فواز (زينب)
Fawwaz (Zaynab-) - Fawwaz (Zaïnab-)
فواز (زينب -)
(1860-1914م)
زينب علي فواز العاملية أديبة كاتبة روائية شاعرة لبنانية رائدة، ولدت في قرية (تبنين) من أعمال صيدا في الجنوب اللبناني، لأسرة فقيرة، وقد لفت ذكاؤها الوقاد، ونبوغها الفطري المبكر أنظار السيدة فاطمة الأسعد زوجة علي الأسعد، فتبنتها وعلمتها مبادئ القراءة والكتابة، ونصحتها بحفظ القرآن الكريم، فحفظته عن وعي وفهم، في زمن كانت الأمية تسود أغلب سكان الجنوب اللبناني، وقد أجادت العربية، آملة أن تصبح خطيبة وكاتبة وشاعرة.
تعرفت في قصر خليل الأسعد أخي فاطمة رجلاً من حاشيته فتزوجته، ثم انفصلت عنه لاختلاف طباعهما، وقصدت بيروت وراحت تطرق الأبواب سائلة الاستخدام، فاستخدمتها أسرة يوسف حمدي يكن المصرية، ويقال إنها تزوجت أحد أفراد حاشية هذه الأسرة، ورحلت معها إلى الإسكندرية.
استرعت في الإسكندرية انتباه الأستاذ حسن حسني الطويراني صديق أسرة يكن، وصاحب جريدة «النيل»، فدرست عليه الصرف والبيان والعروض، كما درست على الشيخ محيي الدين النبهاني النحو والإنشاء، وظلت عاكفة على الدرس والتحصيل حتى تمكنت من الكتابة ونظم الشعر، ولما ذاعت شهرتها أخذت تكتب في جرائد: «النيل»، و«لسان الحال»، و«المؤيد»، و«اللواء»، و«الأهالي»، و«الاتحاد المصري»، ومجلتي «الفتاة» لهند نوفل، و«أنيس الجليس» لألكسندره الخوري أفرينوه، موضوعاتٍ اجتماعيةً ونسائيةً بجرأة نادرة، فأعجب بأسلوبها الكاتب الدمشقي أديب نظمي، فتراسلا، وتبادلا الصور الشخصية، حتى انتهى بهما الأمر إلى الزواج، إذ حضرت إلى سورية، وانضمت إلى زوجها الذي كان يقيم بحكم وظيفته في قرية «الشيخ سعد» بحوران، ولما لم يطب لها العيش فيها طلبت من زوجها الانتقال بها إلى دمشق، حيث عاشت مع ثلاث ضرائر، لكنها لم تلبث أن تبرمت بحياتها غير الطبيعية، فانفصلت عنه بعد أن عاشت معه ثلاث سنوات، وعادت إلى الإسكندرية التي شهدت ولادتها الأدبية. ظلت تعيش فيها حتى وافتها المنية قبيل اندلاع الحرب العالمية الأولى.
كانت تعقد في دار زوجها أديب نظمي في دمشق مجالس أدبية أسبوعية يحضرها كل من حسن الدوماني، وأبو السعود مراد، وعبد القادر بدران، وسليم عنحوري، ورشيد الحشيمي، وسيد السلطجي، وصالح طه، ومحمود حمدي، وحسين حسني، وعمر نحولي (من صيدا)، وصالح وهبي البغدادي، وأسعد الحمصي، ومحمد عبد المجيد الدوماني وغيرهم من أدباء ذلك العهد، فيتطارحون الشعر نظماً وتشطيراً، ويتناقشون في قضايا الأدب، وكان زوجها رسولاً بينها وبين الحاضرين، إذ كانت تجلس خلف ستار قريب، أو في غرفة مجاورة، ويحمل منها وإليها ما قالت وقالوه لأن التقاليد الصارمة كانت تحول دون انطلاق المرأة - حتى ولو كانت كاتبة - انطلاقاً كاملاً في ميادين الحياة، ومع ذلك فرضت شخصيتها.
فاقت زينب فواز غيرها من كاتبات زمنها وشاعراته كعائشة التيمورية، وباحثة البادية، ووردة اليازجي، واضطلعت برسالة بعث المرأة العربية من جمودها وتخلفها، رغم أنها لم تدخل المدارس، وقد عُدّت معجزة عصرها، ومفخرة بنات جنسها، بما نشرت من مقالات تدافع بها عن حرية المرأة العربية ومساواتها بالرجل، وكثيراً ما ناظرت الأدباء في هذا الموضوع، رغبةً منها في تعزيز شأن المرأة، وتوفير سبل تقدمها، وكانت آراؤها في هذا المجال جريئة متحررة، وكم كانت تنتفض ثائرة إذا قرأت أو سمعت أن واحدة من بنات جنسها أعلنت رأياً فيه شيء من التحفظ في حقوق النساء، كما في ردها على الأديبة اللبنانية هنا كسباني كوراني.
آثارها الأدبية
ـ في الرواية: كتبت زينب فواز روايتين هما: «حسن العواقب أو غادة الزاهرة» ونشرتها عام 1899، وتقع حوادثها في لبنان، وقد تأثرت فيها بأسلوب سليم البستاني، وذلك بحشد كثير من المغامرات والمخاطرات والمؤامرات، وأسلوبها فيها خليط من السجع والاسترسال. أما الرواية الثانية فهي «كورش ملك فارس» وتُعد من أحسن الروايات مغزىً ومعنىً، غرامية تاريخية، جمعت بين الفائدة والفكاهة، وصورت فيها قبح العبادة المجوسية، وحسن الوحدانية أبدع تصوير، وقد طبعت في مطبعة أمين هندية في مصر عام 1905.
ـ في المسرح: ألفت مسرحية «الهوى والوفاء»، وهي مسرحية في أربعة فصول صدرت عام 1893.
ـ في السيرة: لها كتاب «الدر المنثور في طبقات ربات الخدور» صدر عام 1893 وقد ترجمت فيه لنساء شهيرات عدة، منهنّ فاطمة الخليل الأسعد التي احتضنتها في صغرها، وكانت السبب في تعليمها، وجمعت مادته من نحو أربعين كتاباً تاريخياً وأدبياً، إضافة إلى ما أخذته من المجلات والجرائد من مقالات تؤيد تقدم المرأة وتدعو إلى تعليمها.
ـ في الترسل: لها «الرسائل الزينبية» ضم رسائلها وطائفة من المقالات التي عالجت فيها حقوق المرأة ومكانتها في المجتمع، وردودها على الكتّاب كالشيخ أحمد عارف الزين، وهنا كسباني كوراني وغيرهما، وضم مقالاتها بين 1892ـ 1899.
ـ في الشعر: نظمت أشعاراً كثيرة لم تجمع في ديوان، قالتها في مناسبات تقليدية معروفة مختلفة، كالتهنئة في الزواج والولادة، والغزل، والمدح، وجميعها لا تنطوي على معان عميقة، كقولها في تفضيل الشرق على الغرب:
للشرق فضلٌ في البريةِ أنه
يأتي الوجود بكل حسنٍ مُعجبِ
والغربُ أظلمُ ما يكون لأننا
نشقى بفرقةِ شمسهِ في المغربِ
عيسى فتوح
Fawwaz (Zaynab-) - Fawwaz (Zaïnab-)
فواز (زينب -)
(1860-1914م)
زينب علي فواز العاملية أديبة كاتبة روائية شاعرة لبنانية رائدة، ولدت في قرية (تبنين) من أعمال صيدا في الجنوب اللبناني، لأسرة فقيرة، وقد لفت ذكاؤها الوقاد، ونبوغها الفطري المبكر أنظار السيدة فاطمة الأسعد زوجة علي الأسعد، فتبنتها وعلمتها مبادئ القراءة والكتابة، ونصحتها بحفظ القرآن الكريم، فحفظته عن وعي وفهم، في زمن كانت الأمية تسود أغلب سكان الجنوب اللبناني، وقد أجادت العربية، آملة أن تصبح خطيبة وكاتبة وشاعرة.
تعرفت في قصر خليل الأسعد أخي فاطمة رجلاً من حاشيته فتزوجته، ثم انفصلت عنه لاختلاف طباعهما، وقصدت بيروت وراحت تطرق الأبواب سائلة الاستخدام، فاستخدمتها أسرة يوسف حمدي يكن المصرية، ويقال إنها تزوجت أحد أفراد حاشية هذه الأسرة، ورحلت معها إلى الإسكندرية.
استرعت في الإسكندرية انتباه الأستاذ حسن حسني الطويراني صديق أسرة يكن، وصاحب جريدة «النيل»، فدرست عليه الصرف والبيان والعروض، كما درست على الشيخ محيي الدين النبهاني النحو والإنشاء، وظلت عاكفة على الدرس والتحصيل حتى تمكنت من الكتابة ونظم الشعر، ولما ذاعت شهرتها أخذت تكتب في جرائد: «النيل»، و«لسان الحال»، و«المؤيد»، و«اللواء»، و«الأهالي»، و«الاتحاد المصري»، ومجلتي «الفتاة» لهند نوفل، و«أنيس الجليس» لألكسندره الخوري أفرينوه، موضوعاتٍ اجتماعيةً ونسائيةً بجرأة نادرة، فأعجب بأسلوبها الكاتب الدمشقي أديب نظمي، فتراسلا، وتبادلا الصور الشخصية، حتى انتهى بهما الأمر إلى الزواج، إذ حضرت إلى سورية، وانضمت إلى زوجها الذي كان يقيم بحكم وظيفته في قرية «الشيخ سعد» بحوران، ولما لم يطب لها العيش فيها طلبت من زوجها الانتقال بها إلى دمشق، حيث عاشت مع ثلاث ضرائر، لكنها لم تلبث أن تبرمت بحياتها غير الطبيعية، فانفصلت عنه بعد أن عاشت معه ثلاث سنوات، وعادت إلى الإسكندرية التي شهدت ولادتها الأدبية. ظلت تعيش فيها حتى وافتها المنية قبيل اندلاع الحرب العالمية الأولى.
كانت تعقد في دار زوجها أديب نظمي في دمشق مجالس أدبية أسبوعية يحضرها كل من حسن الدوماني، وأبو السعود مراد، وعبد القادر بدران، وسليم عنحوري، ورشيد الحشيمي، وسيد السلطجي، وصالح طه، ومحمود حمدي، وحسين حسني، وعمر نحولي (من صيدا)، وصالح وهبي البغدادي، وأسعد الحمصي، ومحمد عبد المجيد الدوماني وغيرهم من أدباء ذلك العهد، فيتطارحون الشعر نظماً وتشطيراً، ويتناقشون في قضايا الأدب، وكان زوجها رسولاً بينها وبين الحاضرين، إذ كانت تجلس خلف ستار قريب، أو في غرفة مجاورة، ويحمل منها وإليها ما قالت وقالوه لأن التقاليد الصارمة كانت تحول دون انطلاق المرأة - حتى ولو كانت كاتبة - انطلاقاً كاملاً في ميادين الحياة، ومع ذلك فرضت شخصيتها.
فاقت زينب فواز غيرها من كاتبات زمنها وشاعراته كعائشة التيمورية، وباحثة البادية، ووردة اليازجي، واضطلعت برسالة بعث المرأة العربية من جمودها وتخلفها، رغم أنها لم تدخل المدارس، وقد عُدّت معجزة عصرها، ومفخرة بنات جنسها، بما نشرت من مقالات تدافع بها عن حرية المرأة العربية ومساواتها بالرجل، وكثيراً ما ناظرت الأدباء في هذا الموضوع، رغبةً منها في تعزيز شأن المرأة، وتوفير سبل تقدمها، وكانت آراؤها في هذا المجال جريئة متحررة، وكم كانت تنتفض ثائرة إذا قرأت أو سمعت أن واحدة من بنات جنسها أعلنت رأياً فيه شيء من التحفظ في حقوق النساء، كما في ردها على الأديبة اللبنانية هنا كسباني كوراني.
آثارها الأدبية
ـ في الرواية: كتبت زينب فواز روايتين هما: «حسن العواقب أو غادة الزاهرة» ونشرتها عام 1899، وتقع حوادثها في لبنان، وقد تأثرت فيها بأسلوب سليم البستاني، وذلك بحشد كثير من المغامرات والمخاطرات والمؤامرات، وأسلوبها فيها خليط من السجع والاسترسال. أما الرواية الثانية فهي «كورش ملك فارس» وتُعد من أحسن الروايات مغزىً ومعنىً، غرامية تاريخية، جمعت بين الفائدة والفكاهة، وصورت فيها قبح العبادة المجوسية، وحسن الوحدانية أبدع تصوير، وقد طبعت في مطبعة أمين هندية في مصر عام 1905.
ـ في المسرح: ألفت مسرحية «الهوى والوفاء»، وهي مسرحية في أربعة فصول صدرت عام 1893.
ـ في السيرة: لها كتاب «الدر المنثور في طبقات ربات الخدور» صدر عام 1893 وقد ترجمت فيه لنساء شهيرات عدة، منهنّ فاطمة الخليل الأسعد التي احتضنتها في صغرها، وكانت السبب في تعليمها، وجمعت مادته من نحو أربعين كتاباً تاريخياً وأدبياً، إضافة إلى ما أخذته من المجلات والجرائد من مقالات تؤيد تقدم المرأة وتدعو إلى تعليمها.
ـ في الترسل: لها «الرسائل الزينبية» ضم رسائلها وطائفة من المقالات التي عالجت فيها حقوق المرأة ومكانتها في المجتمع، وردودها على الكتّاب كالشيخ أحمد عارف الزين، وهنا كسباني كوراني وغيرهما، وضم مقالاتها بين 1892ـ 1899.
ـ في الشعر: نظمت أشعاراً كثيرة لم تجمع في ديوان، قالتها في مناسبات تقليدية معروفة مختلفة، كالتهنئة في الزواج والولادة، والغزل، والمدح، وجميعها لا تنطوي على معان عميقة، كقولها في تفضيل الشرق على الغرب:
للشرق فضلٌ في البريةِ أنه
يأتي الوجود بكل حسنٍ مُعجبِ
والغربُ أظلمُ ما يكون لأننا
نشقى بفرقةِ شمسهِ في المغربِ
عيسى فتوح