نزع السلاح disarmament هوالتخلص من الأسلحة التي يستخدمها الإنسان لإشاعة العنف

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نزع السلاح disarmament هوالتخلص من الأسلحة التي يستخدمها الإنسان لإشاعة العنف

    السلاح (نزع ـ)

    نزع السلاح disarmament هوالتخلص الجزئي أوالكلي من الأسلحة التي يستخدمها الإنسان لإشاعة العنف في المجتمع الدولي، وذلك عن طريق المنظمات الدولية أو المؤتمرات أو الاتفاقات أو المعاهدات.
    وقد أدى تطور السلاح وتنوع مخترعاته إلى اضطراب البشرية وإشاعة مناخ العنف وسيلة لحل المنازعات، وبروز قانون القوة في العلاقات الدولية.
    فضلاً عن ذلك فقد ترتبت نتائج اقتصادية واجتماعية سلبية انعكست على البشرية عامة؛ باضطرار دولها إلى تخصيص جزء من دخولها لإنتاج الأسلحة أو شرائها عوضاً عن رصدها للتنمية وحماية مجتمعاتها من الفقر.
    وقد استشعر العديد من المفكرين والسياسيين منذ أوائل القرن التاسع عشر خطورة التسلح وتعاظم ظاهرة التسابق عليها بين الدول، فبدأت دعوات بعضهم أمثال كَنت الذي دعا إلى إلغاء الجيوش الدائمة كمقدمة لإقامة سلام دائم بين الدول. كذلك أشار فيكتور هيغو[ر] في دعوته إلى نزع السلاح بقوله: «سيأتي اليوم الذي يعرض فيه المدفع في المتاحف العامة تماماً كما تعرض اليوم وسائل التعذيب البالية».
    وقد تعاظمت هذه الدعوات في أوساط الرأي العام العالمي، وازداد الوعي بضرورة نزع السلاح وإشاعة السلام، وانتقلت هذه الأفكار إلى العلاقات الدولية من مظاهر مختلفة:
    ففي عام 1817 تم توقيع اتفاقية «روش ـ ياغوت» بين الولايات المتحدة وبريطانيا، تضمنت تجريد الحدود الفاصلة بين كندا وأمريكا من القوة العسكرية.
    وتضمن البيان الصادر عن مؤتمر لاهاي (1897)، الدعوة إلى ضرورة تحقيق نزع السلاح وضغط ميزانيات التسلح بين الدول الموقعة على البيان. كذلك شاركت المجتمعات المدنية في الدعوة لنزع السلاح، استشعاراً منها لخطورة سباق التسلح مثل جمعيات أنصار السلام في أوربا، والاتحاد الدولي للتحكيم والسلم، والمكتب الدولي للسلام الذي أُعلن عنه في مدينة برن في سويسرا عام (1892).
    وقد تضمن إعلان الرئيس الأمريكي ويلسون في مبادئه الأربعة عشر بنداً يقضي بـ «العمل على تخفيض السلاح إلى الحد الأدنى الذي يتوافق مع ضرورات الأمن الداخلي لكل دولة».
    بعد الحرب العالمية الأولى انتقلت فكرة نزع السلاح إلى مؤتمر فرساي الذي عقد عام 1919 لمناقشة نتائج الحرب والقضايا الناجمة عنها، وقررت الدول المجتمعة إدراج هذا الموضوع في مهام عصبة الأمم[ر] التي ظهرت بعد الحرب العالمية الأولى وقد تضمن البند الثامن لهذه المنظمة الدولية ما يأتي: «تقرر الدول الأعضاء في عصبة الأمم أن حماية السلام تتطلب تخفيض التسلح القومي إلى أدنى مستوى يتفق واحتياجات الأمن القومي لهذه الدول، على أن يقترن ذلك بإقامة ترتيبات جماعية لفرض هذه الالتزامات والتعهدات الدولية».
    وفي هذا الإطار عقد مؤتمر واشنطن لنزع السلاح بين 22 تشرين الأول 1921 و6 شباط 1922، حضره كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وبلجيكا والبرتغال واليابان والصين، وذلك لمناقشة قضية «نزع السلاح عامة والسلاح البحري خاصة» وتوصل المجتمعون إلى اتفاق يقضي بتحديد السلاح البحري لدى أمريكا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا واليابان، على أن يتابع موضوع تحديد السلاح البري.
    وقد ألّفت عصبة الأمم في عام 1925 لجنة سميت «اللجنة الدولية لنزع السلاح»، ومتابعة لهذا الموضوع انعقد في شباط 1932 أول مؤتمر دولي في نطاق نشاط عصبة الأمم حضرته 61 دولة لمناقشة كيفية تحقيق نزع السلاح وطبيعة الأسلحة التي ينبغي نزعها والإجراءات اللازمة لذلك، غير أن المؤتمر لم يحقق أي نتائج ملموسة بسبب انسحاب ألمانيا من العصبة في عام 1933 وتزايدت نزعة السلاح فيما بعد حتى نشوب الحرب العالمية الثانية.
    وقد أسهمت الحربان العالميتان الأولى والثانية في تطور نوعية السلاح وتزايد نزعة سباق التسلح بين الدول، تحقيقاً لرغبة التفوق ونزعة المصالح القومية في إطار الصراعات التي سادت أوربا وأدى ذلك إلى ظهور أسلحة جديدة ذات تأثير تدميري شامل، كالأسلحة النووية والكيمياوية والجرثومية ووسائل إطلاقه كالصواريخ. وكان استخدام الولايات المتحدة للقنبلة الذرية في اليابان عام 1945 الحدث الذي أثار الهاجس وعنصر القلق والخوف في الحياة الدولية، وأربك منظمة الأمم المتحدة [ر] الوليدة، ودفع إلى سباق التسلح بين المعسكرين الرأسمالي والاشتراكي.
    ومما عمق حالة القلق الدولية تلك، الدراسات الصادرة عن مراكز أبحاث متخصصة حول نتائج استخدام هذه النوعية من الأسلحة التدميرية في الحروب، والتي قدّرت أن مثل هذا الاستخدام في الحروب القادمة سيودي مباشرة بحياة 750 مليون ـ 2 مليار إنسان، فضلا عن العمل الإيكولوجي لما سمي الشتاء النووي، وهو ما يؤدي إلى حدوث كارثة بيئية عالمية نتيجة الدخان والغبار والحرائق وحجب أشعة الشمس لشهور عدة، وهلاك الزرع والضرع على وجه الأرض.
    أدى هذا الوضع إلى قيام منظمة الأمم المتحدة بتكوين لجنة الطاقة الذرية في 24 كانون الثاني 1946 من أعضاء مجلس الأمن (الولايات المتحدة - الاتحاد السوڤييتي السابق - فرنسا - بريطانيا) إضافة إلى كندا، وذلك بهدف وقف إنتاج الأسلحة النووية، وتنسيق ما تبقى من الحرب العالمية الثانية، ومعاقبة من يستخدمها وإخضاعه للرقابة الدولية، وعدم استخدام الذرة إلا للأغراض السلمية.
    إلا أن أعمال هذه اللجنة تعطلت بسبب الخلاف بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، ولم تعد اللجنة إلى العمل إلا بعد امتلاك الاتحاد السوفييتي القنبلة الذرية عام 1949. وقد استمرت منظمة الأمم المتحدة في متابعة مسألة نزع السلاح، ففي عام 1952جرى الاتفاق على دمج المناقشات بشأن نزع السلاح النووي التقليدي في لجنة واحدة.
    وفي عام 1958 عقد اجتماع ثلاثي بين الولايات المتحدة- الاتحاد السوفييتي- بريطانيا بغرض وقف التجارب النووية، والإعداد لمشروع معاهدة لتنفيذ هذه الأفكار وإعطائها طابعاً دولياً جماعياً.
    وفي عام 1959 تم تشكيل لجنة دولية موسعة سميت لجنة الثمانية عشر، ضمت خمسة ممثلين للحلف الأطلسي[ر]، وخمسة ممثلين لحلف وارسو[ر]، وثمانية ممثلين للدول المحايدة مهمتها وضع أسس عامة لنزع السلاح الشامل.
    بدأ التحول الحاسم في مجال التسلح ونزع السلاح بالاتفاق الموقع بين الولايات المتحدة والاتحاد السوڤييتي في 21 أيلول 1961 والمعروف باتفاق «ماك كلوي ـ سورين» وقد قُدّم إلى الأمم المتحدة ويتضمن ما يأتي:
    1- وضع برنامج يحرم استخدام الحرب والتسلح كوسيلة لحل الأزمات.
    2- يحق للدول الاحتفاظ بأسلحة لحماية الأمن الداخلي وحماية المواطن.
    3- ينبغي على الدول أن تنسق ما تملكه من الأسلحة النووية، وأن تستخدم الطاقة النووية للأغراض السلمية، وأن تحدد النفقات الحربية.
    4- في إطار هذا الاتفاق تم التوقيع على عدة اتفاقات ثنائية ومتعددة الأطرف للحد من التسلح.
    أولاً - الاتفاقات المتعددة الأطراف: عقدت في المجالات الآتية:
    آ - الأسلحة النووية:
    - منع التجارب النووية في البر والبحر والفضاء، وعرف باسم اتفاق الحد من الأسلحة النووية في عام 1963.
    - اتفاق حظر انتشار الأسلحة النووية في 1/7/1968.
    ب - الأسلحة الكيمياوية والجرثومية:
    - معاهدة جنيف الموقعة في 17/6/1962 حول حظر استخدام المواد الكيمياوية والسامة كالغازات والجراثيم في الحروب.
    - اتفاقية حظر تطوير الأسلحة الجرثومية وتخزينها وحظر تطوير المواد والأسلحة السامة في 10/4/1972.
    ج - اتفاقيات عدم تسليح المناطق الخالية من التسلح:
    - معاهدة حظر استخدام الوسائل الحربية والتجارب العسكرية في منطقة المحيط المتجمد الجنوبي.
    - معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية في أمريكا اللاتينية عام 1976 والمعروفة باسم اتفاقية «تلاتلكو». ولكن لم توقعها البرازيل ـ تشيلي ـ الأرجنتين.
    - معاهدة حظر استخدام الأسلحة النووية في الفضاء الجوي (27/1/1967) .
    - معاهدة حظر استخدام الأسلحة النووية والأسلحة المدمرة الأخرى من سطح البحار أومن أعماقها (11/2/1971).
    ثانياً: الاتفاقيات الثنائية بين الولايات المتحدة والاتحاد السوڤييتي:
    1- حصر وتحديد مخاطر الحرب النووية:
    - اتفاقية الاتصال المباشر بين البيت الأبيض والكر ملين لتفادي المخاطر المبرم في 30/ 6/ 1963.
    - اتفاقية تطوير الاتصال المباشر بين البيت الأبيض والكر ملين (30/ 9/ 1970).
    - اتفاقية تفادي الحوادث والمخاطر النووية (30/9/1971) .
    - اتفاقية ا لحؤول دون نشوب الحرب النووية (22/4/1973).
    - اتفاقية ا لحؤول دون حدوث صدام في البحار (25/5/1975).
    2- محادثات الحد من الأسلحة الاستراتيجية والمعروفة باسم «سالت 1»:
    وقد نجم عنها عدة اتفاقات:
    - اتفاقية الصواريخ المضادة للصواريخ (26/5/1972).
    - برتوكول تحديد نصب الصواريخ في كل بلد (3/7/1974).
    - الاتفاقية المرحلية التي حددت الصواريخ الاستراتيجية في كل من البلدين مدة خمس سنوات.
    - اتفاقية استمرار المحادثات بين الجانبين حتى نهاية عام 1985.
    - اتفاقية تحديد عدد الصواريخ في كل بلد والمعروفة باسم «سالت 2»، والموقعة في ڤيينا في 18/6/1979، وقد عدّها الاستراتيجيون العسكريون ذات أهمية خاصة، لأنها تحقق قضايا جوهرية في إنهاء الصراع بين الطرفين، وهذه القضايا هي:
    1- تكريس مسألة التوازن الاستراتيجي في السلاح النووي بين الشرق والغرب.
    2- مراعاة الوضع الجغرافي للبلدين، وما يترتب عليه من كيفية توزيع أنماط الأسلحة الاستراتيجية.
    3- تحقيق مبدأ الأمن المتساوي بين الطرفين إلى حد ما.
    وقد تلكأت الولايات المتحدة في الالتزام بهذه الاتفاقية، ولم يصادق عليها الكونغرس الأمريكي، ثم ما لبثت أن نقضتها بعد تفكك الاتحاد السوفييتي، وأعلنت أنها لم تعد ملائمة في أوائل القرن الواحد والعشرين.
    في آذار 1983 أعلنت الولايات المتحدة رسمياً عن برنامج حرب النجوم، الذي يهدف إلى استخدام الفضاء في السباق العسكري النووي وتنفيذ إستراتيجية شل الخصم، وهذا الإعلان لاقى معارضة وردود فعل واسعة من الاتحاد السوفييتي وبعض الدول الأخرى الحليفة لأمريكة وعدّته إعلاناً جديداً عن سباق التسلح والتحلل من الالتزامات والاتفاقات الدولية.
    بعد انهيار الاتحاد السوفييتي في عام 1991 بدأ ميزان القوى الاستراتيجي يميل لمصلحة الولايات المتحدة وبدأت استراتيجيتها تعمل باتجاه نزع أسلحة الدول المستقلة عن الاتحاد السوفييتي، وإضعاف موقف روسيا الاتحادية وريثة الاتحاد السوفييتي في المجال النووي، وبدأت إجراءات تعزيز الهيمنة على العالم، ومنع الدول الصغيرة من امتلاك السلاح النووي أوالكيمياوي أو الجرثومي وما تعدّه أسلحة دمار شامل، ولاسيما تلك الدول التي تناوئ سياستها، كما في كوريا الشمالية وإيران والعراق.
    واستخدمت الأمم المتحدة ومجلس الأمن من أجل نزع سلاح العراق، واستصدرت القرار 1441 لعام 2002، والذي يقضي بنزع أسلحة الدمار الشامل وإقامة نظام تفتيش دائم في العراق، في الوقت الذي تمنع فيه الأمم المتحدة من إثارة مسألة امتلاك إسرائيل لهذه الأسلحة وتتغاضى عنها.
    أدى اختلال ميزان القوى لمصلحة الولايات المتحدة إلى تراجع خيار المفاوضات السلمية أمام نزعة الهيمنة والتفوق، واعتمادها استراتيجية نزع أسلحة الدول الأخرى بالرضا أو بالقوة، والعمل على شل القدرات التسليحية للصين وروسيا، ولاسيما في ضوء إعلان الإدارة الأمريكية مؤخراً أنها ستستكمل نشر نظام الدفاع الصاروخي حتى عام 2004 من دون التقيد بأي معاهدات سابقة.
    سامي هابيل

يعمل...
X