حوار مع نزار قباني.. بعد هزيمة الخامس من حزيران / يونيه 1967م - Mohammad Kujjah

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حوار مع نزار قباني.. بعد هزيمة الخامس من حزيران / يونيه 1967م - Mohammad Kujjah

    Mohammad Kujjah


    5 يونيو الساعة 10:08 م ·
    *******حوار "مع نزار قباني"******
    بعد هزيمة الخامس من حزيران ، يونيه 1967
    1 - طابت أوقاتك أيها الشاعر الذي حمل في جناحيه الوطن والحب.. وغنّى لهما أعذب القصائد..
    ما الذي جعلكَ تنتقل من شعر الحب إلى قصائد الوطن اللاهبة؟
    نزار
    يا وطني الحزين
    حوّلتني بلحظةٍ
    من شاعرٍ يكتب شعر الحبّ والحنين
    لشاعرٍ يكتب بالسكّين
    لأن ما نحسّه
    أكبر من أوراقنا
    لا بدّ أن نخجل من أشعارنا
    *****
    2 - نحن نعلم يا "نزار" أنك الشاعر العربي الذي ملأ جوانب القرن العشرين عشقاً، قبل أن يعود فيملأه ثورة وإحساساً وطنياً عارماً، لماذا يتردّى الواقع العربي بهذه الصورة في رأيك؟
    نزار:
    ما دخل اليهود من حدودنا
    وإنما تسربوا كالنمل من عيوبنا
    كان بوسع نفطنا الدافق في الصحاري
    أن يستحيل خنجراً من لهبٍ ونارِ
    لكنه.. واخجلة الأشراف من قريشٍ
    واخجلة الأحرار من أوسٍ ومن نزارِ
    يراق تحت أرجل الجواري
    *****
    3 - أنت إذاً تحمّل النظام العربي مسؤولية الهزيمة والواقع المتردّي الذي وصلنا إليه.. ولكن أليس هناك مؤامرات خارجية تريد إذلال العرب وإخراجهم من التاريخ، أم أنت ترى أن العرب هم السبب في هذا الانهيار (على قاعدة: كما تكونوا يوَّل عليكم)؟
    نزار:
    أنا يا صديقةٌ مُتعبٌ بعروبتي
    فهل العروبة لعنةٌ وعِقابُ؟
    فمِنَ الخليجِ إلى المحيطِ قبائلٌ
    بَطِـرتْ.. فلا فكـرُ ولا آدابُ
    لولا العباءاتِ التي التّفوا بها
    مَا كُنتُ أحسبُ أنهّم أَعْرابُ
    قُبلاتُهم عربيةٌ.. مَن ذَا رَأى
    فيما رأى قُبلاً لها أَنيابُ؟
    والعالَمُ العَربيُّ: إمَا نَعجةٌ
    مَذبوحةٌ، أَو حَاكمٌ قَصّابُ
    وإذا قسوتُ على العـروبةِ مَرَةً
    فلقد تضيقُ بِكحْلها الأهـدابُ
    فلربّما تجدُ العروبةُ نفسَها
    ويضيء في قلب الظلامِ شهابُ
    *****
    4 - جميلٌ منكَ هذا النفَسُ الوطنّي والقومي، ولكن.. ألا ترى أن العربدة الصهيونية تستخفّ بالعرب ولا تعبأ بأيّ زعيمٍ منهم؟ وهذه العربدة المتغطرسة تزعم أنها مستندةٌ إلى قرارٍ إلهيّ بإقامة دولتها المزعومة في فلسطين العربية، ونحن نعلم أنك قد خاطبتَ هؤلاء الصهاينة في هذا الإطار، فماذا قلتَ لهم؟
    نزار:
    للحزن أولاد سيكبرون
    لمن قتلتم في فلسطين صغار سوف يكبرون
    وجاء في كتابه تعالى:
    بأنكم من مصر تخرجون
    وأنكم في تيهها سوف تجوعون وتعطشون
    وأنكم بنعمة الله عليكم سوف تكفرون
    وفي المناشير التي يحملها رجالنا
    زدنا على ما قاله تعالى، سطرين آخرين:
    "ومن ذُرا الجولان تخرجون"
    "وضفة الأردن تخرجون"
    "بقوة السلاح تخرجون"
    *****
    5 - لو ترى يا "نزار" محبوبتك بيروت وهي تُذبح بسكين جزاري العصر من صهاينة وسواهم ، وقد شحذ لها هذا السكينَ أباطرةُ القهر العالمي، ووقف العرب الذين يزعمون محبّة لبنان يتفرّجون عليها وهي تُهان وتُدمّر. ولقد قلت في بيروت شعراً كثيراً، ما الذي تذكره منه؟
    نزار:
    يا ستّ الدنيا يا بيروت
    قومي مِن تحت الردم، كزهرةِ لوزٍ في نيسان
    قومي من حزنكِ، إنّ الثورة تُولد مِن رحمِ الأحزان
    قومي إكراماً للغابات وللأنهارِ وللوديان
    قومي إكراماً للإنسان
    إنَا أخطأنا يا بيروت
    وجئنا نلتمس الغفران
    ما زلتُ أحبّكِ يا بيروت
    لماذا لا نبتدئ الآن؟
    *****
    6 - وها هي بيروت يا "نزار" تبتدئ ثورةً إثرَ ثورة . وفلسطين تنتفض في مقاومة مدهشة ، في قدسها وضفتها وغزتها ، ولكنها جريحةُ الفؤاد لأنّ ظلْم ذوي القربى لا يطاق، وقد رأتْ بعض ذوي القربى يساعدون في شحْذ سكّين الجزار وقد وقفوا يتفرجون ويشمتون. ما الذي تقوله يا نزار لهؤلاء؟
    نزار:
    متى سترحلون
    المسرح انهارَ على رؤوسكم
    متى سترحلون
    والناس في القاعة يشمتون، يبصقون
    كانت فلسطين لكم
    دجاجةً من بيضها الثمين تأكلون
    كانت فلسطين لكم
    قميص "عثمان" الذي به تتاجرون
    طوبى لكم.. على يديكم أصبحت حدودُنا
    من ورقٍ
    فألف تُشكرون!
    *****
    7 - نحن نعلم انك كتبت بعد هزيمة الخامس من حزيران قصيدة لحنها محمد عبد الوهاب ، وغنتها أم كلثوم ، ثم امتنعت الاذاعات العربية عن بثها ، لاسباب غير مفهومة ... هل تذكرنا ببعض ابياتها .
    نزار :
    الى فلسطين خذوني معكم يا ايها الرجال
    اريد ان اعيش او اموت كالرجال
    اصبح عندي الآن بندقيه
    اصبحت في قائمة الثوار
    افترش الأسلاك والغبار
    وأركب المنيّه
    الى فلسطين طريق واحد
    يمرّ من فوهة بندقيه


    كل التفاعلات:
    أميمة إبراهيم إبراهيم، ود.غسان القيم

    Dr-Najib Kayali
    حوار موفق من باحث كبير عودنا على مقالات وتعليقات مميزة. هذا الحوار يثلج الصدور لأنه مع شاعر عظيم أحدث - برأيي ودون مبالغة - ثلاث ثورات: أولا" ثورة شعرية حولت الشعر من لغة تتطلب ثقافة معمقة إلى لغة سهلة الفهم لا تتطلب أي عناء، لغة بسيطة جدا"، ولكنها بليغة جدا"، وهذه الثورة القبانية المؤثرة جدا" لا يقلل من أهميتها وجود شعراء آخرين بنهج مشابه؛ ثانيا" ثورة حب شدت الشباب وجعلتهم يتغنون بالحب والغرام بكلام موسيقي محبب يقوي عرى المحبة، وإن كان الشعر العاطفي المتميز لاينفرد به نزار قباني، لكن هذا الشعر يكتسب لأول مرة طابعا" جماهيريا" واسعا" جدا" ومرغوبا" جدا"، من مختلف فئات المجتمع، خاصة من الشباب والأزواج الجدد...، وقابلا" للتغني به بمتعة نادرة، ولخلق البسمة على وجوه الناس؛ ثالثا" ثورة سياسية رافضة للاحتلال والظلم والتخلف، وداعية للتحرر والعدالة والتطور، ثورة شاعر مقاوم جريء أبى طوال حياته الخنوع والاستسلام.
    شكرا" لصديقي العزيز الأستاذ القدير محمد قجة على تذكيرنا دوما" بقامات بلادنا.
يعمل...
X