Bachir Fourar
27 أغسطس 2022 ·
أشارك معكم اليوم فيديو صور لحقبة من تاريخ الجزائر، صور لجداتنا نساء الجزائر من تصوير المصور الفوتوغرافي مارك غارانغر Marc Garanger في عام 1960 ، الذي أُرسل حينها إلى الجزائر لأداء خدمته العسكرية .
صوراً مذهلة لنساء جزائريات تعرضن لكشف وجوههن قسراً.
الصور الأصلية بالأسود و الأبيض قمت بتلوينها مع بعض الرتوشات الخفيفة عبر تقنية ذ.إ و بعض التطبيقات عبر الهاتف.
أرفق الفيديو بنص تعريفي للصديق الفنان المغربي عادل أزماط , أرجو قراءته.
تحياتي للجميع
لم تكن خلف هذه المجموعة من الصور مناسبة فنية اختارها المصوِّر أو المصوَّر, بل كانت مناسبة إدارية صرفة, حيث قامت سلطات الإحتلال الفرنسي خلال حرب الجزائر و بالتحديد سنة 1960, بتدمير بعض القرى و بناء معسكرات و مخيمات لتجميع سكان بعض المناطق ( سوق الخميس, برج أوخريس,مازدور, عين تيزرين,.. (جنوب الجزائر)) قصد ضبطهم و ضبط تحركاتهم, و قد قامت أيضا بإحداث وثائق هوية للساكنة, من سوء و حسن حظ المصور الفرنسي مارك جارانجر أنه كان يقضي مهمته العسكرية بتلك المنطقة و مع عدم وجود أي مصور مدني, طلبت منه إدارته أخذ صور للساكنة من أجل أن ترفق ببطاقة الهوية المستحدثة.
كان مارك من الرافضين للحرب, لكن واجبه العسكري حتم عليه ذلك تحت أوامر و تهديدات قادته العسكريين. يقول " لم يكن أمامي سوى القبول أو السجن, لكني فكرت ربما هذه فرصة لأنقل رفضي و رفض الساكنة للحرب", طيلة عشرة أيام و بمساعدة مترجم, و مجموعة من الجنود الذين كانوا يجبرون الناس على الوقوف أمام الكاميرا لأخد الصورة, قام مارك بتصوير 2000 شخص, بمعدل 200 شخص كل يوم.
كانت النساء أكثر المصورين و ذلك لغياب الرجال الذين التحقوا في الغالب بقوات المقاومة الجزائرية. أمام الكاميرا ( (لايكا) و لأول مرة في حياتهن, و خلفهم حائط أبيض متسخ, جلسن تعلو ملامحهن علامات الخوف, عدم الرضى, مجبرات على خلع غطاء الرأس حيث يبدو شعرهن غير مرتب و متسخ و لأول مرة ينكشفن على رجال أجانب ( محتلين, جنود, غرباء,.. )غير أفراد العائلة.
سنة 1970 سيصدر كتاب يحمل هذه المجموعة من الصور تحت اسم " نساء جزائريات " حمل هذه المجموعة من حمولتها السياسية التاريخية الإدارية إلى قيمة فنية أنتروبولوجية, تحكي قصة بلد بأكمله, بمكوناته العرقية و الدينية, لذلك و نحن نطالع الصور قد نقف على مجموعة من الملاحظات أولها مثلا أن العنوان يتحدث عن النساء بينما نجد بعض الصور لفتيات حديثات السن, فهل كن متزوجات آنذاك و كن محسوبات على " النساء "؟؟. أيضا تحظر فئات عمرية مختلفة : من الجدة إلى الزوجة إلى الطفلة, يبدو ذلك من خلال ملامحهن التي ربما يكشفنها لأول مرة و من ملابسهن المختلفة. و رغم أنهن وقفن امام الكاميرا بقوة السلاح و مع ذلك نلاحظ أن بعضهن وقفن بكامل اكسسواراتهن وحليهن و في حالات نادرة أيضا بغطاء رأس مرتب, نلاحظ أيضا وجود الأوشام مختلفة الشكل و الموضع ربما حسب عرف ما, فمن عادة نساء تلك المناطق التجمل بالوشم و بالحلي.
رغم أن الصور هي بالأبيض و الأسود و تخفي الوان الألبسة و الحلي إلا أنها جعلت قوة الصورة في وجوه و نظرات النساء المصورات, يقول المصور : كن مجبرات على الوقوف, و كانت نظراتهن وسيلتهن الوحيدة لإبداء تمردهن و رفضهم و غضبهن".
تبدو ملاحهن في اغلب الصور أمازيغية خالصة, و تبدو أيضا بعض الملامح العربية خاضرة أيضا, لكن الأساسي أن هذه الوجوه التي استوقفتنا و اتخذت صبغة فنية بعد أن كانت إدارية, هي معبرة عن قسوة الاستعمار و قسوة الحياة, من فقر و حرب, أعطين دروسا في التمرد و الغضب و المقاومة و الشجاعة.., فقط من ملامحهن و إن كن مسلوبات الإرادة أمام مستعمر قوي و غاشم.
عرضت هذه الأعمال في العديد من المتاحف و دور العرض ( فرنسا, الجزائر, اليونان..,) و فازت أيضا بجائزة نييبس Niepce و لاقت الكثير من الإعجاب, كما أن المصور عاد سنة 2004 إلى نفس المناطق بحثا عن "نسائه" حيث وجد أن بعضهم لازلن يحتفظن بالصور كتذكار لأول و آخر صورة التقطت لهن في حياتهن.
عادل أزماط
المصدر : مجموعة من المواقع الالكترونية الفرنسية و الاسبانية.