسطحين مائيين من جهة أخرى، أحدهما شمالي (البحر الكاريبي) والآخر غربي (المحيط الهادئ). ويؤدي الارتفاع والتضرس ووجهة امتداد الجبال الدور الأهم في اختلاف البيئات الجغرافية الطبيعية.
التضاريس
تكاد تنضم مظاهر سطح الأرض التضاريسية الكولومبية ضمن مجموعيتن رئيستين هما: مجموعة الجبال الغربية التي تحتل 40٪ من مساحة البلاد، ومجموعة الأراضي السهلية الداخلية والساحلية التي تشغل ما تبقى من المساحة.
- الجبال: تشكل الجبال الكولومبية النهاية الشمالية لسلاسل جبال الأنديز، التي تتمثل في كولومبيا بثلاث سلاسل، تتفرع من كتلة باستو Pasto في أقصى جنوب كولومبيا، تحصر بينها وديان نهرية وهضاب جبلية وأحواض بينية. وتقع الجبال الكولومبية بين السهل الساحلي الغربي للمحيط الهادئ والسهول الداخلية الشرقية والشمالية الشرقية التي تمثل امتداداً غربياً لسهول الأمازون، وجنوبي غربي لسهول الأورينوكو Orinoco الفنزويلية.
جبل سييرا نيفادا
وتوازي السلسلة الكولومبية الغربية المحيط الهادئ تاركة بينه وبينها سهلاً ساحلياً، وهي الأخفض ارتفاعاً، لا يتجاوز أعلى ارتفاع فيها 4200م، جبل تامانا 4200م Tamana في وسطها، وجبل باراميللو 3960م Paramillo في شمالها، وهي الأكثر تجزؤاً عرضياً، حيث ينحدر منها العديد من الأودية النهرية غرباً وشرقاً، وتضم بعض الأحواض الصغيرة. أما السلسلة الوسطى، فهي المحصورة عموماً بين وادي نهر أتراتو Atrato في الغرب ووادي نهر مغدلينا Magdalena في الشرق، ويزداد اتساع هذه السلسلة بالاتجاه شمالاً، كما يزداد ارتفاعها وتضرسها، حيث تشمخ في جزئها الأوسط والشمالي بعض القمم الجبلية إلى ارتفاعات تتجاوز 5000م (قمة هويلا 5150م Huila، قمة توليما 5215م Tolima). ويحتوي الجزء الشمالي أحواضاً عدة من أهمها حوض أنتيوكيا Antioquia. تنتهي هذه السلسلة في الشمال عند التقاء نهر مغدلينا برافده نهر كوكا Cauca. وتمتد السلسلة الشرقية إلى الشرق من وادي نهر مغدلينا باتساع وسطي يبلغ نحو نصف اتساع السلسلة الوسطى، وهي أقل ارتفاعاً من السلسلة الوسطى، إذ إن أعلى ارتفاع فيها لا يزيد على 4560م، ممثّلاً في قمة جبل سيرّا نيفادا Sierra Nevada. وتتميز هذه السلسلة بكثرة الأحواض التي تشكل مراكز عمرانية رئيسية، كما في حوض كوندينا ماركا Cundinamarca الذي تتربع في أواسطه مدينة بوغوتا Bogota، وحوض بوياكا Boyaca، وغيرهما.
نهر مغدلينا
- السهول: يُميز في كولومبيـا ثلاثـة سهول، هي: - سهول ساحل المحيط الهادئ التي يبلغ أقصى اتساعها في الجزء الجنوبي عند مجرى نهر باتيا (65كم) Patia، لتضيق إلى الشمال من مجرى نهر سان خوان San Juan الأدنى لتقدم سلسلة جبلية ساحلية من الشمال، إلى الغرب من نهر أتراتو، لتترك بينها وبين ساحل المحيط الهادئ سهلاً ضيقاً (25كم) تفصله تلك السلسلة عن سهل نهر أتراتو الأكثر اتساعاً (50كم).
تمثل السهول الشرقية امتداداً غربياً لسهول الأمازون وامتداداً جنوبياً لغربي سهول اللانوس Llanos الفنزويلية، وتشكل نحو 55٪ من مساحة كولومبيا. أما سهول نهر مغدلينا؛ فتشكل الجزء الشمالي من كولومبيا، ممتدة حتى ساحل البحر الكاريبي.
- المناخ:
اعتماداً على الموقع العرضي لكولومبيا، فإن مناخها يكون استوائياً رطباً في نصفها الجنوبي، ومدارياً بحرياً رطباً في نصفها الشمالي، فبينما يتمّثل المناخ الاستوائي بحرارته المرتفعة طوال العام، والتي لا يقل متوسطها السنوي عن 23 ْم ولا يتجاوز 26 ْم في سهول الأمازون والسهل الساحلي، وكذلك في السهول الشمالية المدارية البحرية الرطبة، فإن درجة الحرارة السنوية المتوسطة تنخفض إلى نحو (15 ْ-17 ْم) في الأحواض الجبلية لتتدنى إلى ما دون (10 ْم) في أعالي الجبال ذات الارتفاع أكثر من 4000م. وعموماً، فإن المدى الحراري السنوي منخفض في مناطق كولومبيا كافة، فهو يراوح بين 1-2 ْم في نصفها الجنوبي، وبين 2-5 ْم، في نصفها الشمالي. وتسود الأمطار الحَمَلانية في النصف الجنوبي، وخاصة في السهول الساحلية الاستوائية وسهول الأمازون، في حين تغلب الأمطار التضاريسية فوق المنحدرات الشرقية للجبال وفوق سهل مغدلينا وهوامشه الجبلية، التي تسببها الرياح التجارية الأطلسية الشمالية الشرقية شتاء، كما يسهم تيار النينو Ninõ، الذي تتعرض له السواحل الغربية، في دوراته المتكررة في هطل أمطار غزيرة. وبينما تراوح كمية الأمطار السنوية بين 1500-2500مم في السهول الشرقية والشمالية، فإنها ترتفع إلى نحو 3000-3500مم فوق منحدرات الجبال الشرقية والشمالية، لتتجاوز 4000مم، في السهل الساحلي الغربي، كما هي الحال في مدينة بونافنتورا Buenaventura، التي يبلغ معدل أمطارها السنوية نحو 7100مم، والأمطار عموماً دائمة الهطل طوال السنة.
حوض كوندينا ماركا
- المياه:
كولومبيا غنية بمياهها السطحية والجوفية، وتمتلك مجموعة من الأنهار الكبيرة والصغيرة، فمن المنحدرات الشرقية للسلسلة الشرقية تنبع مجموعة كبيرة من روافد نهري الأمازون والأورينوكو Orinoco، كما ينبع من أعالي المرتفعات الجبلية الجنوبية أهم نهرين فيها، وهما: نهر مغدلينا الذي ينبع من المنحدرات الشمالية الشرقية لكتلة باستو شاقاً مجراه بين السلسلتين الشرقية والوسطى، وليعبر في قطاعه الأدنى السهول الشمالية إلى أن يصب في البحر الكاريبي عند مدينة بارنكيلا. ونهر كوكا الذي ينبع إلى الغرب من منبع مغدلينا، ويجري بين السلسلتين الوسطى والغربية، إلى أن يلتقي بنهر مغدلينا قبل مصبه بنحو 300كم. ومن الأنهار التي تجري شمالاً وتصب في الكاريبي نهر أتراتو. أما الأنهار التي تتجه غرباً لتصب في المحيط الهادئ، فمنها: نهر ميرا Mira ونهر باتيا ونهر نايا Naya ونهر سان خوان، وهو أهم وأطول الأنهار الغربية الذي يصب في المحيط الهادئ إلى الشمال من مدينة بونافنتورا بنحو 30كم.
- الغطاء النباتي:
تغطي السهول الشرقية والغربية الغابات الاستوائية دائمة الخضرة عريضة الأوراق، في حين تنمو الغابات المدارية فوق الجبال متوسطة ومنخفضة الارتفاع، ليتحول الغطاء النباتي إلى التندرا في أعالي الجبال فوق ارتفاع 4000م، كما تغطي حشائش السافانا السهول الشمالية الشرقية (سهول اللانوس).
- الجغرافية البشرية:
تشير التقديرات إلى أن عدد سكان كولومبيا في نهاية عام 2004م بلغ نحو 46.4 مليون نسمة، بعد أن كان نحو 32.4 مليون نسمة عام (1991)، بمعدل زيادة سكانية نحو 32 في الألف، ويبلغ متوسط الكثافة السكانية نحو 40 نسمة في الكيلومتر المربع. يتركز أكثر من 75٪ من السكان في الجزء الغربي من البلاد، حيث تتجاوز الكثافة السكانية فيه 100 نسمة/كم2، ويندر السكان في جنوبي كولومبيا وجنوبها الشرقي وفي الأجزاء الشرقية القريبة من البرازيل. وتعد مناطق الأحواض الجبلية الواسعة ذات المناخ الملائم بشرياً أهم مناطق التركز السكاني، تليها سواحل المحيط الهادئ والبحر الكاريبي، حيث تنتشر مراكز التجمعات البشرية الكبرى.
أما الأصول السكانية وأنواعها الحالية فمختلفة، فبينما كان السكان قبل القرن السادس عشر الميلادي من الهنود الحمر فقط، تدفقت في القرن السادس عشر وما يليه أعداد كبيرة من الإسبان، ومن أتوا بعد ذلك عبيداً من إفريقيا السوداء، والمهاجرين من مناطق شتى من العالم. ويتوزع السكان حالياً وفق مايأتي: 1٪ من الهنود الحمر الأصليين، 20٪ من أصول أوربية غير مختلطة، و50-60٪ من المستيزو mestizo (خليط من العرق الأبيض والهنود)، و15-25٪ من الملاتو mulatto (عرق أسود وأبيض)، ونحو 3٪ من الزامبوس zambos (عرق أسود وهنود).
لغة السكان هي الإسبانية، وهي اللغة الرسمية للدولة. والغالبية العظمى منهم يدينون بالمسيحية، وهم من الروم الكاثوليك. ونحو 90٪ من السكان يجيدون القراءة والكتابة، وهذا نتيجة التعليم الإلزامي المفروض على جميع الأطفال ممن تراوح أعمارهم بين 7 و11 سنة. وفي كولومبيا نحو 40 جامعة، أكبرها الجامعة الوطنية في بوغوتا. ويعيش نحو 70٪ من السكان في المدن والباقي 30٪ في الريف. وتعاني كولومبيا تبايناً طبقياً كبيراً بين سكانها، فالقلة من السكان ذوو الأصول الإسبانية والأوربية يمتلكون معظم ثروات البلاد، والغالبية من السكان من الفلاحين والعمال في المصانع والخدمات.
ومن المـدن المهمة في كولومبيا: بوغوتا، وهي العـاصمة وتقع في حوض كوندينا ماركـا الجبلي وعدد سكانها نحو 4.5 مليون نسمة، ومادلين Medellin، وتقع في حوض أنتيوكيا، وعدد سكانها نحو 1.5 مليون نسمة. وكالي Cali ا(1.4مليون نسمة)، ومانيزاليس Manizales ا(160 ألف نسمة)، وتقع المدينتان في الوادي البيني بين السلسلتين الجبليتين الغربية والوسطى. ومن مدن الهادئ؛ مدينة بونافنتورا، وتوماكو Tumaco، أما مدن الكاريبي فعديدة، منها قرطاجنة Cartagena وبرانكيلا Barranquilla وغيرهما.
نظام الحكم في كولومبيا جمهوري، ومدة الرئاسة أربع سنوات. ويجوز انتخاب الرئيس لأي عدد من المرات، ولكن ليس لدورتين متعاقبتين. وتتألف كولومبيا من 23 محافظة وتسعة أقاليم، ومحافظة خاصة هي بوغوتا.
الجغرافيا الاقتصادية
كولومبيا دولة نامية، اعتمد اقتصادها على الزراعة اعتماداً رئيسياًُ حتى الستينات من القرن العشرين، ليزداد بعدها التركيز على التصنيع، ويسيطر القطاع الخاص على الأنشطة الاقتصادية كافة. يعمل في الزراعة نحو 30٪ من الأيدي العاملة وتسهم المنتجات الزراعية بأكثر من نصف الدخل الوطني. وتشكل الأحواض والوديان الجبلية والمنحدرات الوسطى والسهول، أهم مناطق الزراعة. تتركز زراعة الموز وقصب السكر والأرز في السهول، ويزرع الكاكاو والتبغ في المناطق ذات الارتفاع 800-1000م. وفي المناطق ذات الارتفاع نحو 1000م تسود زراعة البن، وخاصة في المرتفعات الوسطى. وتزرع في الأحواض الجبلية الذرة والقمح والقطن والبطاطا والمانيوق. يشكل البن أهم محصول زراعي (800 ألف طن سنوياً) لتحتل كولومبيا المرتبة الأولى في العالم بإنتاجه، وتنتج سنوياً نحو 120 ألف طن من القطن، ونحو 800 ألف طن من الذرة، وقرابة 1.8 مليون طن من الأرز، ونحو 65 ألف طن من الكاكاو. وتربى أعداد كبيرة من الأبقار في سهول اللانوس.
تحتوي أراضي كولومبيا على مخزون ضخم من النفط، تنتج منه سنوياً نحو 11 مليون طن، معظمه يأتي من حقول سانتا درس. كما تنتج كميات كبيرة من الحديد والفحم المتركزة مناجمها في المرتفعات الشرقية شمالي العاصمة. وتحتل كولومبيا المرتبة الأولى في إنتاج الذهب بأمريكا الجنوبية نحو 10 طن سنوياً، والمركز الحادي عشر في العالم، وتنتج أكثر من 90٪ من الزمرد في العالم، كما تنتج كميات كبيرة من البلاتين (500- 1000كغ سنوياً).
الصناعة في مراحلها الأولى، وهي لا تسهم بأكثر من 25٪ من الدخل الوطني. وتعد صناعة النسيج من الصناعات المهمة في كولومبيا (مادلين، برانكيللا، كالي)، إضافة إلى صناعة الأغذية والمشروبات والملابس والصناعات الكيميائية المتنوعة والمعدنية والإسمنت. وتوفر المحطات الكهربائية نحو 70٪ من الطاقة الكهربائية للبلاد.
يصلح نهر مغدلينا للملاحة حتى 100كم من مصبه. وتغطي البلاد شبكة من طرق السيارات، إضافة إلى شبكة من الخطوط الحديدية، ومن أهمها خط يمتد من بونافتورا إلى كالي فالعاصمة بوغوتا، مستمراً شمالاً حتى مدينة سانتا مارتا على البحر الكاريبي. وفي البلاد ثلاثة مطارات دولية كبرى في بوغوتا ومادلين وكالي. والعملة الأساسية هي البيزو.
لمحة تاريخية
قبل مطلع القرن السادس عشر كان الهنود الحمر هم أصحاب البلاد الذين يعملون في الزراعة والرعي والصيد، ولتبدأ في العشرينات من ذلك القرن جموع الإسبان في الحلول بتلك البلاد والسيطرة عليها وعلى مقدراتها، ولتصبح كولومبيا مستعمرة إسبانية. وفي عام 1819م نالت البلاد استقلالها عن إسبانيا بوساطة القائد الفنزويلي سيمون بوليفار الذي أصبح أول رئيس لكولومبيا الكبرى، التي كانت تضم إضافة إلى كولومبيا كلاً من فنزويلا والإكوادور وبنما. وفي عام 1830م انفصلت عنها فنزويلا والإكوادور، وانفصلت عنها أيضاً بنما في عام 1903 لتصبح على حدودها الحالية، وفي عام 1886م أصبحت كولومبيا جمهورية. وفي الفترة 1899- 1902م عانت حرباً أهلية بين الحزبين السائدين فيها، وهما حزب المحافظين وحزب الأحرار، وتجددت الاضطرابات بعد عام 1948م، حتى أواخر الخمسينات. وتعاني البلاد العديد من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية وعلى رأسها زراعة وإنتاج وتجارة المخدرات، ومن تجار المخدرات الكبار الذين يحدثون بين الحين والآخر اضطرابات في البلاد.
علي موسى
كولومبيا
تقع جمهورية كولومبيا Colombia في أقصى الشمال الغربي من القارة الأمريكية الجنوبية، ممتدة جنوباً - شمالاً على نحو 16 درجة عرضية (بين خطي عرض 4 جنوب خط الاستواء و12 شمال خط الاستواء)، وشرقاً ـ غرباً على نحو 12 درجة طولية (67 ـ 79 غرب غرينتش). ويبلغ أقصى امتداد للدولة من الشمال إلى الجنوب إلى 1883كم تقريباً، أما أقصى امتداد لها شرقي ـ غربي فيبلغ نحو 1365كم. وتشرف كولومبيا من الغرب على المحيط الهادئ بطول 1933كم تقريباً، كما تشرف شمالاً على البحر الكاريبي بساحل طوله نحو 1143كم، وتتواصل في الشمال الغربي عبر مضيق بري (بين البحر الكاريبي والمحيط الهادئ) مع بنما قبل أن تفصل قناة بنما بين شطري الأمريكيتين الشمالي والجنوبي. ويحدها من الشرق فنزويلا والبرازيل ومن الجنوب البيرو والإكوادور. وتشغل كولومبيا مساحة تقدر بنحو 1140748كم2، وهي بذلك تعد رابع دول القارة الأمريكية الجنوبية مساحة بعد البرازيل والأرجنتين والبيرو.
الجغرافيا الطبيعية
الجغرافية الطبيعية في كولومبيا بعناصرها المختلفة (التضاريس، المناخ، المياه، التربة، والنبات، وغيرها) متنوعة ومتباينة بشكل كبير، للتباين الشديد في المظاهر التضاريسية من جهة ولوقوعها بين مؤثرات مسطحين مائيين من جهة أخرى، أحدهما شمالي (البحر الكاريبي) والآخر غربي (المحيط الهادئ). ويؤدي الارتفاع والتضرس ووجهة امتداد الجبال الدور الأهم في اختلاف البيئات الجغرافية الطبيعية.
التضاريس
تكاد تنضم مظاهر سطح الأرض التضاريسية الكولومبية ضمن مجموعيتن رئيستين هما: مجموعة الجبال الغربية التي تحتل 40٪ من مساحة البلاد، ومجموعة الأراضي السهلية الداخلية والساحلية التي تشغل ما تبقى من المساحة.
- الجبال: تشكل الجبال الكولومبية النهاية الشمالية لسلاسل جبال الأنديز، التي تتمثل في كولومبيا بثلاث سلاسل، تتفرع من كتلة باستو Pasto في أقصى جنوب كولومبيا، تحصر بينها وديان نهرية وهضاب جبلية وأحواض بينية. وتقع الجبال الكولومبية بين السهل الساحلي الغربي للمحيط الهادئ والسهول الداخلية الشرقية والشمالية الشرقية التي تمثل امتداداً غربياً لسهول الأمازون، وجنوبي غربي لسهول الأورينوكو Orinoco الفنزويلية.
جبل سييرا نيفادا
وتوازي السلسلة الكولومبية الغربية المحيط الهادئ تاركة بينه وبينها سهلاً ساحلياً، وهي الأخفض ارتفاعاً، لا يتجاوز أعلى ارتفاع فيها 4200م، جبل تامانا 4200م Tamana في وسطها، وجبل باراميللو 3960م Paramillo في شمالها، وهي الأكثر تجزؤاً عرضياً، حيث ينحدر منها العديد من الأودية النهرية غرباً وشرقاً، وتضم بعض الأحواض الصغيرة. أما السلسلة الوسطى، فهي المحصورة عموماً بين وادي نهر أتراتو Atrato في الغرب ووادي نهر مغدلينا Magdalena في الشرق، ويزداد اتساع هذه السلسلة بالاتجاه شمالاً، كما يزداد ارتفاعها وتضرسها، حيث تشمخ في جزئها الأوسط والشمالي بعض القمم الجبلية إلى ارتفاعات تتجاوز 5000م (قمة هويلا 5150م Huila، قمة توليما 5215م Tolima). ويحتوي الجزء الشمالي أحواضاً عدة من أهمها حوض أنتيوكيا Antioquia. تنتهي هذه السلسلة في الشمال عند التقاء نهر مغدلينا برافده نهر كوكا Cauca. وتمتد السلسلة الشرقية إلى الشرق من وادي نهر مغدلينا باتساع وسطي يبلغ نحو نصف اتساع السلسلة الوسطى، وهي أقل ارتفاعاً من السلسلة الوسطى، إذ إن أعلى ارتفاع فيها لا يزيد على 4560م، ممثّلاً في قمة جبل سيرّا نيفادا Sierra Nevada. وتتميز هذه السلسلة بكثرة الأحواض التي تشكل مراكز عمرانية رئيسية، كما في حوض كوندينا ماركا Cundinamarca الذي تتربع في أواسطه مدينة بوغوتا Bogota، وحوض بوياكا Boyaca، وغيرهما.
نهر مغدلينا
- السهول: يُميز في كولومبيـا ثلاثـة سهول، هي: - سهول ساحل المحيط الهادئ التي يبلغ أقصى اتساعها في الجزء الجنوبي عند مجرى نهر باتيا (65كم) Patia، لتضيق إلى الشمال من مجرى نهر سان خوان San Juan الأدنى لتقدم سلسلة جبلية ساحلية من الشمال، إلى الغرب من نهر أتراتو، لتترك بينها وبين ساحل المحيط الهادئ سهلاً ضيقاً (25كم) تفصله تلك السلسلة عن سهل نهر أتراتو الأكثر اتساعاً (50كم).
تمثل السهول الشرقية امتداداً غربياً لسهول الأمازون وامتداداً جنوبياً لغربي سهول اللانوس Llanos الفنزويلية، وتشكل نحو 55٪ من مساحة كولومبيا. أما سهول نهر مغدلينا؛ فتشكل الجزء الشمالي من كولومبيا، ممتدة حتى ساحل البحر الكاريبي.
- المناخ:
اعتماداً على الموقع العرضي لكولومبيا، فإن مناخها يكون استوائياً رطباً في نصفها الجنوبي، ومدارياً بحرياً رطباً في نصفها الشمالي، فبينما يتمّثل المناخ الاستوائي بحرارته المرتفعة طوال العام، والتي لا يقل متوسطها السنوي عن 23 ْم ولا يتجاوز 26 ْم في سهول الأمازون والسهل الساحلي، وكذلك في السهول الشمالية المدارية البحرية الرطبة، فإن درجة الحرارة السنوية المتوسطة تنخفض إلى نحو (15 ْ-17 ْم) في الأحواض الجبلية لتتدنى إلى ما دون (10 ْم) في أعالي الجبال ذات الارتفاع أكثر من 4000م. وعموماً، فإن المدى الحراري السنوي منخفض في مناطق كولومبيا كافة، فهو يراوح بين 1-2 ْم في نصفها الجنوبي، وبين 2-5 ْم، في نصفها الشمالي. وتسود الأمطار الحَمَلانية في النصف الجنوبي، وخاصة في السهول الساحلية الاستوائية وسهول الأمازون، في حين تغلب الأمطار التضاريسية فوق المنحدرات الشرقية للجبال وفوق سهل مغدلينا وهوامشه الجبلية، التي تسببها الرياح التجارية الأطلسية الشمالية الشرقية شتاء، كما يسهم تيار النينو Ninõ، الذي تتعرض له السواحل الغربية، في دوراته المتكررة في هطل أمطار غزيرة. وبينما تراوح كمية الأمطار السنوية بين 1500-2500مم في السهول الشرقية والشمالية، فإنها ترتفع إلى نحو 3000-3500مم فوق منحدرات الجبال الشرقية والشمالية، لتتجاوز 4000مم، في السهل الساحلي الغربي، كما هي الحال في مدينة بونافنتورا Buenaventura، التي يبلغ معدل أمطارها السنوية نحو 7100مم، والأمطار عموماً دائمة الهطل طوال السنة.
حوض كوندينا ماركا
- المياه:
كولومبيا غنية بمياهها السطحية والجوفية، وتمتلك مجموعة من الأنهار الكبيرة والصغيرة، فمن المنحدرات الشرقية للسلسلة الشرقية تنبع مجموعة كبيرة من روافد نهري الأمازون والأورينوكو Orinoco، كما ينبع من أعالي المرتفعات الجبلية الجنوبية أهم نهرين فيها، وهما: نهر مغدلينا الذي ينبع من المنحدرات الشمالية الشرقية لكتلة باستو شاقاً مجراه بين السلسلتين الشرقية والوسطى، وليعبر في قطاعه الأدنى السهول الشمالية إلى أن يصب في البحر الكاريبي عند مدينة بارنكيلا. ونهر كوكا الذي ينبع إلى الغرب من منبع مغدلينا، ويجري بين السلسلتين الوسطى والغربية، إلى أن يلتقي بنهر مغدلينا قبل مصبه بنحو 300كم. ومن الأنهار التي تجري شمالاً وتصب في الكاريبي نهر أتراتو. أما الأنهار التي تتجه غرباً لتصب في المحيط الهادئ، فمنها: نهر ميرا Mira ونهر باتيا ونهر نايا Naya ونهر سان خوان، وهو أهم وأطول الأنهار الغربية الذي يصب في المحيط الهادئ إلى الشمال من مدينة بونافنتورا بنحو 30كم.
- الغطاء النباتي:
تغطي السهول الشرقية والغربية الغابات الاستوائية دائمة الخضرة عريضة الأوراق، في حين تنمو الغابات المدارية فوق الجبال متوسطة ومنخفضة الارتفاع، ليتحول الغطاء النباتي إلى التندرا في أعالي الجبال فوق ارتفاع 4000م، كما تغطي حشائش السافانا السهول الشمالية الشرقية (سهول اللانوس).
- الجغرافية البشرية:
تشير التقديرات إلى أن عدد سكان كولومبيا في نهاية عام 2004م بلغ نحو 46.4 مليون نسمة، بعد أن كان نحو 32.4 مليون نسمة عام (1991)، بمعدل زيادة سكانية نحو 32 في الألف، ويبلغ متوسط الكثافة السكانية نحو 40 نسمة في الكيلومتر المربع. يتركز أكثر من 75٪ من السكان في الجزء الغربي من البلاد، حيث تتجاوز الكثافة السكانية فيه 100 نسمة/كم2، ويندر السكان في جنوبي كولومبيا وجنوبها الشرقي وفي الأجزاء الشرقية القريبة من البرازيل. وتعد مناطق الأحواض الجبلية الواسعة ذات المناخ الملائم بشرياً أهم مناطق التركز السكاني، تليها سواحل المحيط الهادئ والبحر الكاريبي، حيث تنتشر مراكز التجمعات البشرية الكبرى.
أما الأصول السكانية وأنواعها الحالية فمختلفة، فبينما كان السكان قبل القرن السادس عشر الميلادي من الهنود الحمر فقط، تدفقت في القرن السادس عشر وما يليه أعداد كبيرة من الإسبان، ومن أتوا بعد ذلك عبيداً من إفريقيا السوداء، والمهاجرين من مناطق شتى من العالم. ويتوزع السكان حالياً وفق مايأتي: 1٪ من الهنود الحمر الأصليين، 20٪ من أصول أوربية غير مختلطة، و50-60٪ من المستيزو mestizo (خليط من العرق الأبيض والهنود)، و15-25٪ من الملاتو mulatto (عرق أسود وأبيض)، ونحو 3٪ من الزامبوس zambos (عرق أسود وهنود).
لغة السكان هي الإسبانية، وهي اللغة الرسمية للدولة. والغالبية العظمى منهم يدينون بالمسيحية، وهم من الروم الكاثوليك. ونحو 90٪ من السكان يجيدون القراءة والكتابة، وهذا نتيجة التعليم الإلزامي المفروض على جميع الأطفال ممن تراوح أعمارهم بين 7 و11 سنة. وفي كولومبيا نحو 40 جامعة، أكبرها الجامعة الوطنية في بوغوتا. ويعيش نحو 70٪ من السكان في المدن والباقي 30٪ في الريف. وتعاني كولومبيا تبايناً طبقياً كبيراً بين سكانها، فالقلة من السكان ذوو الأصول الإسبانية والأوربية يمتلكون معظم ثروات البلاد، والغالبية من السكان من الفلاحين والعمال في المصانع والخدمات.
ومن المـدن المهمة في كولومبيا: بوغوتا، وهي العـاصمة وتقع في حوض كوندينا ماركـا الجبلي وعدد سكانها نحو 4.5 مليون نسمة، ومادلين Medellin، وتقع في حوض أنتيوكيا، وعدد سكانها نحو 1.5 مليون نسمة. وكالي Cali ا(1.4مليون نسمة)، ومانيزاليس Manizales ا(160 ألف نسمة)، وتقع المدينتان في الوادي البيني بين السلسلتين الجبليتين الغربية والوسطى. ومن مدن الهادئ؛ مدينة بونافنتورا، وتوماكو Tumaco، أما مدن الكاريبي فعديدة، منها قرطاجنة Cartagena وبرانكيلا Barranquilla وغيرهما.
نظام الحكم في كولومبيا جمهوري، ومدة الرئاسة أربع سنوات. ويجوز انتخاب الرئيس لأي عدد من المرات، ولكن ليس لدورتين متعاقبتين. وتتألف كولومبيا من 23 محافظة وتسعة أقاليم، ومحافظة خاصة هي بوغوتا.
الجغرافيا الاقتصادية
كولومبيا دولة نامية، اعتمد اقتصادها على الزراعة اعتماداً رئيسياًُ حتى الستينات من القرن العشرين، ليزداد بعدها التركيز على التصنيع، ويسيطر القطاع الخاص على الأنشطة الاقتصادية كافة. يعمل في الزراعة نحو 30٪ من الأيدي العاملة وتسهم المنتجات الزراعية بأكثر من نصف الدخل الوطني. وتشكل الأحواض والوديان الجبلية والمنحدرات الوسطى والسهول، أهم مناطق الزراعة. تتركز زراعة الموز وقصب السكر والأرز في السهول، ويزرع الكاكاو والتبغ في المناطق ذات الارتفاع 800-1000م. وفي المناطق ذات الارتفاع نحو 1000م تسود زراعة البن، وخاصة في المرتفعات الوسطى. وتزرع في الأحواض الجبلية الذرة والقمح والقطن والبطاطا والمانيوق. يشكل البن أهم محصول زراعي (800 ألف طن سنوياً) لتحتل كولومبيا المرتبة الأولى في العالم بإنتاجه، وتنتج سنوياً نحو 120 ألف طن من القطن، ونحو 800 ألف طن من الذرة، وقرابة 1.8 مليون طن من الأرز، ونحو 65 ألف طن من الكاكاو. وتربى أعداد كبيرة من الأبقار في سهول اللانوس.
تحتوي أراضي كولومبيا على مخزون ضخم من النفط، تنتج منه سنوياً نحو 11 مليون طن، معظمه يأتي من حقول سانتا درس. كما تنتج كميات كبيرة من الحديد والفحم المتركزة مناجمها في المرتفعات الشرقية شمالي العاصمة. وتحتل كولومبيا المرتبة الأولى في إنتاج الذهب بأمريكا الجنوبية نحو 10 طن سنوياً، والمركز الحادي عشر في العالم، وتنتج أكثر من 90٪ من الزمرد في العالم، كما تنتج كميات كبيرة من البلاتين (500- 1000كغ سنوياً).
الصناعة في مراحلها الأولى، وهي لا تسهم بأكثر من 25٪ من الدخل الوطني. وتعد صناعة النسيج من الصناعات المهمة في كولومبيا (مادلين، برانكيللا، كالي)، إضافة إلى صناعة الأغذية والمشروبات والملابس والصناعات الكيميائية المتنوعة والمعدنية والإسمنت. وتوفر المحطات الكهربائية نحو 70٪ من الطاقة الكهربائية للبلاد.
يصلح نهر مغدلينا للملاحة حتى 100كم من مصبه. وتغطي البلاد شبكة من طرق السيارات، إضافة إلى شبكة من الخطوط الحديدية، ومن أهمها خط يمتد من بونافتورا إلى كالي فالعاصمة بوغوتا، مستمراً شمالاً حتى مدينة سانتا مارتا على البحر الكاريبي. وفي البلاد ثلاثة مطارات دولية كبرى في بوغوتا ومادلين وكالي. والعملة الأساسية هي البيزو.
لمحة تاريخية
قبل مطلع القرن السادس عشر كان الهنود الحمر هم أصحاب البلاد الذين يعملون في الزراعة والرعي والصيد، ولتبدأ في العشرينات من ذلك القرن جموع الإسبان في الحلول بتلك البلاد والسيطرة عليها وعلى مقدراتها، ولتصبح كولومبيا مستعمرة إسبانية. وفي عام 1819م نالت البلاد استقلالها عن إسبانيا بوساطة القائد الفنزويلي سيمون بوليفار الذي أصبح أول رئيس لكولومبيا الكبرى، التي كانت تضم إضافة إلى كولومبيا كلاً من فنزويلا والإكوادور وبنما. وفي عام 1830م انفصلت عنها فنزويلا والإكوادور، وانفصلت عنها أيضاً بنما في عام 1903 لتصبح على حدودها الحالية، وفي عام 1886م أصبحت كولومبيا جمهورية. وفي الفترة 1899- 1902م عانت حرباً أهلية بين الحزبين السائدين فيها، وهما حزب المحافظين وحزب الأحرار، وتجددت الاضطرابات بعد عام 1948م، حتى أواخر الخمسينات. وتعاني البلاد العديد من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية وعلى رأسها زراعة وإنتاج وتجارة المخدرات، ومن تجار المخدرات الكبار الذين يحدثون بين الحين والآخر اضطرابات في البلاد.
علي موسى