Mohammad Kujjah
27 مايو ·
ماذا بقي من "الكواكبي"
( خلاصة ندوة دولية قبل عشرين عاما )
1 - اكثر من قرن كامل مضى على رحيل المفكر الحلبيّ العربي الكبير الإمام "عبد الرحمن الكواكبي"، ولا يزال وهجه الفكري ملء السمع والبصر والفؤاد، ولا تزال ملامح مشروعه الإصلاحي كأنها كتبت البارحة.
فهل كان "الكواكبي" متقدّماً في استشراف آفاق المستقبل إلى ما بعد أكثر من قرن، أم نحن الذين لم نتزحزح إلى الأمام ولم نغير من واقعنا الذي تحدث عنه "الكواكبي"؟
2 - مئات الدراسات والندوات والمحاضرات والمقالات والتعليقات صدرت حول أعمال "الكواكبي" خلال قرن من الزمان، واهتم به وبفكره العربُ وغير العرب من مسلمين وغير مسلمين. وسوف تحتفل حلب بابنها البارّ العظيم أواخر شهر أيلول المقبل، بمشاركة كل القوى الفاعلة في المدينة من سياسية وإدارية وفكرية وأكاديمية وفنية.
*****
3 - إن الفترة التي ظهر فيها "الكواكبي" كانت حافلةٌ بالأحداث السياسية والمظالم الاجتماعية، والقهر وتدنّي مستوى المعيشة والاعتداء على الحريات، وانتشار الفساد وسوء توزيع الثروات. ولم يكن "الكواكبي" ظاهرة نادرة، فلقد كانت دعوات الإصلاح ترتفع بشتّى تياراتها واتجاهاتها: السلفية والتنويرية والقومية والاستقلالية والاندماجية.
وكان هناك "جمال الدين الأفغاني" و"محمد عبده" و"محمد رشيد رضا". وفي حلب كان قبل ذلك "فرنسيس مرّاش" وبشير الغزي ، وفي تونس "خير الدين باشا".
4 - وكانت حركات الإحياء الإسلامي ناشطة في غير مكان، من منطلق دورها في مقاومة العدو الأجنبي، وهذا ما جعل بعض هذه الحركات تأخذ بعداً وطنياً جهادياً، مثل حركة الأمير "عبد القادر" في الجزائر -وهي مستندة إلى أصول متصوّفة فكرية وإلى رباطات وزوايا صوفية-، وحركة "عبد الكريم الخطابي" في المغرب، والحركة "السنوسية" في ليبيا التي توّجت بالثورة الوطنية بزعامة "عمر المختار"، والحركة "المهدية" في السودان التي نمت وعظمت وألحقت هزائم مذلّة بالمستعمر البريطاني، وحركات العلماء والمسلمين في الهند وأواسط آسيا وإيران ضد الحكم المتسلّط والغزو الأجنبي.
*****
5 - في هذا المناخ ظهرت قامة "عبد الرحمن الكواكبي" العليا، ليصيح بأعلى صوته: (أوقفوا الاستبداد)..
وهو يقول في مقدمة كتابه (طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد):
(الحمد لله خالق الكون على نظامٍ محكم متين، أقول وأنا مسلمٌ عربي، مضطرٌ للاكتتام شأن الضعيف الصادع بالأمر، أنني هجرت دياري فزرت مصر واتخذتها لي مرجعاً، فوجدت أفكار سراة القوم في مصر كما هي في سائر المشرق، خائضة عباب البحث فى المسألة الكبرى، أعني المسألة الاجتماعية في الشرق عموماً وفي المسلمين خصوصاً، إنما هم كسائر الباحثين، كلٌّ يذهب مذهباً في سبب الانحطاط، وفي ما هو الداء.
وحيث أني قد تمحّص عندي أن أصل هذا الداء هو الاستبداد السياسي، ودواؤه دفعه بالشورى الدستورية، وقد استقرّ رأيي على ذلك.
فالقائل مثلاً: إن أصل الداء التهاون في الدين، لا يلبث أن يقف حائراً عندما يسأل نفسه: لماذا تهاون الناس في الدين؟
والقائل: إن الداء اختلاف الآراء، يقف مبهوتاً عند تعليل سبب الاختلاف، فإن سببه الجهل، وهكذا يجد نفسه في حلقةٍ مفرغة لا مبدأ لها، فيرجع إلى القول: "هذا ما يريده الله بخلقه". غير مكترثٍ بمنازعةِ عقله ودينه له بأن الله حكيم عادل رحيم).
*****
6 - وعلى الرغم من أن للكواكبي كتابين هامين هما: (طبائع الاستبداد) و(أم القرى)، إلاّ أن كتاباته المتناثرة في صحفه والصحف الأخرى قد أمكن جمعها وتبويبها ودراستها.
وتأتي الندوة التي عقدت في حلب بدعوةٍ من المعهد الفرنسي للدراسات العربية في دمشق وحلب، تأتي هذه الندوة مساهمةً في إلقاء الضوء على عصر بدايات حركات الإصلاح الإسلامي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي، مع رصدٍ لمسار هذه الحركات، وطرح أسئلة عن أسباب إخفاقها أو تعثّرها أو تحوّلها إلى حركاتٍ راديكالية أو متطرّفة، أو انسحابها من المجتمع لسبب أو لآخر.
7 - وقد أسهم في تقديم تصوّرات ودراسات وإجابات حول هذا الموضوع، نخبةٌ من الباحثين العرب والأجانب المهتمين بدراسة تلك المرحلة وهذا الموضوع، منهم أعلام لامعون مثل: "نصر حامد أبو زيد" وحسن حنفي من مصر، و"محمد شريف الدجاني" من تونس، و"فالح عبد الجبار" من (العراق)، و"آصف بيات" من إيران.
إلى جانب باحثين فرنسيين وطليان، مثل: "آلان روسيون"، "فرانسوا بورغا"، "سابرينا مرفان"، "إدوارد متينييه"،"مارك غابوريو"،"جان إيف لوبتيال"، "أنطونيو بيليتري"، و"فلوريال سانغوستان".
ومن لبنان: "جعفر المهاجر"، "محمد حسن الأمين"، "أحمد موصللي"، "أحمد الأمين"، و"علي حمية".
ومن سورية: "محمد قجة، جمال باروت، أحمد برقاوي ، عبد الرزاق عيد ، "يوسف سلامة"، "ماهر الشريف"، "محمد كامل الخطيب". وآخرون ممن نظموا وعملوا في نطاق التحضير للندوة الدولية بحلب، بعنوان: (تيار الإصلاح الديني ومصائره في المجتمعات العربية).
8 - وقد حاول هؤلاء الباحثون الإجابة على أسئلة قديمة-جديدة، ولا تزال مطروحة:
- هل هناك تيارات إصلاح ديني.. وما هي هذه التيارات؟
- هل أخفقت هذه التيارات -هل ماتت- هل فيها بقايا روح؟
- ما البدائل المطروحة لحركات الإصلاح على المستوى الفكري والاجتماعي والسياسي؟
*****
ولا تزال الأسئلة مطروحة .....
كل التفاعلات:
وGeorge Ashy، وعمر رحمون
Mustafa Naj
تشكر دكتور محمد على هذه الإضاءة حول النهضة الإصلاحية على مستوى الوطن العربي بشكل خاص والأمة الإسلامية بشكل عام والتي هي بمجملها صرخات تنويرية في هذا المجتمع الذي اثقله التخلف في الحياة الإجتماعية والسياسية الإقتصادية التي أريد لها إن تبقى أسيرة بين السطور والصفحات والمجلدات حتى لا تأخذ طريقها إلى العقول وتبقى هذه المجتمات في حالة البحث عن المأكل والمشرب والتكاثر الغريزي لا أكثر...............
لا أريد أن أطيل وانت أعلم مني دكتور محمد
لك خالص احترامي وتقديري دكتور
Mohammad Kujjah
Mustafa Naj تحية لك ومودة وتقديرا لمداخلتك العميقة الثرية صديقي العزيز