غارثيا لوركا (فدريك)
Garcia Lorca (Federico-) - Garcia Lorca (Federico-)
غارثيا لوركا (فِدريكو ـ)
(1898 ـ 1936)
فِدريكو غارثيا لوركا Federico García Lorca مسرحي وشاعر إسباني، ولد في بلدة فوينتِه باكيروس Fuente Vaqueros قرب غرناطة Granada. كان والده مزارعاً ثرياً يملك الكروم والخيول، وكانت والدته معلمة في مدرسة ابتدائية، ثم تفرغت لبيتها وأولادها. انتقل لوركا إلى غرناطة منذ عام 1909 حيث أنهى دراسته الثانوية، ثم الجامعية في كلية الحقوق علاوة على حضوره محاضرات في الأدب والفلسفة. إلاّ أنه لم يقدم الامتحانات النهائية بسبب انشغاله بالقيام بجولات كثيرة وطويلة الأمد في أنحاء غرناطة متعرفاً تراثها وفنونها الشعبية، جامعاً الأغاني والحكايات والألحان التي كانت أهم مصادر إبداعه الشعري والمسرحي. وفي هذه المرحلة برز تفوق لوركا في العزف على آلتي البيانو والغيتار، وكذلك في الرسم، كما تعمقت قراءاته في الأدب الإسباني القديم والشعر والمسرح المترجم، وارتبط بعلاقات صداقة مع أدباء وفناني مدريد، التي انتقل إليها عام 1919 مثل لويس بونويل L.Buñuel وإميليو برادو E.Brado ورفائل ألبرتي R.Alberti وسلفادور دالي S.Dali وغيرهم. كما عُرف عن لوركا كونه محاضراً لافتاً في لغة ذات جمال مؤثر واطلاع واسع، ولهذا كان غالباً ما يدعى إلى المنتديات والجمعيات الأدبية والفنية للتحدث في الأدب والفن الإسباني القديم والمعاصر، في إسبانيا وأمريكا الشمالية والجنوبية في أثناء رحلاته بين عام 1929و 1934 حيث تعرف في بوينس آيرس إلى بابلو نيرودا P.Neruda.
في عام 1931كَلَّف فرناندو دي لوس ريوس Fernando de los Rios وزير التعليم العالي في الحكومة الجمهورية آنذاك وأستاذ لوركا في جامعة غرناطة، المسرحيَّ الشابَ بإدارة المسرح الجامعي، الذي أطلق عليه تسمية «البرَّاكة» Barraca. وكانت هذه المهمة جل ما يصبو إليه لوركا لمواجهة المسرح التجاري الهابط المفرغ من أي محتوى فكري، ولنشر الثقافة المسرحية الأصيلة المرتبطة بقضايا الشعب الملموسة، فانطلق مع مجموعة من الممثلين والممثلات من طلبة الجامعة في أنحاء إسبانيا كافة على مبدأ المسرح الجوال، مقدماً روائع المسرح الكلاسيكي الإسباني لكتّاب مثل دي بيغا ودي مولينا ودي كاسترو ودي لاباركا وغيرهم، إضافة إلى فواصل ثربانتس الكوميدية اللاذعة، فقد كان يعشقه روائياً ومسرحياً. امتدت عروض الفرقة عامين، كان لوركا في أثنائهما ممثلاً ومخرجاً ومصمم مناظر وموسيقياً، فكان لذلك كبير الأثر في تعميق وتطوير تجربته في الكتابة المسرحية، وفي ترسيخ وعيه بالأثر الاجتماعي للمسرح. ففي إحدى محاضراته عام 1933 قال: «إن المسرح هو الوسيلة الأكبر فائدة والأوضح تعبيراً في بناء الوطن، وهو مقياس عظمته أو تخلفه، ولهذا يجب على المسرح أن يكون فعالية اجتماعية». إلا أن القدر لم يمهل لوركا ليحقق طموحاته المسرحية. فعلى الرغم من ابتعاده عن الحياة السياسية المباشرة وممارساتها سقط ضحية الحرب الأهلية بين الجمهوريين والملكيين، فقد تمت تصفيته على يد الكتائبيين Falangists الإسبان خارج غرناطة بسبب علاقاته الشخصية مع وزير التعليم العالي الجمهوري والأدباء والمثقفين التقدميين. ورغم الاستقصاءات الدؤوبة لمعرفة ملابسات اغتياله ومصير جثته لم يتوصل أحد إلى نتائج حاسمة. ويقال إنَّ أصدقاءه من الغجر قد وجدوا الجثة وواروها التراب من دون معالم خوفاً من انتقام الكتائبيين.
كتب لوركا خلال حياته القصيرة اثنتي عشرة مسرحية، أولاها «سحر الفراشة اللعين» El maleficio de la mariposa ت(1920) وآخرها «بـيت برنـاردا ألبا» La Casa de Bernarda Alba ت(1936) التي تكون الجزء الثالث من ثلاثية مأساة المرأة الريفية الإسبانية مع «عرس الدم» Bodas de sangre ت(1933) ثم «يرما» Yerma ت(1934). أما مسرحيته التاريخية الوحيدة التي استمد موضوعها من التاريخ الوطني الإسباني فهي «ماريانا بينيدا» Mariana Pineda ت(1924) التي سمع قصتها من أفواه الناس طفلاً وتابع موضوعها شاباً. وفي أثناء وجوده في الولايات المتحدة الأمريكية كتب لوركا مسرحية «بعد أن تمضي خمس سنوات» Asi que pasen cinco años ت(1930) و«الجمهور» El público ت(1930) و«زوجة الإسكافي المدهشة» La Zapatera prodigiosa . كما كتب بأسلوب مسرح العرائس «الصور التمثيلية للسيد كريستوبال» El Retabillo de Don Cristobal ت(1931)، إضافة إلى مسرحيات تتمحور أيضاً حول المرأة مثل «السيد برليمبلين يـحب بيليسا في حديقته» Amor de Don Perlimplín con Belisa en su jardín ت(1933) و«الآنسة روزيـتـا العانـس» Doña Rosita la soltera ت(1935).
لقد ظهر مسرح لوركا على الساحة الإسبانية في جو من التناقضات السياسية الاقتصادية والاجتماعية الكارثية والاضطرابات العامة والانتفاضات الفلاحية المتواترة، في المرحلة ما بين إقصاء الملك ألفونسو الثامن عن العرش وإعلان الجمهورية الأولى حتى القضاء على الجمهورية الثانية بانقلاب الجنرال فرانكو عام 1936. ونتيجة لذلك كان الوضع الثقافي بائساً ومزرياً بسبب نظام الرقابة وقمع الحريات وملاحقة الكتاب والمفكرين والفنانين الديمقراطيين الوطنيين، فمنهم من هاجر ومنهم من سجن أو صفّته منظمة حزب الكتائب.
ومنذ عام 1936 غابت مسرحيات لوركا عن خشبات المسرح الإسباني كلية، حتى عام 1960 حين سمح نظام الجنرال فرانكو بعرض مسرحية «يرما»، ومعنى الاسم بالإسبانية «الأرض البور»، مع نشر مقالة لصحفي موالٍ للنظام ينسب فيها اغتيال لوركا إلى مجهول. وواضح أن إعادة مسرحيات لوركا إلى ريبرتوار (برنامج الموسم) المسارح الرسمية في إسبانيا هو انفتاح مزيّف على الفكر الوطني الديمقراطي، لتغطية واقع السياسة الثقافية في عهد فرانكو الفاشي. وقد وقف مسرحيون معاصرون عدة ضد هذا «الاستخدام السياسي» المهين لتراث لوركا المسرحي.
تعالج معظم أعمال لوركا المسرحية أوضاع المرأة الإسبانية التي تسقط مأساوياً نتيجة طغيان التقاليد والأعراف الأخلاقية التي تكبل حريتها وتقيد إمكانيات تفتحها على متطلبات العصر وانخراطها عنصراً فاعلاً في الحياة الاجتماعية الاقتصادية. إنها صرخة مدوية ضد السلفية الأخلاقية التي تعاضدها الكنيسة الكاثوليكية والبرجوازية المهيمنة اقتصادياً وسياسياً. إن شخصياته المسرحية كائنات حية تعاني وتقاسي وتحاول باستماته اختراق السجون المفروضة عليها، ولكن من دون جدوى، لأنها تبقى محاولات فردية من طرف واحد في مواجهة نظام اجتماعي متكافل في الحفاظ على عوامل التخلف. وإذا أنعم الإنسان النظر في تفاصيل ملامح شخصياته النسائية فسيدرك أن المرأة عند لوركا لا تقصد في ذاتها، بل هي رمز لمعاناة إسبانيا الوطن.
إن استقبال المسرح الإسباني المعاصر على صعيد الترجمة والعرض خارج إسبانيا كان ضعيفاً إلى حد كبير مقارنة باستقبال المسارح الأخرى كالفرنسي أو الأمريكي أو الروسي على سبيل المثال، ومع ذلك فقد انتشرت مسرحيات لوركا وعُرضت على خشبات معظم مسارح العالم، ولاسيما في البلدان الاشتراكية السابقة. إلا أن هذا الاهتمام الاستثنائي به لايعود إلى خصوصية مسرحه الشعري بقدر ما ينتج من عدِّ لوركا أحد مناهضي الفاشية وضحاياها. وما يلفت النظر في كتب «تاريخ المسرح» أو في تلك التي تتحدث عن الشاعر في المسرح هو أنها نادراً ما تترك حيزاً للمسرح الإسباني المعاصر أو للوركا بالذات. أما على صعيد استقبال لوركا مسرحياً على خشبات المسارح العربية فقد كان لافتاً للنظر، إذ بدأت ترجمة كتاباته إلى العربية منذ مطلع الستينيات، حتى إن بعض مسرحياته مثل «عرس الدم» قد ترجمت ثلاث مرات إلى العربية عن الإسبانية مباشرة، مثلما جرى مع بقية مسرحياته، عدا «دون برليمبلين يحب بيليسا في حديقته» و«دمى الهراوة» اللتين ترجمتا عن الإنكليزية عام 1981. ولم يقتصر استقباله على الترجمة فحسب، فقد قُدمت مسرحياته المهمة، ولا سيما ثلاثيته «عرس الدم» و«يرما» و«بيت برناردا ألبا» في أكثر من بلد عربي وبإخراجات متعددة في البلد الواحد، سواء من قبل المسارح القومية أو من قبل فرق المنظمات الشعبية أو فرق الهواة. وسبب هذا الاهتمام بمسرح لوركا عربياً يعود إلى التشابه الكبير بين أجواء مسرحياته الأندلسية ومعالجاته أوضاع المرأة والأجواء العربية وأوضاع المرأة فيها.
وعلى صعيد الشعر صدر للوركا ثلاثة دواوين؛ هي «قصائد قصصية غجرية» Romancero Gitano ت(1928)، و«قصيدة الأغنية الشعبية الأندلسية» Poema del Cante jondo ت(1931)، و«شاعر في نيويورك» Poeta en Nueva York الذي نُشر بعد وفاته في عام 1940.
عند صدور «قصائد قصصية غجرية» كان له وقع استثنائي في الوسط الأدبي الإسباني الذي كان يطالب بالشعر النقي، في حين استمدت قصائد لوركا قوتها من تقاليد القصيدة القصصية الشعبية كما تجلت في الأغاني الغجرية التي اكتشف غناها وموسيقاها كل من ألبرتي وديفايا De Falla. لكن لوركا لم يقع أسير اللغة التراثية بقدر ما اشتغل على صقلها لتحقق أعلى درجات التعبير والإيحاء، مستلهماً تجربة الشاعر خوان رامون خيمينث.
وفي الديوان الثاني «قصيدة الأغنية الشعبية الأندلسية» تابع لوركا تجربته في استلهام تراث الأغنية الشعبية الأندلسية التي تتناول في القصيدة الواحدة مشاعر متناقضة كالحب والبغض والإيثار والأنانية في لغة تصويرية عميقة التعبير، بالغة التأثير، حيث صار لهذا الأسلوب الشعري الجديد/القديم أتباع ومقلدون.
أما قصائد الديوان الثالث «شاعر في نيويورك» فهي تعكس الزلزال الذي عاشه لوركا في الولايات المتحدة، وفي نيويورك خاصة من خلال مواجهته مع حقيقة الحضارة الصناعية الرأسمالية التي حولت الإنسان إلى آلة مفرغة من الإحساسات والمشاعر، وكانت أدواته التعبيرية متأثرة بتراث السريالية الإسبانية، ولكن من دون أن تجردها من جوهرها الشفاف. وقد ترجمت مؤلفاته إلى لغات عدة، منها العربية.
نبيل الحفار
Garcia Lorca (Federico-) - Garcia Lorca (Federico-)
غارثيا لوركا (فِدريكو ـ)
(1898 ـ 1936)
في عام 1931كَلَّف فرناندو دي لوس ريوس Fernando de los Rios وزير التعليم العالي في الحكومة الجمهورية آنذاك وأستاذ لوركا في جامعة غرناطة، المسرحيَّ الشابَ بإدارة المسرح الجامعي، الذي أطلق عليه تسمية «البرَّاكة» Barraca. وكانت هذه المهمة جل ما يصبو إليه لوركا لمواجهة المسرح التجاري الهابط المفرغ من أي محتوى فكري، ولنشر الثقافة المسرحية الأصيلة المرتبطة بقضايا الشعب الملموسة، فانطلق مع مجموعة من الممثلين والممثلات من طلبة الجامعة في أنحاء إسبانيا كافة على مبدأ المسرح الجوال، مقدماً روائع المسرح الكلاسيكي الإسباني لكتّاب مثل دي بيغا ودي مولينا ودي كاسترو ودي لاباركا وغيرهم، إضافة إلى فواصل ثربانتس الكوميدية اللاذعة، فقد كان يعشقه روائياً ومسرحياً. امتدت عروض الفرقة عامين، كان لوركا في أثنائهما ممثلاً ومخرجاً ومصمم مناظر وموسيقياً، فكان لذلك كبير الأثر في تعميق وتطوير تجربته في الكتابة المسرحية، وفي ترسيخ وعيه بالأثر الاجتماعي للمسرح. ففي إحدى محاضراته عام 1933 قال: «إن المسرح هو الوسيلة الأكبر فائدة والأوضح تعبيراً في بناء الوطن، وهو مقياس عظمته أو تخلفه، ولهذا يجب على المسرح أن يكون فعالية اجتماعية». إلا أن القدر لم يمهل لوركا ليحقق طموحاته المسرحية. فعلى الرغم من ابتعاده عن الحياة السياسية المباشرة وممارساتها سقط ضحية الحرب الأهلية بين الجمهوريين والملكيين، فقد تمت تصفيته على يد الكتائبيين Falangists الإسبان خارج غرناطة بسبب علاقاته الشخصية مع وزير التعليم العالي الجمهوري والأدباء والمثقفين التقدميين. ورغم الاستقصاءات الدؤوبة لمعرفة ملابسات اغتياله ومصير جثته لم يتوصل أحد إلى نتائج حاسمة. ويقال إنَّ أصدقاءه من الغجر قد وجدوا الجثة وواروها التراب من دون معالم خوفاً من انتقام الكتائبيين.
مشهد من مسرحية "بيت برناردا آليا" |
لقد ظهر مسرح لوركا على الساحة الإسبانية في جو من التناقضات السياسية الاقتصادية والاجتماعية الكارثية والاضطرابات العامة والانتفاضات الفلاحية المتواترة، في المرحلة ما بين إقصاء الملك ألفونسو الثامن عن العرش وإعلان الجمهورية الأولى حتى القضاء على الجمهورية الثانية بانقلاب الجنرال فرانكو عام 1936. ونتيجة لذلك كان الوضع الثقافي بائساً ومزرياً بسبب نظام الرقابة وقمع الحريات وملاحقة الكتاب والمفكرين والفنانين الديمقراطيين الوطنيين، فمنهم من هاجر ومنهم من سجن أو صفّته منظمة حزب الكتائب.
ومنذ عام 1936 غابت مسرحيات لوركا عن خشبات المسرح الإسباني كلية، حتى عام 1960 حين سمح نظام الجنرال فرانكو بعرض مسرحية «يرما»، ومعنى الاسم بالإسبانية «الأرض البور»، مع نشر مقالة لصحفي موالٍ للنظام ينسب فيها اغتيال لوركا إلى مجهول. وواضح أن إعادة مسرحيات لوركا إلى ريبرتوار (برنامج الموسم) المسارح الرسمية في إسبانيا هو انفتاح مزيّف على الفكر الوطني الديمقراطي، لتغطية واقع السياسة الثقافية في عهد فرانكو الفاشي. وقد وقف مسرحيون معاصرون عدة ضد هذا «الاستخدام السياسي» المهين لتراث لوركا المسرحي.
تعالج معظم أعمال لوركا المسرحية أوضاع المرأة الإسبانية التي تسقط مأساوياً نتيجة طغيان التقاليد والأعراف الأخلاقية التي تكبل حريتها وتقيد إمكانيات تفتحها على متطلبات العصر وانخراطها عنصراً فاعلاً في الحياة الاجتماعية الاقتصادية. إنها صرخة مدوية ضد السلفية الأخلاقية التي تعاضدها الكنيسة الكاثوليكية والبرجوازية المهيمنة اقتصادياً وسياسياً. إن شخصياته المسرحية كائنات حية تعاني وتقاسي وتحاول باستماته اختراق السجون المفروضة عليها، ولكن من دون جدوى، لأنها تبقى محاولات فردية من طرف واحد في مواجهة نظام اجتماعي متكافل في الحفاظ على عوامل التخلف. وإذا أنعم الإنسان النظر في تفاصيل ملامح شخصياته النسائية فسيدرك أن المرأة عند لوركا لا تقصد في ذاتها، بل هي رمز لمعاناة إسبانيا الوطن.
مشهد من مسرحية "عرس الدم" |
وعلى صعيد الشعر صدر للوركا ثلاثة دواوين؛ هي «قصائد قصصية غجرية» Romancero Gitano ت(1928)، و«قصيدة الأغنية الشعبية الأندلسية» Poema del Cante jondo ت(1931)، و«شاعر في نيويورك» Poeta en Nueva York الذي نُشر بعد وفاته في عام 1940.
عند صدور «قصائد قصصية غجرية» كان له وقع استثنائي في الوسط الأدبي الإسباني الذي كان يطالب بالشعر النقي، في حين استمدت قصائد لوركا قوتها من تقاليد القصيدة القصصية الشعبية كما تجلت في الأغاني الغجرية التي اكتشف غناها وموسيقاها كل من ألبرتي وديفايا De Falla. لكن لوركا لم يقع أسير اللغة التراثية بقدر ما اشتغل على صقلها لتحقق أعلى درجات التعبير والإيحاء، مستلهماً تجربة الشاعر خوان رامون خيمينث.
وفي الديوان الثاني «قصيدة الأغنية الشعبية الأندلسية» تابع لوركا تجربته في استلهام تراث الأغنية الشعبية الأندلسية التي تتناول في القصيدة الواحدة مشاعر متناقضة كالحب والبغض والإيثار والأنانية في لغة تصويرية عميقة التعبير، بالغة التأثير، حيث صار لهذا الأسلوب الشعري الجديد/القديم أتباع ومقلدون.
أما قصائد الديوان الثالث «شاعر في نيويورك» فهي تعكس الزلزال الذي عاشه لوركا في الولايات المتحدة، وفي نيويورك خاصة من خلال مواجهته مع حقيقة الحضارة الصناعية الرأسمالية التي حولت الإنسان إلى آلة مفرغة من الإحساسات والمشاعر، وكانت أدواته التعبيرية متأثرة بتراث السريالية الإسبانية، ولكن من دون أن تجردها من جوهرها الشفاف. وقد ترجمت مؤلفاته إلى لغات عدة، منها العربية.
نبيل الحفار