محيطات (علم)
Oceanography - Océanographie
المحيطات (علم ـ)
علم المحيطات oceanography علم واسع يدرس كل ما يتعلق بالمحيطات من النواحي الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية والجيولوجية. ويرتكز على العديد من العلوم مثل الجيولوجية والجغرافية والجيوفيزياء والفيزياء وعلم النبات والحيوان وغيرها.
يقوم علم جيولوجيا المحيطات بدراسة الأرض عند حافة البحر وتَحْت سطحه؛ وتاريخ العمليات التي شكلت أحواض المحيطات. وتبحث فيزياء المحيطات عن أسباب الحركات المائية، مثل الأمواج والتيارات والمد والجزر وصفاتها، وكيفية تأثيرها في البيئة البحرية. كما يتضمن علم المحيطات دراسات عن انتقال الطاقة الضوئية والطاقة الحرارية في ماء البحر. وتدرس كيمياء المحيطات تركيب ماء البحر وأنماط التفاعلات التي تحدث فيه. أما بيولوجيا المحيطات فتتعلق بالمتعضيات البحرية والعلاقات بين هذه المتعضيات وبيئة المحيطات، في حين أن هندسة المحيطات هو العلم الذي يحدد التجهيزات والمُعِدات المستخدمة في البحر، ويخطط لها. وتأتي أهمية هذا العلم من الحاجة للموارد المائية ولأهدافٍ اقتصادية وتجارية.
انطلق علم المحيطات بطيئاً، ثم توَسَّع علماً حديثاً في منتصف القرن التاسع عشر. وازداد هذا التطور على نحو ملحوظ جداً في العقدين الماضيين. ويُرَكِّز علماء المحيطات في أبحاثهم حالياً على الدراسات الشاملة وإدارة الموارد، وكذلك على العلاقات المتبادلة بين الكيمياء والفيزياء والجيولوجيا وبيولوجيا المحيطات.
يهدف هذا العلم إلى جمع المعلومات عن البيئة البحرية؛ لذلك يتم دعمه والعاملين في مجالاته المختلفة، في العديد من البلدان، من قبل مؤسسات خاصة؛ إذ تتطلب المشروعات التي بدأت في التسعينيات من القرن العشرين، واستمرت حتى يومنا هذا أن يتبادل العلماء المعلومات.
وتُسْتَخْدَم اليوم الأقمار الصناعية للملاحظة الشاملة، فيتمكن بذلك علماء المحيطات من تفسير المعلومات بسرعة كبيرة باستعمال الحاسوب، ومن ثم نشرها بوساطة شبكة المعلومات الدولية (الإنترنيت).
طُوِّرَ العديدُ من البرامج في علوم المحيطات لفهم دور المحيطات في عمليات منظومة «الغلاف الجوي ـ المحيط ـ اليابسة»، توفر معطيات لنماذج (موديلات) يستخدمها العلماء للتنبؤ عن تطور بيئة الأرض؛ وكذلك نتائج التغيرات المتأثرة بالإنسان، حيث تُدرس اليوم تجارب الدورة العامة لمياه محيطات العالم باستخدام الحواسيب لوضع نموذج للحالة الراهنة للمحيطات؛ والتنبؤ عن تطور المحيطات نتيجة التغيرات طويلة الأمد التي طرأت على الغلاف الجوي. وفي عام 1991 أوصت لجنة علوم المحيطات التابعة لمنظمة اليونسكو بتطوير نظام مراقبة شاملة للمحيطات Global Ocean Observing System (GOOS) يستخدم أقماراً صناعية وشبكاتٍ من الطَوّافات وسفناً بحرية، والهدف من هذا البرنامج زيادة المعلومات حول الظواهر في المحيطات، ومن ثم التنبؤ عن أحداث مختلفة، مثل النينيو El Niño وتأثيره في المناخ بدقة لا بأس بها. كما حددت الأمم المتحدة عام 1998 عاماً دولياً للمحيطات من أجل تحقيق الأهداف الآتية:
1ـ مراجعة كاملة لبرامج المحيطات من أجل تأمين تطويرٍ مُنَسَّقٍ يؤدي إلى نتائج مفيدة.
2ـ توعية الناس لكي يدركوا أهمية المحيطات في حياة الإنسان، وتأثير النشاط الإنساني على المحيطات.
أقسام علم المحيطات
تُميز في علم المحيطات الأقسام الآتية:
1ـ علم المحيطات الفيزيــائي physical oceanography: يتحرك ماء المحيط حركة دائمة بسبب الأمواج والتيارات والمدّ والجزر؛ مما يؤدي إلى اختلاط المياه بعضها ببعض؛ ويدرس علم المحيطات الفيزيائي كل الخصائص الفيزيائية التي تتحكم بالمظاهر الفيزيائية المختلفة للمحيطات.
أ) الدورة العامة لمياه المحيطات: تخضع الدورة العامة لمياه المحيطات لثلاثة عوامل هي: الرياح وقوة كوريولي coriolis force، والمقاومة (السحب) drag التي يُحْدِثها دوران الأرض.
أهم هذه العوامل الثلاثة هي الرياح؛ لأن تأثيرها إيجابي، إذ تتجه الدورة العامة للرياح نحو الغرب على امتداد خط الاستواء، وإلى الشرق قرب القطبين. ونتيجة لذلك تدفع الرياحُ الماءَ السطحي أمامها في الاتجاه نفسه. ولوجود كتل كبيرة من اليابسة؛ فإن الماء ينحرف في أثناء جريانه مع الريح، فيجري الماء في نصف الكرة الشمالي جهة اليمين، في حين يجري الماء في نصف الكرة الجنوبي جهة اليسار، والسبب في هذا الاتجاه إلى اليمين في الشمال وإلى اليسار في الجنوب هو قوة كوريولي التي تعود إلى شكل الأرض وإلى كون الأرض تدور حول محورها (الشكل -1).
أما قوة السحب أو المقاومة فهي قوة سلبية تعمل على إبطاء التيارات. فكلما ازدادت سرعة جريان التيار زادت المقاومة أو السحب الذي يلقاه.
إن التفاعل الذي يحدث بين هذه العوامل الثلاثة هو السبب في أن التيارات في نصف الكرة الشمالي في كل من المحيطين الأطلسي والهادئ تجري باتجاه حركة عقارب الساعة، وتجري التيارات في نصف الكرة الجنوبي عكس اتجاه حركة عقارب الساعة.
ب) الأمواج waves: يرجع منشأ معظم الأمواج التي تجري عبر بحار العالم إلى الرياح التي تُحْدِث تموجاتٍ فوق سطح الماء. وتسمى المنطقة التي تهب عليها الرياح، ويحدث فيها الموج منطقة هبوب الرياح فوق الماء المفتوح fetch، وتسمى الأمواج التي تحدث في منطقة هبوب الرياح الأمواج الكبيرة seas التي تصبح ـ بعد أن تترك هذه المنطقة ـ سلسلة هادئة تسمى أمواجاً طويلة swells. وللموجة ذروة crest؛ وهي أعلى نقطة فيها، ولها قرار trough أي أدنى نقطة فيها. وعندما تتحرك الموجة في الماء تسمى المسافة بين أي نقطتين متماثلتين في أي موجتين متتابعتين (من الذروة إلى الذروة) طول الموجة length of wave (الشكل 2).
أما الزبد فيتشكّل عندما ترتطم موجة بالأرض فوق قاع ضحل. ويتوقف شكله على شكل القاع، فإذا كان القاع منحدراً انحداراً بسيطاً فإن الأمواج تتكسر برفق، وتنتشر على الشاطئ، وتسمى الموجة المتكسرة الموجة المنتشرة spilling breaker، أما إذا كان الشاطئ شديد الانحدار فترتطم الموجة على نحو مفاجئ، وتتحول إلى موجة غامرة plunging breaker (الشكل 3).
وهناك أنواع أخرى من الأمواج، منها:
1ـ الأمواج السنامية أو التسونامية Tsunamis: وهي عبارة عن أمواج زلزالية محيطية أو أمواج مدّية tidal waves، تُحْدِثُها حركات واسعة في قشرة الكرة الأرضية. ومن الأسباب الأخرى لحدوث هذه الأمواج حدوث انزلاقات أرضية وانفجارات تحت الماء.
2ـ أمواج العواصف storm waves: وهي كتل متراكمة من الماء جمعتها الرياح العنيفة. فالرياح التي تهب بشدة على شاطئ ما تجمع المياه على ذلك الشاطئ في كتل أعلى من المعتاد. وهي تحدث عموماً في أثناء الأعاصير.
جـ) التيــارات currents: التيار ماء يجري من مكان إلى آخر. وبوساطة التيارات تنتقل في المحيطات المواد الرئيسية الثلاث: الغذاء والمغذيات والأكسجين إلى أنحاء البحر كافة وفي جميع البحار، لتزويد الأحياء بأسباب الحياة. وللتيارات ثلاثة أنواع، هي:
1ـ التيارات المحلية: لكل منطقة تياراتها الخاصة بها. وتنشأ هذه التيارات بتأثير بعض العوامل، مثل الرياح وأشكال اليابسة والمد والجزر.
2ـ تيارات المد والجزر tidal currents: وهي تحدث نتيجة ارتفاع الماء وانخفاضه التي يُسببها المد والجزر كل يوم. هذا ولا تحدث التيارات المدّية ـ الجزرية على شاطئ مفتوح على البحر، وفي الواقع يحدث التيار المد ـ جزري في أي منطقة خليجية يكون جريان الماء فيها محصوراً في نطاق معين.
3ـ التيارات الرأسية upwelling: التيارات الرأسية عملية يصعد فيها الماء العميق إلى السطح، وهي تحدث عندما تدفع الرياحُ المياهَ السطحية بعيداً داخل البحر، فتتحرك المياه العميقة إلى الأعلى؛ لتحل محلها.
د) المد والجزر tides: يقتصر التأثير الرئيسي للمد والجزر على المنطقة الساحلية والأحياء التي تعيش فيها.
لاحظت الشعوب القديمة أن لارتفاع الماء وانخفاضه في بعض المناطق الساحلية علاقة بمراحل تطور القمر؛ لذلك يُربَط المد والجزر بمراحل تطور القمر. لكن لا بد من تأكيد أن هناك عوامل أخرى كثيرة تؤثر في المد والجزر، لكن أهمها الأوضاع النسبية للقمر والشمس والقوة النابذة المركزية. ونظراً لأن القمر قريب من الأرض، فإنه يفرض شداً انجذابياً قوياً، إذ يجذب الماء نحوه الذي يجذب كتل اليابسة أيضاً. ولكن لما كان الماء أكثر سيولة، فإن انجذابه نحو القوة الجاذبة يؤدي إلى مد واحد كل يوم عندما تدور الأرض حول محورها (الشكل 4). فالقمر يمر في السماء مرة كل يوم مع كل دورة للأرض. لكن لو كان القمر هو المؤثر الوحيد لكان كل مد مماثلاً للمد السابق، ولكن المدود ليست متماثلة، إذ يحدث عادةً مدّان كل يوم، ولا تكون نوبات المد متماثلة. يرجع ذلك إلى عامل آخر هو تأثير جذب الشمس على الأرض. كما أن المد الثاني الذي يحدث كل يوم يقع نتيجة للقوة الطاردة المركزية وتبعاً لمواقع الشمس والقمر، فإما أن تجذبا معاً، فتُحْدِثا مداً عالياً جداً وجزراً منخفضاً جداً يسمى المد الأعلى أو القافز spring tides، وإما أن تلغيا بعضهما بعضاً، فتُحْدِثا جزراً محاقياً neap tides (وهو ليس مداً عالياً جداً، وليس جزراً شديد الانخفاض) (الشكل 5).
هـ) درجة الحرارة والملوحة: تؤثر درجة الحرارة والملوحة كثيراً في كثافة الماء، وكلما كانت ملوحة الماء كبيرة ازدادت كثافته.
تراوح درجات الحرارة في المحيط بين ـ2 ْ درجة سلسيوس و+30 ْ درجة سلسيوس، وقد تصل درجات الحرارة إلى ما دون الصفر، ذلك لأن الماء المالح يتجمد بدرجة أخفض من الماء النقي. وفي الشكل (6) منحن بياني يوضح درجات الحرارة في أعماق مختلفة في المحيط، فهو يبين تناقص درجات الحرارة بازدياد العمق إضافة إلى توضيحه المنحدر الحراري thermocline.
2ـ علم المحيطات الكيميــاوي chemical oceanography: تتعلق صفات ماء البحر بطبيعة الماء الصافي وبالمواد المنحلة فيه. وتتشكل بعض المواد الصلبة المنحلة في ماء البحر بوساطة التجوية الكيمياوية لصخور اليابسة، كما ينجرف بعضُها الآخر إلى البحر بوساطة الأنهار (الشكل 7). وتنطلق مواد أخرى من باطن الأرض من منافذ مائية حرارية، تدخل إلى المحيط، وينطلق بعضها الآخر، من باطن الأرض في الغلاف الجوي مع البراكين، ثم تدخل إلى المحيط مع المطر والثلج.
تتألف معظم المحاليل أو المواد المنحلة من مجموعات صغيرة من الشوارد. والحقيقة أن ستة أيونات فقط تُكَوِّن نحو 99% من المواد الصلبة المنحلة في ماء البحر. ويبين الجدول (1) أن الكلوريد والصوديوم يكونان نحو 85% من المواد الصلبة المنحلة. وإذا تم تبخير ماء البحر فإن الأيونات المتبقية تتحد؛ لتشكل أملاحاً مختلفة.
وتعرف الملوحة salinity بمجموع الأملاح المنحلة في ماء البحر، ويُعَبَّر عنها بعدد الغرامات المتبقية عند تبخير 1000غ من ماء البحر، وهي عادة 35 غ من الملح، يقال عندئذ إن ملوحة ماء البحر هي 35 بالألف أو 35 0%.
من المعلوم أن نسب الأيونات المختلفة تتغير قليلاً، خاصة في المناطق الشاطئية، حيث تجلب الأنهار كميات كبيرة من الأيونات الموجبة، أو بالقرب من المنافذ الحرارية المائية (الشكل 7). كما يمكن للنشاطات البيولوجية الشديدة أن تغير نسب الأيونات في بعض الأماكن، لكن تبقى هذه النسب في معظم المحيطات ثابتة على نحو واضح. يشير ذلك إلى أن معظم أجزاء المحيطات ـ كيميائياًـ مختلطة جيداً، وأن تغيرات الملوحة تحدث نتيجة لزيادة الماء النقي أو إزالته.
3 ـ علم المحيطات الحيوي biological oceanography: ويسمى أيضاً البيولوجيا البحرية marine biology وهي الدراسة العلمية للمتعضيات التي تعيش في البحار. كما أن علم البيئة البحري marine ecology يدرس غزارة abundance المتعضيات البحرية وتوزعها والعلاقات بينها وبين بيئتها.
يمكن تقسيم مجموعات الكائنات الحية التي تعيش في المحيط ـ بحسب مواقعها في ماء البحرـ إلى:
(1) العوالق[ر] plankton التي تعيش معلقة في ماء البحر، تحركها الأمواج والتيارات المائية، والتي يميز فيها عوالق حيوانية zooplankton وعوالق نباتية phytoplankton.
(2) السوابح nekton التي تتحرك في الماء مستقلة عن حركة التيارات والأمواج، وهي تضم الأسماك[ر] وبعض الزواحف[ر] والثدييات[ر] البحرية، إضافة إلى بعض الرخويات[ر] كالحبار والأخطبوط.
(3) القاعيات benthos: وهي الحيوانات التي تعيش متثبتة على قاع البحر، وهي تضم أنواعاً مختلفة من النباتات، مثل الطحالب Algae؛ وأنواعاً مختلفة من الحيوانات كالرخويات والقشريات والمرجانيات.
طرائق دراسة علم المحيطات
بدأ بعض العلماء في منتصف القرن التاسع عشر القيام برحلات بحرية خاصة لدراسة المحيطات؛ على الرغم من أن السفن حينذاك لم تكن مجهزة جيداً، كما كانت الرحلات قصيرة الأمد. وقد أدت دراستهم إلى العديد من النتائج المهمة. كانت أول رحلة منظمة لدراسة المحيطات عام 1872، ترأسها العالم طُومسون، وأُطلِق عليها اسم المُتَحَدِّيَة (تشالنجر) Challenger، وهو أيضاً الاسم الذي أُطْلِقَ على السفينة التي نفذت الحملة.
بدأت الحملة عام 1872، ودامت ثلاثة أعوام ونصف، تم فيها جمع كمٍ هائلٍ من المعلومات والعينات من جميع أنحاء العالم. وبعد تسعة عشر عاماً تم نشر نتائج دراسة هذه العينات في خمسين مجلة علمية.
بدأ علماء الحياة فيما بعد بالعمل على شواطئ البحار بهدف دراسة الحياة في تلك المناطق، و بذلك تم إنشاء مختبرات بحرية دائمة ثابتة لدراسة الحياة البحرية. وقد سمحت هذه المختبرات للمتخصصين في البيولوجيا البحرية بدراسة الحيوانات والنباتات وهي حية، كما أدت إلى إجراء دراسات تستغرق فترات طويلة. ومن الأمثلة على هذه المختبرات المتخصصة في البيولوجيا البحرية يُذْكَر معهد وودزهول Woods Hole في مَساشوسيِتس Massachusetts في الولايات المتحدة الأمريكية، ومحطة علوم البحار في بليموث Plymouth في المملكة المتحدة ومحطة علوم البحار في موناكو.
يتم اليوم تطوير سفن البحث لدراسة المحيطات والمختبرات والمحطات البحرية، من قِبَل العديد من الجامعات ومراكز الأبحاث التي تهتم بعلوم المحيطات، فتقوم بتجهيز السفن بأحدث التجهيزات للملاحة لأخذ العينات ودراستها (الشكل 8).
إضافة إلى سفن الأبحاث، استُخْدِمَت كذلك غواصات لدراسة عالم البحار، تتميز بتقنيات عالية تسمح لها بأن تغوص إلى أعمق المناطق في المحيط (الشكل 9). علماً أن بعضها معقد لدرجة يبقى معها جزء من الغواصة داخل الماء، ويطفو الباقي على سطح المحيط كما في الغواصة فليب Flip (الشكل 10).
يتزايد استخدام الرجل الآلي robot تحت الماء من قبل العلماء، بغية الحصول على الصور ولإجراء القياسات وجمع العينات في أعماق المحيط، كما بدأ العلماء بالتحكم به عن بعد من سطح البحر؛ في حين تعمل باقي الآليات ذاتياً تحت الماء، مبرمجة مسبقاً للقيام بأعمالها على نحو مستقل عن التحكم من قبل الإنسان (الشكل 11).
هذا وتقدم التقنيات الحديثة في الوقت الحاضر إمكانيات كبيرة لدراسة المحيطات، فاستخدام الحواسيب يسمح اليوم للعلماء بتحليل كميـات كبيـرة من المعلومـات بسـرعة (الشكل 12). كما يمكن لتكنولوجيا الفضاء أن تساعد في دراسة البحر، فالأقمار الصناعية
تلتقط حالياً صوراً تسمح برؤية مساحات كبيرة من المحيطات، وباستخدام الحواسيب يتمكن العلماء من استخدام المعلومات التي جمعت بوساطة الأقمار الصناعية لقياس درجة حرارة سطح البحر ومتابعة تيارات المحيطات وتحديد غزارة الكائنات الموجودة وأنواعها ومراقبة تأثير الإنسان على المحيطات. إن معظم المعلومات التي يتم الحصول عليها بوساطة تقانة الاستشعار عن بُعْد remote sensing technology تستخدم أيضاً لمتابعة هجرة الحيتان والأسماك والكائنات الأخرى. كما تستخدم أيضاً العوامات الإلكترونية electronic buoys لمتابعة تسرب النفط من السفن.
علم المحيطات في سورية
تطل سوريا على البحر المتوسط بساحل طوله 187كم، وتعتمد على الصيد السمكي في نطاق لابأس به؛ لذلك اهتمت وزارة التعليم العالي بهذا الشاطئ؛ لدراسته من النواحي كافة: العلمية والاقتصادية، فأحدثت مركزاً لعلوم البحار في اللاذقية، سمي في البداية معهد البحوث البحرية، قام بإحداثه المجلس الأعلى للعلوم التابع لوزارة التعليم العالي، وافتُتِح في صيف عام 1987، ثم أُلْحِقَ رسمياً بجامعة تشرين، وأصبح يعرف حالياً باسم المعهد العالي للبحوث البحرية.
يقع المعهد في منطقة الشاطئ الأزرق شمالي مدينة اللاذقية، ويطل على البحر مباشرة (الشكل 13)، وهو يتألف من خمسة طوابق تضم مكاتب الإدارة وقاعة للمحاضرات ومختبرات بحث تخصصية، وخُصِّص أحد الطوابق لإقامة الباحثين الزائرين، إضافة إلى قارب بطول 13 متراً مزود بما تحتاجه دراسة علوم البحار.
يهدف المعهد إلى دراسة الخواص الفيزيائية والكيمياوية لماء البحر، والتيارات البحرية والمد والجزر في المنطقة، وكذلك الكائنات البحرية الحيوانية والنباتية، ودراسة الظروف المناخية والتلوث البحري ومسبباته وآثاره، ودراسة إمكانية تحلية ماء البحر، والدراسات العلمية والاقتصادية المتعلقة بالثروة البحرية، وعقد الندوات والمؤتمرات العلمية المحلية والدولية والدورات التدريبية وحلقات البحث المتخصصة.
يمنح المعهد ـ باعتباره جزءاً من جامعة تشرين ـ درجات الدبلوم التخصصي والماجستير والدكتوراه في علوم البحار. وهو يتألف من أقسام الكيمياء البحرية، والفيزياء البحرية، والبيولوجيا البحرية والجيولوجيا البحرية، والأسماك والفقاريات البحرية، ويضم مختبراً للعوالق النباتية وآخر للعوالق الحيوانية ومختبر للقاعيات الحيوانية. كما يحتوي أيضاً على مختبرات للطحالب، والميكروبيولوجيا، والأسماك، والفيزياء البحرية، وكيمياء النظم البيئية، والكيمياء العضوية، والكيمياء التحليلية.
تركزت الدراسات في المعهد حتى اليوم حول البيولوجيا البحرية والكيمياء البحرية والتيارات البحرية، ويُخَطَّط لدراسات حول الزراعة البحرية، والتآكل البحري، والتداخل بين المياه العذبة ومياه البحر، وتحلية ماء البحر، ودراسة جيوكيمياوية الرسوبيات البحرية.
مي نصير
Oceanography - Océanographie
المحيطات (علم ـ)
علم المحيطات oceanography علم واسع يدرس كل ما يتعلق بالمحيطات من النواحي الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية والجيولوجية. ويرتكز على العديد من العلوم مثل الجيولوجية والجغرافية والجيوفيزياء والفيزياء وعلم النبات والحيوان وغيرها.
يقوم علم جيولوجيا المحيطات بدراسة الأرض عند حافة البحر وتَحْت سطحه؛ وتاريخ العمليات التي شكلت أحواض المحيطات. وتبحث فيزياء المحيطات عن أسباب الحركات المائية، مثل الأمواج والتيارات والمد والجزر وصفاتها، وكيفية تأثيرها في البيئة البحرية. كما يتضمن علم المحيطات دراسات عن انتقال الطاقة الضوئية والطاقة الحرارية في ماء البحر. وتدرس كيمياء المحيطات تركيب ماء البحر وأنماط التفاعلات التي تحدث فيه. أما بيولوجيا المحيطات فتتعلق بالمتعضيات البحرية والعلاقات بين هذه المتعضيات وبيئة المحيطات، في حين أن هندسة المحيطات هو العلم الذي يحدد التجهيزات والمُعِدات المستخدمة في البحر، ويخطط لها. وتأتي أهمية هذا العلم من الحاجة للموارد المائية ولأهدافٍ اقتصادية وتجارية.
انطلق علم المحيطات بطيئاً، ثم توَسَّع علماً حديثاً في منتصف القرن التاسع عشر. وازداد هذا التطور على نحو ملحوظ جداً في العقدين الماضيين. ويُرَكِّز علماء المحيطات في أبحاثهم حالياً على الدراسات الشاملة وإدارة الموارد، وكذلك على العلاقات المتبادلة بين الكيمياء والفيزياء والجيولوجيا وبيولوجيا المحيطات.
يهدف هذا العلم إلى جمع المعلومات عن البيئة البحرية؛ لذلك يتم دعمه والعاملين في مجالاته المختلفة، في العديد من البلدان، من قبل مؤسسات خاصة؛ إذ تتطلب المشروعات التي بدأت في التسعينيات من القرن العشرين، واستمرت حتى يومنا هذا أن يتبادل العلماء المعلومات.
وتُسْتَخْدَم اليوم الأقمار الصناعية للملاحظة الشاملة، فيتمكن بذلك علماء المحيطات من تفسير المعلومات بسرعة كبيرة باستعمال الحاسوب، ومن ثم نشرها بوساطة شبكة المعلومات الدولية (الإنترنيت).
طُوِّرَ العديدُ من البرامج في علوم المحيطات لفهم دور المحيطات في عمليات منظومة «الغلاف الجوي ـ المحيط ـ اليابسة»، توفر معطيات لنماذج (موديلات) يستخدمها العلماء للتنبؤ عن تطور بيئة الأرض؛ وكذلك نتائج التغيرات المتأثرة بالإنسان، حيث تُدرس اليوم تجارب الدورة العامة لمياه محيطات العالم باستخدام الحواسيب لوضع نموذج للحالة الراهنة للمحيطات؛ والتنبؤ عن تطور المحيطات نتيجة التغيرات طويلة الأمد التي طرأت على الغلاف الجوي. وفي عام 1991 أوصت لجنة علوم المحيطات التابعة لمنظمة اليونسكو بتطوير نظام مراقبة شاملة للمحيطات Global Ocean Observing System (GOOS) يستخدم أقماراً صناعية وشبكاتٍ من الطَوّافات وسفناً بحرية، والهدف من هذا البرنامج زيادة المعلومات حول الظواهر في المحيطات، ومن ثم التنبؤ عن أحداث مختلفة، مثل النينيو El Niño وتأثيره في المناخ بدقة لا بأس بها. كما حددت الأمم المتحدة عام 1998 عاماً دولياً للمحيطات من أجل تحقيق الأهداف الآتية:
1ـ مراجعة كاملة لبرامج المحيطات من أجل تأمين تطويرٍ مُنَسَّقٍ يؤدي إلى نتائج مفيدة.
2ـ توعية الناس لكي يدركوا أهمية المحيطات في حياة الإنسان، وتأثير النشاط الإنساني على المحيطات.
أقسام علم المحيطات
تُميز في علم المحيطات الأقسام الآتية:
الشكل (1) الدورة العامة للرياح |
أ) الدورة العامة لمياه المحيطات: تخضع الدورة العامة لمياه المحيطات لثلاثة عوامل هي: الرياح وقوة كوريولي coriolis force، والمقاومة (السحب) drag التي يُحْدِثها دوران الأرض.
أهم هذه العوامل الثلاثة هي الرياح؛ لأن تأثيرها إيجابي، إذ تتجه الدورة العامة للرياح نحو الغرب على امتداد خط الاستواء، وإلى الشرق قرب القطبين. ونتيجة لذلك تدفع الرياحُ الماءَ السطحي أمامها في الاتجاه نفسه. ولوجود كتل كبيرة من اليابسة؛ فإن الماء ينحرف في أثناء جريانه مع الريح، فيجري الماء في نصف الكرة الشمالي جهة اليمين، في حين يجري الماء في نصف الكرة الجنوبي جهة اليسار، والسبب في هذا الاتجاه إلى اليمين في الشمال وإلى اليسار في الجنوب هو قوة كوريولي التي تعود إلى شكل الأرض وإلى كون الأرض تدور حول محورها (الشكل -1).
أما قوة السحب أو المقاومة فهي قوة سلبية تعمل على إبطاء التيارات. فكلما ازدادت سرعة جريان التيار زادت المقاومة أو السحب الذي يلقاه.
إن التفاعل الذي يحدث بين هذه العوامل الثلاثة هو السبب في أن التيارات في نصف الكرة الشمالي في كل من المحيطين الأطلسي والهادئ تجري باتجاه حركة عقارب الساعة، وتجري التيارات في نصف الكرة الجنوبي عكس اتجاه حركة عقارب الساعة.
الشكل (2) أجزاء الموجة أ) ارتفاع طول الموجة، ط)طول الموجة، ق) قرار الموجة، ذ) ذروة الموجة |
الشكل (3) الموجة الغامرة |
أما الزبد فيتشكّل عندما ترتطم موجة بالأرض فوق قاع ضحل. ويتوقف شكله على شكل القاع، فإذا كان القاع منحدراً انحداراً بسيطاً فإن الأمواج تتكسر برفق، وتنتشر على الشاطئ، وتسمى الموجة المتكسرة الموجة المنتشرة spilling breaker، أما إذا كان الشاطئ شديد الانحدار فترتطم الموجة على نحو مفاجئ، وتتحول إلى موجة غامرة plunging breaker (الشكل 3).
وهناك أنواع أخرى من الأمواج، منها:
1ـ الأمواج السنامية أو التسونامية Tsunamis: وهي عبارة عن أمواج زلزالية محيطية أو أمواج مدّية tidal waves، تُحْدِثُها حركات واسعة في قشرة الكرة الأرضية. ومن الأسباب الأخرى لحدوث هذه الأمواج حدوث انزلاقات أرضية وانفجارات تحت الماء.
2ـ أمواج العواصف storm waves: وهي كتل متراكمة من الماء جمعتها الرياح العنيفة. فالرياح التي تهب بشدة على شاطئ ما تجمع المياه على ذلك الشاطئ في كتل أعلى من المعتاد. وهي تحدث عموماً في أثناء الأعاصير.
الشكل (4) تأثير القمر على حدوث المد |
الشكل(5) المد الأعلى أو القافز (أ) و(ب) يمثلان مدوداً قافزة. الشمس والقمر على خط مستقيم ويجذبا على المستوى نفسه، وهذا وقت حدوث المدود العالية، (ج) يمثل جزراً محاقياً حيث تجذب الشمس والقمر في اتجاهين مختلفني ويحاولان تفليل الجذ1ب في أي اتجاه، وتكون المدود اللعالية في هذا الطور القمري غير عالية بدرجة كبيرة. |
1ـ التيارات المحلية: لكل منطقة تياراتها الخاصة بها. وتنشأ هذه التيارات بتأثير بعض العوامل، مثل الرياح وأشكال اليابسة والمد والجزر.
2ـ تيارات المد والجزر tidal currents: وهي تحدث نتيجة ارتفاع الماء وانخفاضه التي يُسببها المد والجزر كل يوم. هذا ولا تحدث التيارات المدّية ـ الجزرية على شاطئ مفتوح على البحر، وفي الواقع يحدث التيار المد ـ جزري في أي منطقة خليجية يكون جريان الماء فيها محصوراً في نطاق معين.
3ـ التيارات الرأسية upwelling: التيارات الرأسية عملية يصعد فيها الماء العميق إلى السطح، وهي تحدث عندما تدفع الرياحُ المياهَ السطحية بعيداً داخل البحر، فتتحرك المياه العميقة إلى الأعلى؛ لتحل محلها.
د) المد والجزر tides: يقتصر التأثير الرئيسي للمد والجزر على المنطقة الساحلية والأحياء التي تعيش فيها.
لاحظت الشعوب القديمة أن لارتفاع الماء وانخفاضه في بعض المناطق الساحلية علاقة بمراحل تطور القمر؛ لذلك يُربَط المد والجزر بمراحل تطور القمر. لكن لا بد من تأكيد أن هناك عوامل أخرى كثيرة تؤثر في المد والجزر، لكن أهمها الأوضاع النسبية للقمر والشمس والقوة النابذة المركزية. ونظراً لأن القمر قريب من الأرض، فإنه يفرض شداً انجذابياً قوياً، إذ يجذب الماء نحوه الذي يجذب كتل اليابسة أيضاً. ولكن لما كان الماء أكثر سيولة، فإن انجذابه نحو القوة الجاذبة يؤدي إلى مد واحد كل يوم عندما تدور الأرض حول محورها (الشكل 4). فالقمر يمر في السماء مرة كل يوم مع كل دورة للأرض. لكن لو كان القمر هو المؤثر الوحيد لكان كل مد مماثلاً للمد السابق، ولكن المدود ليست متماثلة، إذ يحدث عادةً مدّان كل يوم، ولا تكون نوبات المد متماثلة. يرجع ذلك إلى عامل آخر هو تأثير جذب الشمس على الأرض. كما أن المد الثاني الذي يحدث كل يوم يقع نتيجة للقوة الطاردة المركزية وتبعاً لمواقع الشمس والقمر، فإما أن تجذبا معاً، فتُحْدِثا مداً عالياً جداً وجزراً منخفضاً جداً يسمى المد الأعلى أو القافز spring tides، وإما أن تلغيا بعضهما بعضاً، فتُحْدِثا جزراً محاقياً neap tides (وهو ليس مداً عالياً جداً، وليس جزراً شديد الانخفاض) (الشكل 5).
هـ) درجة الحرارة والملوحة: تؤثر درجة الحرارة والملوحة كثيراً في كثافة الماء، وكلما كانت ملوحة الماء كبيرة ازدادت كثافته.
تراوح درجات الحرارة في المحيط بين ـ2 ْ درجة سلسيوس و+30 ْ درجة سلسيوس، وقد تصل درجات الحرارة إلى ما دون الصفر، ذلك لأن الماء المالح يتجمد بدرجة أخفض من الماء النقي. وفي الشكل (6) منحن بياني يوضح درجات الحرارة في أعماق مختلفة في المحيط، فهو يبين تناقص درجات الحرارة بازدياد العمق إضافة إلى توضيحه المنحدر الحراري thermocline.
2ـ علم المحيطات الكيميــاوي chemical oceanography: تتعلق صفات ماء البحر بطبيعة الماء الصافي وبالمواد المنحلة فيه. وتتشكل بعض المواد الصلبة المنحلة في ماء البحر بوساطة التجوية الكيمياوية لصخور اليابسة، كما ينجرف بعضُها الآخر إلى البحر بوساطة الأنهار (الشكل 7). وتنطلق مواد أخرى من باطن الأرض من منافذ مائية حرارية، تدخل إلى المحيط، وينطلق بعضها الآخر، من باطن الأرض في الغلاف الجوي مع البراكين، ثم تدخل إلى المحيط مع المطر والثلج.
ION | التركيز | نسبة مجمل الملوحة |
كلوريد (-Cl) | 19.345 | 55.03 |
صوديوم (+Na) | 10.752 | 30.59 |
سلفات (SO4-2) | 2.701 | 7.68 |
مغنيزيوم (Mg+2) | 1.295 | 3.69 |
كلسيوم (Ca+2) | 0.416 | 1.18 |
بوتاسيوم (+K) | 0.390 | 1.11 |
بيكربونات (-HCO3) | 0.145 | 0.14 |
بروميد (-Br) | 0.066 | 0.19 |
بوريت (-H2BO3) | 0.027 | 0.08 |
سترونتيوم (Sr+2) | 0.013 | 0.04 |
فلوريد (-F) | 0.001 | 0.003 |
مواد منحلة أخرى | < 0.001 | < 0.001 |
الجدول (1) التركيب الكيمياوي لماء البحر |
وتعرف الملوحة salinity بمجموع الأملاح المنحلة في ماء البحر، ويُعَبَّر عنها بعدد الغرامات المتبقية عند تبخير 1000غ من ماء البحر، وهي عادة 35 غ من الملح، يقال عندئذ إن ملوحة ماء البحر هي 35 بالألف أو 35 0%.
من المعلوم أن نسب الأيونات المختلفة تتغير قليلاً، خاصة في المناطق الشاطئية، حيث تجلب الأنهار كميات كبيرة من الأيونات الموجبة، أو بالقرب من المنافذ الحرارية المائية (الشكل 7). كما يمكن للنشاطات البيولوجية الشديدة أن تغير نسب الأيونات في بعض الأماكن، لكن تبقى هذه النسب في معظم المحيطات ثابتة على نحو واضح. يشير ذلك إلى أن معظم أجزاء المحيطات ـ كيميائياًـ مختلطة جيداً، وأن تغيرات الملوحة تحدث نتيجة لزيادة الماء النقي أو إزالته.
3 ـ علم المحيطات الحيوي biological oceanography: ويسمى أيضاً البيولوجيا البحرية marine biology وهي الدراسة العلمية للمتعضيات التي تعيش في البحار. كما أن علم البيئة البحري marine ecology يدرس غزارة abundance المتعضيات البحرية وتوزعها والعلاقات بينها وبين بيئتها.
يمكن تقسيم مجموعات الكائنات الحية التي تعيش في المحيط ـ بحسب مواقعها في ماء البحرـ إلى:
(1) العوالق[ر] plankton التي تعيش معلقة في ماء البحر، تحركها الأمواج والتيارات المائية، والتي يميز فيها عوالق حيوانية zooplankton وعوالق نباتية phytoplankton.
الشكل (6) المنحني البياني لدرجات الحرارة في أعماق المحيطات | الشكل (7) مصادر المواد الصلبة في ماء البحر |
(3) القاعيات benthos: وهي الحيوانات التي تعيش متثبتة على قاع البحر، وهي تضم أنواعاً مختلفة من النباتات، مثل الطحالب Algae؛ وأنواعاً مختلفة من الحيوانات كالرخويات والقشريات والمرجانيات.
طرائق دراسة علم المحيطات
بدأ بعض العلماء في منتصف القرن التاسع عشر القيام برحلات بحرية خاصة لدراسة المحيطات؛ على الرغم من أن السفن حينذاك لم تكن مجهزة جيداً، كما كانت الرحلات قصيرة الأمد. وقد أدت دراستهم إلى العديد من النتائج المهمة. كانت أول رحلة منظمة لدراسة المحيطات عام 1872، ترأسها العالم طُومسون، وأُطلِق عليها اسم المُتَحَدِّيَة (تشالنجر) Challenger، وهو أيضاً الاسم الذي أُطْلِقَ على السفينة التي نفذت الحملة.
بدأت الحملة عام 1872، ودامت ثلاثة أعوام ونصف، تم فيها جمع كمٍ هائلٍ من المعلومات والعينات من جميع أنحاء العالم. وبعد تسعة عشر عاماً تم نشر نتائج دراسة هذه العينات في خمسين مجلة علمية.
الشكل (8) سفينة الأبحاث طومسون Thompson التي تستخدمها جامعة واشنطن لدراسة المحيطات |
يتم اليوم تطوير سفن البحث لدراسة المحيطات والمختبرات والمحطات البحرية، من قِبَل العديد من الجامعات ومراكز الأبحاث التي تهتم بعلوم المحيطات، فتقوم بتجهيز السفن بأحدث التجهيزات للملاحة لأخذ العينات ودراستها (الشكل 8).
إضافة إلى سفن الأبحاث، استُخْدِمَت كذلك غواصات لدراسة عالم البحار، تتميز بتقنيات عالية تسمح لها بأن تغوص إلى أعمق المناطق في المحيط (الشكل 9). علماً أن بعضها معقد لدرجة يبقى معها جزء من الغواصة داخل الماء، ويطفو الباقي على سطح المحيط كما في الغواصة فليب Flip (الشكل 10).
الشكل (9) الغواصة ألفين Alvin التي يستخدمها معهد وودزهول لدراسة أعماق المحيطات | الشكل (10) الغواصة فليب FLIP التي يستخدمها معهد سكريبس للأبحاث البحرية، وقد ظهر منها الجزء الطافي والباقي مغمور تحت سطح ماء المحيط. |
هذا وتقدم التقنيات الحديثة في الوقت الحاضر إمكانيات كبيرة لدراسة المحيطات، فاستخدام الحواسيب يسمح اليوم للعلماء بتحليل كميـات كبيـرة من المعلومـات بسـرعة (الشكل 12). كما يمكن لتكنولوجيا الفضاء أن تساعد في دراسة البحر، فالأقمار الصناعية
الشكل (11) المختبر الآلي أكواريوس Aguarius الذي يعمل آلياً على عمق نحو 20م تحت سطح رصيف فلاوريدا في الولايات المتحدة الأمريكية |
الشكل (12) استخدام الحواسيب في علوم المحيطات بتحليل المعلومات بسرعة كبيرة |
علم المحيطات في سورية
الشكل (13) معهد البحوث البحرية في سورية |
يقع المعهد في منطقة الشاطئ الأزرق شمالي مدينة اللاذقية، ويطل على البحر مباشرة (الشكل 13)، وهو يتألف من خمسة طوابق تضم مكاتب الإدارة وقاعة للمحاضرات ومختبرات بحث تخصصية، وخُصِّص أحد الطوابق لإقامة الباحثين الزائرين، إضافة إلى قارب بطول 13 متراً مزود بما تحتاجه دراسة علوم البحار.
يهدف المعهد إلى دراسة الخواص الفيزيائية والكيمياوية لماء البحر، والتيارات البحرية والمد والجزر في المنطقة، وكذلك الكائنات البحرية الحيوانية والنباتية، ودراسة الظروف المناخية والتلوث البحري ومسبباته وآثاره، ودراسة إمكانية تحلية ماء البحر، والدراسات العلمية والاقتصادية المتعلقة بالثروة البحرية، وعقد الندوات والمؤتمرات العلمية المحلية والدولية والدورات التدريبية وحلقات البحث المتخصصة.
يمنح المعهد ـ باعتباره جزءاً من جامعة تشرين ـ درجات الدبلوم التخصصي والماجستير والدكتوراه في علوم البحار. وهو يتألف من أقسام الكيمياء البحرية، والفيزياء البحرية، والبيولوجيا البحرية والجيولوجيا البحرية، والأسماك والفقاريات البحرية، ويضم مختبراً للعوالق النباتية وآخر للعوالق الحيوانية ومختبر للقاعيات الحيوانية. كما يحتوي أيضاً على مختبرات للطحالب، والميكروبيولوجيا، والأسماك، والفيزياء البحرية، وكيمياء النظم البيئية، والكيمياء العضوية، والكيمياء التحليلية.
تركزت الدراسات في المعهد حتى اليوم حول البيولوجيا البحرية والكيمياء البحرية والتيارات البحرية، ويُخَطَّط لدراسات حول الزراعة البحرية، والتآكل البحري، والتداخل بين المياه العذبة ومياه البحر، وتحلية ماء البحر، ودراسة جيوكيمياوية الرسوبيات البحرية.
مي نصير