مسكين دارمي
Miskin al-Drami - Miskin al-Drami
مسكين الدارمي
(…ـ 89 هـ/… ـ 708م)
ربيعة بن عامر بن أُنيْف بن شُريح ابن عمرو، ينتهي نسبه إلى دارم بن مالك بن حنظلة بن زيد مناة بن تميم، ومسكين لقبه، لبيتين قالهما، أوّلهما:
أنا مِسْكينُ لمن أنكرني
ولمن يَعْرِفُني جِدُّ نَطِقْ
وثانيهما:
وسُمِّيتُ مِسْكيناً، وكانَت لحاجةً
وإني لمِسْكينٌ إلى الله راغبُ
كان رجلاً شريفاً وسيداً من سادات قومه، عاش في الشطر الأول من الخلافة الأموية، مُقيماً في مدينة الكوفة، ومرتحلاً إلى دمشق مقيماً فيها بعض الوقت، (وقدّر صاحب تاريخ التراث العربي سنة وفاته بنحو 89 للهجرة).
ولا تذكر المصادر التي ترجمت له أنّ له عقباً، وقد تزوّج امرأة من بني مِنْقر من تميم، وكانت شديدة الخصومة، فجازت به يوماً في نادي قومه وهو يُنشد:
إن كنتُ مسكيناً فما قصّرت
قدري بيوت الحيّ والجُدر
ناري ونار الجار واحدةٌ
وإليه قبِلي تُنْزَل القدرُ
فقالت: صدقت ـ والله ـ يَجلس جارُك يَطبُخُ قِدره، فتصطلي بناره، ثم يُنزِلها فيأكُلُ، وأنت بحذائِه مثل الكلب، فإذ شبِع أطعَمك، فأعرض عنها.
اتصل بالخليفة معاوية بن أبي سفيانt، وكان على علاقةٍ طيبةٍ به، يُزْجي إليه المدائح، فيصلُهُ ويُثيبه ويُكرِمه، وهو الذي بشّر بتسمية يزيد ابن معاوية ولياً للعهد، وذلك حين أنشد في مجلس الخليفة، وكبار بني أمية حاضرون:
إليك أمير المؤمنينَ رَحلْتُها
تُثير القطا ليلاً وهُنّ هجودُ
على الطائرِ الميمونِ والجدُّ صاعدٌ
لكل أُناسٍ طاسرٌ وجدودُ
إذا المِنْبَرُ الغربيُّ خَلّى مكانهُ
فإن أمير المؤمنين يزيدُ
فقال معاوية: ننظُر فيما قلت ـ يا مسكين ـ ونستخير الله.
اتصل الشاعر بيزيد بن معاوية فأكرمه، واتصل أيضاً بزياد بن أبيه فأكرمه ووفى بحاجاته، وقد حَفظ مسكينٌ ذلك لزياد، وكان وفيّاً له، وصدى ذلك جليّ فيما قاله في رثائه:
رأيت زيادة الإسلامِ وَلّت
جهاراً حين ودّعنا زيادُ
وقد يكون هذا الرثاء سبباً في المُهاجاة التي ثارت بينه وبين الفرزدق؛ لأن الفرزدق عارضهُ وهجا زياداً، فردّ عليه مسكينٌ مفتخراً بأهله وأجداده، فأمسك الفرزدق ولم يُجبهُ، وتكافّا، وعدّ الفرزدق تلك المهاجاة من الشدائد؛ لأنه إن هجاه فإنه سيهدم شطراً من حَسبه، فهما ينتميان إلى بني دارم من تميم.
تنوّعت فنون القول عند مسكين فقد مدح معاوية ويزيد وزياداً، وهجا الفرزدق، وتميّز بمجموعة من الأبيات في الحكمة نالت حظاً من الشهرة، وصارت موضع استشهاد، مثل قوله:
أخاك أخاك إنّ مَنْ لا أخا له
كساعٍ إلى الهيجا بغير سلاح
وإنّ ابن أمِّ المرءِ - فاعلم – جناحُه
وهل ينهض البازي بغير جناح
واتسم شعره بالعفة، والبعد عن الفاحشة، واقتربَ من الزهد في مثل قوله:
وإذا الفاحش لاقى فاحشا
فهناكم وافق الشنُّ الطبقْ
أيّها السائل عمّن قد مضى
هل جديدٌ مثل ملبوسٍ خلقْ
وعدّ صاحب «الأغاني» أنّ أشعر ما قيل في الغيرة قوله:
ألا أيها الغائرُ المُستشيـــ
ـــط علامَ تغارُ إذا لم تُغرْ
تغارُ على الناس أن ينظُروا
وهل يفتنُ الصالحات النظر
يُعد شعر مسكين الدارمي وثيقةً مهمةً فيها صدى الاتجاهات السياسية والفكرية في عصره، وقد جمعه عبد الله الجبوريّ وخليل العطية.
عبد الرحمن عبد الرحيم
Miskin al-Drami - Miskin al-Drami
مسكين الدارمي
(…ـ 89 هـ/… ـ 708م)
ربيعة بن عامر بن أُنيْف بن شُريح ابن عمرو، ينتهي نسبه إلى دارم بن مالك بن حنظلة بن زيد مناة بن تميم، ومسكين لقبه، لبيتين قالهما، أوّلهما:
أنا مِسْكينُ لمن أنكرني
ولمن يَعْرِفُني جِدُّ نَطِقْ
وثانيهما:
وسُمِّيتُ مِسْكيناً، وكانَت لحاجةً
وإني لمِسْكينٌ إلى الله راغبُ
كان رجلاً شريفاً وسيداً من سادات قومه، عاش في الشطر الأول من الخلافة الأموية، مُقيماً في مدينة الكوفة، ومرتحلاً إلى دمشق مقيماً فيها بعض الوقت، (وقدّر صاحب تاريخ التراث العربي سنة وفاته بنحو 89 للهجرة).
ولا تذكر المصادر التي ترجمت له أنّ له عقباً، وقد تزوّج امرأة من بني مِنْقر من تميم، وكانت شديدة الخصومة، فجازت به يوماً في نادي قومه وهو يُنشد:
إن كنتُ مسكيناً فما قصّرت
قدري بيوت الحيّ والجُدر
ناري ونار الجار واحدةٌ
وإليه قبِلي تُنْزَل القدرُ
فقالت: صدقت ـ والله ـ يَجلس جارُك يَطبُخُ قِدره، فتصطلي بناره، ثم يُنزِلها فيأكُلُ، وأنت بحذائِه مثل الكلب، فإذ شبِع أطعَمك، فأعرض عنها.
اتصل بالخليفة معاوية بن أبي سفيانt، وكان على علاقةٍ طيبةٍ به، يُزْجي إليه المدائح، فيصلُهُ ويُثيبه ويُكرِمه، وهو الذي بشّر بتسمية يزيد ابن معاوية ولياً للعهد، وذلك حين أنشد في مجلس الخليفة، وكبار بني أمية حاضرون:
إليك أمير المؤمنينَ رَحلْتُها
تُثير القطا ليلاً وهُنّ هجودُ
على الطائرِ الميمونِ والجدُّ صاعدٌ
لكل أُناسٍ طاسرٌ وجدودُ
إذا المِنْبَرُ الغربيُّ خَلّى مكانهُ
فإن أمير المؤمنين يزيدُ
فقال معاوية: ننظُر فيما قلت ـ يا مسكين ـ ونستخير الله.
اتصل الشاعر بيزيد بن معاوية فأكرمه، واتصل أيضاً بزياد بن أبيه فأكرمه ووفى بحاجاته، وقد حَفظ مسكينٌ ذلك لزياد، وكان وفيّاً له، وصدى ذلك جليّ فيما قاله في رثائه:
رأيت زيادة الإسلامِ وَلّت
جهاراً حين ودّعنا زيادُ
وقد يكون هذا الرثاء سبباً في المُهاجاة التي ثارت بينه وبين الفرزدق؛ لأن الفرزدق عارضهُ وهجا زياداً، فردّ عليه مسكينٌ مفتخراً بأهله وأجداده، فأمسك الفرزدق ولم يُجبهُ، وتكافّا، وعدّ الفرزدق تلك المهاجاة من الشدائد؛ لأنه إن هجاه فإنه سيهدم شطراً من حَسبه، فهما ينتميان إلى بني دارم من تميم.
تنوّعت فنون القول عند مسكين فقد مدح معاوية ويزيد وزياداً، وهجا الفرزدق، وتميّز بمجموعة من الأبيات في الحكمة نالت حظاً من الشهرة، وصارت موضع استشهاد، مثل قوله:
أخاك أخاك إنّ مَنْ لا أخا له
كساعٍ إلى الهيجا بغير سلاح
وإنّ ابن أمِّ المرءِ - فاعلم – جناحُه
وهل ينهض البازي بغير جناح
واتسم شعره بالعفة، والبعد عن الفاحشة، واقتربَ من الزهد في مثل قوله:
وإذا الفاحش لاقى فاحشا
فهناكم وافق الشنُّ الطبقْ
أيّها السائل عمّن قد مضى
هل جديدٌ مثل ملبوسٍ خلقْ
وعدّ صاحب «الأغاني» أنّ أشعر ما قيل في الغيرة قوله:
ألا أيها الغائرُ المُستشيـــ
ـــط علامَ تغارُ إذا لم تُغرْ
تغارُ على الناس أن ينظُروا
وهل يفتنُ الصالحات النظر
يُعد شعر مسكين الدارمي وثيقةً مهمةً فيها صدى الاتجاهات السياسية والفكرية في عصره، وقد جمعه عبد الله الجبوريّ وخليل العطية.
عبد الرحمن عبد الرحيم