مدخلات مخرجات (جدول)
Input-output tables - Tableaux entrées-sorties
المدخلات ـ المخرجات (جدول ـ)
جدول المدخلات ـ المخرجات input- output table ويسمى أحياناً جدول العلاقات بين القطاعات، عبارة عن ميزان موارد السلع والخدمات واستخدامها مصنفة حسب كل سلعة وقطاع لجهة الإنتاج والاستعمال، وطبيعة العلاقات بين القطاعات المختلفة.
لمحة تاريخية
إن الاهتمام بتفاعل المتغيرات الاقتصادية، وتأثير بعضها في بعضها الآخر، وفي الاقتصاد الوطني ككل، لم يتوقف الاهتمام به على جهد الباحثين في نهاية القرن العشرين فقط، وإنما يرجع في قدمه إلى كانتيون Cantillon، حتى قبل فرانسوا كينيه François Quesnay مؤسس المذهب الطبيعي، والذي ظهر في مرحلة مبكرة من القرن الثامن عشر. ويرى أغلب الباحثين أن جداول المدخلات ـ المخرجات ترتبط بالفرنسي كينيه (1694-1774) ومن بعده ماري ليون فالراس M.L.Walras ن(1834-1910) أحد رواد المدرسة الحديثة، حيث ابتكر كينيه ما اصطلح على تسميته باللوحة الاقتصادية le tableau économique والذي عدّه ويسلي ليونتييف Wassily Leontief الاقتصادي الروسي الأصل، والحائز جائزة نوبل في الاقتصاد، والذي عاش قسطاً كبيراً من حياته في الولايات المتحدة الأمريكية، أنه فكرة عبقرية إلى درجة عالية، وأنه ومن دون جدل الفكر الأكثر عبقرية بين جميع ما طرحه الاقتصاد السياسي حتى ذلك الوقت. وقد تجلت ذروة ما بلغته قدرات كينيه في التحليل الاقتصادي في تصوره للعملية الاقتصادية في مجموعها كعملية للإنتاج، ولتجديد الإنتاج، من فترة إلى أخرى.
على الرغم من دقة الأعمال الذي أبدعها كانتيون، وكينيه، وڤالراس وبعض الاقتصاديين التقليديين في صياغة نماذج لتوصيف التوازن العام للاقتصاد، إلا أن أياً منهم لم يضع عمله موضع التطبيق لإيجاد حلول للمشكلات الاقتصادية. ولهذا فإن أغلب ما تشير إليه الكتابات الاقتصادية كبداية لاستخدام جداول المدخلات ـ المخرجات هو البحث الذي نشره ليونتييف عام 1951، والذي أشار فيه إلى «أن فترة الازدهار الاقتصادي التي أعقبت الحرب العالمية الثانية قد جلبت معها مجموعة من الحقائق التي يصعب فهمها»، واستطرد يقول: «إن هنالك اليوم في الاقتصاد تركيزاً عالياً في الجانب النظري ولكن من دون حقائق من جانب، وفي جانب آخر، هنالك تراكم كبير للحقائق دون أن يوجد تفسير لها في النظرية الاقتصادية». ولهذا وضع تقنية تحليل المدخلات ـ المخرجات ليربط بين الحالتين.
استخدام جداول المبادلات القطاعية
من المعلوم أن أي اقتصاد يتكوّن من مجموعة قطاعات كل منها يمارس نشاطاً معيناً، وترتبط هذه القطاعات فيما بينها بعلاقات تشابكية مترابطة، حيث إن أي قطاع يستفيد من بقية القطاعات، وكذلك يعطي مما ينتجه القطاعات الأخرى لتوفير بعض مستلزمات إنتاجها، إضافة إلى استخدامه جزءاً مما ينتجه كمستلزمات إنتاج.
إن نموذج المدخلات ـ المخرجات الذي صاغه ليونتييف في عام 1919 هو عبارة عن جدول يصف العلاقات التشابكية بين القطاعات الاقتصادية بصيغة كمية، وقام بتطبيقه على الاقتصاد الأمريكي. ولهذا الغرض قام ليونتييف ببناء جدول يتكون من 46× 46 قطاعاً، يتم ترتيبه في هيئة مصفوفة matrix، وكل قطاع يمثَل بعمود column وصف row. وفي عام 1932 تمّ بناء الجدول الثالث للاقتصاد الأمريكي، وتمّ استخدام الحاسوب الآلي في الحصول على النتائج واحتوى الجدول على 42 قطاعاً، وتطلب استخدام الحاسوب لمدة 56 ساعة لإجراء الحسابات الضرورية. وقد تختص جداول المدخلات ـ المخرجات بإقليم ما region، والجداول الحديثة التي تختص باقتصاد كامل في الدول المتقدمة تتكون من 512 قطاعاً، وتعدّ هذه الجداول أكثر الجداول تطوراً. وفي جداول كهذه يتم وصف الكيفية التي تتشابك بها القطاعات الإقليمية فيما بينها ومع العالم الخارجي، ويتم ذلك من خلال تضمينها بقطاعي الصادرات والواردات.
ماهية جداول المدخلات ـ المخرجات
إذا افترضنا أن إمكان تقسيم الاقتصاد الوطني إلى ثلاثة قطاعات: الزراعة، والصناعة، والخدمات، مرتبطة بعلاقات تشابكية مع القطاعات الأخرى، فما يتم إنتاجه في قطاع الزراعة مثلاً، يتم استخدام جزء منه في ذات القطاع، كأن يكون بذوراً للموسم القادم، وجزء آخر يستخدم كمدخلات في القطاعات الأخرى. وهكذا الحال في قطاعي الصناعة والخدمات. ولكي يقوم أي قطاع بالإنتاج فهو يحتاج إلى ما ينتج في القطاعات الأخرى، كمدخلات في عملية إنتاجه. وبالإمكان صياغة العلاقات بين هذه القطاعات بصيغة معادلات رياضية، تمثل العلاقات التشابكية بينها. وتعبر المعادلات الرياضية أو المصفوفات عن المعاملات الفنية بين القطاعات، وإنتاج كل منها، إضافة إلى إجمالي الإنتاج في القطاعات والطلب النهائي على هذا الإنتاج.
تتيح معادلات جدول المدخلات ـ المخرجات الفرصة للقيام بتحليل اقتصادي مهم في وضع الخطط الاقتصادية التنموية. فعندما تضع الدولة مستوى مستهدفاً للطلب النهائي فإنها اعتماداً على مصفوفة المعاملات الفنية يمكنها تحديد الحاجة إلى مخرجات كل قطاع اقتصادي.
يمكن إجمال ميزات تقنية تحليل المدخلات ـ المخرجات بثلاث ميزات هي:
1- البيانات المستخدمة في العادة شاملة ومنسقة.
2- طبيعة تحليلات المدخلات ـ المخرجات تجعل بالإمكان تحليل الاقتصاد كنظام مترابط للقطاعات التي تؤثر وتتأثر على نحو مباشر وغير مباشر بعضها ببعضها الآخر، إضافة إلى تتبع التغيرات الهيكلية بالرجوع إلى الترابطات التداخلية بين القطاعات.
3- إن تصميم جداول المدخلات ـ المخرجات تسمح بتجزئة المتغيرات الهيكلية مصدر تلك التغيرات، إضافة إلى تحديد اتجاهها وحجمها.
أما ما ثبت من قصور على تحليلات المدخلات ـ المخرجات فيمكن تحديدها بالآتي:
1- افتراض ثبات عائد الإنتاج.
2- افتراض أن كل قطاع يقوم بإنتاج نوع واحد من المنتجات.
3- افتراض تماثل منتجات القطاع الواحد. وأيضاً عدم وجود إمكان إحلال بين عوامل الإنتاج.
4- افتراض ثبات معاملات الإنتاج الفنية.
5- افتراض عدم وجود قيود على الموارد (عرض لا محدود وتام المرونة).
6- افتراض استخدام جميع الموارد المحلية على نحو يكفي.
وهذه الافتراضات ليست كلها محققة في كل الحالات.
الدول المتقدمة واستخدامات جداول المدخلات ـ المخرجات
تعتمد الدول الصناعية المتقدمة اليوم على جداول المدخلات - المخرجات سواء على مستوى الاقتصاد الكلي أم على المستوى الجهوي. فعلى مستوى تحليلات المدخلات ـ المخرجات الجهوية تستخدم هذه التحليلات في تحديد القرارات، وتحديد أهداف النمو للأقاليم، أو تستخدم لتصميم برامج تدريبية. أو أن يستفاد منها لدراسة مدى تأثير تصفية مشروع صناعي، أو ما الذي يجب أن يهيئ من موارد لمشروع محتمل يبحث عن موقع جغرافي له. أما على مستوى الاقتصاد ككل فإن جداول المدخلات - المخرجات تستخدم من أجل اتخاذ القرارات في مجال التخطيط الاقتصادي. ومن بين الاستخدامات الحديثة لجدول المدخلات ـ المخرجات الاستفادة منه في مجال البيئة، من خلال تقدير كمية التلوث التي تسببها قطاعات الاقتصاد، وبالتالي فإن مجموع ما يتولد في الاقتصاد من تلوث هو مجموع ما تولده قطاعات الاقتصاد (ليونتييف 1970). ويضاف إلى ما تقدم استخدام اقتصاديات المدخلات ـ المخرجات لصياغة نظرية التجارةtrade theory على نحو كمي.
حاتم هاتف الطائي
Input-output tables - Tableaux entrées-sorties
المدخلات ـ المخرجات (جدول ـ)
جدول المدخلات ـ المخرجات input- output table ويسمى أحياناً جدول العلاقات بين القطاعات، عبارة عن ميزان موارد السلع والخدمات واستخدامها مصنفة حسب كل سلعة وقطاع لجهة الإنتاج والاستعمال، وطبيعة العلاقات بين القطاعات المختلفة.
لمحة تاريخية
إن الاهتمام بتفاعل المتغيرات الاقتصادية، وتأثير بعضها في بعضها الآخر، وفي الاقتصاد الوطني ككل، لم يتوقف الاهتمام به على جهد الباحثين في نهاية القرن العشرين فقط، وإنما يرجع في قدمه إلى كانتيون Cantillon، حتى قبل فرانسوا كينيه François Quesnay مؤسس المذهب الطبيعي، والذي ظهر في مرحلة مبكرة من القرن الثامن عشر. ويرى أغلب الباحثين أن جداول المدخلات ـ المخرجات ترتبط بالفرنسي كينيه (1694-1774) ومن بعده ماري ليون فالراس M.L.Walras ن(1834-1910) أحد رواد المدرسة الحديثة، حيث ابتكر كينيه ما اصطلح على تسميته باللوحة الاقتصادية le tableau économique والذي عدّه ويسلي ليونتييف Wassily Leontief الاقتصادي الروسي الأصل، والحائز جائزة نوبل في الاقتصاد، والذي عاش قسطاً كبيراً من حياته في الولايات المتحدة الأمريكية، أنه فكرة عبقرية إلى درجة عالية، وأنه ومن دون جدل الفكر الأكثر عبقرية بين جميع ما طرحه الاقتصاد السياسي حتى ذلك الوقت. وقد تجلت ذروة ما بلغته قدرات كينيه في التحليل الاقتصادي في تصوره للعملية الاقتصادية في مجموعها كعملية للإنتاج، ولتجديد الإنتاج، من فترة إلى أخرى.
على الرغم من دقة الأعمال الذي أبدعها كانتيون، وكينيه، وڤالراس وبعض الاقتصاديين التقليديين في صياغة نماذج لتوصيف التوازن العام للاقتصاد، إلا أن أياً منهم لم يضع عمله موضع التطبيق لإيجاد حلول للمشكلات الاقتصادية. ولهذا فإن أغلب ما تشير إليه الكتابات الاقتصادية كبداية لاستخدام جداول المدخلات ـ المخرجات هو البحث الذي نشره ليونتييف عام 1951، والذي أشار فيه إلى «أن فترة الازدهار الاقتصادي التي أعقبت الحرب العالمية الثانية قد جلبت معها مجموعة من الحقائق التي يصعب فهمها»، واستطرد يقول: «إن هنالك اليوم في الاقتصاد تركيزاً عالياً في الجانب النظري ولكن من دون حقائق من جانب، وفي جانب آخر، هنالك تراكم كبير للحقائق دون أن يوجد تفسير لها في النظرية الاقتصادية». ولهذا وضع تقنية تحليل المدخلات ـ المخرجات ليربط بين الحالتين.
استخدام جداول المبادلات القطاعية
من المعلوم أن أي اقتصاد يتكوّن من مجموعة قطاعات كل منها يمارس نشاطاً معيناً، وترتبط هذه القطاعات فيما بينها بعلاقات تشابكية مترابطة، حيث إن أي قطاع يستفيد من بقية القطاعات، وكذلك يعطي مما ينتجه القطاعات الأخرى لتوفير بعض مستلزمات إنتاجها، إضافة إلى استخدامه جزءاً مما ينتجه كمستلزمات إنتاج.
إن نموذج المدخلات ـ المخرجات الذي صاغه ليونتييف في عام 1919 هو عبارة عن جدول يصف العلاقات التشابكية بين القطاعات الاقتصادية بصيغة كمية، وقام بتطبيقه على الاقتصاد الأمريكي. ولهذا الغرض قام ليونتييف ببناء جدول يتكون من 46× 46 قطاعاً، يتم ترتيبه في هيئة مصفوفة matrix، وكل قطاع يمثَل بعمود column وصف row. وفي عام 1932 تمّ بناء الجدول الثالث للاقتصاد الأمريكي، وتمّ استخدام الحاسوب الآلي في الحصول على النتائج واحتوى الجدول على 42 قطاعاً، وتطلب استخدام الحاسوب لمدة 56 ساعة لإجراء الحسابات الضرورية. وقد تختص جداول المدخلات ـ المخرجات بإقليم ما region، والجداول الحديثة التي تختص باقتصاد كامل في الدول المتقدمة تتكون من 512 قطاعاً، وتعدّ هذه الجداول أكثر الجداول تطوراً. وفي جداول كهذه يتم وصف الكيفية التي تتشابك بها القطاعات الإقليمية فيما بينها ومع العالم الخارجي، ويتم ذلك من خلال تضمينها بقطاعي الصادرات والواردات.
ماهية جداول المدخلات ـ المخرجات
إذا افترضنا أن إمكان تقسيم الاقتصاد الوطني إلى ثلاثة قطاعات: الزراعة، والصناعة، والخدمات، مرتبطة بعلاقات تشابكية مع القطاعات الأخرى، فما يتم إنتاجه في قطاع الزراعة مثلاً، يتم استخدام جزء منه في ذات القطاع، كأن يكون بذوراً للموسم القادم، وجزء آخر يستخدم كمدخلات في القطاعات الأخرى. وهكذا الحال في قطاعي الصناعة والخدمات. ولكي يقوم أي قطاع بالإنتاج فهو يحتاج إلى ما ينتج في القطاعات الأخرى، كمدخلات في عملية إنتاجه. وبالإمكان صياغة العلاقات بين هذه القطاعات بصيغة معادلات رياضية، تمثل العلاقات التشابكية بينها. وتعبر المعادلات الرياضية أو المصفوفات عن المعاملات الفنية بين القطاعات، وإنتاج كل منها، إضافة إلى إجمالي الإنتاج في القطاعات والطلب النهائي على هذا الإنتاج.
تتيح معادلات جدول المدخلات ـ المخرجات الفرصة للقيام بتحليل اقتصادي مهم في وضع الخطط الاقتصادية التنموية. فعندما تضع الدولة مستوى مستهدفاً للطلب النهائي فإنها اعتماداً على مصفوفة المعاملات الفنية يمكنها تحديد الحاجة إلى مخرجات كل قطاع اقتصادي.
يمكن إجمال ميزات تقنية تحليل المدخلات ـ المخرجات بثلاث ميزات هي:
1- البيانات المستخدمة في العادة شاملة ومنسقة.
2- طبيعة تحليلات المدخلات ـ المخرجات تجعل بالإمكان تحليل الاقتصاد كنظام مترابط للقطاعات التي تؤثر وتتأثر على نحو مباشر وغير مباشر بعضها ببعضها الآخر، إضافة إلى تتبع التغيرات الهيكلية بالرجوع إلى الترابطات التداخلية بين القطاعات.
3- إن تصميم جداول المدخلات ـ المخرجات تسمح بتجزئة المتغيرات الهيكلية مصدر تلك التغيرات، إضافة إلى تحديد اتجاهها وحجمها.
أما ما ثبت من قصور على تحليلات المدخلات ـ المخرجات فيمكن تحديدها بالآتي:
1- افتراض ثبات عائد الإنتاج.
2- افتراض أن كل قطاع يقوم بإنتاج نوع واحد من المنتجات.
3- افتراض تماثل منتجات القطاع الواحد. وأيضاً عدم وجود إمكان إحلال بين عوامل الإنتاج.
4- افتراض ثبات معاملات الإنتاج الفنية.
5- افتراض عدم وجود قيود على الموارد (عرض لا محدود وتام المرونة).
6- افتراض استخدام جميع الموارد المحلية على نحو يكفي.
وهذه الافتراضات ليست كلها محققة في كل الحالات.
الدول المتقدمة واستخدامات جداول المدخلات ـ المخرجات
تعتمد الدول الصناعية المتقدمة اليوم على جداول المدخلات - المخرجات سواء على مستوى الاقتصاد الكلي أم على المستوى الجهوي. فعلى مستوى تحليلات المدخلات ـ المخرجات الجهوية تستخدم هذه التحليلات في تحديد القرارات، وتحديد أهداف النمو للأقاليم، أو تستخدم لتصميم برامج تدريبية. أو أن يستفاد منها لدراسة مدى تأثير تصفية مشروع صناعي، أو ما الذي يجب أن يهيئ من موارد لمشروع محتمل يبحث عن موقع جغرافي له. أما على مستوى الاقتصاد ككل فإن جداول المدخلات - المخرجات تستخدم من أجل اتخاذ القرارات في مجال التخطيط الاقتصادي. ومن بين الاستخدامات الحديثة لجدول المدخلات ـ المخرجات الاستفادة منه في مجال البيئة، من خلال تقدير كمية التلوث التي تسببها قطاعات الاقتصاد، وبالتالي فإن مجموع ما يتولد في الاقتصاد من تلوث هو مجموع ما تولده قطاعات الاقتصاد (ليونتييف 1970). ويضاف إلى ما تقدم استخدام اقتصاديات المدخلات ـ المخرجات لصياغة نظرية التجارةtrade theory على نحو كمي.
حاتم هاتف الطائي