الأدب في السويد Sweden - Suède

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الأدب في السويد Sweden - Suède

    السويد (الأدب في ـ)

    ليس في المراجع القديمة سوى إشارات قليلة للسويد ولشبه الجزيرة الاسكندنافية. ففي القرن الثاني عشر وضعها الإدريسي على خارطته في ما وراء البحر المظلم الشمالي على هيئة كتل متفرقة من اليابسة خارج العالم المعروف آنئذٍ.
    وفي القرن السادس عشر عاد يوهانس ماغنوس Johannes Magnus في كتابه «تاريخ جميع ملوك جوتا وسفيا» (1554) Historia de omnibus gothorum svenomque regibusبأصول شعوبها إلى يأجوج ومأجوج، دون أي ذكر لشعب اللاب Lapp الذي كان أول من قطن تلك البقاع من الأرض، أما في كتاب أخيه أولاوس ماغنوس Olaus Magnus«تاريخ الشعوب الشمالية» (1555) Historia de gentibus septentrionalibus فقد أخذت النزعة الوطنية المحلية الحيز الأكبر وأطلقت عليها في ما بعد تسمية «الجوتية» Goticism.
    في القرن السابع عشر، حين أضحت السويد قوة عظمى يحسب حسابها وهو ما يطلق عليه «عصر العظمة» Storhetstid، برز كتاب كبار منهم أولاوس رودبِك Olaus Rudbeck الذي رأى في بلاده قارة أطلنطس المفقودة وجمهورية أفلاطون الفاضلة والجنة على الأرض ومهد الخليقة. إلا أن هذه المبالغات كلها وجدت بين المفكرين والفلاسفة من يقف في وجهها ويعود بها إلى أرض الواقع.

    نقوش بالأبجدية الرونية في أبسالا
    تعود أصول الكتابة في السويد إلى القرن الحادي عشر، وكانت كلها بالأبجدية الرونية القديمة، ولم تتعدَ الوصايا والمراثي والأشعار على شواهد القبور. ولم تدخل الكتابة في حياة الناس بشكل فعال إلا بعد دخول شمالي أوربا في الديانة المسيحية مع نهاية الألفية الأولى للميلاد واستقدام الأبجدية واللغة اللاتينية لخدمة الكنيسة. وبهذه اللغة الجديدة دُونت بعض القوانين والأغاني، إلا أن اللغة السويدية ما لبثت أن حلت محلها وكُتبت بها «حولية إريك»Erikskrönikan (نحو 1320). أما أبرز الشخصيات الأدبية في هذه الحقبة فقد كانت القديسة بيرغيتّا Birgitta التي كان لها باع طويل في الفكر الصوفي في «الفتوحات السماوية» Himmelska uppenbarelser، وربما كانت قد اطّلعت، من خلال أسفارها وإقامتها في جنوبي أوربا، على فلسفة ابن عربي وعلى «الفتوحات المكية» إذ تحذو حذوه في فكرها ونقدها للسلطة الدينية والدنيوية. كذلك انتشرت في عصر الإقطاعية البالادة أو الأغنية الشعبية على اختلاف موضوعاتها.
    سادت الحروب في أوربا في القرن الخامس عشر، مما عرقل النشاط الفكري، إلى أن بدأت حركة الإصلاح الديني في القرن التالي، فقام أولاوس بِتري Olaus Petriبترجمة الكتاب المقدس إلى اللغة السويدية عام 1526، وظلت هذه الترجمة هي المعتمدة حتى عام 1917. وكتب بِتري أيضاً «حولية سويدية» En svensk krönika وهي عرض موضوعي للتاريخ المحلي. وكان لارس فيفاليوس Lars Wivallius وغيورغ شيرنِيلم Georg Stiernhielm من الشخصيات الأدبية البارزة في الحقبة التي تلت، إذ أدخلا العديد من الأشكال الشعرية إلى الأدب السويدي، ثم كتب أولاوس رودبِك مؤلفه المثير للجدل «أطلنطس أو مانهِم» (1679)Atland eller Manhem، فوقف في وجهه العديد من المفكرين والكتاب منهم الصحفي والناقد والمسرحي أولوف فون دالين Olof von Dalin في دوريته «الرقيب السويدي»، الذي كان قد كتب أيضاً «حكاية الحصان» الرمزية حول أداء حكام المملكة، وذلك مع توسع جمهور القراء وبداية الحكم الديمقراطي البرلماني في ما عرف بـ «عصر الحرية» Frihetstid. وكتبت هدفِغ شارلوتا نوردنفليكت (1718ـ1763) Hedvig Charlotta Nordenflycht شعراً حساساً سبقت فيه كثيرين غيرها.
    مع انتشار أفكار عصر التنوير في السويد صار للعديد من العلماء والمفكرين دور في الكتابة الأدبية أيضاً، فكتب كارل فون لينيه Carl von Linné، المعروف باسمه الأكثر شيوعاً لينيوس Linnaeus، في أدب الرحلات كما كتب «العقاب الإلهي» Nemesis Divina، الذي غلبت عليه مسحة تشاؤمية ولم ينشر إلا في عام 1923. كذلك كانت لدى إمانويل سويدنبورغ Emanuel Swedenborg، الذي كتب الجزء الأكبر من مؤلفاته باللغة اللاتينية، نظرة شاملة للوجود استمر تأثيرها على الشعر الإبداعي وصولاً إلى عصر الحداثة [ر].

    الشاعر الغنائي كارل ميكائيل بِلمان
    ومع نهاية القرن الثامن عشر صار للشعر والشعراء مكانة مرموقة في المجتمع، ومن أبرز شعراء هذه الحقبة كارل ميكائيل بِلمان (1740ـ1795) Carl Michael Bellman الذي جمع في شعره بين الكلمة والموسيقى في «رسائل فريدمان» (1790) Fredmans epistlar ووقفه لحبيبته أولاَّ Ulla وظلت قصائده تُغنى من قبل كبار مغني التروبادور السويديين المحدثين وأولهم فْرِد أوكرسترومFred Åkerström.
    تأسست الأكاديمية السويدية عام 1786 مما شكل دفعاً كبيراً لأفكار عصر التنوير. كذلك كان للصحافة أثر بارز في دفع عجلة التطور الفكري، إذ كانت صحيفة «ستوكهولمز بوستن» Stockholms Postenلسان حال العصر ومنبراً للنقد السياسي والاجتماعي، ونشر فيها كل من يوهان هنريك شلغرين Johan Henrik Kellgren وآنا ماريا لينغرين Anna Maria Lenngren شعراً اتباعياً إلا أنه بشر بالإبداعية. كذلك كان بير دانيَل آتربوم Per Daniel Atterbom من أوائل الشعراء الإبداعيين وكان ديوانه «جزيرة السعادة» (1727) Lycksalighetensö من أهم إنجازات الحركة في السويد، كذلك كانت إسهامات شاعر آخر هو إريك يوهان ستاغنيليوس Erik Johan Stagnelius. أما النثر فقد كان كارل يوناس لوفه آلمكفيست Carl Jonas Love Almqvist من أبرز كتّابه، ومن أوائل المشاركين في صحيفة «آفتون بلادِت» Aftonbladet الناطقة بلسان الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وكان توجهه إبداعياً في بداياته ثم أخذ منحى واقعياً. أما إساياس تغنير Isaias Tegnér فقد وقف في صف آخر هو «الجوتية». واستمر التوجه نحو الكتابة الواقعية لدى مؤلفين من مثل إميليا فْليغَرِه - كارلين Emilia Flygare-Carlénوفريدريكا بريمر Fredrika Bremer في مؤلفات تدعو إلى تحرير المرأة مثل «هِرثا» (1856) Hertha، كما دافع كل من الشاعر كارل سنويلسكي Carl Snoilsky والشاعر والناثر فكتور ريدبِري Victor Rydberg عن حرية التعبير والرأي وناديا بتحمل المسؤولية الاجتماعية.
    مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية ما يسمى عهد «الاختراق» Genombrottet في الأدب السويدي الحديث ظهر كتاب كبار، أمثال آوغست سترندبرغ August Strindbergوفيرنر فون هيدنستام Verner von Heidenstam (جائزة نوبل 1916) اللذين كانا، على الرغم من الصداقة التي جمعتهما في بداية الطريق، طرفين في نزاع أدبي دام سنوات في ما أطلق عليه «نزاع سترندبرغ»Strindbergsfejden، بين معسكر الثوار على الوضع الراهن (سترندبرغ) والمحافظين (هيدنستام). كذلك نشطت سِلما لاغرلوفSelma Lagerlöf (جائزة نوبل 1909)، والشعراء غستاف فرودنغ Gustav Frödingوإريك آكسل كارلِفلت Eric Axel Karlfeldt(جائزة نوبل 1931).
    بدأ تيار الحداثة يأخذ مكانه في الأدب السويدي مع التقاء القرنين التاسع عشر والعشرين، فظهر كتاب أمثال الروائي يالمر سودربِري Hjalmar Söderberg ومن مؤلفاته «اللعب الجدّي» (1912) Den allvarsamma leken، والشاعر فلهلم إيكيلوند Vilhelm Ekelund، والمسرحي يالمر برغمن Hjalmar Bergman المتأثر بالرمزية، وإيلين فيغنر Elin Wägner التي كتبت حول ظروف المرأة العاملة. أما بير لاغركفيست Pär Lagerkvist(جائزة نوبل 1951) فقد كان أول من بحث في المسائل الوجودية ودعا في كتابه «فن الكلمة وفن الصورة» (1913) Ordkonst och bildkonst إلى أدب يعتمد على التكعيبية، ونفذ ذلك في ديوانه «القلق» (1916)Ångest وأيضاً في مسرحه التعبيري. وكان بِريَر شوبِري Birger Sjöberg أكثر شعراء العشرينيات شعبية، وعبَّر عن الموضوعات ذاتها التي طرحها لاغركفيست في ديوان «أزمات وأكاليل» (1926) Kriser och kransar.
    ومع نمو الوعي الاجتماعي نشطت الحركات الإصلاحية وبدأ الكتاب يتوجهون نحو أدب بروليتاري، فبرز فِلهلم موبِريVilhelm Moberg وإيفار لو ـ يوهانسون Ivar Lo-Johansson وإيفند يونسون Eyvind Johnson وموا مارتِنسون Moa Martinsonوزوجها الشاعر هاري مارتِنسون Harry Martinson (جائزة نوبل مع إيفند يونسون 1974).
    كذلك كتب الشاعر دان آندرسون (1888ـ1920) Dan Andersson شعراً وجدانياً وغنائياً مؤثراً، وتوفي في أوج عطائه. وقد كتب أغلب هؤلاء في رواية السيرة الذاتية التي انتشرت انتشاراً واسعاً. أما آغنيس فون كروزنشرنا Agnes von Krusenstjerna فقد بحثت في مشكلات بنات العائلات البرجوازية بصراحة فائقة، حتى في المسائل الجنسية التي كانت لا تزال من المحظورات في النصف الأول من القرن العشرين.
    ظهرت في عام 1929 المجموعة الشعرية «خمسة شباب» لخمسة شعراء بريادة آرتر لُندكفيست Artur Lundkvist وهاري مارتِنسون اللذين دعَوا إلى شعر حداثي يتسم بالمستقبلية Futurnism والتعبيرية والسريالية. وقد انضم إلى هؤلاء العديد من الشعراء الآخرين أمثال كارين بويه Karin Boye، إلا أن غونّار إيكيلوف Gunnar Ekelöfكان الأكثر جرأة في شعره الحداثي المتميز، قبل انجراف العالم نحو الفاشية والنازية ثم الحرب. ومع تمكن الحداثة، بعد انتهاء الحرب، برز إضافة إلى هؤلاء الشعراء آخرون، أمثال إريك لِنديغرين Erik Lindegrenوكارل فِنبري Karl Vennberg. أما في الخمسينيات فقد انتقلت الريادة إلى توماس ترانسترومر Tomas Tranströmer وبو سِترلِندBo Setterlind، وإلى ناثرين أمثال لارس جيلِّنستين Lars Gyllensten وبيرغيتّا تروتسِغBirgetta Trotzig، وإلى المسرحي ستيغ داغرمن Stig Dagerman.
    تميزت ستينيات القرن العشرين المضطربة بالوعي الاجتماعي والاهتمام بالقضايا الإنسانية، فظهر شعراء أمثال جوران بالم Göran Palm وفولكِه إيساكسونFolke Isaksson إلا أن جوران صونيفي Göran Sonnevi كان أبرزهم. أما بين الناثرين فقد كتب بير أولوف إنكفيست Per Olof Enquistفي النقد والسيرة والرواية التاريخية، وكتب يان ميردال Jan Myrdal عدداً من مؤلفاته بطريقة التقرير الصحفي، كما كتب يرشيلدP.C.Jersild نقداً لاذعاً للمجتمع وقدم صورة مروعة له في عدة روايات منها «بيت بابل»Babels hus. وفي الربع الأخير من القرن نشطت كاتبات عديدات مثل غُنبريت سُندستروم Gunn-Britt Sundström وإنغر آلفين Inger Alvén وشيشتين إيكمان Kerstin Ekman اللواتي كتبن حول المسائل العائلية والاجتماعية، وشاعرات مثل سونيا أوكِسونSonja Åkeson وإيفا ستروم Ewa Ström وآن ييدرلُند Ann Jäderlund. ومن الشخصيات الكبيرة في الأدب السويدي الحديث الروائيون سفِن ديلبلانك Sven Delblancوساره ليدمان Sara Lidman وبيرِ ـ غونار إيفاندر Per-Gunnar Evander وستيغ لارسونStig Larsso، والشاعر لارس نورين Lars Norénالمعروف بصفته مسرحياً أيضاً. ولا يمكن إغفال الكتاب والصحفيين الوجدانيين الذين ناصروا قضايا الشعوب المستضعفة في العالم الثالث من أمثال الصحفي والكاتب والناقد أولوف لاغركرانتس[ر] Olof Lagerkrantz الذي وقف طيلة أكثر من نصف قرن في وجه طغيان القوي، من فييتنام إلى فلسطين والعراق، وأيضاً يان ميردال، ويان غييو Jan Guillou الذي فضح أساليب الاستخبارات في الداخل والخارج، ووقف إلى جانب الفلسطينيين في كفاحهم ضد المحتل، كما كتب روايات بوليسية وتاريخية كما في ثلاثيته حول الحروب الصليبية والفائدة التي جنتها أوربا نتيجة اللقاء مع الحضارة العربية الإسلامية.
    أسهم الكتاب السويديون، من أمثال إيلسا بيسكو Elsa Beskow وتوفه يانسونTove Jansson وغيرهم، في تطوير أدب الأطفال. وقد كانت أستريد لِندغرين Astrid Lindgren أبرز هؤلاء وترجمت مؤلفاتها، وخاصة تلك حول «بيبي ذات الجوارب الطويلة» Pippi Långstrump إلى أغلب لغات العالم. كذلك لا بد من ذكر إسهامات الكتاب الفندلنديين الذين كتبوا باللغة السويدية من أمثال زكرياس توبيليوس Z.Topelius وإلمر ديكتونيوس E.Diktonius ويوهان لودفيغ رونيبيري J.L.Runeberg وإيديت سودرغرانE.Södergran الذين أغنوا هذا التراث الأدبي.
    طارق علوش

يعمل...
X