فنزويلا (جغرافيا)
Venezuela - Vénézuela
فنزويلا
تقع فنزويلا Venezuela على الساحل الشمالي لأمريكا الجنوبية[ر] بمحاذاة البحر الكاريبي، وتمتد سلاسل الجبال عبر رقعة واسعة من شمالي فنزويلا، وهو الإقليم الأكثر كثافة بالسكان في البلاد. وفي هذا الإقليم تقع العاصمة كراكاس Caracas، وهي أكبر المدن ويتجاوز عدد سكانها ثلاثة ملايين نسمة. وفي الجزء الأوسط من فنزويلا تمتد سهول واسعة هي سهول اللانوس Llanos، كما أنّ النجود المرتفعة والجبال القليلة الارتفاع تغطي الجزء الجنوبي من البلاد. وهي تحتلّ المرتبة الخامسة من حيث المساحة بين دول أمريكا الجنوبية، وتمتد بين خطي العرض 1 ْ و12 ْ شمالاً، وتطلّ على البحر الكاريبي بواجهة بحرية طولها نحو 2800كم، ويجاورها كل من غيانا، والبرازيل، وكولومبيا. وتمتد بين خطي طول 30 َ 60 ْ-2 َ 73 ْ غرب غرينتش.
الجغرافية الطبيعية
يمكن تقسيم الأراضي الفنزويليّة إلى المناطق التضاريسيّة الآتية:
- جبال الأنديز: يتكون معظمها من قوس جبلي كبير، بطول 960كم، يمتد من حدود كولومبيا في الغرب باتجاه شبه جزيرة باريا Paria شمالاً، وتتضمن مجموعة من السلاسل الجبلية، من أهمها سييرا نيفادا دي مريدا Sierra Nivada de Mérida التي ترتفع إلى أكثر من 5000م، وتمثل الامتداد الشمالي الشرقي لجبال الأنديز، وكذلك المرتفعات الوسطى التي يراوح ارتفاعها بين 1300-3000م فوق سطح البحر، والتي توازي وسط الساحل الفنزويلي جنوب العاصمة كاراكاس، والمرتفعات الشمالية الشرقية، والتي ترتفع إلى 2100م تقريباً فوق سطح البحر. وتشغل هذه الجبال 12% من مساحة فنزويلا، وهي تمثل مركز الثقل السكاني في البلاد، بسبب اعتدال درجات الحرارة وغزارة الأمطار والأحواض الجبلية ذات التربة الخصبة.
- الأراضي المنخفضة في الشمال الشرقي من البلاد: تمتد هذه الأراضي حول بحيرة مراكيبو Maracaibo، وخليج فنزويلا التي تكوّن إقليماً طبيعياً منخفضاً تعزله مرتفعات الأنديز عن بقية فنزويلا، وعن كولومبيا أيضاً. وقد احتلّ هذا الإقليم أهمية اقتصادية، خاصة بعد اكتشاف النفط الخام فيه. ويذكر أن بحيرة مراكيبو هي بحيرة ذات مياه عذبة على الرغم من اتصالها بالبحر، وذلك بسبب هطل كميات كبيرة من المطر، إضافة إلى ما ينساب إليها من المياه عبر المجاري المائية المنحدرة من السفوح المجاورة.
- سهول الأورينوكو Orinoco: وتعرف بسهول اللانوس أي الحشائش المدارية، وهي تمثّل حوضاً منخفضاً يجري فيه نهر الأورينوكو الذي يبلغ طوله 2700كم في أكثر المناطق ارتفاعاً، إضافة إلى روافده العديدة، ومنها نهرا أبور Apore وكاروني Carroni. وتنحدر هذه السهول نحو الشرق،حيث ينساب نهر الأورينوكو نحو البحر الكاريبي، ويعترض النهر بعض الشلالات من أهمها شلالات أنجل Angel على نهر شورن Churun أحد روافد نهر كاروني.
- مرتفعات غيانا Plateau des Guyanes: تحتّل هذه المرتفعات جنوب شرقي فنزويلا إلى الجنوب من نهر الأورينوكو، ويصل ارتفاعها إلى 2870م تقريباً في أكثر المناطق ارتفاعاً، وهي عبارة عن كتلة هضبية قديمة، تتكون من الصخور البلورية أو الصخور الرملية،وتنحدر الهضبة عموماً نحو الشمال، وتنساب مجموعة من المجاري المائية نحو الشمال والغرب في اتجاه نهر الأورينوكو، مما أدى إلى تمزيق سطح الهضبة إلى أجزاء منفصلة، وتعدُّ هذه المرتفعات من أقل مناطق فنزويلا سكاناً وأكثرها تخلّفاً.
المناخ
يتصف المناخ في فنزويلا بالتنوع، على الرغم من وقوع فنزويلا بالمنطقة المدارية، ويرجع هذا التنوع المناخي إلى العوامل التضاريسية. ويراوح المناخ بين المداري الرطب والجاف من ناحية، والحار والمعتدل من ناحية أخرى. فالمناطق الساحلية والمنخفضة تتصف بمناخ حار على مدار السنة ( متوسط الحرارة 25 ْم)، على حين تنخفض الحرارة في المناطق المرتفعة، (ويبلغ متوسطها 19.5 ْْم)، ويبدأ ظهور الثلج الدائم على ارتفاع 5000م فوق سطح البحر. يسقط معظم الهطل في فصل الصيف، تبعاً لاتجاه وارتفاع التضاريس، في المناطق الساحلية الشمالية، يميل المناخ للجفاف، حيث يبلغ متوسط الهطل 400مم، أو أكثر، وتزداد كمية الهطل في المناطق المرتفعة، فتصل إلى 1500مم تقريباً.
ونتيجة لفصلية الأمطار، وقلتها النسبية، تنمو الحشائش في معظم مناطق البلاد، وتتخللها في بعض المواقع الأشجار المدارية الرطبة، وخاصة في المناطق المنخفضة، أما في المناطق المرتفعة فتنمو بعض الغابات النفضية، حيث تنخفض درجة الحرارة وتغزر الأمطار.
الأقاليم الجغرافية
يمكن تقسيم البلاد إلى أربعة أقاليم جغرافية:
ـ إقليم المرتفعات الشمالية.
ـ إقليم حوض مراكيبو والأراضي الساحلية المنخفضة.
ـ إقليم سهول الأورينوكو.
ـ إقليم هضبة غيانا.
إقليم المرتفعات الشمالية: يحتلُّ هذا الإقليم نحو 25% من مساحة البلاد، ويضمُّ نحو 70% من مجمل سكان فنزويلا. ويعود هذا الحجم السكاني الكبير إلى المناخ الصحي اللطيف الذي تتمتع به المرتفعات، وعلى وجود الزراعة، ونمو مراكز العمران الحضري منذ وقت مبكر.
وتعدُّ الزراعة الحرفة الرئيسية التي يمارسها السكان، إذ بلغت نسبة العاملين في الزراعة نحو 7.8% من مجموع العاملين عام 2001، يزرعون قصب السكر والبن والكاكاو والقطن والمحاصيل الغذائية مثل الذرة والأرز والبطاطا والفول، كما يعمل السكان في تربية الحيوان وخاصة الأبقار والماعز.
ويضمُّ هذا الإقليم مدينة كراكاس عاصمة فنزويلا، أكبر مدينة فيها، وتقع على ارتفاع 1000م فوق سطح البحر، في حوض صغير، يبلغ طوله 24كم. وقد تطورت كراكاس بسرعة كبيرة بفضل الثروة النفطية، وتعدُّ المركز المالي والتجاري والإداري والصناعي للبلاد. وعلى بعد 96كم إلى الغرب من كراكاس يقع حوض فالنسيا Valencia الكبير الذي يضم مدينة فالنسيا، وهي مدينة صناعية مهمة.
إقليم حوض مراكيبو والأراضي الساحلية المنخفضة: يتضمن حوض مراكيبو الأراضي المحيطة بالبحيرة، وتحيط به المرتفعات من الشرق والجنوب والغرب. وتتسم هذه الأراضي بارتفاع درجة الحرارة والرطوبة العالية، لكن الهطل ليس غزيراً، إذ يراوح بين 400مم في الشمال، ونحو 850مم في الجنوب. فالشمال شبه جاف تمارس فيه زراعة بسيطة، أما الجنوب فتكثر فيه المستنقعات والغابات، ويزرع فيه قصب السكر والكاكاو وجوز الهند إلى جانب الذرة والأرز والموز، إلا أن اكتشاف النفط في هذا المنخفض رفع من شأنه ودفع البلاد جميعاً إلى مقدمة الدول المنتجة للنفط في العالم. وقد أدى الكشف النفطي إلى التحول السريع والشامل في حياة الإقليم. ولم تمض سنوات قليلة على اكتشاف النفط في عام 1917 حتى أصبحت سواحل بحيرة مراكيبو والبحيرة ذاتها بمنزلة غابة من أبراج النفط، وتحوّلت القرى المبعثرة حول البحيرة إلى مدن نفطية مزدهرة، وتنتج هذه المنطقة القسط الأكبر من الإنتاج النفطي للبلاد.
تتركّز الحقول النفطية على طول الشواطئ الشمالية الشرقية للبحيرة، مع وجود بعض الحقول إلى الغرب، والجنوب الغربي على طول الأراضي المنخفضة الساحلية لخليج فنزويلا. وتمتدُّ شبكة من خطوط الأنابيب لنقل النفط إلى شبه جزيرة باراغوانا Paraguana حيث معامل التكرير عند كاردون Cardon وآمـواي Amuay، كما ترسل كميات كبيرة من الإنتاج إلى الجزر الهولندية القريبة من جزيرة أروبا Aroba وكراكاو Curaçao حيث تتوزّع فيها معامل التكرير التي تعمل في خدمة النفط الفنزويلي. وتعدُّ مدينة مراكيبو المدينة الوحيدة ذات الأهمية الحقيقية في الإقليم، فهي ميناء لتصدير المشتقات النفطية والنفط الخام، إلى جانب تصدير البن الذي يتجمع فيها من منطقة المرتفعات الشمالية. وتعدُّ مدينة لاغويرا La Guaira الميناء الرئيس لفنزويلا، وعلى الرغم من أنها مدينة قديمة منذ الأيام الأولى للاستعمار، إلا أنها ظلَّت محدودة ومتخلفة حتى تمَّ كشف النفط.
تعدُّ دلتا نهر الأورينوكو جزءاً من المناطق المنخفضة الساحلية، وتتكوّن من سهول رسوبية مستوية واسعة تغطيها الغابات المدارية المطيرة، وبعض غابات المنغروف. وهي منطقة قليلة السكان، وأهم المدن هنا هي مدينة تكوبيتا Tucupita التي تعتمد في وجودها على بعض معامل تكرير النفط.
إقليم سهول الأورينوكو: يتكون هذا الإقليم من سهول واسعة، وتحيط بهذه السهول مرتفعات الأنديز من الشمال والغرب، وهضبة غيانا من الجنوب. وتشتهر هذه السهول بكونها نطاقاً مهماً من الحشائش، وكلمة اللانوس تعني أرض الحشائش، لذلك يتَّصف الإقليم بمطره الصيفي وشتائه الجاف، إذ تراوح كمية الهطل بين 400-800مم، ويعدُّ الإقليم منطقة رعي شاسعة، تربَّى فيه الماشية التي تمثِّل النشاط الرئيس. ويشكِّل هذا الإقليم نحو ثلث مساحة الأرض الفنزويلية.
استثمر الفحم الحجري في حوض نهر كاروني أحد روافد نهر الأورينوكو، وينقل بالخط الحديدي إلى الميناء النهري بالوا Palua على نهر الأورينوكو ثم بالسفن حتى شبه جزيرة باريا Paria، حيث يصدر من هناك. كما استغلت خامات الحديد في بالوا، والتي تضمُّ احتياطياً ضخماً من الفلزات تصل إلى نحو60%. والإقليم قليل السكان عامة، ومدنه صغيرة ومبعثرة، وهي عبارة عن مراكز تجارية للمناطق الزراعية.
إقليم هضبة غيانا: يحتلُّ هذا الإقليم الأراضي الهضبية المرتفعة جنوب حوض الأورينوكو. وقد تعرَّضت الهضبة لعمليات نحت وتعرية شديدة، حيث تنتشر الأودية الضيقة العميقة، وأدى موقع هذا الإقليم الداخلي ووعورة تضاريسه إلى جعله إقليماً منعزلاً يصعب الوصول إليه. ومن ثمَّ ظلَّ هذا الإقليم قليل السكان، وبعيداً عن الاهتمام للانتفاع بموارده لمدة طويلة. ولم تكن أهميته تتعدى إنتاج الذهب المحدود من منطقة الكالاو El Callao، والماس الذي يستخرج من التكوينات الرسوبية لوادي نهر كاروني. لكن أعمال المسح والتنقيب الحديثة كشفت عن وجود احتياطي ضخم من خام الحديد على الأطراف الشمالية للمرتفعات، حيث يعدن في منطقة الباو، وقامت في المنطقة صناعة الحديد والفولاذ.
الجغرافية البشرية
بلغ عدد سكان فنزويلا نحو 13122 ألف نسمة في عام 1978، ووصل العدد إلى 25017 ألف نسمة تقريباً في عام 2004. وبلغ معدل النمو السكاني 3.1% في الفترة من 1960 إلى 1991، ثم انحدر نمو السكان إلى 2% خلال الفترة من 1991 إلى 2000، وبلغ معدل الخصوبة الإجمالي نحو 2.3 للمرأة الواحدة. وتضم العاصمة نحو 16% من مجمل السكان الحضر.
يتركَّز السكان بصورة واضحة في منطقة المرتفعات الشمالية، حيث تضم نحو 70% من مجموع السكان، ويقطن نحو 10% من مجموع السكان حول خليج مراكيبو، بسبب وجود الثروة النفطية، ويرجع هذا إلى المناخ الصحي، وتوافر الترب الخصبة، ووجود الثروات النفطية، ويقطن في سهول الأورينوكو الواسعة نحو 18% من مجموع السكان. وعلى الرغم من أن المساحة التي تحتلها مرتفعات غيانا الجنوبية تمثل حوالي نصف مساحة فنزويلا، إلا أن مجمـوع سكانـها لا يتجاوز 2% من جملة سكان البلاد. وقد بلغ عدد سكان الحضر 94% من مجموع السكان عام 2000.
ويعود السكان الأصليون إلى القبائل الهندية، تأتي في مقدمتها قبائل المستيزو والذين يكونون غالبية السكان، ثم قبائل الأرواك Arawaks والكاريب Carib والمولاتو Mullatos، إلى جانب بعض القبائل الهندية البدائية، والذين يعيشون في المناطق الجبلية. وقد هاجر إلى فنزويلا كثير من الأوربيين وخاصة الإسبان والإيطاليين والفرنسيين والألمان ثمَّ العرب وغيرهم.
الديانة السائدة هي المسيحية بمختلف مذاهبها، كما توجد أعداد من القبائل الهندية الوثنية المنعزلة في مرتفعات غيانا والجهات الداخلية.
الجغرافية الاقتصادية
يعدُّ النفط أهم الموارد الاقتصادية في فنزويلا، إذ يسهم بأكثر من نصف الدخل الوطني. وقد بلغت نسبة العاملين في الزراعة عام 2001 نحو 7.8% من مجموع العاملين، علماً أن مساحة الأرض الصالحة للزراعة تبلغ نحو 4% من مساحة البلاد. وتبلغ نسبة الأرض المروية نحو 7% من مساحة الأرض الصالحة للزراعة. وتبلغ مساحة الغابات 34.5% من مجموع مساحة البلاد. ومازال بعض السكان يمارسون زراعة الحريق (طريقة قديمة للزراعة تقوم على إحراق الأرض قبل البدء بزراعتها للقضاء على الأعشاب الضارة وزيادة خصوبتها). وزاد الأمر سوءاً ما صاحب اكتشاف النفط من هجرة كثير من سكان الأرياف إلى المدن، للعمل في مجالات التعدين والصناعة والتجارة والخدمات.
بلغ إنتاج الذرة في فنزويلا 1504800 طن في عام 2003، كما بلغ إنتاج الأرز 600611 طناً. وبلغ إنتاج البوكسيت (4.826) مليون طن عام 1998، كما يعدَّن النحاس ويستخرج الإسفلت والفحم والملح وغيرها.
بلغ إنتاج فنزويلا من النفط الخام نحو 171924 ألف طن في عام 2001، محتلَّة المرتبة السادسة بين منتجي النفط الخام، كما بلغ إنتاج الغاز 27106 ألف طن مكعب في العام نفسه. وقد تطوَّر النشاط الصناعي حديثاً بمساعدة الدولة، فأقيمت صناعة الحديد والصلب والصناعات الكيمياوية وتجميع السيارات والأسمدة والصناعات النسيجية والغذائية والصناعات الجلدية. ومما ساعد على التطور توافر المواد الخام، وخاصة النفط والخامات المعدنية والزراعية والحيوانية.
محمد الحمادي
Venezuela - Vénézuela
فنزويلا
تقع فنزويلا Venezuela على الساحل الشمالي لأمريكا الجنوبية[ر] بمحاذاة البحر الكاريبي، وتمتد سلاسل الجبال عبر رقعة واسعة من شمالي فنزويلا، وهو الإقليم الأكثر كثافة بالسكان في البلاد. وفي هذا الإقليم تقع العاصمة كراكاس Caracas، وهي أكبر المدن ويتجاوز عدد سكانها ثلاثة ملايين نسمة. وفي الجزء الأوسط من فنزويلا تمتد سهول واسعة هي سهول اللانوس Llanos، كما أنّ النجود المرتفعة والجبال القليلة الارتفاع تغطي الجزء الجنوبي من البلاد. وهي تحتلّ المرتبة الخامسة من حيث المساحة بين دول أمريكا الجنوبية، وتمتد بين خطي العرض 1 ْ و12 ْ شمالاً، وتطلّ على البحر الكاريبي بواجهة بحرية طولها نحو 2800كم، ويجاورها كل من غيانا، والبرازيل، وكولومبيا. وتمتد بين خطي طول 30 َ 60 ْ-2 َ 73 ْ غرب غرينتش.
يمكن تقسيم الأراضي الفنزويليّة إلى المناطق التضاريسيّة الآتية:
- جبال الأنديز: يتكون معظمها من قوس جبلي كبير، بطول 960كم، يمتد من حدود كولومبيا في الغرب باتجاه شبه جزيرة باريا Paria شمالاً، وتتضمن مجموعة من السلاسل الجبلية، من أهمها سييرا نيفادا دي مريدا Sierra Nivada de Mérida التي ترتفع إلى أكثر من 5000م، وتمثل الامتداد الشمالي الشرقي لجبال الأنديز، وكذلك المرتفعات الوسطى التي يراوح ارتفاعها بين 1300-3000م فوق سطح البحر، والتي توازي وسط الساحل الفنزويلي جنوب العاصمة كاراكاس، والمرتفعات الشمالية الشرقية، والتي ترتفع إلى 2100م تقريباً فوق سطح البحر. وتشغل هذه الجبال 12% من مساحة فنزويلا، وهي تمثل مركز الثقل السكاني في البلاد، بسبب اعتدال درجات الحرارة وغزارة الأمطار والأحواض الجبلية ذات التربة الخصبة.
جبال سييرا نيفادا دي مريدا |
بحيرة مراكيبو |
شلالات أنجل |
المناخ
يتصف المناخ في فنزويلا بالتنوع، على الرغم من وقوع فنزويلا بالمنطقة المدارية، ويرجع هذا التنوع المناخي إلى العوامل التضاريسية. ويراوح المناخ بين المداري الرطب والجاف من ناحية، والحار والمعتدل من ناحية أخرى. فالمناطق الساحلية والمنخفضة تتصف بمناخ حار على مدار السنة ( متوسط الحرارة 25 ْم)، على حين تنخفض الحرارة في المناطق المرتفعة، (ويبلغ متوسطها 19.5 ْْم)، ويبدأ ظهور الثلج الدائم على ارتفاع 5000م فوق سطح البحر. يسقط معظم الهطل في فصل الصيف، تبعاً لاتجاه وارتفاع التضاريس، في المناطق الساحلية الشمالية، يميل المناخ للجفاف، حيث يبلغ متوسط الهطل 400مم، أو أكثر، وتزداد كمية الهطل في المناطق المرتفعة، فتصل إلى 1500مم تقريباً.
ونتيجة لفصلية الأمطار، وقلتها النسبية، تنمو الحشائش في معظم مناطق البلاد، وتتخللها في بعض المواقع الأشجار المدارية الرطبة، وخاصة في المناطق المنخفضة، أما في المناطق المرتفعة فتنمو بعض الغابات النفضية، حيث تنخفض درجة الحرارة وتغزر الأمطار.
الأقاليم الجغرافية
يمكن تقسيم البلاد إلى أربعة أقاليم جغرافية:
ـ إقليم المرتفعات الشمالية.
ـ إقليم حوض مراكيبو والأراضي الساحلية المنخفضة.
ـ إقليم سهول الأورينوكو.
ـ إقليم هضبة غيانا.
إقليم المرتفعات الشمالية: يحتلُّ هذا الإقليم نحو 25% من مساحة البلاد، ويضمُّ نحو 70% من مجمل سكان فنزويلا. ويعود هذا الحجم السكاني الكبير إلى المناخ الصحي اللطيف الذي تتمتع به المرتفعات، وعلى وجود الزراعة، ونمو مراكز العمران الحضري منذ وقت مبكر.
وتعدُّ الزراعة الحرفة الرئيسية التي يمارسها السكان، إذ بلغت نسبة العاملين في الزراعة نحو 7.8% من مجموع العاملين عام 2001، يزرعون قصب السكر والبن والكاكاو والقطن والمحاصيل الغذائية مثل الذرة والأرز والبطاطا والفول، كما يعمل السكان في تربية الحيوان وخاصة الأبقار والماعز.
ويضمُّ هذا الإقليم مدينة كراكاس عاصمة فنزويلا، أكبر مدينة فيها، وتقع على ارتفاع 1000م فوق سطح البحر، في حوض صغير، يبلغ طوله 24كم. وقد تطورت كراكاس بسرعة كبيرة بفضل الثروة النفطية، وتعدُّ المركز المالي والتجاري والإداري والصناعي للبلاد. وعلى بعد 96كم إلى الغرب من كراكاس يقع حوض فالنسيا Valencia الكبير الذي يضم مدينة فالنسيا، وهي مدينة صناعية مهمة.
إقليم حوض مراكيبو والأراضي الساحلية المنخفضة: يتضمن حوض مراكيبو الأراضي المحيطة بالبحيرة، وتحيط به المرتفعات من الشرق والجنوب والغرب. وتتسم هذه الأراضي بارتفاع درجة الحرارة والرطوبة العالية، لكن الهطل ليس غزيراً، إذ يراوح بين 400مم في الشمال، ونحو 850مم في الجنوب. فالشمال شبه جاف تمارس فيه زراعة بسيطة، أما الجنوب فتكثر فيه المستنقعات والغابات، ويزرع فيه قصب السكر والكاكاو وجوز الهند إلى جانب الذرة والأرز والموز، إلا أن اكتشاف النفط في هذا المنخفض رفع من شأنه ودفع البلاد جميعاً إلى مقدمة الدول المنتجة للنفط في العالم. وقد أدى الكشف النفطي إلى التحول السريع والشامل في حياة الإقليم. ولم تمض سنوات قليلة على اكتشاف النفط في عام 1917 حتى أصبحت سواحل بحيرة مراكيبو والبحيرة ذاتها بمنزلة غابة من أبراج النفط، وتحوّلت القرى المبعثرة حول البحيرة إلى مدن نفطية مزدهرة، وتنتج هذه المنطقة القسط الأكبر من الإنتاج النفطي للبلاد.
تتركّز الحقول النفطية على طول الشواطئ الشمالية الشرقية للبحيرة، مع وجود بعض الحقول إلى الغرب، والجنوب الغربي على طول الأراضي المنخفضة الساحلية لخليج فنزويلا. وتمتدُّ شبكة من خطوط الأنابيب لنقل النفط إلى شبه جزيرة باراغوانا Paraguana حيث معامل التكرير عند كاردون Cardon وآمـواي Amuay، كما ترسل كميات كبيرة من الإنتاج إلى الجزر الهولندية القريبة من جزيرة أروبا Aroba وكراكاو Curaçao حيث تتوزّع فيها معامل التكرير التي تعمل في خدمة النفط الفنزويلي. وتعدُّ مدينة مراكيبو المدينة الوحيدة ذات الأهمية الحقيقية في الإقليم، فهي ميناء لتصدير المشتقات النفطية والنفط الخام، إلى جانب تصدير البن الذي يتجمع فيها من منطقة المرتفعات الشمالية. وتعدُّ مدينة لاغويرا La Guaira الميناء الرئيس لفنزويلا، وعلى الرغم من أنها مدينة قديمة منذ الأيام الأولى للاستعمار، إلا أنها ظلَّت محدودة ومتخلفة حتى تمَّ كشف النفط.
تعدُّ دلتا نهر الأورينوكو جزءاً من المناطق المنخفضة الساحلية، وتتكوّن من سهول رسوبية مستوية واسعة تغطيها الغابات المدارية المطيرة، وبعض غابات المنغروف. وهي منطقة قليلة السكان، وأهم المدن هنا هي مدينة تكوبيتا Tucupita التي تعتمد في وجودها على بعض معامل تكرير النفط.
إقليم سهول الأورينوكو: يتكون هذا الإقليم من سهول واسعة، وتحيط بهذه السهول مرتفعات الأنديز من الشمال والغرب، وهضبة غيانا من الجنوب. وتشتهر هذه السهول بكونها نطاقاً مهماً من الحشائش، وكلمة اللانوس تعني أرض الحشائش، لذلك يتَّصف الإقليم بمطره الصيفي وشتائه الجاف، إذ تراوح كمية الهطل بين 400-800مم، ويعدُّ الإقليم منطقة رعي شاسعة، تربَّى فيه الماشية التي تمثِّل النشاط الرئيس. ويشكِّل هذا الإقليم نحو ثلث مساحة الأرض الفنزويلية.
استثمر الفحم الحجري في حوض نهر كاروني أحد روافد نهر الأورينوكو، وينقل بالخط الحديدي إلى الميناء النهري بالوا Palua على نهر الأورينوكو ثم بالسفن حتى شبه جزيرة باريا Paria، حيث يصدر من هناك. كما استغلت خامات الحديد في بالوا، والتي تضمُّ احتياطياً ضخماً من الفلزات تصل إلى نحو60%. والإقليم قليل السكان عامة، ومدنه صغيرة ومبعثرة، وهي عبارة عن مراكز تجارية للمناطق الزراعية.
إقليم هضبة غيانا: يحتلُّ هذا الإقليم الأراضي الهضبية المرتفعة جنوب حوض الأورينوكو. وقد تعرَّضت الهضبة لعمليات نحت وتعرية شديدة، حيث تنتشر الأودية الضيقة العميقة، وأدى موقع هذا الإقليم الداخلي ووعورة تضاريسه إلى جعله إقليماً منعزلاً يصعب الوصول إليه. ومن ثمَّ ظلَّ هذا الإقليم قليل السكان، وبعيداً عن الاهتمام للانتفاع بموارده لمدة طويلة. ولم تكن أهميته تتعدى إنتاج الذهب المحدود من منطقة الكالاو El Callao، والماس الذي يستخرج من التكوينات الرسوبية لوادي نهر كاروني. لكن أعمال المسح والتنقيب الحديثة كشفت عن وجود احتياطي ضخم من خام الحديد على الأطراف الشمالية للمرتفعات، حيث يعدن في منطقة الباو، وقامت في المنطقة صناعة الحديد والفولاذ.
الجغرافية البشرية
بلغ عدد سكان فنزويلا نحو 13122 ألف نسمة في عام 1978، ووصل العدد إلى 25017 ألف نسمة تقريباً في عام 2004. وبلغ معدل النمو السكاني 3.1% في الفترة من 1960 إلى 1991، ثم انحدر نمو السكان إلى 2% خلال الفترة من 1991 إلى 2000، وبلغ معدل الخصوبة الإجمالي نحو 2.3 للمرأة الواحدة. وتضم العاصمة نحو 16% من مجمل السكان الحضر.
يتركَّز السكان بصورة واضحة في منطقة المرتفعات الشمالية، حيث تضم نحو 70% من مجموع السكان، ويقطن نحو 10% من مجموع السكان حول خليج مراكيبو، بسبب وجود الثروة النفطية، ويرجع هذا إلى المناخ الصحي، وتوافر الترب الخصبة، ووجود الثروات النفطية، ويقطن في سهول الأورينوكو الواسعة نحو 18% من مجموع السكان. وعلى الرغم من أن المساحة التي تحتلها مرتفعات غيانا الجنوبية تمثل حوالي نصف مساحة فنزويلا، إلا أن مجمـوع سكانـها لا يتجاوز 2% من جملة سكان البلاد. وقد بلغ عدد سكان الحضر 94% من مجموع السكان عام 2000.
ويعود السكان الأصليون إلى القبائل الهندية، تأتي في مقدمتها قبائل المستيزو والذين يكونون غالبية السكان، ثم قبائل الأرواك Arawaks والكاريب Carib والمولاتو Mullatos، إلى جانب بعض القبائل الهندية البدائية، والذين يعيشون في المناطق الجبلية. وقد هاجر إلى فنزويلا كثير من الأوربيين وخاصة الإسبان والإيطاليين والفرنسيين والألمان ثمَّ العرب وغيرهم.
الديانة السائدة هي المسيحية بمختلف مذاهبها، كما توجد أعداد من القبائل الهندية الوثنية المنعزلة في مرتفعات غيانا والجهات الداخلية.
الجغرافية الاقتصادية
يعدُّ النفط أهم الموارد الاقتصادية في فنزويلا، إذ يسهم بأكثر من نصف الدخل الوطني. وقد بلغت نسبة العاملين في الزراعة عام 2001 نحو 7.8% من مجموع العاملين، علماً أن مساحة الأرض الصالحة للزراعة تبلغ نحو 4% من مساحة البلاد. وتبلغ نسبة الأرض المروية نحو 7% من مساحة الأرض الصالحة للزراعة. وتبلغ مساحة الغابات 34.5% من مجموع مساحة البلاد. ومازال بعض السكان يمارسون زراعة الحريق (طريقة قديمة للزراعة تقوم على إحراق الأرض قبل البدء بزراعتها للقضاء على الأعشاب الضارة وزيادة خصوبتها). وزاد الأمر سوءاً ما صاحب اكتشاف النفط من هجرة كثير من سكان الأرياف إلى المدن، للعمل في مجالات التعدين والصناعة والتجارة والخدمات.
إحدى مزارع البن الذي يعد من الصادرات المهمة في فنزويلا |
بلغ إنتاج فنزويلا من النفط الخام نحو 171924 ألف طن في عام 2001، محتلَّة المرتبة السادسة بين منتجي النفط الخام، كما بلغ إنتاج الغاز 27106 ألف طن مكعب في العام نفسه. وقد تطوَّر النشاط الصناعي حديثاً بمساعدة الدولة، فأقيمت صناعة الحديد والصلب والصناعات الكيمياوية وتجميع السيارات والأسمدة والصناعات النسيجية والغذائية والصناعات الجلدية. ومما ساعد على التطور توافر المواد الخام، وخاصة النفط والخامات المعدنية والزراعية والحيوانية.
محمد الحمادي