دزيغا فرتوف Dziga Vertov، مخرج وكاتب سيناريو ومنظر سينمائي روسي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • دزيغا فرتوف Dziga Vertov، مخرج وكاتب سيناريو ومنظر سينمائي روسي

    فرتوف (دزيغا)

    Vertov (Dziga-) - Vertov (Dziga-)

    فرتوف (دزيغا -)
    (1896-1954)

    دزيغا فرتوف Dziga Vertov، مخرج وكاتب سيناريو ومنظر سينمائي روسي، وأحد مؤسسي السينما الوثائقية السوڤييتية والعالمية، ولد في بياليستوك Bialystok وتوفي في موسكو. اسمه الحقيقي دنيس كاوفمان Denis A.Kaufman واشتهر باسمه المستعار «دزيغا فرتوف» في مجال العمل بالأفلام. درس في مدرسة الموسيقى العسكرية، ثم في معهد الطب النفسي ـ العصبي في موسكو.
    في عام 1918، بدأ فرتوف عمله في قسم الأخبار باللجنة السينمائية بموسكو، وهي أول هيئة سوڤييتية تعمل بإنتاج الأفلام بعد الثورة، ليعمل مساعداً لرئيس قسم الأخبار فيها. وكانت بداية عمل فرتوف في مجال صناعة الأفلام، مع تغير مهم يحتاج إلى هذه الصناعة ويضعها في مواجهة مهام جديدة، وأصبح أول سينمائي أيضاً يدرك ضرورة تغير الأسلوب والشكل السينمائي المستخدم ليعبر عن واقع جديد يتكون عبر علاقات مغايرة تماماً.
    بدأت محاولات فرتوف الأولى للبحث عن شكل هذه السينما الجديدة في أثناء الاحتكاك المباشر بالجمهور الذي يتوجه إليه، وكيفية استخدام السينما كأداة اتصال به. وهذا ما فعله لأول مرة في تاريخ السينما متنقلاً عبر جبهات الحرب الأهلية ومواقعها، وملتقياً الفلاحين والعمال والجنود، ومراقباً إياهم في أثناء العروض السينمائية التي يشاهدونها. وعبر هذا الاحتكاك والمعايشة الحية للجمهور الجديد الذي تسعى السينما للتوجه إليه، كانت ملامح السينما تتكون عندما بدأ فرتوف خطواته الأولى، فقد لاحظ الإحساس السلبي للفلاحين والجنود إزاء الأفلام البعيدة عن الواقع، وانفعالهم في الوقت نفسه بمشاهد قتال الجيش الأحمر، واعتزازهم وفخرهم بصورة الفلاحة السوڤييتية وهي تركب الجرّار في شرائط الأخبار السينمائية المصورة.
    يقول فرتوف: «علينا أن نرى الحياة ونصغي إليها، وأن نلاحظ التواءاتها وانعطافاتها، وأن نتلقف تهشم عظام نمط الحياة القديم تحت ضغط الثورة، تلك هي المهمة المباشرة على عاتقنا». ومن هنا، انطلقت أفلامه الأولى وهي تتابع أحداث الحرب الأهلية الجارية «معركة تساريتسين»، و«محاكمة ميرونوف» عام 1921، و«تاريخ الحرب الأهلية» (1922). وبدأت أبحاثه التمهيدية لتصوير الواقع في أثناء عمله في المجلتين السينمائيتين «الأسبوع السينمائي» و«التقويم السينمائي الرسمي»، تلك الأبحاث التي تبلورت فيما بعد في عمله بالجريدة الرسمية «سينما الحقيقة» التي أنشأها عام 1923 والتي ظهر منها ثلاثة وعشرون عدداً متضمنة تجاربه في مونتاج وتصوير وإخراج الأخبار السينمائية، حيث اختلفت عن المجلات السينمائية الأخرى باستخدامها للمونتاج ليس من أجل إظهار الأحداث فقط بل وإظهار الصلة الفكرية بينها، ليضع أسس المدرسة الوثائقية السوڤييتية في فن السينما.
    وفي عام 1922، أصدر فرتوف بيانه «الانعطاف» وكوّن جماعة سينمائية عرفت باسم «العين السينمائية». وأعلن في هذا البرنامج إنكاره ضرورة السينما التمثيلية الفنية، وأن على السينما أن تهجر البلاتوهات والممثلين المحترفين والأعمال الأدبية، وأن تركز على أهمية ما تلتقطه آلة التصوير الـسينمائي (العين الـسينمائيـة). وقد طبق فرتوف نظرياته الثورية في مجال الـسينما في أثناء عمله في أفلام هذه المجموعة مثل «تقدمي أيتها السوڤييت» (1926) وهو أول فيلم تسجيلي طويل له، و«الحادي عشر» (1928)، و«الإنسان وراء الكاميرا» (1929)، وأحد أول الأفلام الناطقة السوڤييتية «سمفونية الدنباس» (1930).
    حدد فرتوف البناء المتجدد لأغلب أفلامه على صورة «المنولوغ الداخلي لإنسان أطلقته الثورة»، وكان أفضل تعبير عن هذا في فيلمه «ثلاث أغنيات عن لينين» (1934) الذي حاز جائزة في مهرجان البندقية (فينيسيا)، ثم فيلم «المهد» (1937)، و«ثلاث بطلات» (1939) وغيرها. وأخرج منذ عام 1944 حتى عام 1954 المجلة السينمائية «أخبار اليوم».
    ويقول فرتوف عن هذه الأفلام وعن نظريته «العين السينمائية»: «من الدروس التي تعلمناها من هذه الأفلام أن نصنع أفلاماً طويلة بمشاهد سينمائية، وأن نذلل جميع المصاعب التي تعترضنا بالعمل الفني، إذ ليست «العين السينمائية» من أجل «العين السينمائية» وإنما من أجل الحقيقة باستخدام «العين السينمائية» أي سينما الحقيقة، وليس التصوير على حين غفلة من أجل التصوير على حين غفلة، وإنما لإظهار الناس بلا أقنعة وبلا مكياج، لتصويرهم بعين الكاميرا في اللحظة التي لا يمثلون فيها، وقراءة أفكارهم التي تعريها «العين السينمائية». ليس هناك تحايلات، بل الحقيقة، وهذا هو الشيء الرئيس في عمل «العين السينمائية».
    ويمكن القول إن ما صنع الأصالة لدى فرتوف هو تأكيده الحاسم على استدلالية المادة. ومن الأكيد أن ما أبرزه فرتوف، كان الإنسان الحاضر في الطبيعة مثل أفعاله، ونزواته، وحياته. ولكنه إن كان قد اشتغل على المادة الوثائقية، وعلى الأحداث الجارية، وإن كان رفض بشدة أن يخرج الطبيعة سينمائياً ورفض سيناريو العمل، فقد كان ذلك لسبب جوهري، فالآلات والمناظر والعمارات أو الناس لم تنل كثيراً من اهتمامه: فكل منها حتى الفلاحة الأكثر فتنة أو الطفل الأكثر جاذبية، ظهرا كمنظومات مادية لا تتوقف عن التفاعل فيما بينها باستمرار. لقد مثلت حفازات، ومحولات، ومبدلات تستقبل الحركات وتعيد إعطاءها، محدثة تغييرات ليست ذات قياس مشترك مع أبعادها الخاصة. ليس معنى هذا أن فرتوف كان يعدُّ الكائنات الإنسانية مثل آلات، بل إن الآلات بالأحرى قد صار لها قلب حي، وصارت تسير وترتعش وتنتفض وتقذف الأضواء، مثلما أن بوسع الإنسان فعل ذلك أيضاً، بحركات أخرى، وفي ظل شروط أخرى، ولكن، على الدوام، في تفاعل بين حركاته وحركاتها. ولدى فرتوف، فإن مسافة الحركة هي الإدراك، والنظرة الخاطفة، والعين، وليست هذه العين هي عين الإنسان الساكنة الحركة إلى حد بعيد، بل عين الكاميرا، أي عين داخل المادة.
    محمد عبيدو
يعمل...
X