محمود غازان أحد قادة المغول ومشهوريهم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • محمود غازان أحد قادة المغول ومشهوريهم

    محمود (غازان)

    Mahmoud Ghazan - Mahmoud Ghazan

    محمود غازان
    (… ـ 703هـ/… ـ 1304م)

    محمود غازان بن أرغون بن أبغا بن هولاكو بن تولوي بن جنكيز خان، أحد قادة المغول ومشهوريهم.
    كان بوذياً قبل أن يعتنق الإسلام، وقد شبّ عليها، وكان يُسرُّ كثيراً بمصاحبة الكهنة الذين ينتمون إلى هذا الدين، وبنى لهم معابد عديدة في خراسان، وكانت علاقاته وطيدة مع كهنة البوذيين الذين وفدوا إلى بلاد فارس في جماعات كثيرة منذ بسط المغول سلطانهم في تلك البلاد.
    نشأ محمود غازان وتربى تحت إشراف جده أبغا خان، الذي أعدَّه للمهمة الخطيرة التي تنتظره، وقد عهد به إلى أحد كبار العلماء ليشرف على تربيته ويعلّمه الخط والعلوم والآداب، فأتقن عدة لغات إضافة إلى المغولية، كالفارسية، والتركية، والهندية، والكشميرية، وبعد أن أتقن هذه المعارف وحصّل العلوم شرع في تَعلُّم الفروسية والرماية، وشغف بالصيد والقنص والرمي، والتنقل والارتحال، ولما اعتلى أرغون والد غازان عرش إيران اختار ابنه ليكون نائباً عنه في حكم إقليم خراسان، وذلك عام 693هـ/1294م، وعهد إلى نوروز بأن يكون ملازماً ومساعداً له في إدارة هذا الثغر المهم، وعُين قائداً لجيشه.
    وقد تمرد عليه هناك القائد بايدو حاكم إيران، فزحف نحوه من خراسان، وانتصر عليه وآل عرش المغول في إيران إليه وذلك في عام 694هـ/1295م، ويعود الفضل في انتصار غازان هذا إلى تأييد الأئمة والفقهاء وقائد جيشه نوروز الذين وقفوا معه في دعواه ضد بايدو.
    وكان غازان قد أعلن اعتناقه الدين الإسلامي سنة 694هـ/1295م، على يد الشيخ صدر الدين إبراهيم الجويني، وتسمى باسم محمود، وسمى أخاه أولجايتو محمد، وأعلن معه الإسلام الآلاف من أمرائه وجنوده، فأعلن مثلاً أحد أمرائه وهو فيروز كوه وثمانون ألفاً من أتباعه وصناديد قومه من المغول تحولهم إلى الإسلام.
    ووزع غازان في هذه المناسبة كثيراً من العطايا والأموال على المشايخ والعلماء، ونثر الذهب والفضة واللؤلؤ على الناس، ثم زار المساجد ومقابر الأولياء.
    ويعود الفضل الحقيقي في إسلام غازان إلى قائد جيشه نوروز الذي سلك معه أساليب متعددة لإقناعه باعتناق الإسلام، وتعلّم منه الآيات القرآنية والصلاة، فكان منه أن صام رمضان عام 694هـ/1295م.
    وقد شكك بعض المؤرخين بصحة إسلام غازان، وأن ذلك كان لمصالح دولته وتوسعاته، واستدلوا على ذلك بأدلة منها سلوك غازان العنيف ضد بلاد الشام عند احتلاله لها سنة 699هـ، إذ لم يكن سلوكاً إسلامياً؛ حيث تصرف كسلوك أسلافه الوثنيين.
    ولكن غازان من وجهة أخرى حقق إنجازات عظيمة صبت في مصلحة دينه الجديد، إذ إنه جعل الإسلام دين دولته الرسمي، وأصدر مرسوماً أمر فيه المغول باعتناق الإسلام، وزاد عدد المساجد، وأصبح قادة الجيش والقضاة من المسلمين، كما حارب الخمر والربا والبغاء، وخصص اعتمادات مالية كبيرة للحج وأرسل كساء للكعبة.
    كما شهدت مناطق آسيا في عهده، وخاصة في إيران خدمات جليلة قدمت للإسلام والمسلمين، وأصدر عملة إسلامية نقش عليها شهادة لا إله إلا الله محمد رسول الله، كما أمر أن تتوج رؤوس الكتب والمنشورات و(الفرمانات) بعبارة الله أكبر.
    وسعى محمود غازان نحو تأكيد وتعميق هوية دولته الإسلامية؛ فبذل كل ما في وسعه لتحطيم كل ما هو وثني، فحطم معابد الوثنية بما فيها معبد أبيه الفخم الذي كان مثالاً لمعابد البوذية، وأخذ يصبغ إدارات الدولة بالصبغة الإسلامية، فجعل أعوانه من الوزراء والقواد والكتّاب والموظفين من المسلمين خاصة، كما أنه عهد إلى نوروز بمنصب أمير الأمراء وجعله قائداً عاماً للجيش.
    حقق محمود غازان للمغول ولدولته كثيراً من الإنجازات، فبمجرد أن اعتلى العرش أخذ يسعى سعياً جدياً إلى أن يجبر النقص الذي حدث في كل أجهزة الدولة نتيجة لأخطاء السالفين، وسعى إلى تغيير معالم الحياة المختلفة المليئة بالعيوب إلى معالم أخرى مشرقة تعيد الأمن والاستقرار للناس، وتؤمنهم على حياتهم وأرواحهم وأعراضهم وممتلكاتهم، وتمتع في سبيل ذلك بعزيمة قوية لا تفتر، فلم يتخل عن عزمه في تحقيق مآربه.
    وشملت إصلاحات غازان في بلاده جوانب الحياة المختلفة من إدارية واقتصادية وعمرانية واجتماعية، فأزال الحواجز الجنسية والطبقية التي كانت تفصل بين رعايا الدولة، كما حارب ضروب الفساد في مختلف شؤون الحياة، وبذل جهوداً جبارة في سبيل تحسين أوضاع الطبقات الفقيرة والقضاء على المظالم التي تعرضوا لها في عهد أسلافه من حكام المغول، واستعان في إصلاحاته بالكتّاب ورجال السياسة المحنكين وكبار العلماء والمثقفين في سبيل إيجاد حكومة قوية ثابتة ومقتدرة، فأنجزت بفضل هذه السياسة جميع الإنجازات التي كان يتوق غازان إلى تحقيقها في مختلف شؤون دولته، ونتيجة لهذه الجهود المثمرة أصلح الجهاز الإداري الذي كان يشمل الدواوين المختلفة، وأدخلت تعديلات جوهرية على جهاز القضاء، وأحدث نظماً جديدة في الجيش، ولم تقف جهوده عند هذا الحد، بل إنه سعى سعياً جدياً إلى تثبيت حقوق الملاك والمزارعين، ووسع مساحة الأراضي الزراعية، وشق الترع والقنوات، مما أدى إلى ازدهار الزراعة وإصلاح الحالة الاقتصادية في البلاد وتحسين أوضاع الناس، وأعاد غازان من جهة أخرى النظام والأمن والأمان إلى مختلف مناطق بلاده.
    ونتيجة لاعتناق غازان الإسلام كان لابد من تغيير سلوك المغول وقواعدهم ومقرراتهم، إذ لم يعد هناك مفر من العدول عن العمل بقواعد الياسا (قوانين مغولية) التي وضعها جنكيز خان، وترك عادات المغول وتقاليدهم القديمة، وهذا ما دفع غازان إلى إنجاز عظيم آخر، بوضعه ياسا جديدة عُرفت باسم «الياسا الغازانية»، وكانت أرقى وأنسب للحياة الجديدة من ياسا جنكيزخان، وظهرت فيها تأثيرات الحضارة الإسلامية.
    أوصى غازان وهو على فراش الموت الحاضرين بالتمسك بأهداب الدين الإسلامي الحنيف، والمحافظة على إصلاحاته التي قام بها، وحثهم على الالتفاف حول أخيه وولي عهده أولجايتو محمد، ونصحهم بضرورة الاتحاد والتآزر ونبذ الخلافات.
    عمار النهار

يعمل...
X