السكيثيون Scythians - Scythes

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • السكيثيون Scythians - Scythes

    السكيثيون

    السكيثيون Scythians اسم أطلقه اليونانيون على الشعب الذي أقام في الألف الأول ق.م على الساحل الشمالي للبحر الأسود. ولكن نتائج أعمال التنقيب الأثري التي جرت في مواقع متعددة، وممتدة ما بين أوكرانيا وآسيا الوسطى وصولاً إلى المناطق الشمالية للصين، دلت على أن هذه المنطقة المترامية الأطراف كانت تجوب فيها مجموعة قبلية كبيرة خلفت مظاهر حضارية متشابهة كانت إحدى مجموعاتها، المجموعة التي أطلق عليها الإغريق اسم السكيث.
    وقد أورد المؤرخ الإغريقي هيرودوت، الذي عاش في القرن الخامس ق.م، وجال في بعض مواطن السكيث، بعض الروايات المتعلقة بأصولهم، لعل أقربها إلى الواقع تلك التي تقول بأنهم من البدو الرحل الذين وصلوا إلى شمال البحر الأسود من آسيا، بعدما طردتهم قبائل أخرى غير معروفة، ومن ثم يمكن القول أن السكيث الذين تحدث عنهم مؤرخ الإغريق كانوا نتيجة اختلاط السكان الأصليين لشمال البحر الأسود مع قبائل بدوية ذات أصول هندو ـ أوربية وصلت إلى هنا من جهات نهر الفولغا، وكونت الطبقة السائدة في المجتمعات التي حلت بين ظهرانيها. وعلى الأغلب، فإن هذه الأحداث جرت في الألف الأول ق.م.
    انتظم السكيثيون في مجموعات قبلية، بعضها كان مستقراً مزارعاً وبعضهم الآخر كان يعيش حياة البداوة والترحال، فالقبائل التي كانت تعيش في الأجزاء الغربية من سكيثيا من قبائل كالييداي على نهر بوك والالزوني على نهر دنيستر وهيبانس واروتير كانوا من المزارعين، في حين أن القبائل القاطنة في شرقي سكيثيا ومن أشهرها قبيلة كيوركي كانت من القبائل الرحالة، على الرغم من أن مناطق انتشارها الواقعة بين نهر ايتكول ودنيبر كانت مناطق زراعية. ويشار إلى أن القبيلة السكيثية الملكية، التي انحدر منها ملوك السكيث، كانت أيضاً من القبائل البدوية، وكانت ترتحل بين نهري الدنيبر والدون. وهناك مجموعة قبلية ثالثة هي تلك التي نزحت إلى آسيا الصغرى بقيادة قبائل الماساكيت، وعبروا نهر أراكس وصولاً إلى أرض الكميريين .
    ويمكن استعراض تاريخ القبائل السكيثية في إطارين. الأول يشمل القبائل التي بقيت في مواطنها في شمالي البحر الأسود. والثاني القبائل التي هاجرت إلى آسيا الصغرى ووصلت إلى شمال بلاد الرافدين.فأما المجموعة الأولى فلعل أهم ما يرد في المصادر الإغريقية عنها هي الحرب التي شنها عليها الملك الفارسي دارا الأول (521-485ق.م) الذي عبر مضيق الدردنيل ووصل إلى بلاد السكيث، لكنه انسحب أمام مقاومتهم العنيفة، وفي القرن الرابع ق.م (339ق.م) هاجم فيليب الثاني المقدوني السكيث القاطنين على ضفاف الدانوب وحقق عليهم انتصاراً ساحقاً وذبح ملكهم اتياس، وأجبرهم على مغادرة هذه المناطق، إلا أنهم ظلوا يؤلفون أغلبية كبيرة حول نهر اولبيا وكذلك في منطقة تومي، حيث أسسوا هنا دولة غدت في النصف الثاني من القرن الثاني ق.م، نواة لمملكة عظيمة تحت قيادة سكيلوروس الذي هدد شبه جزيرة القرم ووقف في وجه مثريدات السادس ملك البونتوس الذي دمر قوات سكيلوروس وشتت قبائله. ومنذ ذلك الوقت اخذ اسم السكيث بالاختفاء تدريجياً مع طغيان مسميات أخرى لقبائل ربما كانت تؤلف جزءاً من القبائل السكيثية (السرمات ـ الآلان). أما القبائل التي دخلت آسيا الصغرى، فحسبما يورد هيرودوت فان هذه القبائل اندفعت في سورية حتى وصلت مصر، ولم يردهم عن دخول مصر إلا الأموال الطائلة التي دفعها لهم ملك مصر العجوز «بسماتيخ»، فعادوا من هناك واستقروا في منطقة المجرى الأعلى لنهر الفرات حيث عثر على آثارهم هناك. ومن هذه المنطقة بدأ السكيث بمهاجمة أطراف الدولتين الآشورية والاورارتية، ولقد حاول أسرحدون ملك آشور (681-669 ق.م) اجتذابهم إلى جانبه، فعمد إلى تزويج إحدى بناته من زعيمهم المدعو برتاتو. ولكن كان من الصعب على هؤلاء الفرسان البداوة الركون إلى السلم، لذلك سرعان ما دخلوا في تحالف مع الميديين ضد الآشوريين وهاجموا العاصمة الآشورية نينوى سوية، ولكن سرعان ما انقلب السكيث على حلفائهم الميديين، وأخضعوهم لسلطانهم وأجبروهم على دفع الجزية لهم. واستمر الأمر على هذه الحال ثمانية وعشرين عاماً إلى أن تخلص الميديون من تسلط السكيثيين عليهم بعد أن دبروا مذبحة كبيرة لزعمائهم وقادتهم، ولم تقم لهم قوة ذات شأن بعد ذلك، وتوطنوا في المناطق التي تشكل جمهوريات أرمينيا وأذربيجان وبعض نواحي إيران الغربية.
    أما عن أهم المظاهر الحضارية للسكيث، فلا بد من القول إن السكيث لم تكن لهم أبجدية خاصة بهم، ولم يتركوا أي كتابات، وكل المعلومات عنهم تُستقى من المصادر الكلاسيكية والتنقيبات الأثرية.
    ولغة السكيث تنتمي إلى مجموعات اللغات الهندواوربية وهي أقرب إلى لغة الآسيين المعاصرين الذين يقيمون في شمال القفقاس. وأما من حيث معتقداتهم الدينية، فقد آمن السكيث بمجموعة من الآلهة مثل بابايوس وزوجته وهي في مجملها تشبه الآلهة الإغريقية من ناحية السلطة والسيطرة على ظواهر الطبيعة. ولعل أهم هذه الآلهة كان الإله «اريس»، إذ كان السكيث يجمعون كومة كبيرة من الحطب كل سنة وينصبون عليها سيفاً من سيوفهم في 150موقعاً ثم يصبون دماء أعدائهم من الأسرى والسبايا عليها قرباناً لذلك الإله. إضافة إلى ذلك فقد كان السكيث يؤمنون ببعض القوى السحرية ويعالجون مرضاهم بالقيام ببعض الأعمال التي لها علاقة بهذه القوى.
    وقد دفن السكيث موتاهم باحترام كبير وخصصوا منطقة كرهوس عند الانحناءات العظيمة لنهر الدنيبر، وكانوا يدفنون مع الملك إحدى محظياته بعد شنقها وكذلك حامل كأسه وطاهيه وسائسه وخادمه الخاص وحامل رسائله وبعض خيوله وبعض الكؤوس الذهبية.
    ولعل أهم ما قدمته المواقع السكيثيية المنقبة، وخاصة في أوكرانيا، مجموعات كبيرة من أدوات الزينة التي عليها تأثيرات شرقية واضحة، آشورية وأورارتية، ومع ذلك فقد تميز السكيثيون بتصوير أنواع معينة من الحيوانات في هيئات تقليدية ثابتة وكانت هذه الصور ترسم على مختلف الأدوات والحاجيات المعيشية والطقوسية وعلى الأسلحة وعلى عدة الخيل وعلى الأوعية المستخدمة في الطقوس والشعائر وعلى الحلي الذهبية الصغيرة التي تزين ثياب الوجهاء السكيث وعلى الأغطية الجنائزية.
    جباغ سيف الدين قابلو

يعمل...
X