كوبا (موسيقي في) Cuba - Cuba
الموسيقى في كوبا
لا تختلف الموسيقى الكوبية عن موسيقى بقية دول أمريكا اللاتينية (الجنوبية) إلا بتفاصيل تمسّ خصوصية كلّ بلد من بلدان القارة ذاتها وتطوره عبر التاريخ؛ منذ اكتشاف كولومبوس للعالم الجديد. وتتفق الموسيقى الكوبية مع زميلاتها اللاتينيات في الألحان الراقصة والإيقاعات الشعبية الغنية الموروثة عن مواطني البلاد الأصليين الذين أطلق عليهم الأوربيون اسم الهنود، وفي الموسيقى المتحدرة من موسيقى المهاجرين الإسبان الذين جاؤوا إلى البلاد في القرنين السادس عشر والسابع عشر حاملين معهم تقاليد الموسيقى الأوربية العريقة، وفي ألحان الأرقّاء الزنوج الذين حملوا معهم الإيقاعات الإفريقية التي كانت أقرب إلى إيقاعات أهل البلاد الأصليين وألحانهم من موسيقى الأوربيين؛ والتي سرعان ما اختلطت بإيقاعات الهنود، وأنتجت مع مرور الزمن موسيقى تسمى اليوم- تمييزاً عن غيرها من أنواع الموسيقى- الموسيقى الإفرو- لاتينية (إفرو- كوبية، أو إفرو- أرجنتينية…إلخ). ونتج من هذا المزيج الموسيقي في الولايات المتحدة الأمريكية ما عرف مع بداية القرن العشرين بموسيقى الجاز[ر]. إلا أن الجاز الإفرو- الكوبي- الذي عُرف على السواحل الكوبية- يختلف عن جاز الولايات المتحدة الأمريكية بالألحان الراقصة التي تمتد جذورها إلى الموسيقى الإسبانية، مثل رقصة الـ«هابانيرا» habanera الإسبانية الأصل التي استغل المؤلف الموسيقي الفرنسي جورج بيزيه[ر] G.Bizet ألحانها في أوبرا «كارمن» Carmen، ثم رقصة الـ«كونغا» Conga التي تشبه إيقاعاتها المارش العسكري، ورقصـة الـ«رومبا» rumba التي تختلف عن الـ«سامبا» samba البرازيلية ببطء إيقاعاتها مقارنة بالسامبا- وقد استغل الموسيقيون الأوربيون، وخاصة أساتذة المدرسة الفرنسية في بداية القرن العشرين- الألحان الشعبية وموسيقى الجاز والملونين التي عرفوها في كوبا والأرجنتين والبرازيل في أعمالهم الموسيقية، ودخلت بعض الآلات الإيقاعية الشعبية الفرق السمفونية، مثل الـ«كلافس» claves، والـ«ماراكاس» maracas، والـ«غيرو» guiro والـ«بونغو» bongo.
حافظت الموسيقى الشعبية الكوبية منذ القرن التاسع عشر على طابعها الإيقاعي السريع الراقص، ولكن الموسيقى الجادة (الكلاسيكية) اتخذت لنفسها طريقاً آخر، إذ تأثرت بالموسيقى الإسبانية والإيطالية، واستلهمت منهما؛ مع البقاء بعيداً عن أساتذة المدرسة الألمانية. وقد ظهر في إطار المؤسسات الفنية والموسيقية أول مسرح في هافانا عام 1776، كما تأسس عدد كبير من المعاهد الموسيقية كان من أولها «المؤسسة الفيلهارمونية لسانتا سيسيليا» Socidad Filarmonica de Santa Cecilia التي تأسست في هافانا عام 1829، والتي سبقت ظهور أول كونسرفاتوار (معهد موسيقي) للموسيقى في أمريكا الجنوبية؛ الذي تأسس في الريو عام 1841. وفي عام 1839 عُرض- أول مرة- عدد من أعمال الأوبرا الإيطالية بدعم من المؤلف الموسيقي غاسبار فيلات G.Villate (1851-1891) مؤلف أوبرا «زيليا» Zilia. ومن أشهر المؤلفين الموسيقيين الكوبيين في القرن التاسع عشر ثربانتس I.Cervantes (1847- 1905). أما أشهر العازفين فكان عازف البيانو ساومل M.Saumell (1817-1870) الذي اكتسب في أوربا شعبية كبيرة.
وفي القرن العشرين ظهرت أسماء جديدة حاولت المزج بين تقاليد الموسيقى الأوربية العريقة والألحان الشعبية الكوبية والإيقاعات الإفرو-لاتينية، مثل رولدان A.Roldan (1900-1939)، وكاتوريا A.G.Caturia (1906-1940) وذلك بأسلوب أشهر أساتذة أمريكا الجنوبية؛ البرازيلي هيتور فيلا-لوبوس[ر] Heitor Villa- Lobos الذي تحول عن أساتذة المدرستين الإيطالية والإسبانية، بعد أن تأثر بموسيقى الأساتذة الألمان وبالذات باخ[ر] J.S.Bach وڤاغنر[ر] R.Wagner، ولكنه حافظ على إيقاعات الموسيقى البرازيلية الراقصة و«باخياته» (نسبة إلى باخ)؛ وهي أعمال نموذجية تجمع بين موسيقى الملونين والموسيقى الأوربية بأسلوب لم يسبقه إليه أحد من أساتذة الموسيقى في أمريكا اللاتينية.
تطورت الموسيقى الكوبية منذ عام 1920، فتأسست أول أوركسترا سمفونية عام 1922. وفي أعقاب عام 1930 تأسست في كوبا «مجموعة الموسيقيين المجددين» Grupo de Renovacion Musical بقيادة أردوفول J.Ardevol؛ والتي ضمت عدداً من الموسيقيين الذين أُطلق عليهم اسم «الكلاسيكيون الجدد» منهم: غراماتاج H.Gramatages، وليون A.Léon، ومارتين E.Martin تيمناً بحركة الكلاسيكيين الجدد التي عرفتها فرنسا في بداية القرن العشرين على يد سترافنسكي[ر] I.Stravinsky الروسي.
أدى الكلاسيكيون الجدد دوراً كبيراً في الحياة الموسيقية في كوبا حتى عام 1959، إذ أُعيد تأسيس الفرقة السمفونية الوطنية أو تجديدها، وأخذت «إدارة الموسيقى العامة» Direction General de Musica على عاتقها عام 1962 تجديد فن الموسيقى في البلاد وإدارته، وظهرت فرق عدة موسيقية رسمية، وتأسست دار الأوبرا أيضاً في عام 1961، وتمّ تأسيس مهرجان الأعمال الموسيقية الحديثة. وكان أغلب أساتذة الموسيقى الكوبيّة المعاصرة هم ممن درسوا في أوربا الاشتراكية منذ عام 1960.
زيد الشريف
الموسيقى في كوبا
لا تختلف الموسيقى الكوبية عن موسيقى بقية دول أمريكا اللاتينية (الجنوبية) إلا بتفاصيل تمسّ خصوصية كلّ بلد من بلدان القارة ذاتها وتطوره عبر التاريخ؛ منذ اكتشاف كولومبوس للعالم الجديد. وتتفق الموسيقى الكوبية مع زميلاتها اللاتينيات في الألحان الراقصة والإيقاعات الشعبية الغنية الموروثة عن مواطني البلاد الأصليين الذين أطلق عليهم الأوربيون اسم الهنود، وفي الموسيقى المتحدرة من موسيقى المهاجرين الإسبان الذين جاؤوا إلى البلاد في القرنين السادس عشر والسابع عشر حاملين معهم تقاليد الموسيقى الأوربية العريقة، وفي ألحان الأرقّاء الزنوج الذين حملوا معهم الإيقاعات الإفريقية التي كانت أقرب إلى إيقاعات أهل البلاد الأصليين وألحانهم من موسيقى الأوربيين؛ والتي سرعان ما اختلطت بإيقاعات الهنود، وأنتجت مع مرور الزمن موسيقى تسمى اليوم- تمييزاً عن غيرها من أنواع الموسيقى- الموسيقى الإفرو- لاتينية (إفرو- كوبية، أو إفرو- أرجنتينية…إلخ). ونتج من هذا المزيج الموسيقي في الولايات المتحدة الأمريكية ما عرف مع بداية القرن العشرين بموسيقى الجاز[ر]. إلا أن الجاز الإفرو- الكوبي- الذي عُرف على السواحل الكوبية- يختلف عن جاز الولايات المتحدة الأمريكية بالألحان الراقصة التي تمتد جذورها إلى الموسيقى الإسبانية، مثل رقصة الـ«هابانيرا» habanera الإسبانية الأصل التي استغل المؤلف الموسيقي الفرنسي جورج بيزيه[ر] G.Bizet ألحانها في أوبرا «كارمن» Carmen، ثم رقصة الـ«كونغا» Conga التي تشبه إيقاعاتها المارش العسكري، ورقصـة الـ«رومبا» rumba التي تختلف عن الـ«سامبا» samba البرازيلية ببطء إيقاعاتها مقارنة بالسامبا- وقد استغل الموسيقيون الأوربيون، وخاصة أساتذة المدرسة الفرنسية في بداية القرن العشرين- الألحان الشعبية وموسيقى الجاز والملونين التي عرفوها في كوبا والأرجنتين والبرازيل في أعمالهم الموسيقية، ودخلت بعض الآلات الإيقاعية الشعبية الفرق السمفونية، مثل الـ«كلافس» claves، والـ«ماراكاس» maracas، والـ«غيرو» guiro والـ«بونغو» bongo.
حافظت الموسيقى الشعبية الكوبية منذ القرن التاسع عشر على طابعها الإيقاعي السريع الراقص، ولكن الموسيقى الجادة (الكلاسيكية) اتخذت لنفسها طريقاً آخر، إذ تأثرت بالموسيقى الإسبانية والإيطالية، واستلهمت منهما؛ مع البقاء بعيداً عن أساتذة المدرسة الألمانية. وقد ظهر في إطار المؤسسات الفنية والموسيقية أول مسرح في هافانا عام 1776، كما تأسس عدد كبير من المعاهد الموسيقية كان من أولها «المؤسسة الفيلهارمونية لسانتا سيسيليا» Socidad Filarmonica de Santa Cecilia التي تأسست في هافانا عام 1829، والتي سبقت ظهور أول كونسرفاتوار (معهد موسيقي) للموسيقى في أمريكا الجنوبية؛ الذي تأسس في الريو عام 1841. وفي عام 1839 عُرض- أول مرة- عدد من أعمال الأوبرا الإيطالية بدعم من المؤلف الموسيقي غاسبار فيلات G.Villate (1851-1891) مؤلف أوبرا «زيليا» Zilia. ومن أشهر المؤلفين الموسيقيين الكوبيين في القرن التاسع عشر ثربانتس I.Cervantes (1847- 1905). أما أشهر العازفين فكان عازف البيانو ساومل M.Saumell (1817-1870) الذي اكتسب في أوربا شعبية كبيرة.
وفي القرن العشرين ظهرت أسماء جديدة حاولت المزج بين تقاليد الموسيقى الأوربية العريقة والألحان الشعبية الكوبية والإيقاعات الإفرو-لاتينية، مثل رولدان A.Roldan (1900-1939)، وكاتوريا A.G.Caturia (1906-1940) وذلك بأسلوب أشهر أساتذة أمريكا الجنوبية؛ البرازيلي هيتور فيلا-لوبوس[ر] Heitor Villa- Lobos الذي تحول عن أساتذة المدرستين الإيطالية والإسبانية، بعد أن تأثر بموسيقى الأساتذة الألمان وبالذات باخ[ر] J.S.Bach وڤاغنر[ر] R.Wagner، ولكنه حافظ على إيقاعات الموسيقى البرازيلية الراقصة و«باخياته» (نسبة إلى باخ)؛ وهي أعمال نموذجية تجمع بين موسيقى الملونين والموسيقى الأوربية بأسلوب لم يسبقه إليه أحد من أساتذة الموسيقى في أمريكا اللاتينية.
تطورت الموسيقى الكوبية منذ عام 1920، فتأسست أول أوركسترا سمفونية عام 1922. وفي أعقاب عام 1930 تأسست في كوبا «مجموعة الموسيقيين المجددين» Grupo de Renovacion Musical بقيادة أردوفول J.Ardevol؛ والتي ضمت عدداً من الموسيقيين الذين أُطلق عليهم اسم «الكلاسيكيون الجدد» منهم: غراماتاج H.Gramatages، وليون A.Léon، ومارتين E.Martin تيمناً بحركة الكلاسيكيين الجدد التي عرفتها فرنسا في بداية القرن العشرين على يد سترافنسكي[ر] I.Stravinsky الروسي.
أدى الكلاسيكيون الجدد دوراً كبيراً في الحياة الموسيقية في كوبا حتى عام 1959، إذ أُعيد تأسيس الفرقة السمفونية الوطنية أو تجديدها، وأخذت «إدارة الموسيقى العامة» Direction General de Musica على عاتقها عام 1962 تجديد فن الموسيقى في البلاد وإدارته، وظهرت فرق عدة موسيقية رسمية، وتأسست دار الأوبرا أيضاً في عام 1961، وتمّ تأسيس مهرجان الأعمال الموسيقية الحديثة. وكان أغلب أساتذة الموسيقى الكوبيّة المعاصرة هم ممن درسوا في أوربا الاشتراكية منذ عام 1960.
زيد الشريف