كيزاني Ibn al-Kizani - Ibn al-Kizani
ابن الكِيزاني
(…ـ 562 هـ/… ـ 1166م)
محمَّد بن إبراهيم بن ثابت بن فرح الأنصاريُّ المصريُّ أبو عبد الله، المعروف بابن الكِيزاني، والكِيزاني نسبةٌ إلى عَمَلِ الكِيزان وبيعِها، وكان بعضُ أجداده يصنع ذلك، والكِيزان الأكواب التي تصنع للشُّرب، المفردُ كوزٌ.
أديبٌ شاعرٌ، وعابدٌ واعظٌ زاهدٌ. دُفِنَ عند قبر الإمام الشَّافعي بالقرافة الصغرى، اتَّهمه نجمُ الدِّين الخبوشاني بالزَّندقة لقوله: إنَّ أفعالَ العباد قديمةٌ، ثمَّ نَبَشَ قبرَه في أيام السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب، فأخرجه، ودُفِنَ بمكان آخر في القرافة. قيـل: إنَّ الخبوشاني لمَّا أراد نَبْشَه قال: لا يتَّفقُ مجاورة زنديق إلى صدِّيق. قال صاحب النُّجوم الزاهرة: «لا يُلْتَفَتُ لقول الخبوشاني فيه؛ لأنَّهما أهلُ عصرٍ واحدٍ، وتهوُّرُ الخبوشاني معروفٌ».
للكِيزاني طريقةٌ في التصوُّف نُسِبَتْ إليه، ولسانُه في الوعظ عذبٌ، ولكلامه في القلوب تأثيرٌ، وهو شـاعرٌ حسنُ العبارة، مليحُ الإشـارة، له ديوان شعر. وصفَ العماد الأصبهانيُّ شعرَه، فقال: «فيه من المعنى الدَّقيق، واللَّفظِ الرَّشيق، والوزنِ الموافق، والوعظِ اللائق، والتَّذكير الرَّائع الرَّائق، والقافيةِ القافيةِ آثار الحِكَمِ … خال ٍمنَ التَّصنُّعِ».
ينصرف أكثرُ شعره إلى غرضَي الغزل والتصوُّف، ويجري غزلُه على سلاسة اللَّفظ، وينطبع في سَمْعِ الطبع، وهو في جملته غزلٌ عفيفٌ يختلط بغزل المتصوفة كقولـه:
يا مَنْ يتيهُ على الزَّمان بحسـنِهِ
اعطفْ على الصَّبِّ المَشْوقِ التَّائهِ
أضحى يخافُ على احتراقِ فؤادِه
أســفاً؛ لأنَّك منه في ســودائه
شـعرُه في التصوُّف يستخلصُ القبول، ويتناول موضوعاتِ الغزلِ الصُّوفيِّ والوعظِ والزُّهدِ، وتُنَمِّي معانيه عاطفـةَ الحبِّ الإلهيِّ في النُّفوس، وتلامسُ الوجدانَ الرُّوحيَّ، ويتميَّزُ شعره بسهولة اللَّفظ، واستواء التَّراكيب، ووضوح القصد، وغزارة المعاني، وصدق العاطفة، ومن غزله الصُّوفيِّ قولُه:
اصْرِفُوا عنّي طَبِيبي
وَدَعُوني وَحَبيبــي
عَلِّلوا قلبي بذكــرا
هُ فقـدْ زادَ لهيبــي
لا أُبالي بفَوَات النَّفْـ
ـسِ ما دامَ نصيبي
جَسَدي راضٍ بسُقْمي
وَجُفُـونـي بنَحيبــي
وينبني كثيرٌ من شـعره الصُّوفيِّ على التَّراكيب الرَّشـيقة والبحورِ الرَّواقص، كقوله:
يا مُؤْنسـي بِذِكْرِهِ
ومُوحشـي بهجـرهِ
ومَنْ فؤادي مُوقَفٌ
لِنَهْيـِــهِ وأَمْـرِهِ
انظـرْ إلى مُعَذَّبٍ
عـادمِ حُسْنِ صَبْرِهِ
غادَرَهُ جَوْرُ الهَوَى
مُوَكَّـلاً بفكــرهِ
وسُــقْمُهُ لعاذليهِ
قائـــمٌ بعـذرهِ
له شعرٌ في الحكمةِ رائقٌ، كقوله في آدابِ الصُّحبةِ وأخلاق الصَّاحب:
تَخَيَّرْ لنفسكَ من تصطفيــهِ
ولا تُدْنِيَـنَّ إِليـكَ اللِّئامـا
فليس الصَّدِيق صديقَ الرَّخاء
ولكنْ إذا قَعَدَ الدهـرُ قامـا
تنـامُ وهمَّتـُــه في الذي
يَهُمُّـكَ لا يَسْـتَلِذُّ المنـامـا
وكمْ ضاحكٍ لك أحشـــاؤُه
تَمنَّاك أَن لو لَقِيتَ الحِمـامـا
أسـامة اختيار
ابن الكِيزاني
(…ـ 562 هـ/… ـ 1166م)
محمَّد بن إبراهيم بن ثابت بن فرح الأنصاريُّ المصريُّ أبو عبد الله، المعروف بابن الكِيزاني، والكِيزاني نسبةٌ إلى عَمَلِ الكِيزان وبيعِها، وكان بعضُ أجداده يصنع ذلك، والكِيزان الأكواب التي تصنع للشُّرب، المفردُ كوزٌ.
أديبٌ شاعرٌ، وعابدٌ واعظٌ زاهدٌ. دُفِنَ عند قبر الإمام الشَّافعي بالقرافة الصغرى، اتَّهمه نجمُ الدِّين الخبوشاني بالزَّندقة لقوله: إنَّ أفعالَ العباد قديمةٌ، ثمَّ نَبَشَ قبرَه في أيام السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب، فأخرجه، ودُفِنَ بمكان آخر في القرافة. قيـل: إنَّ الخبوشاني لمَّا أراد نَبْشَه قال: لا يتَّفقُ مجاورة زنديق إلى صدِّيق. قال صاحب النُّجوم الزاهرة: «لا يُلْتَفَتُ لقول الخبوشاني فيه؛ لأنَّهما أهلُ عصرٍ واحدٍ، وتهوُّرُ الخبوشاني معروفٌ».
للكِيزاني طريقةٌ في التصوُّف نُسِبَتْ إليه، ولسانُه في الوعظ عذبٌ، ولكلامه في القلوب تأثيرٌ، وهو شـاعرٌ حسنُ العبارة، مليحُ الإشـارة، له ديوان شعر. وصفَ العماد الأصبهانيُّ شعرَه، فقال: «فيه من المعنى الدَّقيق، واللَّفظِ الرَّشيق، والوزنِ الموافق، والوعظِ اللائق، والتَّذكير الرَّائع الرَّائق، والقافيةِ القافيةِ آثار الحِكَمِ … خال ٍمنَ التَّصنُّعِ».
ينصرف أكثرُ شعره إلى غرضَي الغزل والتصوُّف، ويجري غزلُه على سلاسة اللَّفظ، وينطبع في سَمْعِ الطبع، وهو في جملته غزلٌ عفيفٌ يختلط بغزل المتصوفة كقولـه:
يا مَنْ يتيهُ على الزَّمان بحسـنِهِ
اعطفْ على الصَّبِّ المَشْوقِ التَّائهِ
أضحى يخافُ على احتراقِ فؤادِه
أســفاً؛ لأنَّك منه في ســودائه
شـعرُه في التصوُّف يستخلصُ القبول، ويتناول موضوعاتِ الغزلِ الصُّوفيِّ والوعظِ والزُّهدِ، وتُنَمِّي معانيه عاطفـةَ الحبِّ الإلهيِّ في النُّفوس، وتلامسُ الوجدانَ الرُّوحيَّ، ويتميَّزُ شعره بسهولة اللَّفظ، واستواء التَّراكيب، ووضوح القصد، وغزارة المعاني، وصدق العاطفة، ومن غزله الصُّوفيِّ قولُه:
اصْرِفُوا عنّي طَبِيبي
وَدَعُوني وَحَبيبــي
عَلِّلوا قلبي بذكــرا
هُ فقـدْ زادَ لهيبــي
لا أُبالي بفَوَات النَّفْـ
ـسِ ما دامَ نصيبي
جَسَدي راضٍ بسُقْمي
وَجُفُـونـي بنَحيبــي
وينبني كثيرٌ من شـعره الصُّوفيِّ على التَّراكيب الرَّشـيقة والبحورِ الرَّواقص، كقوله:
يا مُؤْنسـي بِذِكْرِهِ
ومُوحشـي بهجـرهِ
ومَنْ فؤادي مُوقَفٌ
لِنَهْيـِــهِ وأَمْـرِهِ
انظـرْ إلى مُعَذَّبٍ
عـادمِ حُسْنِ صَبْرِهِ
غادَرَهُ جَوْرُ الهَوَى
مُوَكَّـلاً بفكــرهِ
وسُــقْمُهُ لعاذليهِ
قائـــمٌ بعـذرهِ
له شعرٌ في الحكمةِ رائقٌ، كقوله في آدابِ الصُّحبةِ وأخلاق الصَّاحب:
تَخَيَّرْ لنفسكَ من تصطفيــهِ
ولا تُدْنِيَـنَّ إِليـكَ اللِّئامـا
فليس الصَّدِيق صديقَ الرَّخاء
ولكنْ إذا قَعَدَ الدهـرُ قامـا
تنـامُ وهمَّتـُــه في الذي
يَهُمُّـكَ لا يَسْـتَلِذُّ المنـامـا
وكمْ ضاحكٍ لك أحشـــاؤُه
تَمنَّاك أَن لو لَقِيتَ الحِمـامـا
أسـامة اختيار