مروانيون (سلاله)
Marwanid dynasty - Marwanides
المروانيون (سلالة ـ)
المروانيون سلالة كردية حكمت ديار بكر[ر] ما يقارب القرن (380- 478هـ/990- 1085م) واتخذت من ميافارقين[ر] عاصمة لها، وكان ابتداء أمرها أنّ أبا شجاع باذ الكردي من الأكراد الحميدية وخال بني مروان، كان يغزو بثغور ديار بكر، وكان له بأس وشدة، فلما استفحل أمره وكثر أتباعه ملك ميافارقين بعد موت عضد الدولة البويهي[ر] سنة 372هـ ثم استولى على آمد ونصيبين وأخلاط، ودخل الموصل واستولى عليها، وحدث نفسه بالتغلب على بغداد وإزالة الديلم عنها فخافه صمصام الدولة البويهي وسيّر إليه زيار بن شهراكويه أكبر قواده، وجهزه وبالغ في أمره، وأكثر معه الرجال والعدد والأموال، فانهزم باذ سنة 374هـ/984م وتراجع إلى ديار بكر وجمع خلقاً كثيراً، فكتب وزير صمصام الدولة إلى سعد الدولة بن سيف الدولة الحمداني[ر] طالباً دعمه وبذل له تسليم ديار بكر، فسيّر سعد الدولة إليه جيشاً سرعان ما عاد إلى حلب لأنه لم يكن لهم قوة بأصحاب باذ، فقرر سعد الدولة أن يستخدم الحيلة وأن يرسل إليه من يغتاله ليلاً في خيمته، ولكن الرجل أخطأ الهدف فوقعت الضربة على ساقه وهو يظن أنه ضرب رأسه، فصاح باذ وهرب الرجل. مرض باذ وشارف على الموت فراسل القائد زيار بن شهراكويه وسعد الدولة طالباً الصلح، فاستقر الحال بينهم على أن تكون ديار بكر لباذ والنصف من طور عابدين وأن يتخلى عن الموصل.
قتل باذ سنة 380هـ عقب محاولة مخفقة للاستيلاء على الموصل، فسار ابن أخته أبو علي بن مروان في طائفة من الجيش إلى حصن كيفا وهو على نهر دجلة ومن أحصن المعاقل، وكان به امرأة باذ وأهله، فلما بلغ الحصن أعلم زوجة خاله بهلاكه وأطمعها في التزوج بها، فوافقته على أن يملك الحصن وغيره، فاستولى على ميافارقين وآمد، ثم قصد حصناً حصناً حتى ملك كل ما كان لخاله، وأقام ابن مروان بديار بكر وضبطها وأحسن إلى أهلها وألان جانبه لهم.
اغتيل أبو علي بن مروان سنة 387هـ/997م بآمد فتولى الحكم بعده أخوه ممهد الدولة حتى سنة 402هـ، ثم خلفه أخوه القادر بالله أبو نصر بن مروان أشهر أمراء هذه الدولة، وقد دام حكمه ما يزيد على خمسين سنة (402-453هـ/1011-1061م) واعترف به كل من الخليفة الحاكم بأمر الله الفاطمي والامبراطور البيزنطي وسلطان الدولة البويهي، فلما استولى السلاجقة على بغداد اعترف به السلطان طغرل وأقره على حكم ديار بكر، ولقد مارس نصر الدولة سياسة حكيمة تجاه هذه القوى وتجاه السلالات البدوية العربية كالعقيليين بالموصل والمرداسيين في حلب.
حظي نصر الدولة بوزيرين قديرين ساعداه على إدارة شؤون الدولة، وهما أبو القاسم الحسين المغربي الذي توفي سنة 428هـ/1037م والوزير الأكثر شهرة فخر الدولة بن جهير، وكان نصر الدولة محباً للعمران، بنى قلعة جديدة على تلٍّ كان موقعاً لكنيسة العذراء وغرس حديقة القلعة، وبنى بيمارستاناً وجسوراً وحمامات، وتمتعت ديار بكر في ظل حكمه المديد بالأمن والاستقرار والازدهار الاقتصادي والثقافي، فكان مقصداً للعلماء والأدباء من سائر الآفاق، وممن قصده أبو عبد الله الكازروني الذي نشر المذهب الشافعي في ديار بكر، وقصده الشعراء وأكثروا مدحه، وكانت الثغور معه آمنة وسيرته في الرعية أحسن سيرة، ولما بلغه أن الطيور في الشتاء تخرج من الجبال إلى القرى فتصاد أمر أن يطرح لها الحب من الأهراء التي له، فكانت في ضيافته طوال عمره.
بعد وفاة نصر الدولة خلفه ابنه نظام الدين نصر بدعم من الوزير فخر الدولة بن جهير، وجرت بينه وبين أخيه سعيد حروب كان الظفر في آخره لنصر، فاستقر في الإمارة بميافارقين وبعد سنتين في آمد.
توفي نصر سنة 472هـ/1079م فتولى الحكم من بعده ابنه ناصر الدولة منصور وهو الذي انقرضت دولة بني مروان في عهده على يد الوزير ابن جهير الذي كان قد ترك ديار بكر والتحق بالسلاجقة في بغداد، ففي سنة 478هـ استولى ابن جهير على آمد وميافارقين واستحوذ على كنوز بني مروان وأنهى حكم ناصر الدولة منصور الذي توفي سنة 489هـ/1085م، ويذكر ابن الأثير أنه مات في دار يهودي وأن زوجته حملته إلى تربة آبائه فدفنته، وأنه كان شجاعاً ولكنه كان شديد البخل وله في البخل حكايات عجيبة.
نجدة خماش
Marwanid dynasty - Marwanides
المروانيون (سلالة ـ)
المروانيون سلالة كردية حكمت ديار بكر[ر] ما يقارب القرن (380- 478هـ/990- 1085م) واتخذت من ميافارقين[ر] عاصمة لها، وكان ابتداء أمرها أنّ أبا شجاع باذ الكردي من الأكراد الحميدية وخال بني مروان، كان يغزو بثغور ديار بكر، وكان له بأس وشدة، فلما استفحل أمره وكثر أتباعه ملك ميافارقين بعد موت عضد الدولة البويهي[ر] سنة 372هـ ثم استولى على آمد ونصيبين وأخلاط، ودخل الموصل واستولى عليها، وحدث نفسه بالتغلب على بغداد وإزالة الديلم عنها فخافه صمصام الدولة البويهي وسيّر إليه زيار بن شهراكويه أكبر قواده، وجهزه وبالغ في أمره، وأكثر معه الرجال والعدد والأموال، فانهزم باذ سنة 374هـ/984م وتراجع إلى ديار بكر وجمع خلقاً كثيراً، فكتب وزير صمصام الدولة إلى سعد الدولة بن سيف الدولة الحمداني[ر] طالباً دعمه وبذل له تسليم ديار بكر، فسيّر سعد الدولة إليه جيشاً سرعان ما عاد إلى حلب لأنه لم يكن لهم قوة بأصحاب باذ، فقرر سعد الدولة أن يستخدم الحيلة وأن يرسل إليه من يغتاله ليلاً في خيمته، ولكن الرجل أخطأ الهدف فوقعت الضربة على ساقه وهو يظن أنه ضرب رأسه، فصاح باذ وهرب الرجل. مرض باذ وشارف على الموت فراسل القائد زيار بن شهراكويه وسعد الدولة طالباً الصلح، فاستقر الحال بينهم على أن تكون ديار بكر لباذ والنصف من طور عابدين وأن يتخلى عن الموصل.
قتل باذ سنة 380هـ عقب محاولة مخفقة للاستيلاء على الموصل، فسار ابن أخته أبو علي بن مروان في طائفة من الجيش إلى حصن كيفا وهو على نهر دجلة ومن أحصن المعاقل، وكان به امرأة باذ وأهله، فلما بلغ الحصن أعلم زوجة خاله بهلاكه وأطمعها في التزوج بها، فوافقته على أن يملك الحصن وغيره، فاستولى على ميافارقين وآمد، ثم قصد حصناً حصناً حتى ملك كل ما كان لخاله، وأقام ابن مروان بديار بكر وضبطها وأحسن إلى أهلها وألان جانبه لهم.
اغتيل أبو علي بن مروان سنة 387هـ/997م بآمد فتولى الحكم بعده أخوه ممهد الدولة حتى سنة 402هـ، ثم خلفه أخوه القادر بالله أبو نصر بن مروان أشهر أمراء هذه الدولة، وقد دام حكمه ما يزيد على خمسين سنة (402-453هـ/1011-1061م) واعترف به كل من الخليفة الحاكم بأمر الله الفاطمي والامبراطور البيزنطي وسلطان الدولة البويهي، فلما استولى السلاجقة على بغداد اعترف به السلطان طغرل وأقره على حكم ديار بكر، ولقد مارس نصر الدولة سياسة حكيمة تجاه هذه القوى وتجاه السلالات البدوية العربية كالعقيليين بالموصل والمرداسيين في حلب.
حظي نصر الدولة بوزيرين قديرين ساعداه على إدارة شؤون الدولة، وهما أبو القاسم الحسين المغربي الذي توفي سنة 428هـ/1037م والوزير الأكثر شهرة فخر الدولة بن جهير، وكان نصر الدولة محباً للعمران، بنى قلعة جديدة على تلٍّ كان موقعاً لكنيسة العذراء وغرس حديقة القلعة، وبنى بيمارستاناً وجسوراً وحمامات، وتمتعت ديار بكر في ظل حكمه المديد بالأمن والاستقرار والازدهار الاقتصادي والثقافي، فكان مقصداً للعلماء والأدباء من سائر الآفاق، وممن قصده أبو عبد الله الكازروني الذي نشر المذهب الشافعي في ديار بكر، وقصده الشعراء وأكثروا مدحه، وكانت الثغور معه آمنة وسيرته في الرعية أحسن سيرة، ولما بلغه أن الطيور في الشتاء تخرج من الجبال إلى القرى فتصاد أمر أن يطرح لها الحب من الأهراء التي له، فكانت في ضيافته طوال عمره.
بعد وفاة نصر الدولة خلفه ابنه نظام الدين نصر بدعم من الوزير فخر الدولة بن جهير، وجرت بينه وبين أخيه سعيد حروب كان الظفر في آخره لنصر، فاستقر في الإمارة بميافارقين وبعد سنتين في آمد.
توفي نصر سنة 472هـ/1079م فتولى الحكم من بعده ابنه ناصر الدولة منصور وهو الذي انقرضت دولة بني مروان في عهده على يد الوزير ابن جهير الذي كان قد ترك ديار بكر والتحق بالسلاجقة في بغداد، ففي سنة 478هـ استولى ابن جهير على آمد وميافارقين واستحوذ على كنوز بني مروان وأنهى حكم ناصر الدولة منصور الذي توفي سنة 489هـ/1085م، ويذكر ابن الأثير أنه مات في دار يهودي وأن زوجته حملته إلى تربة آبائه فدفنته، وأنه كان شجاعاً ولكنه كان شديد البخل وله في البخل حكايات عجيبة.
نجدة خماش