Pekka helo النسر أقوى الطيور
بیکا هیلو ، مصور متخصص بتصوير الطيور الضارية ، وإذا كان قد قدم العديد من الأعمال والكتب لطيور أخرى - المصورة كالبوم مثلاً - لكن تبقى النسور هي المجال الأساسي في اختصاصه الذي لا يقتصر على تصوير هذه الطيور فحسب ،
بل الدعوة إلى حمايتها ومنعها من الانقراض .
بتحديقها النفاذ وانتصابتها الرائعة تعتبـر النـسـور رموزا للقوى والشجاعة منذ العصور الساحقة في القدم . فهي تحلق لساعات باجنحة تمتد على طول مترین أو أكثر وتقبض على فريستها بمخالب حادة تثير الرعب - أضف إلى هذا وجود ثراء في الريش ومناقير جميلة معقوفة تبلغ بطولها طول الرأس تعمل على تكملة صورة هذه الطيور المفعمة بالحيوية . مع هذا ، وعلى الرغم من قوتها وجمالها وطول عمرها ـ تستطيع البقاء على قيد الحياة لأكثر من ١٠٠ سنة ، تجد النسور اليوم وهي تعاني من التهديد في العديد من أجزاء العالم .
بیکا هيلو أحد الأشخاص الذين يحاولون بذل قصاري جهـدهـم لـعمـل شـيء بهذا الخصوص . فمنذ ٢١ سنـة وهـو يعيش على مقربة من النسور الذهبية التي يصـورها ويدرسها في ادغال فينلندا الشمالية الواسعة . أنه يتسلق بسرعة إلى أعلى شجرة ارتفاعها ٥٠ مترا ومعه كاميرا مینولتا ( slr ) معلقة حول رقبته ، ثم يلتقط النسور في أعشاشها شاهقة الارتفاع بالعدسة واسعة الزاوية لهذه الكاميرا كما يقضي ١٤ ساعة متواصلة في اليوم متكوماً على نفسه داخل مخبا يغص بالبعوض ومعه عدسة , تيليفـوتـو ، موجهة على عش في الشجرة المجاورة ـ لإلتقاط ثوان معدودات من النشاط المتوقع ـ في مجال آخـر نراه يداعب صيصان النسور بينمـا آبـاؤهـا مـحلقـون في السماء ، أو يحمل نفايات - المسالخ ، وينطلق بها إلى الثلج ليطعم هذه الطيور في الموسم الشتوي المظلم الذي يهددها بـالـمـجـاعـة .
وأحياناً نراه يقاوم لتركيب الأطواق في أرجل الفراخ داخل أعشاشها شاهقة الارتفاع وقد نشبت براثنها حتى عظامه عندما ينسى ارتداء القفازات التي تحمي كفيه ، ويسارع للتعامل مع هذه النسور الصغيرة المذعورة .
هذه هي حياة هذا المصور واحد أهم الدعاة لحماية الطيور الضارية .
ولد هيلو في كـاجـا آنـي عـام ١٩٤٥ وبدا اهتمامه بالطيور عند بلوغه العاشرة من العمر ، سرعان ما تحولت هـوايته إلى جزء من مهنـة ملات كل اوقات فراغه طوال العقد التالي . وفي العام ١٩٦١ ، ابتاع هيلو كـامـيـرتـه الأولى - صنف صغير ثابت العدسة - ، ومن الطبيعي أن يبدأ بتصوير الطيور ، إلا انه لم يتمتع إلا قليلا مع هذه الآلة قبل ان يتحول إلى كاميرا ( slr ) ٣ ملم بعـد ذلك بست سـنـوات .
تعلم أسس التصوير الفوتوغرافي لحياة البراري بطريقة التجربة والخطا الصعبة ، طالما أنه لم يكن هناك من يعلمه ، ولا وجود لمنشورات جيدة حول الموضوع ، بدأ باستعمال کامیرات مینولتا عام ١٩٧٢ حيث ظل يعمل بنماذج متلاحقة من ( sr- t101 ) إلى ( 9 -xg ) مع عدسات « روكور » متجانسة ساعدته جدا منذ ذلك الحين .
تخرج هيلو عام ١٩٦٧ كمعلم في المدارس الابتدائية وكانت هذه مهنته التي مارسها على مدى السنوات الاحدى عشرة التالية . ومنذ العام ١٩٦٢ وهو يركب الأطواق في أرجل طيور کنسور وبوم لنقضي تحـركات هذه الطيور للمتحف الحيواني في جـامعـة هلسنكي ، ثم حدث بعد ذلك بثلاث سنوات انه انضم إلى فريق تطوعي تحت اشراف وزارة الغابات والزراعة التي كانت تدرس الحياة والأحوال المعيشية للنسور في كينو ، وهذه منطقة أدغال واسعـة تقع على مسافة ٧٠٠ كيلو متر تقريباً إلى الشمال من هلسنكي .
كتب بيكا هيلو عن هذا يقول :
- في ربيـع عـام ١٩٦٥ أجريت مسـابقـة استفسارية في مدارس كينو حول عدد النسور في المنطقة . ثم حل فصل الصيف فتجولت في هذه المنطقة بكاملها باحثاً عن المعلومات وجامعة المزيد منها . كان هذا الأمر مخططاً له بكل تأكيد ، ولكن المهم أن عملي على النسور ابتدا هكذا .
ثم كان الـعـام ١٩٧٨ ، فإذا بهذا العمـل والتصوير الفوتوغرافي يستهلكان كامل وقته فتحول إلى مصور فوتوغرافي محترف للطيور أما المتطوعون العشرة الأساسيون في كينو فقد تحولوا إلى خمسين شخصاً راحوا ، مع هيلو ، يستكشفون كل الأعشاش المعروفة . وبعد ذلك راحوا يتوغلون في بلد النسور بكل الفصول ۔
نذكر هنا أن النسور تعيش أزواجـا من ذكر وانتي طيلة الحياة على وجه العموم ، وما زال هيلو يتابع تجارب - التعشيش ، لزوج منها كل سنة منذ العام ١٩٦٦ . فلما كان تجار الأخشاب وصانعو الطرق يغزون الغابة ، والصيادون يطلقون النار على صغارها ، والعواصف نقوض أعشاشها ، يعود زوج النسور هذا لتشييد . في المكان ذاته دائماً . فاستنتج هيلو ما يلي :
بناء على قوة العزيمة التي لم تعرف الكلل لهذين النسرين الزوجين بعد ، يبدو واضحاً انه إذا لم يقم الإنسان بمنعهما من التعشيش .
سوف يثابران على العيش في ذات المكان الذي قطنه أسلافهما منذ مئات السنين ربـمـا .
وقـال مـتـحـدثـاً عما فعله خلال العقدين الأخيرين :
ـ لقد جمعت مادة لا بأس بها ، ومع ازدياد معلومـاتي وصوري ، خطرت لي فكرة تاليف کتاب عن النسور ، وهذا ما حصل فعلا مع كتاب يقع في ۲۰۸ صفحات باللغة الفنلندية تحت عنوان - النسر : ملك الطيـور » ، ونشرته دار کینون سائومين كيـرجـابينـو أوي ، عـام ۱۹۸۱ .
ويقـول هيلو في مـقـدمـة هـذا الكتـاب وباختصار :
ـ أمل لكتابي هذا أن يكون صـرخة بؤس تنطلق في سبيل حق النسور بالوجـود . ففي أواسط القرن التاسع عشر انخفض عدد الطرائد من الثدييات التي تعتاش النسور عليها إلى حد كبير في بلدان كثيرة ، الأمر الذي بعث بفكرة حماية هذه الطرائد بالحد من صيـدها وبقتـل اعدائها الطبيعيين - كالطيور التي تفترسها . وهكذا بدأت عملية القضاء على النسور منذ مائة سنة تقريباً ، ثم لم توضع لها قوانين تحددها إلا في الخمسينيات من هذا القرن عندما صدرت قوانين الحماية لتغطي كل الكائنات الضارية المفترسة في فنلندا . ولكن على الرغم من زمن الاضطهاد الفعلي قد انتهى أمره وانتهى معه معظم هذا التهديد الذي كان يحيق بحيـاة النسور والحيوانات الضارية الأخرى ، تبقى هذه الكائنات في مواجهة تهديد من نوع آخر لا يكاد يقل عن ذلك الذي واجهته فيما مضى . سبب ذلك هو النشاط الإنساني الذي يتزايد بسرعة في المناطق النائية التي على تلك الكـائـنـات أن تقطنها ، فسعيا وراء الربح ، تم قطع كل شجرة تستطيع ايواء عش نسر في مساحات تبلغ مئات الكيلو مترات المربعة ، إضافة إلى استصلاح الأراضي وزراعتها في تلك المناطق ذاتها كل ذلك حرم الطيور من طعامها طوال سنين . كذلك تزداد الطرقات الجديدة التي يتم شقها مخترقة الغابات سنة بعد سنة فإذا لم يحدث انقلاب في مواقف أولئك الذين تعود إليهم مسؤولية اتخاذ القرارات بخصوص استغلال الطبيعة ، تبقى للنسر ورفاقه أية فرصة للبقاء على المدى الطويل ، بل ستختفي هذه في غاباتنا وربما تنقرض في نهاية المطاف ، وهكذا ننتهي إلى النتيجـة ذاتهـا لـو كـان سببها الاضـطـهـاد المتوحش أو التطور الحضاري ، فكلاهما يسلبان النسور كل فرصة للعيش .
إلى جانب الطيور ، يلتقط بيكا هيلو صوراً لكل انواع الحيوانات والنباتات الأخـرى والظواهر الطبيعية ، والمشاهد . هدفه هو جمع أكبر قدر ممكن من هذه الصور الفوتوغرافية ليعتاش من تأمين حاجات المؤلفين ومستعملي الصور الآخرين ، عدا عن نشاطات النسر الخاصة به كذلك ، فإلى جانب انتاجه مجموعات من البطاقات البريدية التي تحمل مشاهد من الطبيعة الفنلندية خلال السنوات القليلة الماضية ، نشر كذلك كتاباً فوتوغرافياً حول طائر البوم عام ١٩٨٤ ، صدر عن دار النشر ذاتها .
وفي أفكـاره مشاريع كثيرة للمستقبل أيضاً طموحه التالي هو سلسلة من أربعة كتب حول النواحي المختلفة من الطبيعة في فصول السنة داخـل فنلندا . ولكن بينما هو يلتقط الصور ويكتب وينتج كل كتاب ، ثم بنشره ويبيعه بنفسه ، يبقى لديه من الوقت والطاقة ما يكفي لإنتاج مجلد جديد كل ثلاث سنوات تقريباً . وهذا شيء جدير بالإهتمام ، ففي العام ١٩٨٥ . حصل هيلو من الحكومة الفنلندية على إحدى أهم جوائز « نشر معلومات مهمة ، تكريماً لكتابيه عن النسور واليوم .
عندما سئل عن النصيحة التي يريد تقديمها لمن يقرأون عن أعماله ، كتب هيلو يقول :
ـ تصـويـر الطيـور الضـاريـة هـو عمـل للمحترف ، أي للمصور الفوتوغرافي الذي يحترف تصوير الطيور ، ذلك أن هذه الطيور جميعها تقريباً هي متوحشة تماماً كما أنها شديدة الحذر تتعرض للأذى بسهولة . وعلى الرغم من اهتمام البشر بها ، من المؤكد أنها ليست مهتمة بنا على الإطلاق . من هنا يمكن للمصور الفوتوغرافي الذي لا خبرة لديه بها ان يتسبب بتعريضها بأضرار كبيرة : كان يبالغ بالاقتراب في الوقت اللامناسب مثلا ، الأمر الذي قد يدفـع بـالأبـوين إلى التخلي عن العش والصغار .
ويضيف هيلو :
ـ من هنا على المصور الفوتوغرافي معرفة طريقة حياة هذه الطيور وعاداتها المميزة قبلما يبدأ الاقتراب من أعشاشها ، والطريقة الوحيدة الفعالة لتحقيق ذلك هي العيش معها في الأدغال ، وذلك لبضعة أيام على الأقل ، أما إذا اردنا الحصول على أكثر من مجرد صور عادية . فالأفضل البقاء هناك لسنوات ، ثم العودة دائماً إلى المكان أو الأماكن ذاتها ، كما أن الحصول على ترخيص من وزارة الغابات والزراعة قبل التقاط صور نسور محمية هو أمر ضروري .
على صعيد آخر يقول هيلو :
ـ ينبغي انشاء مخيا صغير ، مكتنز قـدر الإمكـان يصنع من القماش أو مـادة إخـري مناسبة ، وذلك على دفعات ، تفرق بين الفترة والفترة من ساعتين إلى ثلاث ساعات على الأكثر ، والأفضل خلال فترتي تشييد على الأقل يومياً . كما ينبغي إنشاء هذا المخبا على بعد اولا ، ثم تقريبه شيئا فشيئاً على مدى ايام . قد نبدا من مسافة تتراوح بين ٤٠ او ٥٠ متراً ، ثم نقترب تدريجياً ، أشير هنا إلى أن معظم الصور في كتابي كانت تلتقط من مسافة ١٥ او ۲۰ متراً .
فإذا استحال الاقتراب بالمخبا هكذا ، يصبح من الضروري تشييده على مقربة كافية من العش منذ البداية .
ويتابع هيلو قائلاً :
ـ ولا ينبغي أبدأ أن نبدأ التصوير والطيور تضع بيوضها . على أية حال ، إذا لم تتقبلنا هذه الطيور ولم تتقبـل المخبـا ضمن فترة معقولة ، فالافضل ان نتناسى ما نحن بصدده لنعود إلى التجربة في وقت آخر . قد تكون الأيام القليلة المعدودة ، معقولة ، . رغم أن هذا يتوقف على الأحوال المعنية وعلى الطقس .
وإذا لم تستقر الطيور منطلقة إلى نشاطاتها المعتادة ، فالأفضل أخذ اللقطات والعودة ضمن ما يتراوح بين ساعة وست ساعات .
وكملاحظات او نصائح للمصورين يقول :
ـ عندما تلتقط صورة فوتوغرافية لطيور ، لا تنس أنها تتمتع بحاسة بصـر قوية جداً .
فعندما تبدأ التصوير ، سوف تتمهل هذه الطيور وتبدأ بمراقبتك بدقة وعنايـة قبل قدومها إلى العش ، ليس عليك أن تلتقط صوراً في هذه الاثناء ولكك تستطيع البـدء حالما ترى أن الطيـور راحت تتصرف بشكل طبيعي عادي .
وحاول أن لا تحرك عدستك ؛ ولكن إذا اضطررت إلى ذلك ، نفذ ما تريده عندما لا تكون الطيور متجهة ببصرها إلى مخبئك ، وحـرك العدسة ببطء . إذا نفذت المطلوب بالشكل الصحيح منذ البداية ، يعتاد عليك وعلى المخبا أكثر الطيور الضارية حذراً أو حساسيـة ، وتترك لك حرية تحريك عدستك لتلتقط صوراً جيدة . ثم حالما تتقبلك هذه الطيور ، تستطيع العمل بمزيد من الحرية .
ويختم هيلو بالقول :
ـ هذا ، وعلى الرغم من كل ما قد تفعله لتتجنب ازعاج الطيور ، ببقى بينهـا افـراد لا يستطيعون الخضوع للتصوير الفوتوغرافي ، هكذا بكل بساطة ، في هذه الحال ، عليك دائماً أن تتذكر مسؤوليتك كمحترف فتترك الطير في سلام واطمئنان ، ذلك أن الطير هو أكثر اهمية من الصورة الفوتوغرافية دائماً⏹
صور وتعليق لبيكا هيلو ..
بیکا هیلو ، مصور متخصص بتصوير الطيور الضارية ، وإذا كان قد قدم العديد من الأعمال والكتب لطيور أخرى - المصورة كالبوم مثلاً - لكن تبقى النسور هي المجال الأساسي في اختصاصه الذي لا يقتصر على تصوير هذه الطيور فحسب ،
بل الدعوة إلى حمايتها ومنعها من الانقراض .
بتحديقها النفاذ وانتصابتها الرائعة تعتبـر النـسـور رموزا للقوى والشجاعة منذ العصور الساحقة في القدم . فهي تحلق لساعات باجنحة تمتد على طول مترین أو أكثر وتقبض على فريستها بمخالب حادة تثير الرعب - أضف إلى هذا وجود ثراء في الريش ومناقير جميلة معقوفة تبلغ بطولها طول الرأس تعمل على تكملة صورة هذه الطيور المفعمة بالحيوية . مع هذا ، وعلى الرغم من قوتها وجمالها وطول عمرها ـ تستطيع البقاء على قيد الحياة لأكثر من ١٠٠ سنة ، تجد النسور اليوم وهي تعاني من التهديد في العديد من أجزاء العالم .
بیکا هيلو أحد الأشخاص الذين يحاولون بذل قصاري جهـدهـم لـعمـل شـيء بهذا الخصوص . فمنذ ٢١ سنـة وهـو يعيش على مقربة من النسور الذهبية التي يصـورها ويدرسها في ادغال فينلندا الشمالية الواسعة . أنه يتسلق بسرعة إلى أعلى شجرة ارتفاعها ٥٠ مترا ومعه كاميرا مینولتا ( slr ) معلقة حول رقبته ، ثم يلتقط النسور في أعشاشها شاهقة الارتفاع بالعدسة واسعة الزاوية لهذه الكاميرا كما يقضي ١٤ ساعة متواصلة في اليوم متكوماً على نفسه داخل مخبا يغص بالبعوض ومعه عدسة , تيليفـوتـو ، موجهة على عش في الشجرة المجاورة ـ لإلتقاط ثوان معدودات من النشاط المتوقع ـ في مجال آخـر نراه يداعب صيصان النسور بينمـا آبـاؤهـا مـحلقـون في السماء ، أو يحمل نفايات - المسالخ ، وينطلق بها إلى الثلج ليطعم هذه الطيور في الموسم الشتوي المظلم الذي يهددها بـالـمـجـاعـة .
وأحياناً نراه يقاوم لتركيب الأطواق في أرجل الفراخ داخل أعشاشها شاهقة الارتفاع وقد نشبت براثنها حتى عظامه عندما ينسى ارتداء القفازات التي تحمي كفيه ، ويسارع للتعامل مع هذه النسور الصغيرة المذعورة .
هذه هي حياة هذا المصور واحد أهم الدعاة لحماية الطيور الضارية .
ولد هيلو في كـاجـا آنـي عـام ١٩٤٥ وبدا اهتمامه بالطيور عند بلوغه العاشرة من العمر ، سرعان ما تحولت هـوايته إلى جزء من مهنـة ملات كل اوقات فراغه طوال العقد التالي . وفي العام ١٩٦١ ، ابتاع هيلو كـامـيـرتـه الأولى - صنف صغير ثابت العدسة - ، ومن الطبيعي أن يبدأ بتصوير الطيور ، إلا انه لم يتمتع إلا قليلا مع هذه الآلة قبل ان يتحول إلى كاميرا ( slr ) ٣ ملم بعـد ذلك بست سـنـوات .
تعلم أسس التصوير الفوتوغرافي لحياة البراري بطريقة التجربة والخطا الصعبة ، طالما أنه لم يكن هناك من يعلمه ، ولا وجود لمنشورات جيدة حول الموضوع ، بدأ باستعمال کامیرات مینولتا عام ١٩٧٢ حيث ظل يعمل بنماذج متلاحقة من ( sr- t101 ) إلى ( 9 -xg ) مع عدسات « روكور » متجانسة ساعدته جدا منذ ذلك الحين .
تخرج هيلو عام ١٩٦٧ كمعلم في المدارس الابتدائية وكانت هذه مهنته التي مارسها على مدى السنوات الاحدى عشرة التالية . ومنذ العام ١٩٦٢ وهو يركب الأطواق في أرجل طيور کنسور وبوم لنقضي تحـركات هذه الطيور للمتحف الحيواني في جـامعـة هلسنكي ، ثم حدث بعد ذلك بثلاث سنوات انه انضم إلى فريق تطوعي تحت اشراف وزارة الغابات والزراعة التي كانت تدرس الحياة والأحوال المعيشية للنسور في كينو ، وهذه منطقة أدغال واسعـة تقع على مسافة ٧٠٠ كيلو متر تقريباً إلى الشمال من هلسنكي .
كتب بيكا هيلو عن هذا يقول :
- في ربيـع عـام ١٩٦٥ أجريت مسـابقـة استفسارية في مدارس كينو حول عدد النسور في المنطقة . ثم حل فصل الصيف فتجولت في هذه المنطقة بكاملها باحثاً عن المعلومات وجامعة المزيد منها . كان هذا الأمر مخططاً له بكل تأكيد ، ولكن المهم أن عملي على النسور ابتدا هكذا .
ثم كان الـعـام ١٩٧٨ ، فإذا بهذا العمـل والتصوير الفوتوغرافي يستهلكان كامل وقته فتحول إلى مصور فوتوغرافي محترف للطيور أما المتطوعون العشرة الأساسيون في كينو فقد تحولوا إلى خمسين شخصاً راحوا ، مع هيلو ، يستكشفون كل الأعشاش المعروفة . وبعد ذلك راحوا يتوغلون في بلد النسور بكل الفصول ۔
نذكر هنا أن النسور تعيش أزواجـا من ذكر وانتي طيلة الحياة على وجه العموم ، وما زال هيلو يتابع تجارب - التعشيش ، لزوج منها كل سنة منذ العام ١٩٦٦ . فلما كان تجار الأخشاب وصانعو الطرق يغزون الغابة ، والصيادون يطلقون النار على صغارها ، والعواصف نقوض أعشاشها ، يعود زوج النسور هذا لتشييد . في المكان ذاته دائماً . فاستنتج هيلو ما يلي :
بناء على قوة العزيمة التي لم تعرف الكلل لهذين النسرين الزوجين بعد ، يبدو واضحاً انه إذا لم يقم الإنسان بمنعهما من التعشيش .
سوف يثابران على العيش في ذات المكان الذي قطنه أسلافهما منذ مئات السنين ربـمـا .
وقـال مـتـحـدثـاً عما فعله خلال العقدين الأخيرين :
ـ لقد جمعت مادة لا بأس بها ، ومع ازدياد معلومـاتي وصوري ، خطرت لي فكرة تاليف کتاب عن النسور ، وهذا ما حصل فعلا مع كتاب يقع في ۲۰۸ صفحات باللغة الفنلندية تحت عنوان - النسر : ملك الطيـور » ، ونشرته دار کینون سائومين كيـرجـابينـو أوي ، عـام ۱۹۸۱ .
ويقـول هيلو في مـقـدمـة هـذا الكتـاب وباختصار :
ـ أمل لكتابي هذا أن يكون صـرخة بؤس تنطلق في سبيل حق النسور بالوجـود . ففي أواسط القرن التاسع عشر انخفض عدد الطرائد من الثدييات التي تعتاش النسور عليها إلى حد كبير في بلدان كثيرة ، الأمر الذي بعث بفكرة حماية هذه الطرائد بالحد من صيـدها وبقتـل اعدائها الطبيعيين - كالطيور التي تفترسها . وهكذا بدأت عملية القضاء على النسور منذ مائة سنة تقريباً ، ثم لم توضع لها قوانين تحددها إلا في الخمسينيات من هذا القرن عندما صدرت قوانين الحماية لتغطي كل الكائنات الضارية المفترسة في فنلندا . ولكن على الرغم من زمن الاضطهاد الفعلي قد انتهى أمره وانتهى معه معظم هذا التهديد الذي كان يحيق بحيـاة النسور والحيوانات الضارية الأخرى ، تبقى هذه الكائنات في مواجهة تهديد من نوع آخر لا يكاد يقل عن ذلك الذي واجهته فيما مضى . سبب ذلك هو النشاط الإنساني الذي يتزايد بسرعة في المناطق النائية التي على تلك الكـائـنـات أن تقطنها ، فسعيا وراء الربح ، تم قطع كل شجرة تستطيع ايواء عش نسر في مساحات تبلغ مئات الكيلو مترات المربعة ، إضافة إلى استصلاح الأراضي وزراعتها في تلك المناطق ذاتها كل ذلك حرم الطيور من طعامها طوال سنين . كذلك تزداد الطرقات الجديدة التي يتم شقها مخترقة الغابات سنة بعد سنة فإذا لم يحدث انقلاب في مواقف أولئك الذين تعود إليهم مسؤولية اتخاذ القرارات بخصوص استغلال الطبيعة ، تبقى للنسر ورفاقه أية فرصة للبقاء على المدى الطويل ، بل ستختفي هذه في غاباتنا وربما تنقرض في نهاية المطاف ، وهكذا ننتهي إلى النتيجـة ذاتهـا لـو كـان سببها الاضـطـهـاد المتوحش أو التطور الحضاري ، فكلاهما يسلبان النسور كل فرصة للعيش .
إلى جانب الطيور ، يلتقط بيكا هيلو صوراً لكل انواع الحيوانات والنباتات الأخـرى والظواهر الطبيعية ، والمشاهد . هدفه هو جمع أكبر قدر ممكن من هذه الصور الفوتوغرافية ليعتاش من تأمين حاجات المؤلفين ومستعملي الصور الآخرين ، عدا عن نشاطات النسر الخاصة به كذلك ، فإلى جانب انتاجه مجموعات من البطاقات البريدية التي تحمل مشاهد من الطبيعة الفنلندية خلال السنوات القليلة الماضية ، نشر كذلك كتاباً فوتوغرافياً حول طائر البوم عام ١٩٨٤ ، صدر عن دار النشر ذاتها .
وفي أفكـاره مشاريع كثيرة للمستقبل أيضاً طموحه التالي هو سلسلة من أربعة كتب حول النواحي المختلفة من الطبيعة في فصول السنة داخـل فنلندا . ولكن بينما هو يلتقط الصور ويكتب وينتج كل كتاب ، ثم بنشره ويبيعه بنفسه ، يبقى لديه من الوقت والطاقة ما يكفي لإنتاج مجلد جديد كل ثلاث سنوات تقريباً . وهذا شيء جدير بالإهتمام ، ففي العام ١٩٨٥ . حصل هيلو من الحكومة الفنلندية على إحدى أهم جوائز « نشر معلومات مهمة ، تكريماً لكتابيه عن النسور واليوم .
عندما سئل عن النصيحة التي يريد تقديمها لمن يقرأون عن أعماله ، كتب هيلو يقول :
ـ تصـويـر الطيـور الضـاريـة هـو عمـل للمحترف ، أي للمصور الفوتوغرافي الذي يحترف تصوير الطيور ، ذلك أن هذه الطيور جميعها تقريباً هي متوحشة تماماً كما أنها شديدة الحذر تتعرض للأذى بسهولة . وعلى الرغم من اهتمام البشر بها ، من المؤكد أنها ليست مهتمة بنا على الإطلاق . من هنا يمكن للمصور الفوتوغرافي الذي لا خبرة لديه بها ان يتسبب بتعريضها بأضرار كبيرة : كان يبالغ بالاقتراب في الوقت اللامناسب مثلا ، الأمر الذي قد يدفـع بـالأبـوين إلى التخلي عن العش والصغار .
ويضيف هيلو :
ـ من هنا على المصور الفوتوغرافي معرفة طريقة حياة هذه الطيور وعاداتها المميزة قبلما يبدأ الاقتراب من أعشاشها ، والطريقة الوحيدة الفعالة لتحقيق ذلك هي العيش معها في الأدغال ، وذلك لبضعة أيام على الأقل ، أما إذا اردنا الحصول على أكثر من مجرد صور عادية . فالأفضل البقاء هناك لسنوات ، ثم العودة دائماً إلى المكان أو الأماكن ذاتها ، كما أن الحصول على ترخيص من وزارة الغابات والزراعة قبل التقاط صور نسور محمية هو أمر ضروري .
على صعيد آخر يقول هيلو :
ـ ينبغي انشاء مخيا صغير ، مكتنز قـدر الإمكـان يصنع من القماش أو مـادة إخـري مناسبة ، وذلك على دفعات ، تفرق بين الفترة والفترة من ساعتين إلى ثلاث ساعات على الأكثر ، والأفضل خلال فترتي تشييد على الأقل يومياً . كما ينبغي إنشاء هذا المخبا على بعد اولا ، ثم تقريبه شيئا فشيئاً على مدى ايام . قد نبدا من مسافة تتراوح بين ٤٠ او ٥٠ متراً ، ثم نقترب تدريجياً ، أشير هنا إلى أن معظم الصور في كتابي كانت تلتقط من مسافة ١٥ او ۲۰ متراً .
فإذا استحال الاقتراب بالمخبا هكذا ، يصبح من الضروري تشييده على مقربة كافية من العش منذ البداية .
ويتابع هيلو قائلاً :
ـ ولا ينبغي أبدأ أن نبدأ التصوير والطيور تضع بيوضها . على أية حال ، إذا لم تتقبلنا هذه الطيور ولم تتقبـل المخبـا ضمن فترة معقولة ، فالافضل ان نتناسى ما نحن بصدده لنعود إلى التجربة في وقت آخر . قد تكون الأيام القليلة المعدودة ، معقولة ، . رغم أن هذا يتوقف على الأحوال المعنية وعلى الطقس .
وإذا لم تستقر الطيور منطلقة إلى نشاطاتها المعتادة ، فالأفضل أخذ اللقطات والعودة ضمن ما يتراوح بين ساعة وست ساعات .
وكملاحظات او نصائح للمصورين يقول :
ـ عندما تلتقط صورة فوتوغرافية لطيور ، لا تنس أنها تتمتع بحاسة بصـر قوية جداً .
فعندما تبدأ التصوير ، سوف تتمهل هذه الطيور وتبدأ بمراقبتك بدقة وعنايـة قبل قدومها إلى العش ، ليس عليك أن تلتقط صوراً في هذه الاثناء ولكك تستطيع البـدء حالما ترى أن الطيـور راحت تتصرف بشكل طبيعي عادي .
وحاول أن لا تحرك عدستك ؛ ولكن إذا اضطررت إلى ذلك ، نفذ ما تريده عندما لا تكون الطيور متجهة ببصرها إلى مخبئك ، وحـرك العدسة ببطء . إذا نفذت المطلوب بالشكل الصحيح منذ البداية ، يعتاد عليك وعلى المخبا أكثر الطيور الضارية حذراً أو حساسيـة ، وتترك لك حرية تحريك عدستك لتلتقط صوراً جيدة . ثم حالما تتقبلك هذه الطيور ، تستطيع العمل بمزيد من الحرية .
ويختم هيلو بالقول :
ـ هذا ، وعلى الرغم من كل ما قد تفعله لتتجنب ازعاج الطيور ، ببقى بينهـا افـراد لا يستطيعون الخضوع للتصوير الفوتوغرافي ، هكذا بكل بساطة ، في هذه الحال ، عليك دائماً أن تتذكر مسؤوليتك كمحترف فتترك الطير في سلام واطمئنان ، ذلك أن الطير هو أكثر اهمية من الصورة الفوتوغرافية دائماً⏹
صور وتعليق لبيكا هيلو ..
تعليق