فخيريه (تل)
Al-Fukhayriyah hill - Al-Fukhayriyah
الفخيرية (تل -)
يقع تل الفخيرية فوق سهول واسعة تحوطه من كل مكان، على ارتفاع خمسة عشر متراً جنوبي مدينة رأس العين، بمساحة إجمالية تقدر بثمانين هكتاراً، وعلى مسافة 82كم شمال غربي مدينة الحسكة. وتؤكد طبوغرافية الموقع أنه يتألف من كتلتين رئيسيتين: المدينة العليا والمدينة المنخفضة.
بدأت أعمالَ التنقيب في الموقع أول الأمر بعثةٌ أثرية أمريكية برئاسة ماك إيوين M.Ewin عام 1940، ونفذت تسعة أسبار، وفيما بعد عملت بعثة أثرية ألمانية، برئاسة أنطون مورتكات A.Moortgat ما بين عامي 1955-1956، بهدف تفحص تتابع الطبقات في مختلف الأسبار، من دون أن تجري كشفاً عن مساحات واسعة. ولم يكشف هذا التنقيب المحدود عن النظام المعماري في الموقع، إلا أنه أكد أنه كان مأهولاً خلال الألف الثاني قبل الميلاد.
وخلال أعمال التسوية التي جرت جنوب المدينة العليا عام 1979، عُثر مصادفة على تمثال منحوت من الحجر البازلتي، طوله متران، يمثل الملك «هدد يسعي» الذي حكم أواخر القرن التاسع وأوائل القرن الثامن قبل الميلاد، وعليه كتابة ثنائية اللغة (آشورية وآرامية)، تشير إلى أن اسم المدينة كان «سيكاني» وأن التمثال نصب أمام معبد إله الطقس من غوزانا (تل حلف) في مدينة سيكاني.
وبنتيجة حت الأمطار في الجهة الشمالية من المدينة المنخفضة عام 1996، برز جزء من تمثال للعيان؛ فأجرت بعثة أثرية سورية حفريات في الموقع.
توقف العمل عام 2001، ثم تم الترخيص رسمياً لبعثة أثرية سورية- ألمانية مشتركة، تمكنت من خلال الأسبار وأعمال التنقيب المنهجي في الموقع من تحديد الفترات التاريخية التي مرت عليه وهي: فترة الحضارة الآشورية الوسطى والحديثة، الفترة الآرامية، الفترة الهلنستية، الفترة الرومانية، الفترة البيزنطية، فترة الحضارة العربية الإسلامية.
ففي القطاع (A) الواقع في الجهة الشمالية من المدينة العليا، تمكن الباحثون الأمريكيون عام 1940 من الكشف عن أجزاء من بناء مترامي الأطراف، يعود إلى عصر الحديد، يعتقد أنه مقر الحاكم، يتخذ شكل بيت هيلاني (وهو نمط من البناء الآرامي يتكون من قاعة عرضانية تحملها أعمدة وله مدخل واسع)، وقد عثر فيه على مجموعة من الرُّقُم الفخارية بالخط المسماري، تعود إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد، تؤكد أن البيت يعود إلى تاجر.
كما عثر أيضاً على مجموعة من العاجيات تعود إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد، وإلى الشرق منه كُشفت سلسلة من الجدران والأبراج تعود إلى العصر الروماني.
وبتنظيف المقطع الجانبي من قبل البعثة المشتركة وتوثيقه، بطول 20 متراً، ظهرت جدران بيت هيلاني محفوظة حتى ارتفاع ثلاثة أمتار، قياس اللَّبنة الواحدة /10 × 40 × 40سم/، يليها جدار يعود إلى العصر الآشوري الوسيط، وعلى أرضية الأساس كُشف عن أربعة قرون يعتقد أنها لأبقار أو لثيران برية، يرجح أنها أضحيات التدشين.
وتم الكشف في القطاع (B)، الواقع في الجهة الغربية من المدينة العليا، من قبل البعثة المشتركة، عن خمس سويات حضارية، عثر في السوية الأولى على غرفة مبنية من اللّبن والحجر الكلسي، تعود إلى القرن العاشر الميلادي، تليها السوية الثانية التي عثر فيها على بقايا آثار تعود إلى الفترة البيزنطية، وفي السوية الثالثة كشف عن أرضية مرصوفة بالحجر، يعتقد أنها باحة، وكشف تحتها عن بئر يليه طبقة ردم تعود إلى الفترة الرومانية - الهلنستية، تتوضع تحتها مباشرة السوية الرابعة التي عثر في داخلها على مدفنين يعودان إلى الفترة الآرامية، كما عثر في السوية الخامسة على بقايا بيتين يعودان إلى العصر الآشوري الوسيط، لكل منهما أرضيتان.
وفي القطاع (C) الواقع في الجهة الشمالية من المدينة المنخفضة، كشف عن سويتين أثريتين فيهما جـدران مبنية من الحجر، تعود إلى كـل من الفترة البيزنطية - الرومانية، عثر ضمن السوية الأولى على جرة مصنوعة من مادة البرونز، بداخلها مجموعة من اللقى المهمة، من ضمنها ست قطع نقدية ذهبية تعود إلى فترة حكم الامبراطور البيزنطي فوكاس (602-610م).
وعثر في السوية الثانية على تمثال لامبراطور روماني يرتدي ملابس عسكرية، مصنوع من حجر المرمر بطول (210سم)، رأسه وذراعاه مفقودان، ويعتقد أنه أقيم في القرن الثاني الميلادي، كما كشفت أجزاء من جدران وأرضيات وساحة مفروشة بالحصى، وعثر أيضاً على نقود تعود إلى فترة الحضارة العربية الإسلامية، ونقود برونزية بيزنطية، وكتابات تشير إلى أن القرية ريسا نيا (رأس العين) رقيت في سنة 380م إلى مرتبة مدينة، وتغير اسمها فأصبحت تعرف بـ «تيودوسيو بوليس».
تأتي أهمية تل الفخيرية من الاكتشافات التي تحققت فيه، وخاصة من الناحية المعمارية واللقى الأثرية التي أكدت أهميته التاريخية والحضارية في النصف الثاني من الألف الثاني قبل الميلاد حتى القرن العاشر الميلادي. ولعل البحث الأثري المستقبلي في الموقع يكشف عن عاصمة الميتانيين «واشوكاني» التي تشير جميع الدلائل إلى أنها تقع في خبايا هذا الموقع.
عبد المسيح بغدو
Al-Fukhayriyah hill - Al-Fukhayriyah
الفخيرية (تل -)
بدأت أعمالَ التنقيب في الموقع أول الأمر بعثةٌ أثرية أمريكية برئاسة ماك إيوين M.Ewin عام 1940، ونفذت تسعة أسبار، وفيما بعد عملت بعثة أثرية ألمانية، برئاسة أنطون مورتكات A.Moortgat ما بين عامي 1955-1956، بهدف تفحص تتابع الطبقات في مختلف الأسبار، من دون أن تجري كشفاً عن مساحات واسعة. ولم يكشف هذا التنقيب المحدود عن النظام المعماري في الموقع، إلا أنه أكد أنه كان مأهولاً خلال الألف الثاني قبل الميلاد.
وخلال أعمال التسوية التي جرت جنوب المدينة العليا عام 1979، عُثر مصادفة على تمثال منحوت من الحجر البازلتي، طوله متران، يمثل الملك «هدد يسعي» الذي حكم أواخر القرن التاسع وأوائل القرن الثامن قبل الميلاد، وعليه كتابة ثنائية اللغة (آشورية وآرامية)، تشير إلى أن اسم المدينة كان «سيكاني» وأن التمثال نصب أمام معبد إله الطقس من غوزانا (تل حلف) في مدينة سيكاني.
وبنتيجة حت الأمطار في الجهة الشمالية من المدينة المنخفضة عام 1996، برز جزء من تمثال للعيان؛ فأجرت بعثة أثرية سورية حفريات في الموقع.
توقف العمل عام 2001، ثم تم الترخيص رسمياً لبعثة أثرية سورية- ألمانية مشتركة، تمكنت من خلال الأسبار وأعمال التنقيب المنهجي في الموقع من تحديد الفترات التاريخية التي مرت عليه وهي: فترة الحضارة الآشورية الوسطى والحديثة، الفترة الآرامية، الفترة الهلنستية، الفترة الرومانية، الفترة البيزنطية، فترة الحضارة العربية الإسلامية.
ففي القطاع (A) الواقع في الجهة الشمالية من المدينة العليا، تمكن الباحثون الأمريكيون عام 1940 من الكشف عن أجزاء من بناء مترامي الأطراف، يعود إلى عصر الحديد، يعتقد أنه مقر الحاكم، يتخذ شكل بيت هيلاني (وهو نمط من البناء الآرامي يتكون من قاعة عرضانية تحملها أعمدة وله مدخل واسع)، وقد عثر فيه على مجموعة من الرُّقُم الفخارية بالخط المسماري، تعود إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد، تؤكد أن البيت يعود إلى تاجر.
كما عثر أيضاً على مجموعة من العاجيات تعود إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد، وإلى الشرق منه كُشفت سلسلة من الجدران والأبراج تعود إلى العصر الروماني.
وبتنظيف المقطع الجانبي من قبل البعثة المشتركة وتوثيقه، بطول 20 متراً، ظهرت جدران بيت هيلاني محفوظة حتى ارتفاع ثلاثة أمتار، قياس اللَّبنة الواحدة /10 × 40 × 40سم/، يليها جدار يعود إلى العصر الآشوري الوسيط، وعلى أرضية الأساس كُشف عن أربعة قرون يعتقد أنها لأبقار أو لثيران برية، يرجح أنها أضحيات التدشين.
وتم الكشف في القطاع (B)، الواقع في الجهة الغربية من المدينة العليا، من قبل البعثة المشتركة، عن خمس سويات حضارية، عثر في السوية الأولى على غرفة مبنية من اللّبن والحجر الكلسي، تعود إلى القرن العاشر الميلادي، تليها السوية الثانية التي عثر فيها على بقايا آثار تعود إلى الفترة البيزنطية، وفي السوية الثالثة كشف عن أرضية مرصوفة بالحجر، يعتقد أنها باحة، وكشف تحتها عن بئر يليه طبقة ردم تعود إلى الفترة الرومانية - الهلنستية، تتوضع تحتها مباشرة السوية الرابعة التي عثر في داخلها على مدفنين يعودان إلى الفترة الآرامية، كما عثر في السوية الخامسة على بقايا بيتين يعودان إلى العصر الآشوري الوسيط، لكل منهما أرضيتان.
وفي القطاع (C) الواقع في الجهة الشمالية من المدينة المنخفضة، كشف عن سويتين أثريتين فيهما جـدران مبنية من الحجر، تعود إلى كـل من الفترة البيزنطية - الرومانية، عثر ضمن السوية الأولى على جرة مصنوعة من مادة البرونز، بداخلها مجموعة من اللقى المهمة، من ضمنها ست قطع نقدية ذهبية تعود إلى فترة حكم الامبراطور البيزنطي فوكاس (602-610م).
وعثر في السوية الثانية على تمثال لامبراطور روماني يرتدي ملابس عسكرية، مصنوع من حجر المرمر بطول (210سم)، رأسه وذراعاه مفقودان، ويعتقد أنه أقيم في القرن الثاني الميلادي، كما كشفت أجزاء من جدران وأرضيات وساحة مفروشة بالحصى، وعثر أيضاً على نقود تعود إلى فترة الحضارة العربية الإسلامية، ونقود برونزية بيزنطية، وكتابات تشير إلى أن القرية ريسا نيا (رأس العين) رقيت في سنة 380م إلى مرتبة مدينة، وتغير اسمها فأصبحت تعرف بـ «تيودوسيو بوليس».
تأتي أهمية تل الفخيرية من الاكتشافات التي تحققت فيه، وخاصة من الناحية المعمارية واللقى الأثرية التي أكدت أهميته التاريخية والحضارية في النصف الثاني من الألف الثاني قبل الميلاد حتى القرن العاشر الميلادي. ولعل البحث الأثري المستقبلي في الموقع يكشف عن عاصمة الميتانيين «واشوكاني» التي تشير جميع الدلائل إلى أنها تقع في خبايا هذا الموقع.
عبد المسيح بغدو