غولدسميث (اوليفر)
Goldsmith (Oliver-) - Goldsmith (Oliver-)
غولدسميث (أوليڤر -)
(1730-1774)
أوليڤر غولدسميث Oliver Goldsmith كاتب إنكليزي - أيرلندي نال شهرة كبيرة في فترة قصيرة لم تتجاوز خمس عشرة سنة، وقد تميَّزت كتاباته بدفء المشاعر وسحر الأسلوب وروح الفكاهة مما أكسبه شعبية وشهرة بصفته رائداً من رواد الأدب الإنكليزي. ارتكزت شهرته بالدرجة الأولى على سلسلة مقالاته «رسائل صينية» Chinese Letters التي نُشرت تحت عنوان «مواطن من العـالم» The Citizen of the World عام (1762)، وعلى قصيدته «القريـة المهجورة» The Deserted Village عام (1770)، وروايته الوحيدة «قس ويكفيلد» The Vicar of Wakefield عام (1766)، ومسرحيته «تمسكنت فَتَمَكَّنت» She Stoops to Conquer عام (1773).
ولد غولدسميث قرب بالاس Pallas في مقاطعة لونغفورد Longford في أيرلندا، وكان الولد الخامس من ثمانية أولاد لتشارلز وآن غولدسميث، وبعد ولادته مباشرة استقرت العائلة في ليسوي Lissoy قرب كيلكني وست Kilkenny West حيث عمل والده راعياً للأبرشية. تلقى غولدسميث تعليمه الأساسي في مدرسة محلية وفي مدارس البلدات القريبة الأخرى، وفي عام 1745 دخل كلية ترينيتي Trinity College في دبلن طالباً مساعداً (وهو الطالب الذي يكسب قسماً من تكاليف دراسته بتقديم خدمات لزملائه الطلاب) وأمضى سنوات صعبة حتى تخرج فيها عام 1750. وبعد محاولات فاشلة لتحضير نفسه لمهنة الكهنوت والتعليم والقانون ذهب إلى اسكتلندا عام 1752 لدراسة الطب في جامعة إدنبره، ولكنه لم يحصل على درجة جامعية، وبعد عام ونصف ذهب إلى هولندا لمتابعة دراسته في جامعة لايدن Leiden، وعوضاً من عودته إلى أيرلندا انطلق في رحلة على الأقدام إلى فرنسا وسويسرا وإيطاليا يعزف الناي ويغني للحصول على الطعام أو المبيت.
ظهر غولدسميث في أوائل عام 1756 في لندن محاولاً عبثاً أن يثبت نفسه طبيباً، فانتقل إلى الكتابة بادئاً بالنقد الأدبي والترجمة ثم المقالات والحكايات والأشعار في المجلات الدورية المشهورة، وقد ترجم أعمالاً كثيرة لفولتير وبلوتارخس. تعرّف صموئيل جونسون Samuel Johnson والرسام جوشوا رينولدز Joshua Reynolds اللذين أدخلاه عضواً في نادي جونسون الثقافي المشهور الذي أسساه عام 1763، وكان من أعضاء النادي أيضاً الممثل ديڤيد غاريك David Garrick، والكاتب جيمس بوزويل James Boswell الذي تحدّث عن غولدسميث في السيرة التي كتبها عن جونسون. كان غولدسميث في بعض الأوقات شخصية مثيرة للضحك بسبب عدم لباقته وطباعه الريفية الفظة مع أفراد المجتمع اللندني، وعُدَّ مهرج الجماعة وهو دور تقبَّله بسرور. وقد تميَّز غولدسميث بهذا التناقض بين شخصيته في المجتمع وشخصيته الأدبية. وعندما ظهرت قصيدته الأولى «المسافر» The Traveler عام (1764)، كان من الصعب على أعضاء النادي أن يصدقوا أن هذه القصيدة من تأليفه، حتى إن أحدهم ذهب إلى حد استجوابه استجواباً دقيقاً لكي يتأكد. وقد كتب غولدسميث في السنوات العشر التالية في جميع الأجناس الأدبية، وفي أي موضوع كان يفرضه عليه الناشرون فجنى أموالاً طائلة، إلا أنه كان كريماً إلى حد الإسراف.
تميَّزت مؤلفات غولدسميث بالتنوع، إذ قدَّم للقراء نقداً اجتماعياً وتاريخاً وشعراً ومسرحاً ورواية. كان مفتوناً بالحياة، ويهدف إلى إسعاد البشرية بِحَثِّ الناس على القناعة والرضا بالقدر. وقد وصف في مقالاته «رسائل صينية» انطباعات مُفكِّر صيني زار مدينة لندن، وذكر فيها حسنات وسيئات الحياة الإنكليزية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية وقارنها بالحياة الصينية، وحذّر فيها من الحرب والغزو والاستعمار، لأن الطمع هو سبب الحروب والدمار. وفي روايته الوحيدة «قس ويكفيلد»، سجّل بطل القصة الدكتور بريمروز Primrose، رجلُ الدين العبقري الذي يروي القصة، المصائبَ التي حلّت بعائلته المتواضعة بعد أن كانت عائلة سعيدة. وقد جسَّدت هذه الرواية صورة الحياة الريفية بأحداث مثيرة وعواطف مفعمة بالقيم الأخلاقية، وأحبها القراء لروح السخرية فيها، ولاسيما عندما صار وصف القس لضعف الشخصيات الأخرى مرآة لشخصيته.
أما أهم أشعار غولدسميث فهما القصيدتان «المسافر» و«القرية المهجورة» اللتان كانتا سبب شهرته الأدبية، وقد استخدم فيهما أسلوب الاتباعيين الجدد من حيث وحدة الموضوع واستخدام الدوبيت الملحمي (البيتان المزدوجان) heroic couplet. يصف في الأولى حسنات الشعوب الأوربية وسيئاتها كالفرنسيين والسويسريين والهولنديين والإيطاليين ويقارنهم بالإنكليز. ويصف في الثانية كيف تدفع الضغوط الاقتصادية والاجتماعية الفلاحين إلى ترك أراضيهم عن طريق بيعها للأغنياء، ويركز في وصفه على حبه لحياة الريف البسيطة.
من أشهر مسرحيات غولدسميث «الرجل الدمث» The Good Natur’ Man عام (1768)، و«تمسكنت فَتَمَكَّنت»، وهما مسرحيتان مسليتان تعتمدان على شخصيات مرسومة بوضوح وخفة ظل مع مواقف هزلية متقنة، إذ كان غولدسميث يسعى إلى إعادة الضحك للمسرح والمرح لحياة الناس.
أما كتاباته في السير فأفضلها «حياة ريتشارد ناش» The Life of Richard Nash عام (1762). ومن كتاباته التاريخية «تاريخ إنكلترا في سلسلة رسائل من رجل نبيل إلى ابنه» The History of England in a Series of Letters from a Nobleman to His Son عام (1764) التي كتبها في مجلدين، و«تاريخ إنكلترا» The History of England عام (1771) في أربعة مجلـدات، و«تاريخ روما» The History of Rome عـام (1769) في مجلدين، لكنه لم يعتمد في دراساته التاريخية على البحث العلمي بل على قراءة كتب التاريخ فقط، ومع ذلك بقيت هذه الكتب معتمدة في المدارس الإنكليزية والأمريكية مدة قرن كامل. كتب غولدسميث أيضاً «تاريخ الأرض والطبيعة المتحركة» The History of Earth and Animated Nature عام (1774) في ثمانية مجلدات، وهي دراسة شاملة للتاريخ الطبيعي مستقاة من مصادر عدة أغناها غولدسميث بملاحظاته الشخصية.
لم يُصنَّف غولدسميث في مرتبة عظماء الكتّاب، ومع ذلك فإن لـه معجبين كثر، إذ كان في أسلوبه يبعث المرح والنور والحكمة عند القارئ. وقد تحدَّث في شعره كما في نثره بوضوح وجزالة في الأسلوب متماشياً مع التأنق البياني، حتى إن صموئيل جونسون لخص منجزاته في كلمات رثاء باللاتينية كُتِبَتْ على نصب تذكاري لغولدسميث في زاوية الشعراء في مقبرة وستمنستر في لندن قال فيها: «لم يترك غولدسميث أي جنس أدبي من دون أن يجربه، وما كتب في أي شيء إلا وتوَّجَه».
ريما الحكيم
Goldsmith (Oliver-) - Goldsmith (Oliver-)
غولدسميث (أوليڤر -)
(1730-1774)
ولد غولدسميث قرب بالاس Pallas في مقاطعة لونغفورد Longford في أيرلندا، وكان الولد الخامس من ثمانية أولاد لتشارلز وآن غولدسميث، وبعد ولادته مباشرة استقرت العائلة في ليسوي Lissoy قرب كيلكني وست Kilkenny West حيث عمل والده راعياً للأبرشية. تلقى غولدسميث تعليمه الأساسي في مدرسة محلية وفي مدارس البلدات القريبة الأخرى، وفي عام 1745 دخل كلية ترينيتي Trinity College في دبلن طالباً مساعداً (وهو الطالب الذي يكسب قسماً من تكاليف دراسته بتقديم خدمات لزملائه الطلاب) وأمضى سنوات صعبة حتى تخرج فيها عام 1750. وبعد محاولات فاشلة لتحضير نفسه لمهنة الكهنوت والتعليم والقانون ذهب إلى اسكتلندا عام 1752 لدراسة الطب في جامعة إدنبره، ولكنه لم يحصل على درجة جامعية، وبعد عام ونصف ذهب إلى هولندا لمتابعة دراسته في جامعة لايدن Leiden، وعوضاً من عودته إلى أيرلندا انطلق في رحلة على الأقدام إلى فرنسا وسويسرا وإيطاليا يعزف الناي ويغني للحصول على الطعام أو المبيت.
ظهر غولدسميث في أوائل عام 1756 في لندن محاولاً عبثاً أن يثبت نفسه طبيباً، فانتقل إلى الكتابة بادئاً بالنقد الأدبي والترجمة ثم المقالات والحكايات والأشعار في المجلات الدورية المشهورة، وقد ترجم أعمالاً كثيرة لفولتير وبلوتارخس. تعرّف صموئيل جونسون Samuel Johnson والرسام جوشوا رينولدز Joshua Reynolds اللذين أدخلاه عضواً في نادي جونسون الثقافي المشهور الذي أسساه عام 1763، وكان من أعضاء النادي أيضاً الممثل ديڤيد غاريك David Garrick، والكاتب جيمس بوزويل James Boswell الذي تحدّث عن غولدسميث في السيرة التي كتبها عن جونسون. كان غولدسميث في بعض الأوقات شخصية مثيرة للضحك بسبب عدم لباقته وطباعه الريفية الفظة مع أفراد المجتمع اللندني، وعُدَّ مهرج الجماعة وهو دور تقبَّله بسرور. وقد تميَّز غولدسميث بهذا التناقض بين شخصيته في المجتمع وشخصيته الأدبية. وعندما ظهرت قصيدته الأولى «المسافر» The Traveler عام (1764)، كان من الصعب على أعضاء النادي أن يصدقوا أن هذه القصيدة من تأليفه، حتى إن أحدهم ذهب إلى حد استجوابه استجواباً دقيقاً لكي يتأكد. وقد كتب غولدسميث في السنوات العشر التالية في جميع الأجناس الأدبية، وفي أي موضوع كان يفرضه عليه الناشرون فجنى أموالاً طائلة، إلا أنه كان كريماً إلى حد الإسراف.
تميَّزت مؤلفات غولدسميث بالتنوع، إذ قدَّم للقراء نقداً اجتماعياً وتاريخاً وشعراً ومسرحاً ورواية. كان مفتوناً بالحياة، ويهدف إلى إسعاد البشرية بِحَثِّ الناس على القناعة والرضا بالقدر. وقد وصف في مقالاته «رسائل صينية» انطباعات مُفكِّر صيني زار مدينة لندن، وذكر فيها حسنات وسيئات الحياة الإنكليزية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية وقارنها بالحياة الصينية، وحذّر فيها من الحرب والغزو والاستعمار، لأن الطمع هو سبب الحروب والدمار. وفي روايته الوحيدة «قس ويكفيلد»، سجّل بطل القصة الدكتور بريمروز Primrose، رجلُ الدين العبقري الذي يروي القصة، المصائبَ التي حلّت بعائلته المتواضعة بعد أن كانت عائلة سعيدة. وقد جسَّدت هذه الرواية صورة الحياة الريفية بأحداث مثيرة وعواطف مفعمة بالقيم الأخلاقية، وأحبها القراء لروح السخرية فيها، ولاسيما عندما صار وصف القس لضعف الشخصيات الأخرى مرآة لشخصيته.
أما أهم أشعار غولدسميث فهما القصيدتان «المسافر» و«القرية المهجورة» اللتان كانتا سبب شهرته الأدبية، وقد استخدم فيهما أسلوب الاتباعيين الجدد من حيث وحدة الموضوع واستخدام الدوبيت الملحمي (البيتان المزدوجان) heroic couplet. يصف في الأولى حسنات الشعوب الأوربية وسيئاتها كالفرنسيين والسويسريين والهولنديين والإيطاليين ويقارنهم بالإنكليز. ويصف في الثانية كيف تدفع الضغوط الاقتصادية والاجتماعية الفلاحين إلى ترك أراضيهم عن طريق بيعها للأغنياء، ويركز في وصفه على حبه لحياة الريف البسيطة.
من أشهر مسرحيات غولدسميث «الرجل الدمث» The Good Natur’ Man عام (1768)، و«تمسكنت فَتَمَكَّنت»، وهما مسرحيتان مسليتان تعتمدان على شخصيات مرسومة بوضوح وخفة ظل مع مواقف هزلية متقنة، إذ كان غولدسميث يسعى إلى إعادة الضحك للمسرح والمرح لحياة الناس.
أما كتاباته في السير فأفضلها «حياة ريتشارد ناش» The Life of Richard Nash عام (1762). ومن كتاباته التاريخية «تاريخ إنكلترا في سلسلة رسائل من رجل نبيل إلى ابنه» The History of England in a Series of Letters from a Nobleman to His Son عام (1764) التي كتبها في مجلدين، و«تاريخ إنكلترا» The History of England عام (1771) في أربعة مجلـدات، و«تاريخ روما» The History of Rome عـام (1769) في مجلدين، لكنه لم يعتمد في دراساته التاريخية على البحث العلمي بل على قراءة كتب التاريخ فقط، ومع ذلك بقيت هذه الكتب معتمدة في المدارس الإنكليزية والأمريكية مدة قرن كامل. كتب غولدسميث أيضاً «تاريخ الأرض والطبيعة المتحركة» The History of Earth and Animated Nature عام (1774) في ثمانية مجلدات، وهي دراسة شاملة للتاريخ الطبيعي مستقاة من مصادر عدة أغناها غولدسميث بملاحظاته الشخصية.
لم يُصنَّف غولدسميث في مرتبة عظماء الكتّاب، ومع ذلك فإن لـه معجبين كثر، إذ كان في أسلوبه يبعث المرح والنور والحكمة عند القارئ. وقد تحدَّث في شعره كما في نثره بوضوح وجزالة في الأسلوب متماشياً مع التأنق البياني، حتى إن صموئيل جونسون لخص منجزاته في كلمات رثاء باللاتينية كُتِبَتْ على نصب تذكاري لغولدسميث في زاوية الشعراء في مقبرة وستمنستر في لندن قال فيها: «لم يترك غولدسميث أي جنس أدبي من دون أن يجربه، وما كتب في أي شيء إلا وتوَّجَه».
ريما الحكيم