رينان (ارنست)
Renan (Ernest-) - Renan (Ernest-)
رينان (إرنست ـ)
(1823 ـ 1892)
إرنست رينان Ernest Renan مؤرخ وفيلسوف ومستشرق فرنسي، ولد في تريغييه Tréguier، وهي بلدة في مقاطعة بروتانية Bretagne الواقعة في الجزء الشمالي الغربي من فرنسا، لأسرة عانت الفقر وضيق العيش، ونشأ في بيئة شديدة التدين.عمل والده ملاّحاً، وقد توفي ورينان طفل في الخامسة من عمره، فتولت والدته وشقيقته هنرييت تربيته.
درس في المدرسة الإكليريكية في «تريغييه» على معلمين دينيين، وبفضل تميزه وتفوقه في دراسته حصل على منحة دراسية في عام 1838، فانتقل إلى باريس ليتابع دراسته في معهد القديس سان نيقولا دي شاردونيه. ثم انتقل إلى إكليريكية إيسّي في عام 1841، ومنها انتقل إلى معهد القديس سُلبيس، فأمضى فيه عامين في دراسة الآداب القديمة والفلسفة، ولاسيما الفلسفة الألمانية، وفي إتقان اللغة الألمانية التي أتاحت له الاطلاع على التفاسير الحديثة للكتاب المقدس، التي أدلى بها الباحثون الألمان، وكشفت له هذه الدراسة عن آفاق فكرية جديدة، وأثّر ذلك كله في عقيدته تأثيراً كبيراً.
عانى رينان بعدها أزمة إيمان أدت به إلى الارتداد عن عقيدته الكاثوليكية والابتعاد عن إيمانه، فخلع الثوب الكهنوتي وترك الدراسة اللاهوتية في المعهد، ثم عمل مدرّساً بإحدى المدارس الداخلية، لكن ذلك لم يثنِه عن تحضير امتحاناته الجامعية، وتعميق معرفته للغات، وخاصة اللغات السامية، التي تضلَّع منها حتى صار من ثـقاتها.
منحته «أكاديمية النقوش والفنون الجميلة» التابعة للكوليج دو فرانس في عام 1847 جائزة فولني على بحثه التاريخي والنظري حول اللغات السامية، وكان نواة كتابه الذي أصدره فيما بعد عن تاريخ اللغات السامية.
حصل على درجة الأستاذية في الفلسفة في عام 1848، وبعدها سافر إلى إيطاليا بعد أن كلفه «الكوليج دو فرانس» في عام 1849 مهمةَ البحث عن مخطوطات شرقية في المكتبات الإيطالية، فزار روما وفلورنسا وبادوا والبندقية. وبُعيد عودته إلى فرنسا أسندت إليه مهمة تصنيف المخطوطات السريانية وترتيبها في المكتبة الوطنية، كما كتب موضوعات عديدة في أثناء ذلك في مجلة «العالَمَيْن» وصحيفة «الديبا», وكانت إقامته في الخارج فرصة ثمينة له كي يجمع المواد اللازمة لاستكمال دراسته الجامعية.
حصل على الدكتوراه في الآداب في عام 1852 عن أطروحة موضوعها «ابن رشد والرشدية» وقد أسهمت في تعزيز مكانته بين المستشرقين، لكنه أنكر فيها على المسلمين فلسفتهم زاعماً أنها فلسفة يونانية مكتوبة بحروف عربية.
نشر في عام 1855 كتابه «التاريخ العام للغات السامية ونظامها المقارن» تناول فيه علاقة النحو العربي بمنطق أرسطو في جزأين.
اختير في عام 1856 عضواً في «أكاديمية النقوش والفنون الجميلة»، وتزوج في العام نفسه.
أوفده الامبراطور نابليون الثالث في عام 1860 إلى المشرق للقيام بأعمال تنقيب آثاري، فزار سورية وفلسطين برفقة شقيقته وزوجته، وقد دوّن نتائج هذه البعثة في كتاب بعنوان «البعثة في فينيقيا» (1864ـ1874).
عاد من رحلته بعد أن توفيت شقيقته بالبرداء(الملاريا)، ثم عين في عام 1862 أستاذاً للغة العبرية في الكوليج دو فرانس.
لكنه في أول محاضرة له في هذا المعهد في شباط من عام 1862، وصف السيد المسيح بأنه «رجل لا نظير له» مما أثار غضب رجال الدين في فرنسا، فسعوا سعيهم لدى الامبراطور نابليون الثالث حتى أُوقفت محاضراته, ثم ألغيت.
لاقى كتابه «حياة يسوع» (1863) رواجاً كبيراً على الرغم من أنه واجه انتقادات كثيرة, وكانت زيارته لفلسطين ومشاهدته البلاد التي عاش فيها السيد المسيح، عوناً له على تأليف هذا الكتاب، وهو الجزء الأول من كتاب «تاريخ أصول المسيحية»، الذي يقع في سبعة أجزاء نشرت بين عامي 1863و1881.
زار أثينا في عام 1865، وكانت رحلته هذه مصدر إلهام له في كتابَه «صلاة على الأكروبوليس» وقد ضمّنها في مؤلَّفه» ذكريات الطفولة والشباب» الذي نشر في عام 1883.
انتخب عضواً في الأكاديمية الفرنسية في عام 1878، ثم عيّن مديراً للكوليج دو فرانس في عام 1883، وظل في منصبه هذا حتى وفاته في باريس.
نشر كتابه «مستقبل العلم» في عام1890، يظهر فيه تأثره بالفيلسوف الألماني هردر فيما يتصل بتطور الإنسانية, وكان رينان قد أتم تأليف كتابه وهو في الخامسة والعشرين من عمره لكنه احتفظ به دون أن ينشره بعد أن نصحه أوغستان تييرّي بذلك.
تميز رينان بنزعة عقلانية صريحة، وقد أعطى للعلم أهمية كبرى وأكد أولوية الفكر وتطور العقل المستمر، فهو يرى أن «غاية العلم هي نمو العقل وتطوره» وأن العلم سينظم الإنسانية ليصل بها إلى الكمال.
محمود الشاعر
Renan (Ernest-) - Renan (Ernest-)
رينان (إرنست ـ)
(1823 ـ 1892)
إرنست رينان Ernest Renan مؤرخ وفيلسوف ومستشرق فرنسي، ولد في تريغييه Tréguier، وهي بلدة في مقاطعة بروتانية Bretagne الواقعة في الجزء الشمالي الغربي من فرنسا، لأسرة عانت الفقر وضيق العيش، ونشأ في بيئة شديدة التدين.عمل والده ملاّحاً، وقد توفي ورينان طفل في الخامسة من عمره، فتولت والدته وشقيقته هنرييت تربيته.
عانى رينان بعدها أزمة إيمان أدت به إلى الارتداد عن عقيدته الكاثوليكية والابتعاد عن إيمانه، فخلع الثوب الكهنوتي وترك الدراسة اللاهوتية في المعهد، ثم عمل مدرّساً بإحدى المدارس الداخلية، لكن ذلك لم يثنِه عن تحضير امتحاناته الجامعية، وتعميق معرفته للغات، وخاصة اللغات السامية، التي تضلَّع منها حتى صار من ثـقاتها.
منحته «أكاديمية النقوش والفنون الجميلة» التابعة للكوليج دو فرانس في عام 1847 جائزة فولني على بحثه التاريخي والنظري حول اللغات السامية، وكان نواة كتابه الذي أصدره فيما بعد عن تاريخ اللغات السامية.
حصل على درجة الأستاذية في الفلسفة في عام 1848، وبعدها سافر إلى إيطاليا بعد أن كلفه «الكوليج دو فرانس» في عام 1849 مهمةَ البحث عن مخطوطات شرقية في المكتبات الإيطالية، فزار روما وفلورنسا وبادوا والبندقية. وبُعيد عودته إلى فرنسا أسندت إليه مهمة تصنيف المخطوطات السريانية وترتيبها في المكتبة الوطنية، كما كتب موضوعات عديدة في أثناء ذلك في مجلة «العالَمَيْن» وصحيفة «الديبا», وكانت إقامته في الخارج فرصة ثمينة له كي يجمع المواد اللازمة لاستكمال دراسته الجامعية.
حصل على الدكتوراه في الآداب في عام 1852 عن أطروحة موضوعها «ابن رشد والرشدية» وقد أسهمت في تعزيز مكانته بين المستشرقين، لكنه أنكر فيها على المسلمين فلسفتهم زاعماً أنها فلسفة يونانية مكتوبة بحروف عربية.
نشر في عام 1855 كتابه «التاريخ العام للغات السامية ونظامها المقارن» تناول فيه علاقة النحو العربي بمنطق أرسطو في جزأين.
اختير في عام 1856 عضواً في «أكاديمية النقوش والفنون الجميلة»، وتزوج في العام نفسه.
أوفده الامبراطور نابليون الثالث في عام 1860 إلى المشرق للقيام بأعمال تنقيب آثاري، فزار سورية وفلسطين برفقة شقيقته وزوجته، وقد دوّن نتائج هذه البعثة في كتاب بعنوان «البعثة في فينيقيا» (1864ـ1874).
عاد من رحلته بعد أن توفيت شقيقته بالبرداء(الملاريا)، ثم عين في عام 1862 أستاذاً للغة العبرية في الكوليج دو فرانس.
لكنه في أول محاضرة له في هذا المعهد في شباط من عام 1862، وصف السيد المسيح بأنه «رجل لا نظير له» مما أثار غضب رجال الدين في فرنسا، فسعوا سعيهم لدى الامبراطور نابليون الثالث حتى أُوقفت محاضراته, ثم ألغيت.
لاقى كتابه «حياة يسوع» (1863) رواجاً كبيراً على الرغم من أنه واجه انتقادات كثيرة, وكانت زيارته لفلسطين ومشاهدته البلاد التي عاش فيها السيد المسيح، عوناً له على تأليف هذا الكتاب، وهو الجزء الأول من كتاب «تاريخ أصول المسيحية»، الذي يقع في سبعة أجزاء نشرت بين عامي 1863و1881.
زار أثينا في عام 1865، وكانت رحلته هذه مصدر إلهام له في كتابَه «صلاة على الأكروبوليس» وقد ضمّنها في مؤلَّفه» ذكريات الطفولة والشباب» الذي نشر في عام 1883.
انتخب عضواً في الأكاديمية الفرنسية في عام 1878، ثم عيّن مديراً للكوليج دو فرانس في عام 1883، وظل في منصبه هذا حتى وفاته في باريس.
نشر كتابه «مستقبل العلم» في عام1890، يظهر فيه تأثره بالفيلسوف الألماني هردر فيما يتصل بتطور الإنسانية, وكان رينان قد أتم تأليف كتابه وهو في الخامسة والعشرين من عمره لكنه احتفظ به دون أن ينشره بعد أن نصحه أوغستان تييرّي بذلك.
تميز رينان بنزعة عقلانية صريحة، وقد أعطى للعلم أهمية كبرى وأكد أولوية الفكر وتطور العقل المستمر، فهو يرى أن «غاية العلم هي نمو العقل وتطوره» وأن العلم سينظم الإنسانية ليصل بها إلى الكمال.
محمود الشاعر