هناك نزعة عند البعض تميل لانتزاع النظرية العلمية من سياقها الزماني و التاريخي و فصلها عن كل النظريات التي أفضت في نهاية المطاف الى هذه النظرية.
و على الرغم من أن ظهور النظرية الجديدة قد لا يعني اعتمادها على تطوير النظرية السابقة بشكل مباشر , إلا أن ذلك لا ينفي أن تكون المعرفة العلمية بمجملها جهد تراكمي يعتمد اللاحق منه على السابق .
يقول فيلسوف العلم غاستون باشلار : “ تاريخ العلم هو تاريخ أخطاء العلم ” و على الرغم من أن باشلار من أنصار القطيعة الابستمولوجية في العلم و الفصل بين النماذج العلمية , إلا أن تلك القطيعة لا تعني أن العلم عملية منفصلة تعالج كل وحداتها بانفصال تام عن النظريات التي تتقدمها , بل تعني أن تطوير نظرية علمية لا يشترط نقض سابقتها بشكل مباشر , فالتتالي لا يعني سببية النشوء.
و لكن أيضاً لا يمكن للنظرية الكمية في الفيزياء أن تنشأ قبل نظرية المثل الأفلاطونية , و بهذا الشكل من تطوير المعرفة العلمية أخذ جان بياجيه يدرس المعرفة بتراكميتها مشبهاً اياها بطريقة نمو المعارف عند الطفل , منذ مرحلة الولادة شيئاً فشيئاً و بالاعتماد على ما يتقدمها حتى الوصول لمرحلة المعرفة العقلية المجرّدة و التي لا تتطلب تمثيلات محسوسة لادراك و استنتاج معارفها .
يقول برتراند رسل : ( اولئك الذين يعتقدون أن الفلسفة بدأت حقاً عام 1921 لا يدركون ان المشكلات الفلسفية الراهنة لم تنشأ عن فراغ )
خلاصة : إن تخطئة النظرية و تطوريها هو وليد مشكلات جديدة تفرزها النظرية , و هو الذي يفضي في سيرورة تاريخ العلم إلى نشوء نماذج و نظريات جديدة أعم و أشمل من سابقاتها , و اولئك الذين ينتزعون العلم من سياقه التاريخي يسيؤون فهم آليته , و يرد عليهم الفيلسوف الالماني ايمانويل كانط بقوله ” لا أخشى أن أفنّد بقدر ما أخشى أن يساء فهمي ”