نابليون في موسكو.. حضارة غبراء

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نابليون في موسكو.. حضارة غبراء


    التاريخ

    ‏١٥ مارس‏، الساعة ‏١١:٢٦ م‏ ·
    حضارة غبراء .. (5)
    #نابليون_في_المصيدة
    ------------------------------------------------------------------
    "سوف نرى من منا سيتعب أولا: أنا أم ألكسندر !!!
    نابليون في موسكو
    ------------------------------------------------------------------
    كان نابليون يأمل دائما ويحاول إدخال روسيا في الحصار القاري الذي أراد فرضه على إنكلترا ليضيق عليها الخناق الاقتصادي ويمنعها من تحويل أوروبا إلي أسواق اقتصادية لها .

    وكان حلم نابوليون الدائم هو جعل أوروبا كلها تنصهر وتدخل في الحصار القاري لتحارب إنكلترا، ولذلك اعتقد نابوليون أنه بالإمكان أن يجعل روسيا تذعن لأمره وتتبنى الحصار القاري عن طريق تخويفها بقوته العسكرية .

    ومن هنا نشأت فكرة نابوليون بالحملة على روسيا .

    فكر نابليون في ضم روسيا بسياسة غبية فبعد أن طلق زوجته جوزفين رغب في الزواج من أخت القيصر الروسي ألكسندر الأول الذي خدع فيه فوافق أول الأمر !!!

    لكن والدة القيصر الضاربة جذورها في التاريخ ..لم تكن غبية إلى هذا الحد فقد وقفت في و جه ذلك الزواج ! لأنها ارتأت أن نابليون مجرد طاغية وأنها لن تسمح لابنتها بالزواج منه. فصعق نابليون بالخبر..

    بعد أربعة أشهر من ذلك تزوج نابليون من ماري لويس، ابنة الامبراطور النمساوي .

    ثم ظهرت نواياه السيئة تجاه روسيا للجميع بعد ذلك !!

    يعجب الكثيرون بعبقرية نابليون العسكرية !!
    للأسف هذا كلام يجب أن يكون محل نظر !

    فلا يجب أن تقاس عبقرية القائد بالإنتصارات في المعارك بل يجب أن تقاس بالنتائج التى انعكست على أمته و شعبه و علاقته مع الأمم الأخرى !! و يجب أن تقاس أولا بأهداف هذه المعارك و لماذا أقدمت هذه الأمة على الدخول في فيها ؟!

    كان يريد هزيمة انكلترا فلماذا يذهب مرة إلى مصر وأخرى إلى روسيا ؟! الحقيقة أنها أعجزته و جبن عن مجابهتها وجها لوجه ليس لقوتها بقدر ما غرس في اللاشعور لديه من عجز وانهزام أمامها ...

    هكذا فعل هتلر بعد فشل غاراته الجوية على لندن ومن بعدها صواريخه الطائرة V-1 flying bomb . و ليس بمقدورنا تفسير وقفه حملته على بريطانيا و التوجه بثلاثة ملايين إلى روسيا غير أنها هزيمة نفسية غرست في اللاشعور لديه منذ زمن .

    وهكذا يكون الفشل عندما تستبدل هدفك الأساسي بآخر فرعي طمعا أن تعود بعده أقوى على إصابة الأول أو طمعا في أن يرهبه تمثيلك بالضعفاء فيخضع لك .. في حين لو أن أحدهما سخر قوته العاتية تلك وركزها على بريطانيا لربما أمكنه محوها عن وجه الأرض .
    ------------------------------------------------------------------

    في مايو 1812، كان نابليون قد جهز نصف مليون جندي لغزو روسيا و السيطرة عليها ؛ وكان عدد مدافعه نحو ۱۱۰۰ مدفعا . هذا بخلاف الأفراد غير المقاتلين .

    وفي الخامس والعشرين من أبريل من تلك السنة دخل نابوليون ألمانيا ولكنه تلقى فيها رسالة من قنصل القيصر الروسي يطلب منه فيها التراجع والتنازل عن بعض الأراضي، وبالمقابل فقد أرسل نابوليون عن طريق القنصل الروسي في ألمانيا رسالة إلى القيصر يدعوه فيها للسلام والوئام والتزام المعاهدات، غير أن العاهل الروسي تشامخ ورفض بقسوة طلب الأمبراطور الفرنسي .

    ️وفي يونيو أطلق نابليون هجومه على روسيا.

    ويذكر المؤرخون أن الجيش الفرنسي الكبير قد بدأ بالزحف باتجاه نهر النييمن وقد وصله بعد شهر كامل من المشي، وبعد ذلك تابع نابوليون وجيشه الكبير التوغل في الأراضي الواسعة باتجاه موسكو.

    كان جيش القيصر الروسي أقل عددا من جيش نابوليون وأقل عتادا، غير أن هذا الجيش اعتمد في حربه للجيش الفرنسي على المسافات ورداءة الطقس والبرد وغير ذلك من الأمور الطبيعية التي واجهت بقسوة الأمبراطور الفرنسي وجيشه الكبير .

    كان نابليون يتوقع معركة سريعة على الحدود يجبر فيها ألكسندر على المجيء ليقبل يده و يتسول السلام ... على أن يعود إلى الوطن فرنسا قبل نهاية الصيف ...

    بعد وقت قصير هاجم الجيش الفرنسي مدينة سمولنسك ودخلها بعد معركة طاحنة، وكان القائد الروسي براغسيون يقاتل ويخطط بذكاء و ضراوة، ولقد شهد له نابوليون بكفاءاته العسكرية ..

    انقسم جيش ألكسندر إلى مجموعتين وأخذتا تعملان على تفادي مواجهة نابليون ؛ فتابع نابليون مسيرته متعجلا المعركة الحاسمة.. و تجنب الجنرال الروسي باركلى ديتولي القتال واستدرج الفرنسيين عميقا إلى داخل روسيا !

    غير أن الأمبراطور الفرنسي شعر بعد ذلك أن خطة القيصر الروسي هي في استدراجه إلى داخل الأراضي الروسية ليضيع هو وجيشه في تلك الأبعاد المجهولة والواسعة، ولقد شعر معظم القادة الفرنسيين بهذا الأمر وطلبوا من نابوليون العودة، أو على الأقل الإحجام عن غزو موسكو، غير أن الأمبراطور نابليون رفض بقوة وشعر أن العاصمة الروسية أصبحت بمتناول يده فأمر جيشه بالزحف فورا على موسكو.

    كان على رأس الجيش الروسي المارشال کوتوزون وقد بلغ السبعين أو السبعة والسبعين من العمر، وكان في تلك الأثناء القائد الأعلى للجيش وكان يتمتع بذكاء حاد ومرونة عظيمة وخبرة واسعة ودهاء غريب، ولقد جند نفسه عندما أحس بالخطر الفرنسي يهدد بلاده ويهدد عاصمته موسكو ..

    كان كوتوزوف وبضغط من القيصر ألكسندر الأول.. قد قرر إعاقة الجيش الفرنسي، ومنعه من الدخول إلى موسكو بسهولة ومن دون معركة.

    فأسرع إلى تنظيم جيشه وجمعه على ثلاث تلال قرب موسكو وعلى ضفاف نهر الموسكوفا أحد روافد نهر الفولغا وكان عدد هذا الجيش يتعدى المائة والعشرين ألف رجل، هذا عدا عن كتائب الميليشيات والنوازق .

    اقترب نابليون من موسكو .. فكانت تنتظره المفاجأة !!

    فقد وصل نابوليون إلى مرج پورودینو بالقرب من موسكو في الخامس من أيلول( سبتمبر) فارتاح الجيش الفرنسي تلك الليلة وفي اليوم الثاني انتعش هذا الجيش عندما أشرقت الشمس عليه في تلك الأبعاد النائية .

    ولم يكن الجيش الروسي بعيدا عن الجيش الفرنسي، فلقد كان أمامه على نصف میل تقريبا وكلا الجيشين كان يستعد بكل قوته للمعركة الحاسمة لأن هذه المعركة ستحصل على أبواب العاصمة الروسية (موسكو).

    وفي الصباح حوالي الساعة العاشرة يوم 7 سبتمبر بدأت المعركة الطاحنة بين الآلاف من الجنود الفرنسيين والجنود الروسيين، وفيما بعد أطلق الفرنسيون اسم موسكوفا على هذه المعركة بينما سماها الروس معركة البورودينو، ولقد نزلت كل فرق نابوليون إلى المعركة وبكل ثقلها،...

    كما أن الجيش الروسي دافع واستمات بكل قوته مظهرا إخلاصه لبلاده وقدراته على الحرب والقتال والثبات غير أن الأمبراطور الفرنسي رفض أن يترك حرسه الأمبراطوري ينخرط في هذه المعركة بالرغم من إلحاح معظم قواده على هذا الطلب وخاصة Murat وناي Ney لقد كانت حجة نابوليون أنه لا يجوز أن يضخي بالحرس الأمبراطوري على مسافة الآلاف من الفراسخ بعيدا عن العاصمة .

    ولقد أظهر القائد براغسیون براعة هائلة في الحرب ولكنه لسوء الحظ قتل أثناء المعركة فخسر المارشال کوتوزوف أهم قواده وأعوانه في هذه المعركة الحاسمة، وفي النهاية انكسر الجيش الروسي وفر هاربا من أرض المعركة فلحقه الجيش الفرنسي وطارد فلوله الفارة من ساحة المعركة .
    -----------------------------------------------------------------
    انتهت المعركة الدموية بخسائر فادحة في كلا الطرفين..

    فقد الجيش الروسي نحو 40 ألف جندي، و42 جنرالا بين قتيل وجريح، فيما قتل 30 ألف جندي فرنسي إضافة إلى 49 من كبار الضباط.

    بالكاد انتصر نابليون و دخل موسكو على جثث الآلاف من جنوده !!!

    لكن الروس كانوا قد أفرغوا مدينتهم من كل شئ !!!
    ثم أحرقوها على نابليون و جنوده !!!

    وقد كتب نابليون ” تحولت موسكو إلى بحر من النار، وقد كان النظر من شرفة الكريلمين يذكرني بنيرون، الذي حرق روما، ولكنني لا أشبهه، فعندما وقعت عيناي على هذا المشهد نزف قلبي”.
    *(ولماذ لم ينزف على مدن وقرى مصر و الشام التي أحرقتها مع أنك ما أحرقت موسكو ؟ إنها العنصرية المقيتة حتى في التمييز بين ضحاياكم و أعدائكم فقد كنتم تحرقون بلادنا بأيديكم و بكل نشوة و التذاذ !)

    وما إن دخل نابوليون موسكو حتى انتقل القيصر من موسكو إلى بطرسبرغ ناقلا عاصمته إلى هذه المدينة في شمال البلاد.

    لقد أمر نابوليون جنوده بإخماد الحرائق بعد أن فوجيء بمنظر السنة اللهب وأعمدة الدخان ترتفع من مباني المدينة وحيث قال : يا للمنظر البشع يا للرجال.

    وعاد نابوليون يتأمل من جديد في الحالة التي وصل اليها فكتب رسالة إلى القيصر يعرض عليه السلام من جديد، ولقد ظن أن القيصر بعد أن انكسر جيشه على أبواب موسكو سيذعن الإرادة نابوليون ويقبل السلام غير أن هذه الرسالة كغيرها من الرسائل قد باءت بالفشل .

    جلس نابليون فى موسكو يرتعد من البرد منتظرا من القيصر أن يأتى إليه مذعنا فيقبل بكل شروطه مقابل السلام و الإنسحاب من موسكو ... لكن القيصر تأخر طويلا ... كاد نابليون أن يهلك ...

    كان استمرار البقاء بموسكو أمراً غير مجدٍ، والمضي قدماً كان أمراً مخيفاً كذلك بالنسبة للفرنسيين.

    بدأت الثلوج تتساقط من سماء موسكو، وأراد نابليون أن يتوجه إلى مدينة سانت بطرسبورج حيث يقيم القيصر الروسي، ولكن نصحه جنرالاته بألا يفعل ذلك، فالمسافة بعيدة جداً..

    لم ينجح نابوليون في فرض السلام على أوروبا وعلى القيصر، كما أنه لم ينجح في إدخال روسيا في الحصار القاري ضد إنكلترا، ولذلك قرر الإنسحاب من موسكو والعودة إلى فرنسا، أما القيصر فتعمد علنا محاربة نابوليون بتوثيق حلف مع السويد ومع إنكلترا ضد نابوليون والوقوف في وجهه حتى الموت.

    وفي أثناء غياب نابوليون عن باريس أي خلال هذه الحملة على روسيا، حصلت عدة أمور سيئة في العاصمة الفرنسية، ومنها محاولات القيام بانقلابات ضده ، كما فعل الجنرال ماليه وهذا ما جعل عودة نابوليون إلى باريس أمرا ضروريا وبأسرع وقت..
    -------------------------------------------------------------------
    توجه الإمبراطور الفرنسي بونابرت إلى الأماكن الأكثر دفئاً جنوب غرب روسيا، ولكن القوات الروسية لم تتركه يرحل هكذا في سلام، وقام الجيش الروسي بمهاجمة نابليون سعياً للانتقام، وقد أغلق الشتاء الروسي طريق العودة إلى فرنسا.

    أما طيلة فترة الانسحاب من الأراضي الروسية الشاسعة، فقد تعرض الجيش الفرنسي باستمرار لهجمات ضارية من الجيش الروسي الذي كان يلاحقه باستمرار وينقض على مؤخرته أو على الجنود الذين تأخروا عن اللحاق بفرقهم، غير أن الخطر المحدق والعظيم لم يأت من جيش الروس بل من الطبيعة لأن شدة البرد والصقيع والمسافات أنهكت وأهلكت الجيش الفرنسي، فكانت الطرق التي سلكها هذا الجيش والأمكنة التي ارتاح فيها مليئة بالجثث والأسلحة والأعلام وبقايا الثياب .

    ولعل أصعب مرحلة من مراحل الانسحاب كانت عندما وصل نابوليون إلى نهر بريزينا ، ووجد أن الجسور التي كانت عليه تم تدميرها وإزالتها ؛ فأحرق بونابرت جميع ما لديه من أوراق شخصية خوفًا من الوقوع في الأسر، .

    وفجأة بدت له فكرة ؛ فرسم خطة جريئة، وهي وضع جسرين على النهر لينقذ كل جيشه. وأمر ماتبقى من الجنود ببناء الجسرين من الخشب .!!! فلقد استطاع نابوليون أن يخدع الجيش الروسي بجزء من قواته ؛ ليعطي الوقت لمهندسيه لبناء جسرين على النهر، أحدهما للعربات والآخر للمشاة، بينما كلف نابوليون المارشال ناي مع عشرة آلاف جندي فرنسي بمنع الجيش الروسي من التقدم ،

    ولقد عبر الجيش الفرنسي مع عرباته بشكل كامل تقريبا
    ولم يبق منه سوى عدد بسيط يقدر بعشرة آلاف، وعندها أطل الجيش الروسي، فأمر نابوليون بإحراق الجسور و ضحی بالعشرة آلاف جندي فرنسي ؛ وهو نفس الوقت الذي كان الروس قد تنبهوا لأمر الجسرين و بدأوا بقصفهما .
    ------------------------------------------------------------------

    نجا نابليون من بريزينا وخرج من المصيدة الروسية، لكن مشاكله لم تنتهي بعد !!!

    وصلت أنباء من باريس عن محاولة انقلاب لإسقاط الإمبراطور نابليون !!

    نصحه الجنرالات بالتوجه فورًا إلى فرنسا، فانطلق في رحلة تسعمائة ميل إلى باريس، كان يعلم بأهمية وصوله إلى هناك قبل أن تُشاع في أوروبا أنباء عن هزيمته النكراء في روسيا .

    فقد يستغرق الأمر أربعة أشهر قبل أن يتمكن الجنود من فتح طريق العودة إلى فرنسا عبر روسيا .

    تكبدت فرنسا ثمنًا باهظًا لاعتقاد نابليون بأنه يستطيع غزو روسيا، وقد اعترف بذلك فيما بعد فقال :
    لقد خُذلت وخذلت نفسي.

    شكلت الحملة الروسية الفاشلة بداية النهاية لنابليون، وتحطم حلمه في أن يصبح إمبراطورًا على أوروبا الموحدة .

    أما القيصر الروسي ألكسندر الذي لم يعد صديقه فقد هاجم فرنسا ودمر إمبراطورية نابليون المزعومة بعد ذلك !!!
    ------------------------------------------------------------------
    نابليون بطل من ورق صنعه اليهود كيف صعدوه و كيف اهلكوه .. فصول النهاية في واترلو الغباء الحقيقي للعبقرية المزعومة .. الفقرات القادمة ان شاء الله
    انتظروها
يعمل...
X