"عالجبين عصابة"
هي قصة رجل تونسي عاش في بداية القرن الثامن عشر ولا يُعرَف شيء عنه سوى أنه كان من منطقة بن قردان في الجنوب التونسي هرب جريحا من معارك ثأر بعد مقتل عائلته و عاش فقيرا تعيسا طيلة حياته وأوصله الترحال إلى جزيرة جربة التونسية حيث وجد الرأفة في قلب رجل مسن ثري لم يُرزق بولد وأخذه مساعدا وفيا ومكمن أمانة وثقة
بدأت حياة "الغريب" بالاستقرار شيئا فشيئا مع ظهور ابنة الشيخ الذي احتضنه وعامله معاملة حسنة ٠٠ كانت شابة جميلة فكان قلبه يخفق لابتسامتها لكنه لزم الصمت فأين هو من ابنة الحسب والنسب والجاه و كيف يمكن أن يجمع القدر بين إبنة العز و شاب فقير بلا عائلة أو نسب معروف ٠٠
قرّر الغريب أن يدفن مشاعره في صدره إلى أن تدخّل القدر وجدّ في حياة الاثنين ما لم يكن في الحسبان ٠٠
مرض الشيخ ولزم الفراش وطلب من الغريب أن يكون المسؤول عن البيت وحارسه وكلّفه باستقبال الزوار و إدارة أعماله و التحدث بإسمه ٠٠ جعله هذا يرى حبيبته بشكل دائم والتهبت مشاعره أكثر وقوي أمله إلى أن انفجرت حروفه ذات يوم وباح لها بحبه وبكل ما أوتي من وجع جرّاء هذا الإحساس ٠٠ حينها علم أنها تبادله نفس المشاعر منذ أول لقاء و إتفق الاثنان على أن ينتظرا ذهاب السقم عن الشيخ ليطلبا الوصال ٠٠
كانا متأكدين أن الشيخ لن يرفض طلبهما خاصة مع حبه للغريب و ثقته به ٠٠
لكن الداء استقوى عليه وأحس بقرب أجله وخاف أن يترك ابنته وحيدة، فقرّر أن يزوّجها من ابن عمها وطلب إقامة الأفراح في الحال ٠٠
نزل الخبر على الحبيبين مثل الصاعقة و في غضون يومين هبت عائلة الشيخ من كل صوب و أقامو الأفراح ولم يكن بيد الحبيبين حيلة سوى القبول بالأمر٠٠
أثناء الحفل كان "الغريب" يرقص من حزنه على إيقاع الطبل ونغمة المزمار حتى لا يشكّ أحد لو لُمح دمعه ٠٠ وكانت الحبيبة تربط رأسها بالمحارم لإسكات ألم رأسها من كثرة البكاء ٠٠
وهذه المحارم يُقال لها بالتونسي "العصابة"
لم يتحمّل حبيبها الغريب الفراق والهيام فانفجرت كلماته بلحن حزن و غنّى ٠٠
ويا دايرة عالجبين عصابة ٠٠
الفم يضحك و العيون غضابا ٠٠
هيلا هيلا يا شوشان (هيلا هيلا يعني رويدك لا تسرع و شوشان هو العبد الذي يجر الجمل الذي تركب عليه العروس)
ياما جيت بروحي من قصر بن قردان
بعد كلاني الوشم ، ياما ما أكبر جوحي
هيلا هيلا يا شوشان
يامّا جيت ندادي من قصر بنقردان ٠٠
لاكلب ينبح ولاصغير ينادي ٠٠
ياما جيت منقلّ من قصر بن قردان ٠٠
مضروب بالكرطوش ياما حملي مثقّل ٠٠
ياخالقي يامولا الجمل اللي يهدر ٠٠
هيّا نركبوا الاثنين والا حدّر ٠٠ ( و إلّا حدّر) أي إن لم تهربي فتعيشين في عذاب مع من لا تحبين .